252يوما استغرقتها فترة تشكيل الحكومة اللبنانية
الجديدة برئاسة سعد الحريري الذي كُلف بتأليفها في 24 مايو من العام الماضي في أعقاب
إجراء الانتخابات النيابية، لتحل الحكومة الثالثة لسعد الحريري، في المرتبة الثانية
مباشرة من حيث طول فترة التأليف، بعد حكومة رئيس الوزراء السابق تمام سلام الذي استغرق
315 يوما لتأليف حكومته وذلك خلال الفترة ما بين 6 أبريل 2013 وحتى 15 فبراير 2014
.
وعلى الرغم من أن الدستور اللبناني، ووثيقة
الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) لم ينصا على تحديد سقف زمني محدد للانتهاء من عملية تشكيل
الحكومات، إلا أن مرحلة زمنية فاصلة بدت كاشفة إلى حد كبير في شأن تأخير تأليف الحكومات
في لبنان، وهي اتفاق الدوحة المبرم بين القوى السياسية اللبنانية في قطر عام 2008
.
وبدا واضحًا أن السمة الأساسية لعملية تشكيل
الحكومة اللبنانية بعد اتفاق الدوحة، هي التأخير الكبير وغير المسبوق في مسار التأليف
الحكومي، حيث كانت تتراوح فترة تأليف الحكومة اللبنانية منذ إبرام اتفاق الطائف عام
1989 وحتى عام 2008 ، ما بين يومين فقط إلى 20 يوما على أقصى تقدير، والفترة الأخيرة
هي التي استغرقها تشكيل حكومة رئيس الوزراء (الأسبق) فؤاد السنيورة (الأولى) عام
2005 ، في ما بدأت فترات التأليف في التزايد بشكل تصاعدي كبير عقب إبرام اتفاق الدوحة
عام 2008 ، حيث شُكلت حكومة فؤاد السنيورة (الثانية) بعد 45 يوما من تكليفه.
كما استغرق سعد الحريري قرابة 5 شهور لتشكيل
حكومته الأولى عام 2009 ، في حين استغرق رئيس الوزراء (الأسبق) نجيب ميقاتي 140 يوما
لتشكيل حكومته الثانية عام 2011 ، إلى أن بلغ لبنان رقما قياسيا في مرحلة التأليف مع
رئيس الوزراء (السابق) تمام سلام، قبل أن تعود فترة التأليف للهبوط مع الحكومة الثانية
لسعد الحريري عام 2016 والتي شُكلت في 45 يوما كانت ما بين 3 نوفمبر وحتى 18 ديسمبر
من العام 2016.
وشهد مسار تشكيل الحكومة الجديدة التي صدرت
مراسيمها مساء "الخميس" مجموعة من العقبات شديدة الصعوبة، والتي كادت أن
تطيح بعملية التأليف برمتها، تمثلت في أزمة التمثيل الوزاري المسيحي بين التيار الوطني
الحر وحزب القوات اللبنانية، والخلاف الحاد بين الفريقين المسيحيين الأكبر في لبنان،
على الحصص والأحجام الوزارية ونوعية الحقائب.
كما مرت الحكومة بأزمة ثانية تتعلق بالتمثيل
الوزاري للطائفة الدرزية، والتي تمثلت في الخلاف على الحصص الوزارية بين الحزب التقدمي
الاشتراكي والقيادي الدرزي طلال أرسلان المدعوم من التيار الوطني الحر، ثم أزمة ثالثة
لا تقل وطأة وتتعلق بالتمثيل الوزاري للطائفة السُنّية لمجموعة من النواب المدعومين
من حزب الله في مواجهة تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، وهي الأزمة التي استغرقت
الأشهر الثلاثة الأخيرة في محاولة لحلها.
وإلى جانب الأزمات الثلاث الرئيسية، برزت
عقبات أخرى تتعلق بتوزيع الحقائب الوزارية بين القوى السياسية المعنية بالتأليف الحكومي،
على نحو زاد الأزمة تعقيدا فوق التعقيد، قبل أن يقود سعد الحريري جولة مشاورات أخيرة
في اليوم التالي مباشرة لانتهاء أعمال الدورة الرابعة من القمة العربية الاقتصادية
التي عُقدت في بيروت يوم 20 يناير، معلنا أن نهاية شهر يناير تمثل الفرصة الأخيرة للانتهاء
من تشكيل الحكومة أو أنه سيقوم باتخاذ موقف حاسم تجاه إزاء الملف الحكومي.
وتضم الحكومة الجديدة 30 حقيبة وزارية،
وكانت المفاجأة فيها بإلغاء 4 وزارات دولة، هي وزارة الدولة لشئون مكافحة الفساد، ووزارة
الدولة لشئون التخطيط، ووزارة الدولة لشئون حقوق الإنسان، ووزارة الدولة لشئون المرأة،
وفي المقابل تم استحداث 3 وزارات دولة، هي وزارة الدولة لشئون تكنولوجيا المعلومات،
ووزارة الدولة لشئون التجارة الخارجية، ووزارة الدولة لشئون التأهيل الاجتماعي والاقتصادي
للشباب والمرأة.
كما تضم الحكومة الجديدة 4 وزيرات دفعة
واحدة وذلك للمرة الأولى في تاريخ لبنان، من بينهن وزيرتان الأولى تقود وزارة سيادية
وهي الداخلية وعلى رأسها الوزيرة ريا الحسن، في سابقة لم تحدث من قبل، والثانية وهي
حقيبة أساسية خدمية بالغة الأهمية وتتمثل في وزارة الطاقة وتقودها الوزيرة ندى البستاني،
وذلك في مقابل وزيرة واحدة فقط في الحكومة السابقة.
وجاء توزيع الحقائب الوزارية على القوى
السياسية في الحكومة الجديدة على النحو التالي: حصة تيار المستقبل (رئيس الوزراء +
5 وزراء وهم ريا الحسن للداخلية (وزارة سيادية) ، وجمال الجراح للإعلام، ومحمد شقير
للاتصالات، وفيولات الصفدي لشئون التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للشباب والمرأة، وعادل
أفيوني لتكنولوجيا المعلومات والأخير بالاتفاق مع كتلة رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي.
حصة حزب القوات اللبنانية: غسان حاصباني
نائبا لرئيس مجلس الوزراء (بدون حقيبة) ، وكميل أبو سليمان للعمل، وريشار قيومجيان
للشئون الاجتماعية، ومي شدياق للتنمية الإدارية.
حصة حركة أمل: علي حسن خليل للمالية (وزارة
سيادية) ، وحسن اللقيس للزراعة، ومحمد داود للثقافة.
حصة حزب الله: محمد فنيش للشباب والرياضة،
جميل صبحي جبق للصحة، ومحمود قماطي لشئون مجلس النواب.
حصة الحزب التقدمي الاشتراكي: أكرم شهيب
للتربية والتعليم العالي، ووائل أبو فاعور للصناعة.
حصة تيار المردة: يوسف فنيانوس للأشغال
والنقل.
حصة تكتل لبنان القوي والذي يضم (التيار
الوطني الحر + حصة رئيس الجمهورية + حزب الطاشناق + القيادي الدرزي طلال أرسلان): جبران
باسيل للخارجية (وزارة سيادية) ، وسليم جريصاتي لشئون رئاسة الجمهورية، وإلياس بو صعب
للدفاع (وزارة سيادية) ، وأوفاديس كيدانيان للسياحة، وألبرت سرحان للعدل، ومنصور بطيش
للاقتصاد والتجارة، وفادي جريصاتي للبيئة، وغسان عطالله للمهجرين، وصالح الغريب لشئون
النازحين، وندى البستاني للطاقة والمياه، إلى جانب الوزير السُنّي الممثل لكتلة اللقاء
التشاوري (النواب الستة السُنّة حلفاء حزب الله) والذي تم توزيره من الحصة الرئاسية
وهو حسن مراد لشئون التجارة الخارجية.