قال الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، إن انعقاد القمة العربية الأوروبية الأولى اليوم الأحد يمثل نقلةً نوعية هامة في مسيرة التعاون العربي الأوروبي، وتكريسا للإرادة السياسية التي تحدو الطرفين من أجل تعميقِ التّشاوُرِ حول أفضل السبل لمواجهة التحديات المشتركة خاصة الملحة منها، والعمل على الارتقاء بعلاقات التّعاون بين الجانبين في المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة إلى مستويات أرفع من الشّراكة المتضامنة، باعتبار ما يجمعهما من روابط تاريخيّة ومصالح مشتركة.
وأعرب الرئيس التونسي - خلال كلمته أمام القمة - عن تطلعه لأن تساهم هذه القمة في تَقْريبِ الرؤى بين الجانبين من أجْل توسيع مساحةِ التّفاهُمِ واعتماد تشخيصٍ مُشتركٍ للتحدّيات، وتعميق الحوار الاستراتيجي حول مختلف المسائل الأمنيّة والسياسيّة للإسهام في إيجاد الحلول لمختلف المسائل والقضايا المطروحة اعتبارًا لتأثيرهَا على الأمن والاستقرار والتنمية وعلى نسق التّعاون الإقليمي وآفاقِهِ.
وشدّد على أنّ تَسْويَة القضيّة الفلسطينية العادلة تمثّل أولويّة ملحّة ومدخلاً أساسيًّا لِخَفْضِ مَستوى التوتّر وتحقيق السلم والأمن في المنطقة، معربا عن تطلعه إلى مزيد التّنسيق مع الاتّحاد الأوروبي من أجل تغليب إرادة السّلام، وتهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات للتوصّلِ إلى تحقيق سلامٍ عادلٍ وشاملٍ، يُمكّن الشّعب الفلسطيني من استِرْداد حُقوقِه المشروعة وإقامة دولتِهِ المستقلّة على أرْضِهِ وعاصمتها القدس الشرقيّة، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومرجعيات عملية السّلام ومبادرة السّلام العربية ومبدأ حلّ الدّولتين.
وأكد أنّ حالةُ عدمِ الاستقرار التي تَشْهَدُهَا بعضُ دول المنطقة ساهمت إلى حدّ كبير في تفاقُمِ آفة الإرهاب واستشراء نشاطات الجريمة المنظّمة والهجرة غير الشّرعية، وهى كلّها تهديدات خطيرة وتحدّيات جسيمة تُواجهُ الأمن والاستقرار وعلاقات التّعاون في المنطقة والعالم، وتستوجب مزيدا من تضافر جهود الجميع وخاصة العرب والأوروبيين من أجل وضع الاستراتيجيّات الـمُناسبة للتصدّي لها وَتَطْويقِ تداعياتها والقضاء على أسبابها العميقة.
ودعا في هذا الإطار، إلى إنهاءَ بُؤَرِ التوتُّر وتسريعِ مَسَارَاتِ التّسويةِ السياسيّة للأزمات القائمة في ليبيا وسوريا واليمن وِفْقَ المرجعيّات الأمميّة والإقليمية الـمُتّفَقِ عليها، وذلك كخُطْوَةً هامّة باتّجاه إعادة الاستقرار ووضعِ حدٍّ للمعاناة الإنسانيّة لشُعوبِ هذه البلدان، وتأسيس مناخٍ إقليميّ مُناسبٍ للارتقاء بعلاقات التّعاون والشّراكة العربيّة الأوروبية، وكذلك لمنع التنظيمات الإرهابية والإجرامية من استغلال حالة الاضطراب والانفلات لمواصلة نشاطاتها وتهديدِ بُلدانِ المنطقة وشُعوبِها.
وشدّد على ضرورة مواصلة الحوار، في كَنَفِ المسؤوليّة المشتركة والثّقَةِ المتبادلة، حول أَنْجَعِ السُّبُلِ الكفيلةِ بالتصدّي لظاهرةِ الهجرةِ غيْرِ الشّرعية والحدّ منها، من خلال العملِ على وَضْعِ استراتيجيّة وِقائيّة تَشْتَرِكُ فيها بُلدانُ المصدَرِ والعُبُورِ والمَقْصَدِ، وعلى دفع علاقات التّعاون العربية والأوروبية ودعم مجهود التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتكنولوجيّة في بلدان الضفّة الجنوبية للمتوسّط، بما يُساعدُ على تقليص نسب البطالة وزيادة معدلات النماء.
كما دعا إلى مواصلة التنسيق بين الجانبين العربي والأوروبي وِفْقَ مُقاربَةٍ تَشَارُكيّةٍ تَضْمَنُ حقوق مختلف الأطراف، لوضع الصِّيَغِ الـمُناسبة لتفعيل الهجرة المنظّمة التي تمثّل أَحَدَ روافدِ التّنمية الـمُتضامِنَةِ وعاملاً مهمًّا في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، فَضْلاً عن دورها الإيجابي في تعزيز التقارب الإنساني والتفاعل الإيجابي بين شُعوب المنطقتين.
وأكد أهمية التّواصُل الثّقافي والتّعاوُن في مجالات التّنمية البشريّة والاجتماعيّة، في ترسيخ علاقاتِ التّكامُل والتّضامُن بيْنَ الجانبين، داعيا في هذا الإطار، إلى مزيد دعم التّعاون بين المؤسّسات التربويّة والثقافيّة ومكوّنات المجتمع المدني وتبادلِ التّجارب والخبرات في مجالات الشّباب وَتَمْكِينِ المرأة، بما يُسْهِمُ في تَحْصينِ مُجتمعاتِنَا وتكريس قِيَمِ الانفتاح والتّسامُح والتّفاهُم بين الشعوب العربية والأوروبية.
وجدّدُ السبسي عزم تونس الرّاسخ على مواصلة الإسهام الفاعل في تعزيز هذا الحوار وتوطيد علاقات الشّراكة بين الإقليمين العربي والأوروبي في جميع المجالات من أجل بناءِ أفق مشتركٍ للتّعاونِ، مستقرٌّ سياسيًّا ومُزدهرٌ اقتصاديًّا، يَسُودُهُ الأمن والسّلام والتنوّع الثقافي والتواصل الإنساني.