تحيي المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) ومرافق الأرصاد الجوية في جميع أنحاء العالم غدا السبت، اليوم العالمي للأرصاد الجوية. ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار "الشمس والأرض والطقس".
وأشار تقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حول علامات تغير المناخ وآثاره على الأرض في عام 2018، إلى استمرار الاتجاه الاحتراري المشهود منذ فترة طويلة، إذ يحتل المتوسط العالمي لدرجات الحرارة في 2018 المرتبة الرابعة في السجلات.
ووفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن من العلامات الأخرى التي تكشف عن تغير المناخ، ارتفاع مستوى سطح البحر، واحترار المحيطات وتحمضها، وانصهار الجليد البحري والأنهار الجليدية، فيما تجلب ظواهر الطقس المتطرف الدمار في القارات كافة.
وذكر التقرير أن المتوسط العالمي لدرجات الحرارة خلال الأشهر العشرة الأولى من العام تزيد على خط الأساس لعصر ما قبل الصناعة (1900-1850) بمقدار 1 درجة مئوية. وهذا الرقم يستند إلى خمس مجموعات بيانات لدرجات الحرارة تُدار بشكل مستقل.
وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس، إننا لسنا على المسار الصحيح لتحقيق أهداف تغير المناخ والتحكم في الزيادة في درجات الحرارة.
وأضاف تالاس إن تركيزات ثاني أكسيد الكربون بلغت مرة أخرى مستويات قياسية، وإذا استمر الاتجاه الحالي في الزيادة فربما نشهد زيادات في درجات الحرارة تتجاوز 5-3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، وإذا ما استخدمنا كافة موارد الوقود الأحفوري المعروفة فإن درجات الحرارة سترتفع أكثر من ذلك.
ويشير تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إلى أن المتوسط العالمي لدرجات الحرارة في العقد 2015-2006، يتجاوز خط الأساس لعصر ما قبل الصناعة بمقدار 0.86 درجة مئوية، كما يتجاوز متوسط الزيادة في العقد الأخير 2018-2009 خط الأساس ذاته بمقدار 0.93 درجة مئوية، ويتجاوز أيضاً فترة الخمس سنوات الأخيرة (2018-2014) بمقدار 1.04 درجة مئوية فوق خط الأساس لفترة العصر ما قبل الصناعة.
وقالت نائبة الأمين العام للمنظمة إلينا مانانيكوفا، إن المسألة ليست مجرد أرقام، فكل جزء من الدرجة يزيد من تأثير الاحترار على صحة الإنسان، وعلى إمكانية الحصول على الغذاء والمياه العذبة، واندثار الحيوانات والنباتات، وعلى حياة الشعاب المرجانية والحياة البحرية، كما أنه يؤثر على الإنتاجية الاقتصادية، والأمن الغذائي، وقدرة بنيتنا التحتية ومدننا على المقاومة، ويؤثر كذلك على سرعة انصهار الأنهار الجليدية والإمداد بالمياه، ومستقبل الجزر المنخفضة والمجتمعات المحلية الساحلية.
ويشير التقرير الخاص للهيئة (IPCC) إلى أن الحفاظ على الزيادة في درجات الحرارة دون درجتين مئويتين من شأنه أن يقلل المخاطر على رفاه الإنسان، والنظم الإيكولوجية، والتنمية المستدامة.
وتساهم المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا في التقييمات الوطنية للمناخ. ويوضح تقرير تفصيلي فيدرالي بالولايات المتحدة كيف يؤثر تغير المناخ على قطاعات البيئة والزراعة والطاقة، والموارد البرية والمائية، وقطاع النقل وصحة الإنسان ورفاهه، مع احتمال حدوث زيادة في الخسائر في البنية التحتية والممتلكات الأمريكية، واحتمال تقويض معدل النمو الاقتصادي خلال هذا القرن.
ويحذر تقييم أجرته المملكة المتحدة، ونشر في 26 نوفمبر الماضي، من أن درجات الحرارة الصيفية يمكن أن ترتفع بمقدار يصل إلى 5.4 درجة مئوية، مع انخفاض الأمطار الصيفية بنسبة تصل إلى 47% بحلول عام 2070، مع إمكانية ارتفاع سطح النهر في لندن بمقدار 1.15 متر بحلول عام 2100.
في السياق ذاته، يشير تقرير سويسري حول السيناريوهات المناخية، صدر في 13 نوفمبر، إلى زيادة الحر والجفاف في سويسرا، كما يشير إلى أن سويسرا ستواجه أمطاراً أكثر غزارة في المستقبل، وستعاني منتجعاتها الشهيرة للتزلق على الجليد نقص الثلوج.
إن تعرض قطاعات الزراعة للظواهر المناخية المتطرفة يهدد بنقض المكاسب المحققة في إنهاء سوء التغذية، وتشير أدلة جديدة إلى ارتفاع معدلات الجوع في العالم بعد فترة ممتدة من الانخفاض، ففي عام 2017، تشير التقديرات إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية ليصل إلى 821 مليوناً، وفقاً لنشرة حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لعام 2018، الصادرة عن منظمة "الفاو"، وبرنامج الأغذية العالمي، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD)، وصندوق الطفولة "اليونسيف"، ومنظمة الصحة العالمية.
ووفقا لهذه التقديرات، فإن أفريقيا هي أكثر القارات التي أثرت فيها الظواهر المناخية على الانعدام الحاد للأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد في عام 2017، ما أثر على 59 مليون شخص في 24 بلداً، وهو ما يتطلب إجراء إنسانياً عاجلاً، ويرتبط شطر كبير من هذه الهشاشة في الأوضاع بزراعة الأراضي الجافة ونظم أراضي الرعي، التي تدعم ما يتراوح بين 70 في المائة و80 في المائة من السكان الريفيين.
ومن بين النازحين داخلياً - البالغ عددهم 17.7 مليون - الذين تتبعت آثارهم المنظمة الدولية للهجرة، 2.3 مليون شخص نزحوا بسبب كوارث تتصل بظواهر الطقس والمناخ، حتى سبتمبر 2018.
ففي الصومال، سجلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 642 ألف حالة نزوح داخلي جديدة بين يناير ويوليو 2018، وكانت الفيضانات هي السبب الأول للنزوح (43%)، يعقبها الجفاف (29%)، ثم النزاعات (26%).
وتتبع وكالات الأمم المتحدة، ومن بينها لجنة اليونسكو الدولية الحكومية لعلوم المحيطات وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الآثار البيئية المرتبطة بتغير المناخ، ومنها ابيضاض الشعاب المرجانية وانخفاض مستويات الأكسجين في المحيطات وضياع "الكربون الأزرق" المرتبط بالنظم الإيكولوجية الساحلية، مثل المنغروف والملاحات.
ويعرّض تغير المناخ أيضاً الأرض الخث، التي تحميها حالياً التربة الصقيعية، للانصهار وربما زيادة انبعاثات الميثان وضياع الكربون، وما يرتبط بذلك من زيادات في ارتفاع مستوى سطح البحر، ومخاطر التآكل الساحلي، وتملّح الأراضي الخث العذبة المياه.