لكل أم
قصة وبطولة ورحلة كفاح لحماية أولادها والعبور بهم لبر الأمان، لكن بعضهن واجهن ظروفا
أقسى وتحديات ضخمة ونجحن في تخطيها والتغلب عليها، وكن الأم والأب لأولادهن، وهو ما جعلهن
أمهات مثاليات، ومع إعلان وزارة التضامن الاجتماعي لأسماء الأمهات المثاليات كانت
فرحتهن كبيرة، وشعرن بأنهن حصدن ثمار السنوات الماضية.
"كنت أما وأبا"
فرحة
غامرة عاشتها نوال جاد حسن عبد الرحيم، 69 عاما بعد اختيارها الأم المثالية
بمحافظة القاهرة، حيث كرست حياتها
لتربية أبنائها بعد وفاة والدهم غرقا عام 1986، وكانت لديها من الأطفال اثنين
الابنة الأولى في سن السابعة، والابن الثاني 4 سنوات،
وكانت الأم حاملا في ابنها الثالث، فرفضت الزواج بعد والدهم وقررت أن تعيش لأجلهم
فقط.
وفي تصريح لـ"الهلال
اليوم"، قالت إنها كانت تحرص على أن يبلغ أبناؤها أعلى المناصب وعملت بكل
السبل لتحقق لهم حياة كريمة تمكنهم من النجاح والتفوق في حياتهم، حصلت الأم على
بكالوريوس كلية التجارة، وعملت في بداية مسيرتها المهنية معلمة في إحدى المدارس،
وظلت تتدرج في السلم الوظيفي حتى وصلت لسن المعاش بدرجة موجه أول.
وبدأت الأم كفاحها منذ الصغر، لأن
والديها كانا غير متعلمين ولا يوليان للتعليم اهتماما، إلا أن نوال جاد قررت أن تكافح
لاستكمال تعليمها حتى التحقت بكلية التجارة، وبعد زواجها بـ11 عاما، توفي الزوج،
لتبدأ قصة كفاح أخرى في تربية الأبناء، فكانت بمثابة الأم والأب لهم، وبذلت كل
جهدها لتوفير الرعاية لهم ماديا ومعنويا.
وبالفعل جنت الأم ثمار تعبها،
فحصلت الابنة الأولى نهى حسن على بكالوريوس علاج طبيعي، أما الابن الثاني أحمد فقد
تخرج في كلية الصيدلة، والثالث محمد يعمل مهندسا بعد حصوله على بكالوريوس هندسة،
واستمرت رحلة عطائها حتى تزوجت ابنتها، ولا تزال تقدم كل الرعاية لهم رغم حالتها
الصحية.
وعن فوزها بجائزة الأم المثالية
الأولى في القاهرة، أوضحت أنها شعرت بسعادة غامرة وأن الله عوضها وكافأها بعد
جهدها خلال السنوات الماضية.
ويقول نجلها الأوسط أحمد إنه
عرفانا منهم لدورها وتضحياتها من أجله وأشقائه، قدم لها في المسابقة بدون علمها،
مضيفا "رأيت الإعلان على موقع وزارة التضامن الاجتماعي فجمعت كل الأوراق
المطلوبة، وقدمتها دون أن أخبرها لأن تستحق أن تكون الأم المثالية بعد كل ما قدمته
ولا تزال تقدمه لنا.
"كرست حياتي لأولادي"
رحلة طويلة خاضتها، أميرة هليل عبد
اللطيف سمحان، الأم المثالية الأولى بمحافظة شمال سيناء، مع الظروف الصعبة، بدءا
من صغرها، ومن بعدها عقب زواجها عام 1994، حيث أصيب الزوج بمرض السرطان وخاض رحلة
علاج طويلة، تحملوا مشاقها جيئة وذهابا بين العريش والقاهرة فضلا عن تكاليف مادية باهظة.
وتوضح الأم، البالغة من العمر 61
عاما، أنها حصلت على بكالوريوس تربية، وكانت تعمل معلمة، في إحدى مدارس المرحلة
الإعدادية، حتى خرجت على المعاش العام الماضي كوكيلة للمدرسة، لكنها كرست حياتها
كلها لرعاية نجليها، بعد أن توفي الأب وهم في سن صغيرة فكانت أروى الابنة الكبرى
في عامها الرابع، أما محمد الابن الأصغر يبلغ ثلاثة أعوام.
بعد وفاة الزوج منذ 17 عاما، حاولت
الأم أن تحميهم من رفاق السوء وألا تجعلهم يشعروا بفقدان والدهم، وأن يكملوا
تعليمهم وتوفر لهم كافة ما يحتاجون من متطلبات، ونجحت في تأدية رسالته فحصلت
ابنتها الكبرى على بكالوريوس تربية وتزوجت وأنجبت ابنة في عامها الأول، أما الابن
الثاني فهو يدرس الآن في المعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا.
وتضيف الأم أن وفاة زوجها أثرت
عليها ماديا نظرا لتكاليف رحلة العلاج الباهظة، لكن توفيق الله ووقوف أشقاؤها معها
وتدبيرها وحسن تصرفها جعلها تستطيع الخروج من أزمتها المادية، فرغم ضعف الراتب
الذي كانت تتقاضاه كمعلمة كانت تدخر منه بعمل "جمعية" مع معارفها، حتى تحسنت
الأحوال.
"إحساس لا يوصف وفرحة غير
متوقعة، بكيت بمجرد أن سمعت الخبر وصليت لله ركعتين شكر"، بهذه الكلمات عبرت
عن سعادتها بفوزها بلقب الأم المثالية بشمال سيناء، قائلة إن كل الأمهات وخاصة من
فقدن أزواجهن عليهن بالصبر رغم الظروف الصعبة لكن الرسول وعد كافل اليتيم برفقته
في الجنة وهذا أكبر ثواب يحصلن عليه.
عملت
بالخياطة
وقالت نبيلة محمد عبد الصمد، الأم المثالية الأولى بالبحيرة،
إن فرحتها اليوم بالغة بعد فوزها بهذا اللقب، وأنها فوجئت بأن نجلها الأصغر قدم لها
في مسابقة الأم المثالية دون أن يخبرها، مضيفة "فوجئت بمسئول من وزارة التضامن
يتصل بي أمس لأخذ بعض البيانات وفوزي بهذه الجائزة".
وفي تصريح لـ"الهلال اليوم"، أضافت أن فضل الله
عليها كبير وأنها نسيت تعبها كله بمجرد أن تأكدت أنها أحسنت تربية أولادها جميعهم
وأنهم يتقون الله، موضحة "حصلت على بكالوريوس تربية رياضية، وبدأت عملي كمدرسة
تربية رياضية في إحدى مدارس دمنهور وتدرجت حتى خرجت بالمعاش عام 2013 وأنا مديرة مدرسة".
وكانت حياتها مستقرة، فالزوج كان يعمل مفتشا للتموين، ورزقها
الله بأربعة أبناء من الذكور، لكن فجأة مرض الزوج وتوفى في الأربعين من عمره، قبل
27 عاما، تاركاً لها أربعة أبناء أكبرهم في سن 12 سنة والأصغر لم يكمل عامه الثالث بعد،
ما جعلها تلجأ للحياكة لتستطيع أن تلبي طلبات أولادها إلى جانب عملها في المدرسة.
وتضيف "اشتريت ماكينة خياطة أعانتني على تربية الأولاد
بجانب راتبي، حتى أكرمني الله ووصل أولادي جميعهم لدرجات عالية"، لتبتلى الأم
للمرة الثانية بوفاة ابنها الأكبر قبل 21 عاما، حيث أصيب في المرحلة الثانوية بسرطان
القولون، وبدأ مرحلة العلاج الكيماوي والإشعاعي، وقام بإجراء عملية جراحية ثم توفاه
الله بعد عامين من المرض، وكان قد التحق بكلية العلوم.وهي لحظة وصفتها بأنها أصعب اللحظات،
لكن الله عوضها في أبنائها الثلاثة حيث حصل الثاني على بكالوريوس طب وجراحة ويعمل الآن
في السعودية، أما الثالث فقد حصل على بكالوريوس هندسة طيران، ويعمل مهندس طيران في
الإمارات، وحصل نجلها الأصغر على بكالوريوس تجارة قسم لغة إنجليزية.
ولم تتوقف مسيرة الأم عند هذا الحد فقد ساعدت أولادها في
زواجهم وظلت معهم حتى اطمأنت عليهم جميعا، وترعاهم الآن وأولادهم، حتى فاجئها نجلها
الأصغر مدحت بأنه قدم لها في مسابقة الأم المثالية، لتشعر بفرحة مضاعفة بأن وجدت ثمرة
تعبها فيهم.
"مصدر
فخرنا دائما"
عبرت
نادية محمدى سعد أحمد، الأم المثالية الأولى بمحافظة المنوفية، عن سعادتها الكبرى بفوزها
في مسابقة التضامن الاجتماعي للأمهات المثاليات، قائلة إنها حاولت أن تكون الأم
والأب لأولادها وأن تجيب كل طلباتهم بعد وفاة أبيهم قبل 18 عاما.
كان
الزوج ضابطا في الجيش وتوفي عام 2001، بعد إصابته بأمراض القلب والضغط وسكر
الدم، وكانت تقدم له إلى أن توفاه الله وللأولاد الرعاية اللازمة، بجانب عملها
كمعلمة، وكان الأبناء الثلاثة حينها في مراحل التعليم، حيث كان الأصغر في سن 11
سنة، والأوسط في كلية الطب، والأكبر في كلية الهندسة.
وأوضحت
الأم، 63 عاما، والحاصلة على بكالوريوس تجارة، أنها كرست حياتها لتربية أولادها
ليكونوا في أعلى المراتب، وأنها ساعدتهم بكل السبل لينجحوا في دراستهم، وبالفعل
وفقها الله فتخرج الابن الأول في كلية الهندسة، والثاني حصل على بكالوريوس طب
ويعمل الآن طبيبا في السعودية، أما الابن الثالث فحصل على بكالوريوس علوم.
ومع
نجاحهم دراسيا، عملت الأم على دعم أولادها في حياتهم الشخصية، فساعدتهم جميعا حتى
تزوجوا، ويعيشون الآن معها جميعا في منزل واحد، يقطن كل واحدا منهم في طابقا
مستقلا، لترعاهم وترعى أحفادها.
من
جهته قال باسم عبد الرزاق الحريري، نجلها الأصغر، إن والدته مصدر فخر لهم دائما
وكانت دائما تحفزهم وتشجعهم ليكونوا أصحاب مكانة وشأن كبير، مضيفا "هي دائما
في نظرنا أم مثالية، لأننا كنا جميعا وقت وفاة والدي في التعليم، لكنها ظلت داعما
كبيرا لنا حتى تخرجنا وتزوجنا، وقدمنا لها في مسابقة الأم المثالية كجزء من رد
الجميل لها".
"عبرت
بأولادي إلى بر الأمان"
27
عاما، عاشتها زوزو بهي الدين رزق دراز،
الأم المثالية بمحافظة كفر الشيخ، بعد وفاة زوجها، كرستها لتربية أولادها الثلاثة،
وتنجح في رسالتها كأم وأب لهم، وتقول "ضغوط الحياة كانت صعبة وكنت أخشى أن
يقول الناس إني لم استطع تربية أولادي، فكان كل أملي في الدنيا أن أعلمهم وأوصل
معهم لبر الأمان لأنهم "ماشفوش حنان من حد غيري" على حد تعبيرها.
تعرفت
الأم على زوجها عام 1984، وكانت وقتها طالبة في مرحلة الدبلوم التجاري، وبعدها بثلاثة
أعوام تزوجت، وكان زوجها يعمل مهندسا للبترول في جنوب سيناء، عاشت معه 5 سنوات
وأربعة أشهر فقط، حتى توفاه الله وسنه 37 سنة، في حادث عمل عام1992، تاركا إياها في
سن25 عاما، مع طفلين هما محمد أربع سنوات ومشيرة سنتان، فيما كانت هي حامل في
الطفلة الثالثة.
وتقول
عن تلك المرحلة إن وفاة زوجها كشفت له الأوجه الحقيقية لمن حولها، فحاول أهل زوجها
الضغط عليها بكل السبل، ورفضت الزواج مرة أخرى وظلت رغم صغر سنها ترعاهم، وتضيف
"كان معاش زوجي 365 جنيها فقط، وكنت ربة منزل، واستطعت النجاح في مهمتي،
وساعدني أبي وأخي بشكل كبير".
وأضافت إنها انتقلت للعيش في مساكن علوي في فوة، وألحقت أولادها بالتعليم وكانت تحرص على
أن يتموا تعليمهم، لأن والدهم كان أمله أن يعلمهم، لكن توفي قبل أن يحقق حلمه، قائلة
"أكملت أنا الرسالة من بعده فتخرج ابني الأول في كلية الخدمة الاجتماعية، وأصبحت
الثانية معيدة في كلية الطب بجامعة الإسكندرية، أما الابنة الصغرى فهي في مرحلة
الامتياز بكلية الطب وتنتظر تكليفها في أبريل المقبل.
وعن
فوزها بلقب الأم المثالية بكفر الشيخ، قالت الأم "صليت لله شكرا وحمدت
فضله وبكيت".