الخميس 20 يونيو 2024

حاكموا هؤلاء الآباء !

1-4-2017 | 10:09

بقلم : نبيلة حافظ

تستوقفني ظاهرة غريبة ظهرت ــ وبقوة ــ على سطح حياتنا الاجتماعية في السنوات الأخيرة، ألا وهي ظاهرة الآباء الذين يتخلون عن أبنائهم ويتركونهم للمجهول الذي لا يعلمه إلا الله، يلقون بهم إلى الشوارع ليعيشوا حياة التشرد والضياع، هؤلاء الآباء ماتت ضمائرهم وانتزعت الرحمة من صدورهم، وأصبحت قلوبهم أشد قسوة من الحجارة، لا لشيء إلا لأنهم فشلوا في حياتهم الزوجية وكل طرف فارق الآخر وبدأ حياة جديدة مع شريك جديد، شريك غالبا ما يكون سبب نكبة هؤلاء الأبناء لأنهم وحدهم الذين يدفعون الثمن، والثمن يكون غاليا تعذيب نفسي وبدني وقسوة وضياع وحرمان، كل ذلك يحدث في حياة الأطفال اللذين تخلى عنهم ذووهم وتركوهم يواجهون مصيرهم المجهول على أرصفة الشوارع وسط المجرمين وقطاع الطرق وكلاب السكك التي ربما تكون أحن عليهم من بني البشر.

القصص والمآسي كثيرة وكل يوم تقريبا نسمع عن طفل بريء لا حول ولا قوة له نجده ضحية لمثل هؤلاء الآباء، وربما كانت قصة الطفل عبد الرحمن التي قدمها موقع وجريدة اليوم السابع تحت عنوان "الراقص مع الكلاب" منذ أيام هي من أكثر القصص إيلاما للنفس البشرية لما تحمله من قسوة وظلم وحرمان، قسوة من جانب قلوب نسيت الرحمة والرأفة والرفق والحنان بحكم الطبيعة الإنسانية التي غرسها الخالق في قلب أي إنسان، وخاصة من جانب الأب تجاه الابن الذي فقد أمه وأصبح لا سند له بالحياة سوى هذا الأب، ولكن للأسف كل هذه المشاعر الإنسانية لم يجدها هذا الطفل البريء مع والده وزوجته وكان مصيره المؤلم هو تشريده بشوارع القاهرة لتكون الأرصفة مأوى له وتكون الكلاب الضالة هم أهله وعشيرته الذين يحنون عليه ويجد لديهم ما افتقده لدى البشر من حب وعطف وحنان.

رحمتك يا رب كلاب الشوارع كانت أحن على عبد الرحمن من أبيه وزوجته، والغريب في قصة عبد الرحمن أن برغم قسوة الحياة عليه وبرغم ما قابله من ظلم وحرمان إلا أنه لا يحمل بداخله مشاعر سلبية أو عدائية تجاه المجتمع وتجاه من جعلوه يرافق كلاب الشوارع ويعيش بينهم، بل ظل على براءته وبساطته يرسم لنفسه طريقا ورديا مرسوما بالأحلام الوردية والأمنيات الجميلة، وكان على يقين أن الله لن يتخلى عنه ويخذله, وجاءت مبادرة اليوم السابع الإنسانية ليس في نشر قصته فقط بل في تبني حالته وتوفير حياة آمنة كريمة يمارس فيها طفولته ويستعيد إنسانيته الضائعة، ويكمل تعليمه الذي هجره ليحقق أمنياته وأحلامه.

 حالة عبد الرحمن "الراقص مع الكلاب" ليست الأولى ولا الأخيرة في حالات ضياع الأبناء بسبب أنانية وقسوة الآباء تلك القسوة التي تجعلهم يتخلون عن إنسانيتهم وواجبهم تجاه أبنائهم ويدفعونهم إلى التشرد وحياة الضياع بالشوارع، هؤلاء الآباء لابد وأن يحاسبوا ويحاكموا على ما يقترفوه من جرم تجاه أبنائهم، فالمجتمع يحتاج الآن إلى تشريعات جديدة تحمي الطفل من عنف وقسوة الآباء!