ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات أن مصر استطاعت، بالحقائق والأرقام والدلائل والنتائج، أن تعود إلى أفريقيا وأن تعيد أفريقيا إليها خلال أربع سنوات بفضل رؤية حكيمة ودبلوماسية نشطة واعية قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضحت الهيئة أن مصر استعادت بريقها ومكانتها وسط الأشقاء الأفارقة التي كانت لها في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، ولكنها عودة بلغة العصر ومعاييره وأولوياته، وهو ما أثبته الكتاب الشامل الذي أصدرته الهيئة تحت عنوان "مصر في أفريقيا".
وقال الكاتب الصحفي ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إن الهيئة أصدرت هذا الكتاب كأول إصدار موسع لها في إطار المواكبة الإعلامية لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقي، مشيراً إلى أن الكتاب صدر باللغات العربية والإنجليزية والفرنسي، وستتم ترجمة ملخصات له إلى بعض اللغات الأفريقية، حيث يستهدف الكتاب زيادة الوعى لدى الشعب المصري بالقارة الأفريقية، وكذلك تقديم وشرح سياسة مصر تجاه قارة أفريقيا إلى كافة الشعوب الأفريقية الشقيقة.
وأضاف رشوان أن الكتاب يضمن استعراضا شاملاً لسياسة مصر تجاه أفريقيا منذ ثورة يوليو 1952 حتى الآن، وأعده ثلاثة من الزملاء في الهيئة، هم رئيس قطاع الإعلام الخارجي عبد المعطى أبو زيد، ومدير تحرير دورية آفاق أفريقية رمضان قرني، ومديرة تحرير آفاق آسيوية د. سمر إبراهيم.
وتضمن الكتاب 8 فصول تغطي بدقة وشمول كافة جوانب العلاقات المصرية الأفريقية، السياسية والاقتصادية، والمائية، والأمنية، والثقافية، وغيرها، مع إبراز خاص لنشاط مصر داخل التجمعات الأفريقية القارية والإقليمية.
وأشار رئيس هيئة الاستعلامات إلى أن الكتاب يتم توزيعه حالياً على سفارات الدول الأفريقية في مصر وسفارات دول أخرى أيضاً، وعلى المراسلين الأجانب في مصر وفي بعثات مصر الدبلوماسية في أنحاء العالم وعلى أعضاء اللجان المعنية في مجلس النواب في مصر ومراكز البحوث والدراسات والجامعات والمؤسسات الإعلامية والتعليمية، لتحقيق الاستفادة المنشودة من حيث التعريف بروابط مصر الأفريقية وسياسته وتطلعاتها.
هوية مصر الأفريقية
أكدت مقدمة كتاب "مصر في أفريقيا" أن انتماء مصر لمحيطها الأفريقي، يتجاوز الأبعاد الجغرافية والتاريخية التقليدية، حيث يعد هذا الانتماء مكوناً رئيسياً من مكونات "الهوية" المصرية على مر العصور، وعنصراً محورياً في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية.
وتمثل أفريقيا مكانة خاصة في منظومة الحضارة المصرية، فالانتماء المصري لقارة أفريقيا يضرب بجذوره في عمق التاريخ، منذ أن حرصت الدولة المصرية على إيفاد رحلات استكشافية لمنابع النيل بحثاً عن مصدر هذا الشريان واهب الحضارة في وادي مصر.
إن إعلاء هوية مصر الأفريقية وتعزيز الانتماء لدول القارة، أكدته بجلاء نصوص ومواد الدستور المصري في 2014، حيث أكدت جملته الأولى من الديباجة "مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية" و"مصر العربية - بعبقرية موقعها وتاريخها - قلب العالم كله، فهي ملتقى حضاراته وثقافاته ومفترق طرق مواصلاته البحرية واتصالاته، وهي رأس أفريقيا المطل على المتوسط، ومصب أعظم أنهارها: النيل".
ناصر وفلسفة الثورة وأفريقيا
يرصد كتاب "هيئة الاستعلامات" في الفصل الأول اهتمام مصر بأفريقيا منذ ثورة يوليو 1952 حتى عام 2014، حيث أولت السياسة المصرية الدائرة الأفريقية اهتماماً كبيراً على مدى عقدين من الزمان، كما خص كتاب "فلسفة الثورة"، للزعيم الراحل جمال عبد الناصر الدائرة الأفريقية باعتبارها الدائرة الثانية من دوائر العمل السياسي الخارجي.
وإزاء هذا الإدراك الرئاسي لعلاقات مصر بالقارة، وإيمانا بهوية مصر الأفريقية، تعددت جهود سياسة مصر الأفريقية في العديد من القضايا والمجالات أبرزها: دعم حركات التحرر الوطني، والمساهمة في دعم استقلال 34 دولة أفريقية خلال الفترة من 1952-1967، بجانب توثيق الصلات مع زعماء التحرر الوطني.
مصر وتأسيس منظمـة الوحدة الأفريقيــة
أولت مصر تاريخياً أهمية خاصة للعمل الجماعي الأفريقي، كما تؤكد سياسة مصر الخارجية أهمية دور القارة الأفريقية كتجمع إقليمي وفاعل على الساحة الدولية، لذا سعت مصر إلى العمل على إنشاء وبناء تكتلات أفريقية فاعلة في كافة المجالات، رغبة في أمن واستقرار القارة، فقد كانت مصر من أوائل الدول التي ساهمت في إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963 قبل أن تتحول إلى الاتحاد الأفريقي، وتولت مصر رئاسة منظمة الوحدة الأفريقية في الأعوام 1964 و1989 و1993.
ويمكن القول إن تأسيس المنظمة القارية، جاء تتويجا لجهود الآباء العظماء والتاريخيين لزعماء قارة أفريقيا من أمثال: عبد الناصر وسيكوتوري، ونكروما، ولومومبا، وبن بيلا.
وقد عملت مصر - ومازالت - من خلال تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية / الاتحاد الأفريقي على أن يكون كياناً جامعاً لكل الدول الأفريقية تستطيع من خلاله تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والبحث عن حلول لجميع مشاكل القارة.
حقبة السبعينيات... والعلاقات العربية - الأفريقية
شهدت حقبة السبعينيات تدشينا لمرحلة جديدة في سياسة مصر الأفريقية؛ حين تم تفعيل آلية العلاقات العربية - الأفريقية، وكان من أبرز سماتها الاتصالات والمشاورات بين الأمانة العامة لكل من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية.
وقد ساهمت السياسة المصرية بدور بارز في هذه الحقبة انطلاقا من دور مصر التاريخي في تأسيس الجامعة العربية واستضافتها، وكذلك منظمة الوحدة الأفريقية. وقد أسس مؤتمر القمة العربي - الأفريقي الأول 1977، والذي استضافته القاهرة ركائز العمل العربي- الأفريقي المشترك، حيث صدرت عن المؤتمر أربع وثائق رئيسية تؤكد الأسس التنظيمية للعلاقات العربية الأفريقية وهذه الوثائق هي: الإعلان السياسي وبرنامج عمل التعاون العربي الأفريقي وإعلان التعاون الاقتصادي والمالي العربي الأفريقي والأجهزة والمؤسسات المسؤولة عن وضع إعلان وبرنامج العمل للتعاون العربي الأفريقي موضع التنفيذ.
الأطر التنموية المصرية - الأفريقية
إذا كانت حقبتا الخمسينيات والستينيات في سياسة مصر الأفريقية أولت قضايا التحرر الوطني الأولوية الرئيسية لعلاقات مصر بدول القارة، فإن حقبة التسعينيات قد أسست لما يمكن تسميته بالدعم المصري لجهود التنمية في قارة أفريقيا، حيث أضحت قضية التنمية وبناء الدولة الأفريقية في حقبة ما بعد الاستعمار، القضية الرئيسية في حركة السياسة الخارجية المصرية في أفريقيا، ومن هنا كانت المبادرات التنموية المصرية "الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا" تجسيدا واقعيا لرؤية مصر للتنمية في قارة أفريقيا.
كما لم تغفل مصر قضية الديون الأفريقية، علاوة على إنفاذ المعاهدة المؤسسة للجماعة الاقتصادية الأفريقية عام 1991، وتم التصديق عليها عام 1994.
وعمل "الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا"، على أساس صيغة تعاون جنوب ـ جنوب بهدف مساعدة الدول الأفريقية على تحقيق التنمية المستدامة، عبر برامج التعاون الفني والبرامج التدريبية لبناء قدرات الكوادر الأفريقية التي يقدمها في مختلف المجالات وعلى رأسها: الزراعة والصحة والتعليم والأمن والدبلوماسية والقضاء والإعلام، وكذلك المنح المالية خاصة في مجالي الصحة والزراعة.
علاوة على البعد التنموي في هذه الحقبة، واصلت مصر دعمها لاستقلال دول القارة، حين ساهمت مصر عبر منظمة الوحدة الأفريقية في استقلال ناميبيا عام 1990م، كما لعبت مصر دورا فاعلا في انتهاء النظام العنصري بدولة جنوب أفريقيا عام 1994.
بجانب الجهود السابقة، فقد اختارت الدول الأفريقية مصر رئيسا لمنظمة الوحدة الأفريقية لدورتين (1989-1990) و(1993-1994) وتم إبان الرئاسة المصرية للمنظمة إنشاء أول آلية لمنع وإدارة المنازعات عام 1993 للتعامل بشكل منظم وفعال مع ما ينشأ من نزاعات بين دول القارة وفضها بالطرق السلمية.
مصر تساهم في تأسيس الاتحاد الأفريقي
خلال تسعينيات القرن الماضي، ناقش القادة الأفارقة ضرورة تعديل هياكل منظمة الوحدة الأفريقية لتعكس تحديات عالم متغير. وفي عام 1999، أصدر رؤساء الدول والحكومات بمنظمة الوحدة الأفريقية "إعلان سرت" الذي يدعو إلى إنشاء اتحاد أفريقي جديد.
كانت الرؤية للاتحاد، والتي ساهمت مصر في التأسيس لها، إنشاء المؤسسة التي يمكن أن تسرع بعملية التكامل في أفريقيا، ودعم وتمكين الدول الأفريقية في الاقتصاد العالمي، ومعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعددة الجوانب التي تواجه القارة.
وقد ساهمت مصر في تأسيس هيكل الاتحاد الأفريقي، من خلال تقديم الوفد المصري المشارك بقمة لومي عام 2000 – وهي القمة التأسيسية للاتحاد – طلبا لإدخال بعض التعديلات على مشروع الوثيقة وأبرزها: تعديل المادة 4 (ح) بما من شأنه قصر حق الاتحاد في التدخل في شئون الدول الأعضاء في ثلاث حالات محددة هي: جرائم الإبادة، الجرائم ضـد الإنسانية، وجرائم الحـرب.
وتتحمل مصر نسبة 12% من إجمالي مساهمة الدول الأعضاء في ميزانية الاتحاد الأفريقي، ما يجعلها إحدى الدول الخمس الأكبر مساهمة في ميزانية الاتحاد الأفريقي (أنجولا، وجنوب أفريقيا، والجزائر، ونيجيريا).
وفي إطار الدور المصري داخل الاتحاد الأفريقي، أكدت القاهرة اتفاقها مع الطرح المعروض لإصلاح وتطوير مفوضية الاتحاد الأفريقي خاصة أنه يُحقق التوازن المأمول بين الجنسين وبين الأقاليم الجغرافية الخمسة.
وتتمة لدور مصر، تستضيف القاهرة العديد من مؤسسات الاتحاد الأفريقي مثل مكتب الاتحاد الأفريقي لدى جامعة الدول العربية واتحاد الغرف الأفريقية ووكالة الاستثمار الإقليمية التابعة للكوميسا وبنك التصدير والاستيراد الأفريقي ومكتب المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، ومنظمة تضامن الشعوب الأفروآسيوية والاتحاد الأفريقي لكرة القدم.
عودة مصر في عهد الرئيس السيسي
الفصل الثاني من الكتاب رصد أبرز ملامح سياسة مصر تجاه أفريقيا منذ عام 2014 حيث حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ تولى الرئاسة عام 2014 على الانفتاح على القارة الأفريقية، وتعزيز علاقات مصر بدولها في كل المجالات، وفي هذا الإطار يشير التحليل الكمي لزيارات الرئيس السيسي الخارجية ولقاءاته الدولية مع زوار مصر من القادة والمسئولين منذ توليه رئاسة الجمهورية في الثامن من يونيو عام 2014، حتى نهاية عام 2018 إلى قيام سيادته بـ 25 زيارة لدول أفريقية من إجمالي 86 زيارة خارجية قام بها السيد الرئيس، بما يمثل نحو 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية.
"الوكالة المصرية للشراكة"
سعت "الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية"، منذ أن أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام القمة ال23 للاتحاد الأفريقي بمالابو في يونيو 2014، إلى تعزيز علاقات التعاون الثلاثي القائمة واستشراف إمكانيات التعاون المتاحة مع عدد من الدول المتقدمة وهيئات التنمية الدولية بهدف توفير مزيد من الموارد والدعم للأشقاء الأفارقة من خلال التعاون مع هذه الجهات في التدريب والدعم الفني المقدم من مصر للدول الأفريقية، وتملك الوكالة المصرية علاقات تعاون ثلاثي مع عدد من الدول وهيئات التنمية الدولية مثل: البنك الإسلامي للتنمية - الصندوق العربي للمعونة الفنية للدول الأفريقية التابع لجامعة الدول العربية - وكالة التعاون الدولية اليابانية (الجايكا).
وفيما يتعلق بأبرز مجالات الخبرة المصرية التي تقدمها الوكالة، فإنها تتجسد في الدبلوماسية - النقل - الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات - الرعاية الصحية - الزراعة - الشرطة ومكافحة الجرائم والإرهاب - إدارة المياه والري - الكهرباء ومصادر الطاقة - الدفاع والأمن.
"منتدى أفريقيا".. ونموذج تعاون "جنوب – جنوب"
يمثل "منتدى أفريقيا" في دوراته الثلاث 2016، 2017، 2018، والتي عقدت جميعها بمدينة شرم الشيخ، أحد ركائز الاستراتيجية المصرية في التحرك تجاه القارة الأفريقية، حيث شارك في تنظيمه وزارة الاستثمار والتعاون الدولي، ووكالة الاستثمار الإقليمية التابعة لتجمع "الكوميسا"، وبنك التنمية الأفريقي، وذلك بمشاركة رؤساء الدول والوزراء، وكبار المسؤولين الحكوميين في أفريقيا والعالم، علاوة على رواد الأعمال الدوليين أصحاب الاستثمارات الحالية والمحتملة في أفريقيا، وممثلي مؤسسات التمويل الدولية، والخبراء والأكاديميين المعنيين بالاقتصاد الأفريقي.
وضم منتدى أفريقيا 2016، الذي عقد في 20-21 فبراير 2016، أكثر من ألف ومئتي عضو من الوفود رفيعة المستوى من القطاعين العام والخاص من 45 دولة. وشارك فيه ست رؤساء لدول هي مصر وإثيوبيا وغينيا والجابون ونيجيريا والسودان، فضلاً عن 45 وزيرًا وكبار الشخصيات من رؤساء المنظمات الدولية و97 متحدثًا رفيع المستوى يمثلون 30 دولة، و522 عضوًا من وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية.
وفي دورة المنتدى الثانية عام 2017، والتي عقدت في الفترة من السابع إلى التاسع من ديسمبر 2017، شارك نحو ألف وخمسمائة شخصية، سياسية تنفيذية واقتصادية ومالية، حيث سعى المنتدى لاستكشاف الفرص الاستثمارية في المشروعات القابلة للتمويل، وتميز مؤتمر 2017 بتخصيص يوم للشركات الناشئة الرائدة ورواد الأعمال.
أما فعاليات منتدى "أفريقيا 2018" في نسخته الثالثة، فقد عقدت في الفترة من الثامن إلى التاسع من ديسمبر 2018، تحت عنوان "القيادة الجريئة والالتزام الجماعي: تعزيز الاستثمارات البينية الإفريقية"، وقد تميزت دورة 2018 بعقد يوم رواد الأعمال الشباب لمناقشة تحفيز حركة ريادة الأعمال وتأسيس الشركات الناشئة في القارة وامتدادها الدولي.
جنود مصر في حماية السلام بأفريقيا
الفصل الثالث من كتاب "مصر في أفريقيا" تناول أحد أهم قضايا أفريقيا، وهي بنية السلم والأمن في القارة، ودور مصر فيها، حيث أولت السياسة المصرية قضية السلم والأمن في قارة أفريقيا أهمية خاصة على العديد من المستويات مثل: المبادرات الرسمية، والأطر التنظيمية، والمساهمات الدولية.
وتشارك مصر في 8 بعثات حفظ سلام من أصل 9 بعثات على مستوى القارة الأفريقية، في كل من كوت ديفوار وإفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، والصحراء الغربية، و ليبيريا وجنوب السودان ودارفور و مالي.
وحسب مركز الأمم المتحدة للإعلام بالقاهرة، تساهم مصر حالياً بأكثر من ثلاثة آلاف مصري يخدمون تحت راية الأمم المتحدة في عدد من البعثات بأنحاء العالم، بما يجعل مصر سابع أكبر المساهمين بأفراد نظاميين في عمليات حفظ السلام الدولية، والدولة العربية الأولى في هذا المجال.
كما فازت مصر في الثامن والعشرين من يناير 2016، للمرة الأولى بعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي لـ 3 أعوام، عن إقليم الشمال، وذلك بتأييد 47 دولة من دول الاتحاد الإفريقي.
وتأتي عضوية مصر في مجلس السلم والأمن في إطار مساعيها وجهودها للقيام بدور فعال في دعم وتعزيز بنية السلم والأمن في القارة الإفريقية، خاصة في ظل تصاعد تهديد التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة.
كذلك فازت مصر بعضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي للمرة السادسة خلال العامين 2016-2017، حيث تعهدت مصر بعد انتخابها في هذا المنصب بالاضطلاع بمسئولياتها التاريخية في الدفاع عن القضايا العربية والأفريقية.
وفي الإطار ذاته، تستضيف مصر "مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام" وكانت بدايات المركز تحت مسمى "مركز القاهرة الإقليمي للتدريب على فض المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا"، بهدف تيسير ودعم جهود الدبلوماسية الوقائية وحل الصراعات، وتدريب قوات حفظ السلام الأفريقية، كما أعلنت مصر في 24 يونيو 2018 الانتهاء من إنشاء "المركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب لدول تجمع الساحل والصحراء"، في إطار حرص مصر على دعم مكافحة الإرهاب ودعم جهود الأمن والاستقرار بهذه المنطقة.
طفرة في العلاقات الاقتصادية
الفصل الرابع هو أكبر فصول الكتاب وقدم مجموعة كبيرة من الحقائق والأرقام عن "العلاقات الاقتصادية المصرية مع أفريقيا" التي تعد بعداً هاماً في إطار الاستراتيجية التي تتبناها مصر نحو التعاون مع قارتها الأم، حيث قامت مصر عبر عقود عديدة بتعزيز الشراكة الاقتصادية مع كافة الدول الأفريقية سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي.
وهدفت السياسة المصرية إلى تعزيز علاقتها الاقتصادية مع أفريقيا باعتبارها أولوية استراتيجية، من خلال زيادة الاستثمارات المصرية في أفريقيا ولتدعيم التعاون الاقتصادي في المجالات وثيقة الصلة بالتنمية، ولاسيما في ظل الإصلاحات في مجال الاستثمار والتي تضمنت إصدار عدة قوانين مثل قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وقانون إعادة الهيكلة، فضلاً عن الإجراءات المؤسسية التي تم اتخاذها لتحسين مناخ الاستثمار، وتطوير مركز خدمات المستثمرين، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج وطني طموح للإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية، والذي يشمل حزمة من الإصلاحات المالية والنقدية والتشريعية لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار وإزالة العقبات التي تعوق عمل القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب.
ارتفاع حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية
اتخذت مصر العديد من الآليات لتطوير حجم العلاقات البينية مع دول القارة الأفريقية، فطبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ديسمبر 2018، ارتفع إجمالي التبادل التجاري بين مصر ودول أفريقيا إلى 4.2 مليار دولار خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2018، مقابل 3.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2017، بزيادة بلغت قيمتها 777.4 مليون دولار.
وفي إطار مجابهة التحديات التي تؤثر على تدفق المنتجات والسلع فيما بين الدول، والتي يتمثل أغلبها في العقبات المتعلقة بالشحن ونقل البضائع بين أسواق الدول الأفريقية، فضلاً عن ارتفاع معدلات المخاطر في الأسواق الأفريقية، اتخذت الحكومة المصرية العديد من الآليات لتعزيز حجم التجارة البينية مع دول القارة، من بينها تدشين استراتيجية تنمية الصادرات المصرية للقارة الأفريقية، خلال الفترة من 2018 حتى 2020، وذلك بالتعاون مع 5 مجالس تصديرية: المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، والمجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية، والمجلس التصديري للصناعات الهندسية، والمجلس التصديري للمواد الغذائية، والمجلس التصديري للصناعات الطبية، والتي تمثل صادراتها 80% من إجمالي الصادرات المصرية إلى السوق الأفريقي.
كما قامت الحكومة المصرية بإرساء برنامج دعم الصادرات المصرية إلى الدول الأفريقية عن طريق مساهمة صندوق تنمية الصادرات المصري في تكلفة النقل والشحن إلى الدول الأفريقية، وذلك من أجل تقليل نفقات النقل إلى تلك الدول.
كما استضافت مصر المعرض الأفريقي الأول للتجارة البينية خلال الفترة من 11 - 17 ديسمبر 2018، وذلك بالتعاون مع البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد «أفريكسيم بنك»، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، ووزارة التجارة والصناعة، حيث يمثل المعرض نقلة هامة في مسار التعاون الاقتصادي الأفريقي المشترك.
مصر أفضل بلد للاستثمار في قارة أفريقيا عام 2018
بدأت الاستثمارات المصرية في القارة الأفريقية منذ الستينيات، وتشمل قطاعات البناء والتشييد،والمواد الكيميائية، والتعدين، والمستحضرات الطبية والدوائية، والاتصالات، والمكونات الإلكترونية، والخدمات المالية، بينما تتوزع الاستثمارات الأفريقية في مصر على قطاعات الزراعة والصناعة والمالية والخدمات والسياحة والبناء وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واستمرت هذه الاستثمارات رغم تنوعها واختلاف قيمتها من فترة لأخرى.
وفي هذا الإطار، أشادت العديد من الهيئات والمنظمات الدولية بمصر باعتبارها أكثر الدول الأفريقية جذباً للاستثمارات، حيث تم اختيار مصر أفضل بلد للاستثمار في عام 2018 في قارة أفريقيا من قبل «بنك راند ميرشانت» احد أكبر بنوك الاستثمار العاملة في القارة الأفريقية، وذلك خلال تقرير «أين تستثمر في أفريقيا»؛ لأنها أكبر سوق أفريقية من حيث إجمالي الناتج المحلي، وأكبر سوق استهلاكية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هذا فضلا عن ابراز تقرير الاستثمار العالمي لعام 2018 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، بأن مصر تصدرت الدول الأفريقية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2017، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة 7.4 مليار دولار.
دور القطاع الخاص
للقطاع الخاص دور مهم باعتباره شريكا أساسيا في عملية التنمية الاقتصادية الأفريقية، ولاسيما بعد توقيع الحكومة المصرية والبنك الدولي اتفاقية قيمتها مليار دولار في منتدى «أفريقيا 2018»، لدعم دور القطاع الخاص المصري في تحقيق النمو المتكامل، مما سيساهم في تحقيق أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بتسهيل تأسيس الشركات، وخلق المزيد من فرص العمل، حيث تتعدد الشركات المصرية التي تستثمر في أفريقيا وأبرزها: شركة المقاولون العرب، شركة القلعة (القابضة)، وشركة السويدي إلكتريك (السويدي للكابلات)، شركة أوراسكوم للإنشاءات.
جهود زيادة الاستثمارات المصرية في أفريقيا
في إطار التوجه لزيادة حجم الاستثمارات المصرية في أفريقيا، اتخذت مصر العديد من الخطوات لتنفيذ مشروعات مشتركة بين الدول الأفريقية خاصة بمجالات البنية الأساسية والطاقة الجديدة والمتجددة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ومن أبرزها، إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي العديد من التوصيات لزيادة إجمالي الاستثمارات المصرية خلال «منتدي أفريقيا» 2018 بشرم الشيخ ومنها: إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار في أفريقيا، وذلك لتشجيع المستثمرين المصريين لتوجيه استثماراتهم لأفريقيا، والمشاركة في تنمية القارة، والتفاوض مع المؤسسات الدولية لدعم البنية الأساسية في قارة أفريقيا، وتحفيز وتيسير عمل الشركات الأفريقية في مصر، لتحفيز الاستثمارات المشتركة والاستفادة من التطور المستمر في الاقتصاد المصري، وزيادة التعاون الفني مع دول القارة في مجالات الاستثمار في رأس المال البشري، والتحول الرقمي، وإدارة التمويلات الدولية، والحوكمة ونظم المتابعة والتقييم، وإنشاء صندوق للاستثمار في البنية التحتية المعلوماتية.
العلاقات الاقتصادية بين مصر والتجمعات الإقليمية في أفريقيا
في ضوء التوجه الدولي نحو الإقليمية تنامت التكتلات الاقتصادية، التي تستهدف دعم أواصر علاقات التعاون مع الدول والتكتلات الأفريقية، بما يسهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري والصناعي.
ويعكس انضمام مصر للعديد من التجمعات الاقتصادية في أفريقيا حرصها علي تدعيم علاقات التعاون مع الدول والتكتلات المختلفة في ضوء تحقيق المصالح المتبادلة السياسية والاقتصادية والتنموية في مختلف الدوائر والاتجاهات، ومن أهم التكتلات الاقتصادية التي ترتبط مصر بعلاقات معها: الكوميسا، الساحل والصحراء، السيماك، الإيموا، والإيكواس، وتجمع السادك.
الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا
الفصل الخامس جاء مرتبطا بما قبله، حيث ركز على التوجه نحو التكامل في أفريقيا ودور مصر فيها، من خلال بعض المبادرات، حيث تمثل مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا "النيباد" رؤية أفريقية لاستراتيجية شاملة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالقارة، والتي صاغها وتبناها رؤساء الدول الخمس: مصر والجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا والسنغال، واعتمدتها منظمة الوحدة الأفريقية بلوساكا في يوليو 2001.
وقد تم إدماج النيباد في أجهزة الاتحاد الأفريقي بموجب قرار قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا في فبراير 2010 كهيئة فنية تابعة للاتحاد الأفريقي، وذلك لتسهيل وتنسيق وحشد الموارد لتنفيذ البرامج والمشروعات القارية والإقليمية ذات الأولوية، وتتضمن الأهداف الرئيسية للمبادرة دعم الأمن والسلام في القارة، وتحقيق الحكم السياسي والاقتصادي الرشيد، وتعميق مفاهيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وزيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، وتعظيم حجم التجارة الأفريقية البينية، ونفاذ الصادرات الأفريقية للأسواق العالمية، وتحسين البيئة، وتطوير التعليم والبحث العلمي، وتعظيم الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات.
ومن أبرز المشاركة المصرية في إطار النيباد قيامها بدعم "البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا"، من خلال تنفيذ ودعم أهداف البرنامج ووضع كل إمكاناتها من مراكز البحوث والتدريب الزراعية للتعاون مع وكالة النيباد، ومفوضية الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية الأفريقية في هذا المجال، وذلك لمساعدة الدول الأفريقية على زيادة إنتاجيتها الزراعية وتحسين التربة.
كما تضطلع مصر في إطار عضويتها في المبادرة الرئاسية لتنمية البنية الأساسية بالقارة PICI، مسئولية مشروعات إدارة موارد المياه والأنهار والنقل البري والنقل بالسكك الحديدية، بالإضافة إلى مشروع للربط الملاحي النهري "فيكتوريا المتوسط" حيث يتيح الممر سهولة في نقل البضائع والسلع والمنتجات الزراعية والحيوانية بين دول حوض النيل وإنشاء مجموعة من مراكز التدريب والأبحاث بطول المجرى الملاحي.
ويعتبر أحد الركائز الأساسية لتحقيق رؤية المشروع “قارة واحدة - نهر واحد - مستقبل مشترك” لتنشيط التجارة سواء بين دول حوض النيل أو بينها وبين غيرها من الدول، فضلا عن مشروع إنشاء طريق (القاهرة - كيب تاون) حيث يعد أحد المشروعات التنموية الحديثة لتنمية حركة التجارة بين مختلف دول القارة الأفريقية، وقيام مصر بتنفيذ طريق (توشكي أرقين) الذي يربط بين مصر والسودان بتكلفة 190 مليون جنيه، كما قامت الحكومة المصرية بالتوازي بتنفيذ ميناء أرقين البري على الحدود المصرية السودانية في يناير 2016.
مصر والتوجه نحو التكامل الإقليمي في أفريقيا
قامت مصر بنشاط دبلوماسي مكثف إزاء تفعيل دور التجمعات الإقليمية الأفريقية والعمل على دعم وتعزيز الأهداف التي تتبناها، ومن أبرز تلك التحركات استضافة مصر لقمة التجمعات الاقتصادية الإقليمية الثلاثة (الكوميسا – السادك - الاياك) بشرم الشيخ في يونيو 2015، وذلك بمشاركة رؤساء دول وحكومات 26 دولة أفريقية تمثل سوقاً يستوعب أكثر من 58% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للقارة بقيمة 1.3 ترليون دولار، و57% من إجمالي سكان أفريقيا.
التنمية بين دول حوض النيل
الفصل السادس من كتاب "مصر في أفريقيا "تناول التعاون بين مصر ودول حوض نهر النيل الذي يعد أحد محاور التواصل والترابط بين مصر وأفريقيا.
وقدم الكتاب عرضا قانونيا متميزا للاتفاقيات بين مصر ودول حوض النيل بشأن مياه النهر، والتي تتمسك بها مصر كأساس قانوني يحفظ حقوق جميع الأطراف.
كما تناول هذا الفصل أيضا أشكال ومجالات التعاون، حيث حرصت مصر على تدعيم الاحتياجات التنموية لدول حوض النيل وفقا لأولوياتها في المجالات المختلفة، سواء من خلال المبادرة المصرية لتنمية حوض النيل أو الدور الرائد للوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في العديد من القطاعات، ومنها الطاقة والري والصحة والزراعة والتكنولوجيا، وبناء قدرات الكوادر الأفريقية بما يسهم في رفع معدلات التنمية بدول حوض النيل.
ولهذا عقدت مصر العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي واللجان المشتركة مع دول حوض النيل من أجل بحث مجالات جديدة للتعاون المشترك، والتنسيق المشترك تجاه قضايا القارة الأفريقية سواء في المحافل الإقليمية أو الدولية،حيث تتبنى السياسة المصرية - على الصعيد الأفريقي - مبدأ «المكسب للجميع»، تجاه تنمية دول حوض النيل.
ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل
هدفت السياسة المصرية إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري مع دول حوض النيل لتنمية المصالح المشتركة، وطبقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ديسمبر 2018، ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول حوض النيل بنسبة بلغت نحو 17.5% خلال ال10 أشهر الأولى من عام 2018 (الفترة من يناير إلى أكتوبر 2018)، لتبلغ نحو 1.38 مليار دولار، في مقابل 1.139 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2017، وزاد إجمالي الصادرات المصرية إلى هذه الدول بنسبة بلغت نحو 8.9% خلال نفس الفترة من عام 2018، لتسجل نحو 876 مليون دولار، مقابل 804 ملايين دولار خلال عام 2017، كما ارتفع اجمالي الواردات المصرية من هذه الدول بنسبة 50.4% خلال نفس الفترة من عام 2018، لتبلغ 504 ملايين دولار، في مقابل نحو 335 مليون دولار خلال عام 2017.
المبادرات التنموية مع دول حوض النيل
ساهمت مصر –تاريخيا- في مشروعات التعاون الثنائية التنموية لتحقق العائد السريع والتأثير المباشر علي مستوي معيشة مواطني دول حوض النيل، مثل مشروعات حفر الآبار الجوفية، ومشروعات إنشاء سدود حصاد مياه الأمطار، ومشروعات تطهير المجاري المائية، إلي جانب التدريب وبناء القدرات لرفع كفاءة الكوادر الفنية، وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة المصرية تنفيذها استثمارات بقيمة 400 مليون دولار في دول حوض النيل في عام 2018، تشمل أعمال حفر آبار وحماية من الأمطار، وبناء سدود.
كما تتعدد مجالات المبادرات التنموية بين مصر ودول حوض النيل، ولهذا اتبعت السياسة المصرية العديد من السياسات لضمان الاستقرار في حوض النيل من خلال السعي لحل النزاعات سلمياً ودعم آليات التعاون بين دول حوض النيل، حيث يحكمها العديد من الثوابت للسياسة المائية المصرية ومنها اعتبار حوض النيل وحدة متكاملة لا تتعارض فيه المصالح بين دولة وأخرى بل تتكامل لتحقيق الفائدة القصوى للجميع، وتطبيق مبدأ الاستخدام المنصف أو العادل وليس الحصص المعادلة، وعدم المساس بالمبادئ التي تضمنتها الاتفاقيات المنظمة لاستخدامات النيل، وقيام مصر بتنفيذ مشروعاتها المائية في إطار حصتها المقررة (55.5 م3)، وتأييد السياسة المصرية مبدأ عدم نقل مياه حوض النيل خارج حدود دوله وفقاً لمبادئ معاهدة هلسنكي 1966.
الأزهر والكنيسة والثقافة
الفصل السابع من الكتاب الذي أصدرته هيئة الاستعلامات جاء بعنوان "التعاون الثقافي المصري - الأفريقي" وتناول عدة محاور لهذا التعاون أبرزها الأزهر الشريف الذي يمثل أبرز وأهم أدوات التعاطي الثقافي المصري مع محيطنا الأفريقي، سواء على مستوى التعليم الجامعي أو على مستوى الدراسات العليا، هذا فضلاً عن إيفاد العديد من العلماء إلى البلدان الأفريقية للعمل كدعاة والتدريس في المراكز العلمية الدينية بها.
وثاني هذه المحاور هي الكنيسة القبطية المصرية، حيث تعد الكنيسة القبطية المصرية إحدى أهم قنوات التواصل الثقافية المصرية تجاه أفريقيا، ويرجع ذلك للروابط التاريخية التي تجمع بين الكنيسة المصرية ونظيرتها في كل من السودان وإثيوبيا، علاوة على دورها التاريخي في ربوع القارة عبر قرون عدة منذ دخول المسيحية إلى مصر.
وثالث هذه المحاور هي وزارة التعليم العالي، ويبرز دور وزارة التعليم العالي من خلال تقديم المنح للطلاب الأفارقة في الجامعات والمعاهد المصرية، بالإضافة إلى عقد اتفاقيات التعاون المشترك في مجال البحوث والدراسات العلمية، والمنوطة بها أكاديمية البحث العلمي.
أما المحور الرابع، فهو مراكز البحوث والدراسات المعنية بالتعاون مع أفريقيا، حيث يوجد في مصر العديد من مراكز البحوث المعنية بالشؤون الأفريقية، التي تسعى لإحداث التقارب الثقافي والعلمي المصري مع القارة، علاوة على بناء كوادر بحثية مصرية وأفريقية مؤهلة، بجانب التعاون مع مراكز البحوث والدراسات الأفريقية.
التعاون الإعلامي المصري - الأفريقي
ويتمثل التعاون الإعلامي بين مصر وأفريقيا في عدة أمور، أولها شبكة الإذاعات الموجهة، حيث بدأ عمل الإذاعات الموجهة في مصر في 4 يوليو 1954، وذلك بافتتاح إذاعة صوت العرب، ثم بدأ بعد ذلك بالبث باللغات الأفريقية المحلية، خاصة منطقة شرق أفريقيا، وتغطى الإذاعات الموجهة عموم قارة أفريقيا، حيث تبث لمدة 19 ساعة يوميا.
كما تجلى هذا التعاون في معهد تدريب الإعلاميين والإذاعيين الأفارقة الذي قامت مصر بإنشائه لنقل الخبرات الإعلامية المصرية لدول القارة السمراء وتدريب إعلاميها على أحدث النظم الإعلامية العالمية. ويرجع تاريخ تأسيس وبداية النشاط لعام 1977، وقد استضاف المعهد قرابة 4000 آلاف إعلامي أفريقي على مدار تاريخه.
وتعمل مكاتب الإعلام الخارجي التابعة للهيئة العامة للاستعلامات على تحقيق بناء جسور من الثقة والتفاهم بين مصر ودول القارة الأفريقية، خاصة على المستويين الرسمي والشعبي (برلمانيين - أحزاب - مؤسسات المجتمع المدني). علاوة على توعية الرأي العام الأفريقي بهوية مصر الأفريقية وانتماء مصر الأفريقي.
وبجانب المكاتب الإعلامية، تصدر الهيئة دورية "آفاق أفريقية" منذ عام 2000، وهي دورية علمية محكمة تعني بالشأن الأفريقي في مختلف المجالات، وتصدر بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية. وكذلك مجلة "أفريقيا قارتنا" وهي مجلة إلكترونية شهرية تبث على موقع الهيئة على شبكة الإنترنت لتعريف القارئ المصري، خاصة فئات الشباب، بأهم القضايا الأفريقية في مختلف المجالات السياسية والثقافية والفنية والرياضة.
ويضم الموقع الإلكتروني الإعلامي الذي تصدره الهيئة العامة للاستعلامات كماً كبيراً من المعلومات عن سياسة مصر الأفريقية، وكذلك علاقات مصر مع الدول الأفريقية ومع المنظمات والتجمعات الأفريقية، وهي معلومات يتم تحديثها على مدار الساعة.
أجندة 2063
الفصل الثامن والأخير استعرض الرؤية المستقبلية للقارة الأفريقية "أجندة 2063" التي تمثل إطارا استراتيجيا للتحول الاجتماعي الاقتصادي بالقارة خلال 50 عامًا، حيث تتبنى رؤية جديدة للتنمية تعزز من قدرة الأفارقة على استخدام الموارد المتوافرة بشكل كامل وفعال لتنميتها، وتتضمن مبادرة الـ50 عامًا العديد من الأهداف، إلا أن الهدف الرئيسي لها هو "أفريقيا متكاملة ومزدهرة تنعم بالسلام، وأفريقيا يقودها ويديرها مواطنوها، وتمثل قوة ديناميكية على الساحة الدولية"، وتتمثل أجندة التنمية الأفريقية في سبعة محاور رئيسية تُعبر عن تطلع القارة الأفريقية لتحقيق التنمية المستدامة، وصولا بأفريقيا باعتبارها لاعب وشريك عالمي قوي وذو نفوذ.
وأكدت مصر في أكثر من مناسبة قارية ودولية أهمية أجندة 2063، في دعم وتنمية القارة الأفريقية في العديد من القطاعات أبرزها قطاعات البنية التحتية والطاقة والمنطقة التجارية الحرة الأفريقية، علاوة على رؤية مصر لقارة أفريقية خالية من النزاعات.
كما تعمل مصر على تقديم الدعم للدول الأفريقية من أجل مساعدتها في تحقيق خطط التنمية المستهدفة في إطار أجندة الاتحاد الأفريقي 2063.
من جانب آخر، أعلنت مصر عن توافق رؤيتها لأجندة التنمية الوطنية 2030 مع أهداف وطموحات أجندة القارة 2063، خاصة في مجالات تمكين المرأة ودعم الشباب.