كتب : محمد جمال كساب
يأخذنا الكاتب الصحفي عنتر السيد نائب رئيس تحرير مجلة الكواكب في جولة ممتعة وشيقة ومختلفة لمعرفة جانب هام عن المرأة في حياة عبدالحليم حافظ «ملك قلوب العذاري» كما اطلقت عليه الصحافة من خلال كتابه «نساء العندليب» الذي صدر في شهر يناير 2017 الماضي من مطبعة النخبة للنشر والتوزيع يقع فى165 صفحة من القطع الكبير يضم 17 فصلا متنوعا يرصد فيه نساء أو «مزز حليم» وفقا للتعبير الدارج ويناقش علاقاته بزميلاته الفنانات اللاتي شاركنه البطولة في أفلامه ومنهن سعاد حسني ونادية لطفي ووردة الجزائرية وشادية وفاتن حمامة وصباح ومريم فخر الدين وزبيدة ثروت ولبني عبدالعزيز وميرفت أمين وكذلك قصص الحب والإعجاب التي عاشها وفي مقدمتهن «ديدى» الجميلة الارستقراطية التي هام في غرامها في صباه ورفضت اسرتها زواجها منه والتى تصاب بمرض خبيث وتموت في العشرينيات من عمرها وتترك أثراً غائراً في قلبه.
والتجارب العاطفية التي مر بها من خلال معجباته الفنانات وفتيات العجمي والسعودية وأمريكا وسماء وأميرة ومروة.
مشاكل الكتاب
هناك بعض المشاكل التي برزت في الكتاب منها افتقاده للتوثيق العلمي حيث لم يذكر المؤلف اسماء المصادر والمراجع التي أخذ منها مادته فهو مثلا يشير إلي مذكرات حليم لكنه لا يذكر عنوانها أو مؤلفها كما أنه قام بكتابة 7 صفحات في مقدمة الكتاب عبارة عن عناوين طويلة كملخص له مثل تلك التي تنشرها الصحف دون أن يكون لها أي فائدة كونها جملا اعتراضية لا أكثر خاصة وأنه قسم الكتاب إلي 17 فصلا بالإضافة إلي الكثير من العناوين الفرعية الصغيرة.
كما نلمس عدم وحدة فصول الكتاب أو تسلسلها فهو يبدأ بقصة زواج حليم من سعاد حسني ثم صراعه مع أم كلثوم فعلاقته ببطلات أفلامه ثم يعود في الفصل الخامس ليتناول قصة حبه الأول من «ديدي» ويكمل بعدها علاقته بزميلاته الفنانات ثم معجباته.
حليم والحب والمرأة
ويحكي فيه عبدالحليم حافظ عن آرائه في الحب والمرأة فيقول:
الحب الأول كما وصفه الكاتب إحسان عبدالقدوس هو الذي يعيشه الإنسان وأنا أقول أنه لا يوجد حب أول وثان لأن الرجل إذا كان يحب امرأة ويعش علي ذكري حب سابق يكون في هذه الحالة لا يحب الإنسانة التي يعيش معها.
واتساءل: هل أنا أعرف الحب رغم إنني أغني له؟
وأقول: إنني لم أعرفه إلا قليلاً وعشت الحب الحقيقي في شبابى مع محبوبتي «ديدي» التي ماتت صغيرة بمرض الجرثومة الخبيثة وقتلت معها كل أحلام الاستقرار لذلك بحث عن الحب ولا أصدقه وكلما اقتربت من امرأة احبتني وقد أقول لها الكلمة الحلوة «أحبك» وممكن أعطيها هدية واتحادث معها عن نفسي وأكون مخلصا في قولي لكني دائما ما أهرب ومع وجود ظروف خاصة تجعلني لا أطيق الاستمرار في العلاقة العاطفية لذلك خرجت من تجاربي بضرورة أن اعيش لفني فقط وطلقت الزواج وقررت أن أغني للحب ولا أمارسه بورقة يوقع عليها مأذون واثنان من الشهود.
ويضيف حليم: اتساءل دائما ماذا أريد من المرأة؟!
فأنا أكرهها وأتمناها في الوقت نفسه؟
فلا يمكن لرجل أن يعيش بدونها لكنني كنت دائما أخاف أن تتطور أي علاقة بيني وبين أي امرأة لذلك أسحب البساط دائما من تحت أقدام كلمة «بحبك» وأعرف أن العذاب وراء هذه الكلمة لذلك حولت قلبي إلي ملعب عاطفى.
وأنا لا أثق تماما في المرأة هناك دائما جانب من الشك القاتل ليس سببه أنا ولكن طبيعة تكويني فأحس أنها يمكن أن تموت فأمي ماتت وهي تلدني لهذا فالغناء بالنسبة لي اقتراب من المرأة التي أمثل لها وعليها وعندما أدخل في علاقة معها فهناك نوع من التوجس الخفي الذي يملأني وأبدأ في الغناء الذي ينسيني الشك القديم واشعر أنني عندما أغني لموت الحب أتنبأ بمصير علاقاتي العاطفية ويقول العندليب: هناك نساء كثيرات في حياتى لكن بلا حب وإذا أحببت لا أنظر إلي الشكل الذي لا يشغلني علي الاطلاق تهمني الروح قبل كل شيء وأرى أن عيون المرأة تجعلها جميلة في نظري كما تعجبني المرأة الخفيفة الدم الأنيقة المثقفة المثيرة وأهم ما يربطني بها الصلات الروحية الفهم المتبادل واتفاق وجهات النظر والمعتقدات الواحدة.
ويضيف حليم: قلت للطبيب النفسي أنا لا أعرف لماذا أتردد دائما في إقامة علاقة عاطفية وسألني عن الأغنية التي أعتبرها تلخيصا لقصة حب اساسية في حياتي فقلت له «في يوم .. في شهر.. في سنة تهدي الجراح وتنام .. وعمر جرحي أنا أطول من الأيام» فقال لي: أنت ككل الفنانين في هذه الدنيا تعيش عمرك دفعة واحدة.
وعن رأيه في الزواج يقول حليم: الزواج لا يأتي بقرار أو انني أنزل للبحث عن عروس دائما يأتي نتيجة تفاهم وحب وأتمني أن تكون هناك إنسانة يمكن أن تصنع مني رحلة عمر سعيدة ولأن مرضى يجعلني علي أبواب النهاية ويخلق السبب الذي يجعلني هاربا من الزواج لأني لا أريد أن أزعج واحدة أحبها بنوبات النزيف الحاد والسقوط في هذا المرض الذي لازمني طوال حياتي.
ديدي الحب الحقيقي
إن قصة الحب الأول الحقيقي لعبدالحليم حافظ تركت أثراً كبيرا علي شخصه وفنه حتي وفاته وهي عشقه لديدي «جيهان» الفتاة الجميلة ذات العينيين الخضراوين ابنة الطبقة الارستقراطية التي بادلته الحب والغرام وعندما تقدم لخطبتها رفضت اسرتها زواجها من شخص فقير فانكسر قلبه وبكي من جراح الألم وقالت له ديدي وهو يغادر منزلها: «لن أكون زوجة لإنسان غيرك مهما كان الثمن» وداهمها المرض الخبيث بعد ذلك ورحلت وهي في العشرينيات من عمرها.
هذه القصة الخالدة كانت مواكبة لانطلاقاته الفنية وبداية شهرته وقد ظهر ألمه وتأثره بها من خلال أغنياته الحزينة ومنها «في يوم .. في شهر .. في سنة» «وأول مرة تحب ياقلبي» و«نعم ياحبيبي» و«بحلم بيك» و«بتلوموني ليه» و«ظلموه» و«كان في قلبين» وبعد وفاتها غني «راح .. راح.. خد قلبي وراح» و«بعد ايه أبكي عليه واشتاق إليه» واستحوذ هذا العشق علي حليم فقدمه في فيلم «حكاية حب» بطولة مريم فخر الدين ومنذ عدة سنوات قدم لنا عادل أديب المخرج مرة أخري فيلم «حليم» بطولة أحمد زكي وجسدت دور حبيبته ديدي الفنانة السورية سولاف فواخرجي.
حليم وبطلات أفلامه
قصص الحب التي قدمها عبدالحليم حافظ في أفلامه كثيرة جداً وقفت أمامه فيها جميلات الفن المصري والعربي وحبيباته يدخلن معه قفص الرومانسية واغلبهن يحطمن قيود الفوارق الاجتماعية التي تفصلهن عنه مع اعتبار أن طموحه في الغناء حطم هذه الفوارق، وظهر حليم بشخصيات متنوعة منها الفنان ورجل الأعمال والطالب والموظف الصغير كما أن النبل كان سمة عامة لهن في معظم أفلامه مثلما فعلت مريم فخر الدين فى «حكاية حب» وزبيدة ثروت فى «يوم من عمري» وصباح في «شارع الحب» وماجدة في «بنات اليوم».