كشفت ازدواجية تعامل منظمات حقوق الإنسان في الخارج
مع قضايا وانتهاكات جماعة الإخوان الإرهابية، عن الوجه القبيح لبعض المنظمات
والأشخاص التي دأبت على تأجيج الأوضاع وغرس الفتنة بين شعوب المنطقة
وعرت ندوة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية
بواسطة محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، داخل مقر المجلس الدولي
لحقوق الإنسان في العاصمة السويسرية جنيف، على هامش الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة، المنظمة الدولية التي غضت الطرف عن انتهاكات التنظيم
الإرهابي في مختلف أرجاء العالم.
وابتكر "زبيجنيو بريجنسكى" مستشار كارتر لشؤون
الأمن القومي، نظرية الضرب فى أسفل الجدار والأخذ بأداة الطائفية والعرقية لتفكيك الشعوب
وتفتيت الكتل الكبيرة، وإعادة تركيبها عرقيًا وطائفيًا، ومن ضمن تلك الأدوات التى اعتمدت
عليها الولايات المتحدة فى تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط كان التعاون والتنسيق مع
جماعة الإخوان المسلمين.
وظهر ذلك واضحًا في إيصال الإخوان للحكم في مصر، ودعم
حزب (النهضة) فى تونس و(حزب العدالة والتنمية) فى المغرب، رغم علمها التام أن هذه الأحزاب
تعيش مأزقًا حقيقيًا بين تصوراتها النظرية وبين شعاراتها اليومية (سياسية واجتماعية
وإعلامية واقتصادية وأمنية وعسكرية وعلاقات إقليمية ودولية)، وبين متطلبات الحكم الحقيقة
وإدارة ملفاته خاصة الأمنية حيث كان الإخوان على عداء مع كل الأجهزة الأمنية فضلًا
عن رغبتهم في التخلص من الجيوش، واستبدالها بمليشيات تابعة لها.
ويمكن اعتبار علاقتهم الخاصة مع الرئيسين الأمريكيين
جيمى كارتر وباراك أوباما مؤشرًا على قوة وتشعب هذا التنظيم وقدرته "الحربائية"
على التلون وتبديل الأقنعة وفق فقه "التقية" الذى يعنى "التظاهر بغير
ما يعتقد خوفًا من البطش"، وعبر هذا المبدأ يخفى الإخوانى أفكاره ليتمكن من إقناع
الآخرين بأنه حركة ديمقراطية أو إصلاحية وفق مفاهيم الغرب وإذا اقتضى الأمر أن تخفى
انتماءك للإخوان فهذا أمر مشروع ومقبول داخل الجماعة، وأبلغ دليل على ذلك منظمة الإغاثة
الإسلامية وهى أكبر المنظمات الإخوانية فى العالم، ولكنها تنفى بشكل قطعى انتماءها
للإخوان حتى لا تخضع أعمالها للمراقبة أو الشك والتضييق، وهى من أنشط الجمعيات الإسلامية
العاملة فى الولايات المتحدة ولها علاقات بالأمم المتحدة، ويظهر الرئيس كارتر كثيرا
فى حفلات جمع التبرعات لصالحها فى الولايات الشمالية ذات الأغلبية الديمقراطية.
وكارتر كان أول رئيس أمريكى يزور مكتب الإرشاد، وكانت
مؤسسته العاملة فى مجال مراقبة الانتخابات من المؤسسات الداعمة بالبيانات لكل تحركات
الإخوان السياسية.
وزار كارتر قبل الانتخابات الرئاسية بمصر بثلاثة أشهر،
في شهر يناير 2012،مكتب الإرشاد بالمقطم، وقابل قيادات الإخوان، والتقى بمرشد الجماعة
آنذاك محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ومحمد مرسى، كما التقى فى اجتماع حاشد بقادة وشباب
الإخوان، لدعمهم ومساندتهم فى المرحلة القادمة من قبل منظمته.
لم يكتفِ كارتر باللقاء، بل قرر مخاطبة الرأى العام
المصرى عبر لقاء تليفزيونى مع برنامج "العاشرة مساء" ، أكد فيه أن الإخوان
المسلمين لديهم إحساس بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، ليس فقط فيما يخص حكم
مصر، لكنهم بيّنوا للعالم أجمع أن الإسلام يتجه نحو السلام والحرية وحقوق الإنسان ورفع
المعاناة. ثم فجر مفاجأة بحديثه عن موافقة الإخوان موافقون على معاهدة كامب ديفيد،
وأنهم مع السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، حيث بدأ الدعم الفعلى للإخوان بعد الاتفاق
مع ذلك اللقاء التليفزيونى.
وكان كارتر أول من وقف بمركزه ضد نتائج ثورة 30 يونيو،
بل وحاول التشكيك فيها، وحاول توجيه ضربة لتجربة مصر الديمقراطية بعد التخلص من الإخوان
عبر إغلاق مكتبها فى القاهرة فى ضوء ادّعاءات تتعلق بالتضييق على أنشطة المجتمع المدنى
والأحزاب السياسية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، وهو ما دفع وزارة الخارجية للرد
بعنف وكشف تخبط مؤسسة كارتر حيث قالت نصًا إن قرار الإغلاق يتناقض مع ما تم إخطار الوزارة
به فى كتاب رسمى من المدير الإقليمى للمركز، الذى تقدم فيه بالشكر إلى السلطات المصرية
على تعاونها مع المركز على مدار السنوات الثلاث الماضية، مما كان له بالغ الأثر فى
تسهيل مهمته فى متابعة خمسة استحقاقات دستورية منذ ثورة يناير 2011، معللًا اتخاذ المركز
هذه الخطوة فى إطار إعادة توجيه موارد المركز لمراقبة عمليات انتخابية فى دول أخرى
دونما أى إشارة إلى الأوضاع السياسية فى البلاد.
وأكدت الخارجية أن ما تضمنه بيان مركز كارتر الأخير
حول مبررات غلق مكتب القاهرة يتضمن استنتاجات خطأ وتقييم غير موضوعى يفتقر للدقة، خصوصًا
مع ما شهده استحقاقا خريطة الطريق سواءٌ الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات الرئاسية
من شفافية ومتابعة كاملة لمنظمات حقوقية رسمية وغير رسمية محلية وإقليمية ودولية شهدت
فى التقارير التى أصدرتها بنزاهتهما.
وتابعت الخارجية أن التشكيك فى إمكانية السماح لمركز
كارتر وغيره من المنظمات الإقليمية والدولية بمتابعة الانتخابات البرلمانية القادمة
وفقًا لما ورد فى بيان المركز، إنما يعد استباقًا للأحداث وليس هناك ما يبرره، حيث
شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة مشاركة غير مسبوقة من المنظمات الأجنبية وعلى رأسها
الاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى ومنظمات الفرانكفونية و الكوميسا والساحل والصحراء
وجامعة الدول العربية وغيرها فى ظل تسهيلات كبيرة قدمتها السلطات المصرية لتيسير مهامها
.
وألمحت الخارجية إلى شكها فى سلوك المركز بقولها إن
"ما صدر عن المركز مؤخرًا من مغالطات وادّعاءات فى المواقف وتناقضات فجة مع الواقع،
إنما يثير الشكوك حول حقيقة توجهات المركز ودوافعه بل وأهدافه التى قد يزعجها مناخ
الاستقرار الذى تتجه إليه البلاد يومًا بعد يوم مع قرب انتهاء المرحلة الانتقالية بإجراء
الانتخابات البرلمانية رغم أعمال العنف والإرهاب التى تشهدها البلاد".