الخميس 23 مايو 2024

في ذكرى رحيله.. نساء في حياة عبد الفتاح القصري

8-3-2019 | 20:02

الحياة أيام ولحظات، يقضيها المجتهدون في إطار العمل وإثبات الذات، وما بقي منها لا ينفع فيه الإستمتاع بمباهج أو ملذات، فقرب النهاية لا يوجد جهد أو عزيمة لتعويض ما فات .. تلك هي الحياة التي يعيشها معظم الناس وخصوصاً من يدخلون دائرة الضوء، فهم يظلون بها حتى الإحتراق، فالعديد من نجوم الفن ومنهم الفنان عبد الفتاح القصري الذي وهبنا حياته، ممن احترق عمره ليسعد الآخرين، وليظل خالداً في وجدان الجماهير .. وفي ذكرى حيله نطرح السؤال: هل عاش القصري حياته ، وكيف دمرته المرأة وأعانته في نفس الوقت؟

 

هل عاش القصري حياته؟

تسع وخمسون عاماً كانت عمر عبد الفتاح القصري، فهو المولود عام 1905، والذي بدأ رحلته الفنية في العشرين من عمره عندما التحق بمسرح الريحاني ثم اتجه إلى السينما ليشارك في فيلم "المعلم بحبح" مع فوزي وإحسان الجزايرلي عام 1935، ودخل الرجل في دوامة الفن وهو في أوج الشباب، ليرحل في الثامن من مارس 1964 تاركاً 108 عملاً فنياً ما بين المسرح والسينما والإذاعة، فهل تركه الفن يعيش أيامه ويستمتع بلحظات حياته؟ من الواضح أنه لم يفعل ذلك، لأن أعماله السينمائية تؤكد انخراطه في التمثيل بمعدل خمسة أفلام في العام ووصلت إلى ثمانية أفلام في منتصف الخمسينيات، أي ما يستنزف كل سنوات عمره في تلك الفترة، ولم يكن هناك مجال عنده للراحة أو التنزه لينعم بجزء من ملذات الحياة.

 

زميلات العمل

من الواضح أن القصري في حياته الشخصية لم يكن دونجواناً أو زيراً للنساء، فسماته وقسماته لا تدل أبداً على ذلك، وإن حللنا أسلوبه الحياتي فسنجده إبن البلد الأصيل، الذي يأمن للغير ويأمن الناس له، فهو من يصون ولا يخون، هو العفوي في الطباع والمعاملة، وفي كواليس كل أعماله كان نعم الأخ للجميع وخصوصاً النساء، فلم تزغ عينه على واحدة منهن ولم ينخرط في علاقة غير شرعية، وما لدينا من وثائق لسهرات النجوم واحتفالاتهم قديماً كانت تخلو من القصري وبعض الشخصيات المنطوية أمثال زينات صدقي وماري منيب ونجوى سالم وهند رستم، وقد ركزنا على تلك الأسماء لأنهن كن الأقرب إلى عبد الفتاح القصري في إطار العمل وكواليسه، وهن من وقفن بجانبه في محنته وحتى لحظاته الأخيرة، وهن أيضاً من عاش بينهن في كواليس الأعمال، وأوقات الراحة بين تصوير المشاهد أو فصول المسرحيات، وكم من ضحكات وطرائف خرجت منهم لتنفث عن قيود العمل وتسخر من أيام العمر التي تتسرب من بين أيديهم .

 

زوجة خائنة

إن كانت حياة القصري قد استنفذت بين بلاتوهات السينما وعلى المسارح، فقد كانت هناك أيام أسرية قليلة عاشها الرجل، فقد تزوج القصري من فتاة من خارج الوسط الفني، ولم يرزقا بأبناء، وعاشاً في حي شعبي ومنطقة فقيرة رغم أعماله الكثيرة، وقد أشارت عليه الزوجة بأن يتكفل بطفل صغير ليؤنس وحدتها، فقد كانت شقته بمثابة فندق يقضي به ساعات النوم وينطلق بعدها إلى عمله، ومرت الأيام وأصبح الطفل الذي تبناه وتكفل به شابا، ليفاجأ القصري بغدر ثنائي وطعنتان في القلب والظهر من الزوجة والإبن المتبنى .. فقد صارحته بأنها على علاقة بالشاب ولابد أن يطلقها لتستكمل حياتها معه، وأصيب القصري بذهول أدى إلى فقدان الذاكرة والبصر فترة من الزمن، فهاهي الزوجة التي أغدق عليها بالخير لم تصن شرفه ولا عشرته، كذلك الإبن الذي رباه وعاش من خيره خانه وتزوج من زوجته، ووصل جبروت الإثنين أن يأمرا القصري بأن يكون شاهداً على زواجهما، ويسرقان كل ما في شقته ويتركانه في الشارع ليتكفل به جاره المكوجي.

 

نساء يتكفلن بالقصري

إن كانت المرأة في حياة القصري هي زميلة العمل التي عاش معاها سنوات نقية تقوم على المحبة والإحترام، فهناك امرأة دمرت حياته وهو في الخامسة والخمسون من عمره، وجعلته فريسة للمرض والفقر، وأنهت حياته الشخصية والفنية، ولم يقف بجوار القصري بعد سقوطه إلا أربعة نساء، هن زميلاته في العمل نجوى سالم وماري منيب وهند رستم وأخته بهية، كانت نجوى سالم هي السيدة التي تمكنت من توفير شقة بمساكن الشرابية ليعيش فيها القصري بعد هدم المنزل الذي عاش فيه، وهي التي جلبت له تليفزيون من صلاح عامر مدير مؤسسة السينما ليسلي القصري في وحدته، وهي التي اشترت له حجرة نوم ليرتاح فيها بعد أن حصلت على 50 جنيها ً من الأديب يوسف السباعي، أما هند رستم فقد انتقضت تجمع له التبرعات من أهل الفن، حتى وصل ما حصلته للقصري 600 جنيه ليعيش منها وأيضاً كنفقات للعلاج، واكتفت ماري منيب بزيارته في محنته .


وفي صباح الثامن من مارس ودع القصري دنياه، ورحل مكتفياً بما ناله من الحياة، ولم يكن بجانبه في لحظاته الأخيرة غير أخته بهية ونجوى سالم، وهما من ودعاه إلى مثواه الأخير، ولم يكن معهما غير قدري المنجد وسعيد العسكري .. وفي الطريق بعد صلاة الجنازة أوقفت نجوى سالم التاكسي الذي تستقله هي وبهية، لتصرخ في إثنين من الرجال ليساعدوا في حمل القصري إلى مثواه الأخير.