الثلاثاء 14 مايو 2024

ليس في "سبع سنين" ولا 70 يا قناة الجزيرة

23-1-2019 | 21:53

 لم تكن "الجزيرة" هذه المرة تريد الإساءة للمصريين كعادتها بنفس الحماس الذي أرادت من وراء إنتاج فيلمها الوثائقي "في سبع سنين" الذي حركها فيه مرضها المزمن الذي يلازمها والمعروف لدي المصريين بـ" مصر قبل وبعد مرسي" أو بمعنى أدق انكسارها بعد فض اعتصام "رابعة".. آخر آمالهم  التي تحطمت لاستمرار هدم الدولة المصرية.

شاهدت الفيلم لكن ليست بعين باحث عن الحق لكن بعين باحث عن السم في العسل فرأيت أن رصد الحالة الاجتماعية في مصر ليس مبتغى الفيلم فمن أين يأتي الحرص  على مصر والمصريين من رأس قنوات الفتنة كالجزيرة بوقها الأكبر.

واستخلصت عددا من النتائج أرجئ عرضها في نهاية مقالي بعد أن أستعرض عددا من النقاط المهمة خلصت بها من المشاهدة وأهمها أن السر في كل الانحراف الذي أصاب المجتمع المصري هو فض رابعة وإنهاء حكم الإخوان وعلى إثر ذلك انقسم المجتمع إلى قسمين أولهما الخارجون عن الدين بعد أن رأوا أن الله لا ينصر عبده مرسي وأتباعه في رابعة وثانيهما هم من بات لديهم يقين بعد مشاهد الفض أن العنف وحمل السلاح هي اللغة التي تمكنهم من النصر ولا معنى أو مكان للسلمية وأن الجهاد هو السبيل.

تابعت العرض ووجدت ضالتي فالمتحدثون في الفيلم مرضى مصابون بعقد نفسية ، زوجة تخلع نفسها من الدين لأن زوجها ضربها وآخر يحمل السلاح لأن صديقا له مات وهو يقاتل الشرطة لفرض إرادته على المجتمع وآخر يقاتل لأنه تأثر بمشاهد رابعة وثالث يهرف بما لا يعرف وبما تلقنه من جاهل استمال غباءه وقلة فقهه .. أشخاص لا يعدون أسوياء بل مرضى ، المستشفيات أولى بهم وكأن مصر تعج بتلك العقول الخاوية التي يصدرها الفيلم.

لكن الأهم هو المنطق الذي يتحدث به هؤلاء الذين يظنون أنهم خرجوا عن السرب بحكمتهم بيد أنهم يغطون في سبات الجهل وغياب الحقيقة واستمتعت بعرضهم واستنطاق جهلهم بل ولغة الاستعلاء والعجب التي أصابتهم والرسائل من وراء كلماتهم كانت تدور في عدد من المحاور

منها:

- أن ما نحن فيه ماهو إلا نتاج للإحساس بهزيمة ثورة يناير وعدم تحقق سقوط الدولة.

- أن من نعتبرهم نحن الأسوياء بلطجية يحرقون الأقسام ويدمرون ويسرقون ليسوا كذلك بل هم شباب مثلنا كانوا يرغبون في التغيير فقط.

- أنه يجب أن نتبرأ من هؤلاء وهؤلاء ، من كان ضد يناير ومن ساند 30 يونيو وهو استنساخ لعبارة "لا عسكر ولا إخوان".

- إن المجتمع المصري حاليا في حالة ارتباك أو بالأحرى حالة مخاض لتحرك جديد ينسى فيه فرقاء 25 يناير خلافاتهم استعدادا لمعركة جديدة مع الدولة بوجوه ومنطلقات جديدة يصعب اتهامها أو التفتيش في نوايا باعثيها.

ولاحظت أيضا الخلل العقلي للمتحدثين كنماذج من الفئتين اللتين انقسم إليهما الفيلم الذي بدا في الآتي:

-      يتحدث أحد مدعي الجهاد حاملا بندقيته التي يسفك بها دماء المصريين أنه ما فعل ذلك إلا من تحذير الرسول من ترك الجهاد وهذا دليل على تفاهة عقله إذ أن الرسول لم يأمر أن يجاهد المسلم ضد أخيه المسلم لكن هذا يؤكد أنه يعتبرنا جميعا "كفار" مباحي الدم دون تدقيق أو سابق دليل .

-      يتحدث مدعي جهاد آخر أنه ما فعل ذلك إلا بعد التعجب من عدم الرد على الاعتداء على الآمنين في رابعة بعد سقوط مرسي الذي وصف سقوطه بسقوط الإسلام وتناسى الفسل الجهول أن رابعة كان اعتداء على المصريين وقطعا لإنفاذ إرادة الأغلبية التي لفظت مرسي ومن وراءه وأن تحرك الشرطة رد للاعتداء وليس ابتداء به جهل مطبق لكنه مريح يؤكد للمصريين أنهم تخلصوا بالفعل من نفايات فكرية.


ثم ينتقل الفيلم إلى محاولة تصوير هؤلاء السذج القتلة بأنهم أناس عاديون يحبون ويستمعون إلى أم كلثوم وأنهم ليسوا نتاج إعداد تنظيمي لخلايا تنفق على أعلافهم الفكرية والجسدية بل هم أناس خرجوا عن طبيعتهم بعد مشاهدة الظلم الذي تعرض له الإخوان.. خبث إعلامي مستمر لتبييض ساحة الإخوان من العنف والإرهاب والقتل في سيناء وغيرها وأن هؤلاء المسلحين أناس لم ترتبط بجماعات أو تنظيمات بل كان بعضهم يكره مرسي ويكره الإخوان..

الهدف كله أن نظام 30 يونيو هو السبب في إنتاج كل هذا ، هو من نشر الإلحاد ، هو من أجبر الشباب على حمل السلاح ضد أوطانهم.. تدليس مع سبق إصرار وترصد.

وهنا لم تشرح لنا "الجزيرة" كيف أمنت دخولها إلى هؤلاء وإلى ثكناتهم ومن أين أتت الألفة والثقة بين مذيع الفيلم والعناصر المسلحة إلا لو كان الأمر كله أعد في استديو هنا أو هناك ليس هذا شاغلنا ، فشاغلنا هو العبث الفكري الذي يبثه الفيلم وهذا الارتباك الذي يستهدفه.

وفي نهاية الفيلم يعرض لنا صانعوه إحصائيات لا نعرف من أين أتت ولا عدد المفحوصين الذين رصدوا وكم يمثلون من المجتمع المصري..

 

الخلاصة التي رسخت في ذهني من مشاهدة هذه المسرحية المحبوكة أن الجزيرة والإخوان يحشدان لموجة استغفال جديدة لتحرك جديد لن يكون عنوانه الإخوان ضد الدولة بل يحشدون لتحرك يقود من خلف ستار جموعا  تشعر أن المجتمع المصري منقسم بين ملحد ومجاهد وأن السر وراء تفكك المجتمع على حد ما خلص إليه الفيلم هو النظام الحالي الذي لابد أن نزيله حتي تزول أسباب تفرقنا وأنه حان الوقت للخروج من دائرة الإخوان ، من ضدهم ومن معهم بل نتلاحم ضد من فرقنا بعد أن تلاقينا في 25 يناير.

 

عويل سيطول أيتها الجزيرة .. فمحاولتك التسلل إلى عقول المصريين من جديد ستبوء بالفشل، فالمصريون اليوم مدركون طريقهم يترصدون دعوات المصالحة الخداعة و، لن يفكوا السلاسل عمن تبيضين ساحتهم ولن يلتفتوا إلى فيلمك ولن يرتبكوا أمامه أو أمام العشرات من أمثاله .. 


وفي النهاية أشار الفيلم إلى أن الجزء الجديد سيكون مع أشقائنا المسيحيين ، وهنا سأحرق لك السيناريو ففيلمك القادم سيكون محاولة شحن للمسيحيين ضد كنيستهم الوطنية ولدولتهم التي تحميهم .. أفهم ذلك جيدا لكن أؤكد لك أن استقطاب المصريين من جديد للخروج من حدود الدولة المصرية والانقلاب عليها ضرب من المستحيل.. في انتظار الجزء الثاني من فيلمك الذي أرى مشاهده بعقلي قبل إذاعته.

      

 

    Dr.Radwa
    Egypt Air