كتبت : أماني محمد
بين المطرقة والسندان، وجد أهالي مثلث ماسبيرو أنفسهم محاصرين بلا خيار سوى الإخلاء وترك منازلهم مقابل بدائل يرونها غير مرضية.
حالة من الاحتقان سادت بين السكان إثر عزم الحكومة تطوير المنطقة في مشروع بدأ يأخذ مجراه جديا بعد قرار مجلس الوزراء أمس، بالموافقة على البدء في تنفيذ المشروع والذي تصل تكلفته الإجمالية إلى حوالي 4 مليارات جنيه.
لا ينكر الأهالي عشوائية المنطقة وعدم قدرة بعض منازلهم على الصمود؛ بسبب قدمها ما يجعلها معرضة للانهيار بالفعل، وهو ما حدث لعشرات من المنازل على مدار السنوات الماضية، فمنذ أكثر من عشرين عاما منعت الحكومة تنكيس المنازل، فأضحى السكان غير قادرين على تجديد بيوتهم، في حين بقيت أخرى قادرة على تحمل عقود قادمة.
وفضلا عن هم الإخلاء والتطوير، يعيش بعض السكان ممن تقع منازلهم بالقرب من القنصلية الإيطالية التي شهدت انفجارا قبل أكثر من عام ونصف في خطر آخر، فبقيت البيوت مدعمة بأعمدة حديدية في انتظار ترميمها، وحسب تأكيد عزة صالح أحد الأهالي، لم يحدث جديد بعد أن وعدوا بترميم البيوت وإصلاحها ووضعوا الحديد أمام منازل كل متضرري القنبلة وما تم هو دهانها من الخارج فقط.
وأوضحت أن بعض المتضررين أخبرهم المسئولين بتأجير شقق حتى الانتهاء من التصليحات اللازمة والعودة إلى منازلهم وتتولى الحكومة دفع القيم الإيجارية لها لكنهم بعد عدة أشهر توقفوا عن دفع الإيجار، ما دعل بعض أصحاب تلك الشقق يعودوا مرة أخرى ليسكن في شقته رغم تضررها لكنه لم يعد يملك المال لدفع الإيجار.
وأشارت إلى أنه منذ عام ونصف بقي أصحاب تلك العقارات معلقين ومهددين، مضيفة، "لكننا لن نترك منازلنا، وهم من أوصلوا حالة المنطقة إلى وضعها الآن بسبب عدم سماحهم للأهالي بتنكيس البيوت، وعدم إزالة بقايا المنازل المهدمة أو القمامة بها" وهي مشكلة يعاني منها الكثير من السكان داخل المنطقة.
ويوضح محمد كامل الشاب العشريني من أبناء مثلث ماسبيرو، أن قرار وقف التنكيس منذ عام 1976 وحينها صدر لعام واحد فقط، لكن الوقف استمر منذ ذلك الحين، وأصبح كل شخص ينكس أو يرمم بيته يحبس عاما ويدفع عشرة آلاف جنيها غرامة، لذلك وصلت حالة البيوت إلى هذا الوضع بسبب ضغط الحكومة والمستثمرين.
وعن عدد سكان المنطقة أوضح أنه يقطنها نحو 4620 أسرة يرفض أكثر من ثلاثة آلاف منهم مغادرتها بعد عزم الحكومة تطويرها وطرحهم لبدائل إخلاء السكان لمنازلهم، مضيفا أنهم عقدوا لقاءات مع المهندس إبراهيم محلب والدكتور ليلى إسكندر واتفقوا على أن يكون إخلاء المنطقة جزئيا وليس كليا وتكون الشقق بقيم عقارية لثلاثة نماذج من 125 إلى 325 جنيه شهريا.
وأضاف أن هذا الاتفاق تغير فأصبحت البدائل إما الحصول على تعويض مائة ألف جنيه للغرفة أو التأجير في المنطقة بعد ثلاث سنوات حين الانتهاء من المشروع ولكن بقيمة لا تقل عن ألف جنيها شهريا للشقة وتزيد حسب مساحتها في حين أن حالة أغلب الأهالي الاقتصادية والاجتماعية لا تساعدهم على هذا المبلغ.
وهي بدائل رأتها نجاة عبد الرحمن ربة منزل غير مناسبة، قائلة "يجب أن تكون قيمة التعويض مائتي ألف جنيه وحينها سيوافق الجميع على الإخلاء وسيصبحون قادرين على توفير سكن أو مشروع تعويضا عن أكل عيشهم الذي خسروه هنا، لأن سكن في حي كالأسمرات مستحيل لبعده تماما عن قلب العاصمة".
وأضافت أنها تريد إثبات لإمكانية عودتها مرة أخرى بعد انتهاء التطوير لأن مبلغ التعويض المطروح ضعيف تماما، قائلا "نحن نسكن في غرفة واحدة هنا لكننا نملكها ومستقرين، أخذت شقة خارج هنا وتركتها بسبب الإيجار وعدت مرة أخرى، لذلك نوقع تلك الاستمارات التي بها مطالبنا لتسليمها للقائمين على رابطة الأهالي لإيصال صوتنا للمسئولين".
وتتضمن تلك الاستمارات مطالب أن تبلغ القيمة الإيجارية للشقق السكنية بعد التطوير 350 جنيها كحد أقصى والحفاظ على حق التوريث، مع احتساب سعر الشقة التمليك داخل المنطقة معادلا لأسعار شقق الإسكان الاجتماعي وإسكان الشباب، وتوفير مساكن مطار إمبابة كبديل مؤقت حتى انتهاء المشروع وألا يقل التعويض المادي للغرفة الواحد عن مائتي ألف جنيه كحد أدنى لمن يرغب في الحصول على التعويض المادي.
اجتماعات عديدة شبه يومية مع المسئولين كان آخرها أمس أخبر خلالها الأهالي مندوبي الحكومة برفضهم تلك البدائل ويخبرهم المسئولين بوعود تطمينية لكن تأتي بدائلهم غير مرضية، منها الحصول على تعويض بين 100 ألف جنيه عن الغرفة الواحدة، و280 ألف جنيه لمن لديه 4 غرف فأكثر، أو الحصول على وحدات سكنية بديلة في حي الأسمرات بالمقطم بقسط شهري قيمته 300 جنيه، ويزيد سنويًا بنسبة 5٪، وبدائل أخرى لا تلائم مستواهم الاقتصادي.