الأحد 19 مايو 2024

د.جابر نصار يرد على مثيرى أزمة "البنطلونات المقطعة" : سحابة موضة ستنتهى وربطها بالأخلاق غير صحيح

1-4-2017 | 10:26

حوار: شيماء أبو النصر

"ربط الفضيلة بالمظهر أمر يتنافى مع مبادئ الحرية الشخصية" هكذا أكد د. جابر نصار رئيس جامعة القاهرة فى رده على المطالبين بمنع ارتداء "البنطلون المقطع" داخل الحرم الجامعى، واصفا محاولة البعض الزج بحظر ارتداء عضوات هيئة التدريس والهيئات المعاونة والطبيبات والممرضات النقاب داخل قاعات العلم والمستشفيات بأنها نوع من المكايدة لجامعة القاهرة ورئيسها مؤكدا أن هذ الخلط تضليل مرفوض غرضه إلهاء الناس عن قضايا التنمية والبحث العلمى.

د.جابر نصار يتناول بالتحليل الأزمة المثارة حول قضية " البنطلون المقطع " ويجيب على العديد من التساؤلات حول هذا الموضوع خلال هذا الحوار .

من وجهة نظرك ما حدود الحرية الشخصية فى ارتداء الملابس داخل الحرم الجامعى؟

هناك الكثير من الحريات الشخصية المرتبطة بالواقع الاجتماعى وتطورها ومنها حرية الملبس على أنه يجب ألا يتسلط الأفراد بعضهم على بعض فى وضع ضوابط شخصية تنبع من قناعات كل منهم لتقييد حرية غيره، وهذه الحريات الشخصية كحرية التنقل والملبس ترتبط ارتباطا أساسيا بواقع المجتمع والزمن الذى نعيشه ومتغيرات العصر وهو ما استقر على تسميته فى اليقين الشعبى بالموضة مثلا وبذلك تختلف الموضة من وقت لآخر ومن مكان إلى مكان ولذلك فتحديد الزى الذى يجب أن يرتديه الإنسان بصورة جامدة هو أمر ينال من الحرية الشخصية، أما الأمر الآخر الأشد خطورة هو ربط البعض بين الملبس والفضيلة، فربط مظهر الشخص بكونه يتمتع بالفضيلة من عدمه وإصدار أحكام مطلقة وأحكام جائرة على الأشخاص نتيجة لما يرتدونه من ثياب هو أمر غير صحيح وغير متفق مع الحرية ولا يوجد له مثيل فى المجتمعات المتحضرة.

وهل انتهت مشاكلنا حتى نصل للحديث عن البنطلون والنقاب داخل الجامعة رغم أن النقاب تم منعه بالنسبة لأعضاء هيئة التدريس داخل قاعات العلم فقط؟

يجب ألا نشغل أنفسنا بما هو ملائم وغير ملائم فهناك مساحة شديدة الاتساع بين الناس تختلف من مكان إلى آخر، ومن طبقة اجتماعية إلى أخرى كما تختلف باختلاف العادات والتقاليد، لذلك لا يمكن أن تكون مسألة الزى أو تحديده أو تقييده مدخلا للنيل من الحرية الشخصية فما يكون مقبولا فى وقت معين قد لا يكون مقبولا فى وقت آخر، وعلى ذلك يجب على كل إنسان ألا يفرض قناعاته الشخصية على الآخرين وألا ينظر إلى الفضيلة من وجهة نظره الشخصية فيرى ما يعتقد أنه صواب هو الحق وهو الفضيلة وأن غيره يتعرى من هذه الفضيلة وهذا فى الحقيقة أمر غير صحيح على الإطلاق، ومحاولة إقحام البعض النقاب فى هذا الموضوع يعتبر من سبيل المكايدة لجامعة القاهرة ورئيسها بدعوى أنه منع النقاب ويجب أن يمنع هذه الأردية التى يشيرون إليها هذا كذب وغير صحيح فجامعة القاهرة ورئيسها لم يمنعا النقاب ولكنه منع التدريس بالنقاب والأمر مقصور على أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة حين الدرس، أما غير ذلك فيمكن أن يرتدين النقاب فى أى مكان فى الجامعة فالحظر هنا لاعتبارات تعليمية، ولا حظر ولا منع بالنسبة للطالبات، أيضا تم حظره بالنسبة للطبيبات والممرضات عند تقديم العلاج والتداوى للمرضى لاعتبارات صحية.

بماذا ترد على مطالب البعض بمنع ارتداء بعض الملابس داخل الجامعة والذى وصل إلى الهجوم على جامعة القاهرة ورئيسها ؟

فى الحقيقة من غير المتصور أن يتخذ من هذا الموضوع تكئة للهجوم على جامعة القاهرة وفى الحقيقة فنحن نسمع دعوات باطلة مثل قول البعض "لماذا لا تمنعون العرى" وأنا أقول لهم ليس لدينا فى الجامعات عرى، لدينا الزى الذى يتعارف عليه المصريون فى حضرهم وريفهم وكل طالبة ترتدى زيا متعارف عليه فى المجتمع المصرى ولذلك هذه المزايدة والتضليل لن يرهبانا على الإطلاق.

رأيك فى المثل الشعبى "كل اللى يعجبك والبس اللى يعجب الناس" وهل الآراء المتشددة تستند إلى هذا الفكر المتوارث؟

إثارة هذه الموضوعات التى تتعلق بأمور شخصية  كملابس الطالبات والحكم عليها والتسفيه والتحقير ممن يرتدونها أمر ينم عن انحراف التفكير وفراغ فكرى وخواء وجدانى لدى الكثيرين ولدينا الآن تيارات وأشخاص يشغلون أنفسهم بما يرتدى الناس وبما يأكلون وكيف يتدين الناس ولذلك يتسلطون على الناس فى المجمل فيقيدون حرياتهم ويحكمون على تدينهم وينتقلون من خانة البشر العاديين إلى خانة الكهنوت الذى يحاسب الناس على أعمالهم وهو أمر لا يملكه إلا رب الناس، وعلى ذلك أرى أن إثارة مثل هذه الدعوات تهدف إلى إلهاء المجتمع عن أمور كثيرة، فبدل من الاهتمام بالبحث العلمى وتطوير العملية التعليمية ننظر إلى كيف يرتدى الطلاب والطالبات وما هو اللبس المعتاد وغير المعتاد والمقبول وغير المقبول.

إذن نحن ننتقل إلى معايير شخصية على الرغم من أن المسألة التى يشيرون إليها وهى البنطلونات المقطعة هى فى الحقيقة ليست ظاهرة ولم تنتشر فى جامعاتنا وقد تكون مجرد سحابة موضة بدأت وستنتهى وتتغير ولذلك الوقوف حول هذه المسألة وتضخيمها ووضعها فى بؤرة الشعور الاجتماعى وربطها بالفضيلة والأدب أمر غير صحيح وغير مقبول على الإطلاق.

لماذا يثار هذا الجدل الآن رغم عدم إثارته فى الستينيات والسبعينيات مع العلم أن الكاتبة الكبيرة أمينة السعيد على سبيل المثال كانت ترتدى الشورت فى مباريات التنس داخل الجامعة؟

هى فى اعتقادى محاولة من البعض لإعادتنا إلى مناقشة قضايا حسمت منذ مطلع القرن العشرين لم يعد لها وجود، وهم يريدون إعادة المجتمع المصرى مائة سنة إلى الوراء ويتحدثون الآن عن الاختلاط فى المدارس والجامعات وعن تحديد الزى وأمور انتهى المجتمع المصرى منها منذ مدة طويلة ولم تعد مثار حديث أو جدل، هؤلاء الناس إنما يريدون فرض صورة شديدة الغلو والتطرف فى المجتمع المصرى ويجب أن ينتبه لها المجتمع والدولة.

وما رأيك فى اعتزام أحد النواب تقديم تعديل تشريعى حول توحيد الزى الجامعى؟

تحديد الزى داخل الجامعة أمر مناطه العرف وليس القانون، وعندما طالبنا البعض بمنع ارتداء هذه البنطلونات داخل الجامعة قلنا لا نستطيع أن نفعل ذلك إلا بقانون ولكننى لا أتصور أن يأتى قانون يقيد حرية الناس فى الملبس ويلزمهم بمقاييس معينة ثم سندخل فى إشكالية فى منتهى الخطورة من وقتها سيطبق هذه المقاييس التى يلجأ إليها القانون، هل سيحدد هذا القانون درجة معينة من اتساع الملابس أو طولها أم سيكتفي بكونها ملائمة، ومن يحكم على ملائمتها وهل سيضع شروطا معينة لتحقيق تلك الملائمة، هذه أشياء هامشية ويجب أن نشغل أنفسنا بقضايا التنمية وتطوير التعليم والإصلاح المالى والإدارى.

هل من الطبيعى أن نعيش تفاصيل حياتنا الاجتماعية بأكملها اعتمادا على قوانين ؟

نحن أمة فى خطر ويجب أن ننتبه إلى القضايا الأساسية التى تحيط بنا كقضايا التعليم والتنمية والتقدم الاقتصادي أما أن نشغل أنفسنا بمسائل فرعية وأن يتسلط البعض على البعض الآخر فى حرياته وملابسه وتدينه فذلك لعمرى سيقود هذه الأمة إلى الخروج من متن التاريخ إلى هامش الحياة، الدولة المصرية تواجه تحديات ثقافية فنحن نخوض حربا شرسة بين تيارين الأول يريد أن يجر هذا الوطن للوراء وتيار يريد أن يقضى على الأخضر واليابس، تيار يروج للتطرف والإرهاب ويصب فى النهاية فى أفكار داعشية مهلكة وإن عاشت بيننا بوجه منافق باسم وهو يخفى ويضمر فى داخله الشر والكره لهذا الوطن ولكن هناك دائما تيارا يريد لهذه الأمة أن تنهض وأن تقف على طريق الحداثة شأنها شأن جميع الأمم وعلى مصر دولة وشعبا أن تختار أي طريق تسلك.

    الاكثر قراءة