30 عاما مرت على استرداد
مصر لآخر شبر من أراضيها، وهي طابا، برفع العلم المصري عليها في 19 مارس عام 1989،
بعد معركة دبلوماسية وقانونية خاضتها مصر ضد الاحتلال الإسرائيلي، انتهت بإعلان هيئة
التحكيم الدولية أحقية مصر في أرض طابا، فيما أكد عسكريون أن هذه المعركة تأكيد أن
مصر لم ولن تتنازل عن شبر من أراضيها، وأنها ستنتصر في معركتها ضد الإرهاب.
حيث سعى الاحتلال
الإسرائيلي إلى افتعال أزمة تعرقل عملية انسحابه من أرض سيناء بعد توقيع اتفاقية كامب
ديفيد، بإثارة مشكلات حول وضع 14 علامة حدودية أهمها العلامة 91 في طابا، الأمر الذي
دفع الحكومة المصرية لتشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا، برئاسة عصمت عبد المجيد
وعضوية 24 خبيرا، من القانونين، وعلماء الجغرافيا والتاريخ، والدبلوماسيين والعسكريين
وخبراء المساحة العسكرية، وأجبرت مصر إسرائيل على قبول التحكيم الدولي.
كما شكلت وزارة
الخارجية المصرية لجنة مشارطة التحكيم برئاسة نبيل العربي، ممثل الحكومة المصرية أمام
هيئة التحكيم في جنيف، وعهدت إليها بمهمة إعداد المذكرات، واستمرت الجلسات والمرافعات
حتى صدور الحكم لصالح مصر في 29 سبتمبر 1988 بإعلان أحقية مصر في أرض طابا.
يوم فخر للمصريين
اللواء محمد الغباري،
مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، قال إن مصر خاضت معركة التحكيم الدولي لتحرير آخر
شبر من أرض سيناء وهي طابا بعد مراوغة الاحتلال الإسرائيلي وادعاءاته الباطلة، مضيفا
إن إسرائيل كانت تهدف إلى توسيع ميناء إيلات والسيطرة على رأس خليج العقبة ورصد ما
يجري في هذه المنطقة المحورية.
وأوضح الغباري،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر دخلت معركة التحكيم الدولي بالوثائق والأدلة
القانونية التي تثبت مصرية طابا حيث كان النزاع على العلامة الحدودية 91 والتي كانت
في غير موضعها حيث غير الاحتلال الإسرائيلي مكانها، مضيفا إن مصر شكلت لجنة قومية للدفاع
عن طابا خاضت معركة دبلوماسية وقانونية ونجحت عبر الخرائط والوثائق في إثبات أحقيتنا
في أرض طابا.
وأكد أن هذه المعركة
أوضحت للعالم أجمع أن المصريين أصحاب عقيدة ثابتة وهي أن الأرض كالعِرض لا تفريط فيها
ولا تنازل عنها، مضيفا إن يوم ذكرى طابا هو فخر للمصريين، وبعد 30 عاما من استردادها
فإن مصر تخوض معركة أخرى لتطهير سيناء من الإرهاب والذي يهدف إلى استقطاعها وطمس هويتها،
لكننا سننتصر فيها.
وأضاف إن الدولة
مستمرة في تطهير أرض سيناء من الإرهاب وتمشيط الأراضي من مخازن الأسلحة والعبوات الناسفة
لحماية أرواح المدنيين، والقضاء على البنية التحتية للإرهاب الذي أصبح محاصرا في بؤر
معدودة.
معركة 7 سنوات
فيما قال اللواء
مصطفى كامل السيد، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن مصر نجحت في جميع المحافل
عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا في تحرير آخر نقطة كانت محتلة في أرض سيناء وهي العلامة
91، والتي تمثل طابا، حيث حاول الاحتلال الإسرائيلي تغيير معالمها.
وأضاف السيد، في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن معركة استرداد طابا استمرت 7 سنوات بعد تحرير
سيناء عام 1982، حتى أثبتت هيئة التحكيم الدولية أحقية مصر فيها عام 1989، موضحا أن
مصر شكلت لجنة قومية للدفاع عن أرض طابا تكونت من دبلوماسيين وعسكريين وقانونيين.
وأوضح أن فرق التحقيق
أخذت وقتا طويلا للبحث والتنقيب على أرض الواقع لإثبات موقع العلامة 91 بعد ما قام
به الاحتلال من محاولات لتغيير معالمها، حتى اقتنعت اللجنة الدولية للتحكيم بالدراسات
والوثائق أن طابا أرض مصرية وأصدرت حكمها في معركة هامة.
وأكد أن مصر تواجه
الإرهاب وتفرض سياستها وسيطرتها على كل سيناء وتسير في الطريق الصحيح لتطهير وتنمية
أرض الفيروز، قائلا "نشكر كل من جاهد وشارك في تحرير سيناء «عسكريا» حتى تم انتصار
أكتوبر وبعدها «سياسيا ودبلوماسيا» حتى تم تحرير طابا، لأن من احتل شبرا من الأرض كأنه
احتل الأرض كلها".
22 عاما حتى التحرير
وقال اللواء طه
محمد السيد، المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، إن مصر في الفترة من 1967 حتى
عام 1989 خاضت معاركا عسكرية وسياسية وتحكيمية لتحرير كل أرض سيناء، مضيفا أن سيناء
عادت كاملة إلى السيادة المصرية بعد 22 عاما من احتلالها وهو ما يثبت أن مصر لم ولن
تتنازل عن شبر واحد من أراضيها واستمرت معاركها حتى عادت الأرض كاملة.
وأضاف السيد، في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن حرب 1967 انتهت باحتلال إسرائيل لسيناء وتوقفت
الملاحة في قناة السويس ما أثر على مصر بأشكال متعددة إلى جانب تهجير أهالي مدن القناة،
لكن القيادة السياسية والعسكرية اتخذت كل الإجراءات المناسبة لإعادة الأرض وحققت في
أكتوبر 1973 نصرا مجيدا أنهى أسطورة الجيش الذي لا يقهر وتم رفع العلم المصري في سيناء.
وأكد أنه بقرار
وقف إطلاق النيران 25 أكتوبر 1973 انتهت المرحلة العسكرية، وبدأت مصر مرحلة أخرى بالتفاوض
العسكري السياسي حتى عام 1975 بانسحاب إسرائيل تجاه الشرق مرة أخرى واحتفل الرئيس الراحل
أنور السادات في هذا العام بإعادة افتتاح قناة السويس مرة أخرى، ثم التفاوض السياسي
بزيارة السادات للقدس في 1976 واستمرت المفاوضات حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في
1979 واستعادت مصر سيناء كاملة.
وأشار إلى أن العلم
المصري رفع على العريش وشرم الشيخ في 25 أبريل 1982، لتنتهي مرحلة التفاوض السياسي
بعودة سيناء كاملة ما عدا طابا والتي مساحتها واحد كيلو متر مربع تقريبا، وإثارة الخلافات
على علامات حدودية، ولجأت مصر للتحكيم الدولي وأجبرت إسرائيل على القبول به واستمرت
معركة تفاوض تحكيم دولي من خلال اللجنة المصرية التي ضمت خبراء من كافة التخصصات حتى
رفع العلم المصري على طابا في 19 مارس 1989.
وأضاف أن مصر حققت
نصرا سياسيا وعسكريا بجهد أبنائها المخلصين، والآن تخوض معركة أخرى لتطهير سيناء والظهير
الصحراوي الغربي من الإرهاب بالتعاون بين القوات المسلحة والشرطة وأهالي سيناء، مشيرا
إلى أن العناصر الإرهابية انتشرت في سيناء بمعاونة جهات إقليمية ودولية وتصاعدت العمليات
الإرهابية حتى صدور تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي في نوفمبر 2017 بتطهير سيناء
من الإرهاب وبعدها إطلاق العملية الشاملة "سيناء 2018".
وأوضح أن العملية
مستمرة ونجحت في دحر الإرهاب وتقليل مستوياته ولا تزال تؤدي عملها في سيناء والظهير
الصحراوي الغربي، وفي الوقت نفسه تسير أعمال التنمية على أرض الواقع كمشروع تنمية محور
قناة السويس الذي سيؤدي لنقلة كبيرة لصالح سيناء وكذلك مشروعات الطرق والأنفاق والمناطق
الصناعية، وسينتهي الإرهاب عاجلا في أرض سيناء وكل مصر.