السبت 29 يونيو 2024

الحريري: لبنان سيصل إلى وضع لا يحمد عقباه إذا لم يتم تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية

17-4-2019 | 15:33

حذر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، من خطورة الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، مشيرا إلى أن بلاده لم تصل إلى وضع الانهيار بعد، غير أنه إذا لم يتم اعتماد حزمة من الإصلاحات الواسعة والتقشف المالي "فبالتأكيد سنصل إلى وضع لا تحمد عاقبته".


وأكد الحريري – في مؤتمر صحفي عقده اليوم عقب انعقاد جلسة عامة لمجلس النواب – أن الإصلاحات الاقتصادية وخفض الإنفاق العام في كافة القطاعات، أمر لا مفر منه، خاصة وأن الأوضاع الاقتصادية حرجة وشديدة الصعوبة، مشددا على أن ترشيد الإنفاق العام وضبطه لن يصيب الفقراء وذوي الدخل المحدود .


وأضاف أن التدهور في الوضع الاقتصادي والمالي ، متراكم منذ سنوات ، وأن معدل النمو طيلة السنوات الثماني الماضية لم يتجاوز الـ 1 % سنويا ، في الوقت الذي تضاعف فيه الإنفاق الحكومي بصورة كبيرة في كافة قطاعات الدولة .


وأضاف: "علينا أن نكون جميعا صادقين..لا نريد المساس بذوي الدخل المحدود أو الفقراء، ولكن أما وقد تم إقرار سلسلة الرتب والرواتب (زيادة مالية لموظفي الدولة) في السابق، فإن الأمر يتطلب الحفاظ عليها، وذلك عبر اعتماد إجراءات إصلاحية صعبة، قوامها التقشف وترشيد الإنفاق".


وشدد على أن الحكومة اللبنانية مطالبة في الوقت الراهن بإقرار موازنة "هي الأكثر تقشفا من الناحية المالية في تاريخ لبنان".. مؤكدا أن الوضع المالي للبلاد لا يسمح بمزيد من الإنفاق المالي.


وتابع قائلا: " يجب أن نتعلم من الدول التي تعرضت لأزمات ومشاكل مماثلة، والذين استمروا في الإنفاق المتزايد ظنا منهم أن الأمور بالإمكان إصلاحها في وقت لاحق عن طريق المزيد من القروض ومؤتمرات الدعم الدولية " .


وأشار إلى أن الدولة ستباشر إجراءات إصلاح اقتصادي حقيقية، وأن ترشيد الإنفاق سيبدأ من رأس الإدارات اللبنانية. قائلا: "ما الذي قد يفيدني اليوم كرئيس للحكومة أن أقر موازنة ثم لا استطيع تدبير الموارد المالية لاحقا.. التقشف ليس هواية، ويجب أن يطال جميع القطاعات في لبنان".


وأوضح أنه يجب اتخاذ إجراءات إصلاح وتقشف حقيقي بأسرع وقت ممكن "وإلا فماذا سنقول للمواطن اللبناني بعد سنة من الآن إذا حدثت كارثة اقتصادية.. ماذا سنفعل حينها ؟ ".


ولفت إلى أن مسألة الموازنة الجديدة لاتزال محل نقاش جدي ، وصولا إلى الأرقام الدقيقة التي من شأنها إنقاذ لبنان اقتصاديا، وأن كافة الأمور المتعلقة بالموازنة لا تزال في دائرة النقاش، ولم تصل حتى إلى مجلس الوزراء والمجلس النيابي .


وأكد أن المصارف على استعداد للمساهمة في الخطة الاقتصادية، غير أن هذا الأمر يقتضي البدء في تنفيذ الإصلاح الحقيقي . 


وقال: "إذا استمر السير بهذه الطريقة الحالية، سنصل حتما إلى كارثة اقتصادية.. وإذا أجرينا بعض الإصلاحات والتقشف خلال مدة تتراوح ما بين سنة إلى 3 سنوات، فسيمكن حينها إعادة الاستقرار للأوضاع على النحو السابق".. مشددا على أنه لا مفر من اعتماد الإصلاحات الاقتصادية والمالية وأن الجميع في لبنان دون استثناء معني بها.


ودعا رئيس الوزراء اللبناني القوى والتيارات السياسية المختلفة إلى التكاتف والعمل سويا، في ضوء أن هذه المرحلة من عمر لبنان حرجة بصورة كبيرة، وأن تنفيذ الإصلاحات سيضمن السير في مقررات مؤتمر دعم الاقتصاد اللبناني (سيدر) بما تتضمنه من منح وقروض، تدفع عجلة الاقتصاد في قطاعات الاتصالات والكهرباء والطرق والمياه وكافة القطاعات الإنتاجية وفي مقدمتها الصناعة والزراعة.


وأكد أن وضع لبنان في حاجة إلى توافق وحوار حقيقي بين كل اللبنانيين. مضيفا: "إنقاذ البلد يتطلب منا جميعا التضحية بقدر ما، ولمن نزلوا إلى الشارع بسبب تسريب الأخبار غير الصحيحة أو غير المكتملة والمجتزئة من سياقها، أقول لهم إننا لم ننته من التفاهم ولن نصيب الفقراء ومحدودي الدخل، وأننا نعمل على الموازنة وصولا إلى أكبر رزمة من التشقف فيها، وهذا الموضوع ليس سهلا".


وأشار إلى أنه لا يوجد حزب أو تيار سياسي في لبنان يريد التقشف، غير أن الوضع الاقتصادي شديد الصعوبة على مستوى التوظيف وحركة السياحة والتصدير والزراعة والصناعة، مشددا على أن تحفيز الاقتصاد يكون بخفض الإنفاق العام، بالتوازي مع زيادة الإنفاق الاستثماري الذي يتضمنه دعم مؤتمر سيدر وغيره.


ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة، حيث يعاني من تباطؤ في معدلات النمو الذي لم يتجاوز 1 % ، كما تبلغ نسبة الدين العام اللبناني إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 150 % ، فضلا عن تراجع كبير في كفاءة وقدرات البنى التحتية للبلاد والأداء الاقتصادي.


وسبق وتعهدت الحكومة اللبنانية أمام مجموعة الدول المانحة والداعمة للبنان، وفي بيانها الوزاري أمام المجلس النيابي، بخفض عجز الموازنة الذي وصل إلى خلال عام 2018 إلى ما يزيد عن 6 مليارات دولار، بنسبة 1 % سنويا على الأقل لمدة 5 سنوات، وسط مخاوف من تدهور مالي واقتصادي شديد حال عدم اتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة.


ويؤكد المسئولون الدوليون والوفود الاقتصادية الدولية التي تزور لبنان، خاصة من الدول والمؤسسات المانحة في مؤتمر (سيدر) أن إقرار موازنة العام الجديد مصحوبة بإجراءات تقشف وخفض الإنفاق، يمثل أحد أوجه الإصلاحات الجوهرية التي يطالب بها المجتمع الدولي حتى يمكن له مساعدة لبنان ودعمه.


ويعول الاقتصاديون على الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري، للبدء في إجراء حزمة من الإصلاحات الحاسمة في الاقتصاد والهيكل المالي والإداري للدولة، حتى يتسنى للبنان الحصول على المقررات المالية التي تعهدت بها مجموعة الدول والمؤسسات العربية والدولية المانحة خلال مؤتمر سيدر.


واستضافت العاصمة الفرنسية باريس في شهر أبريل 2018 ، مؤتمر سيدر الذي أسفر عن منح وقروض ميسرة بقيمة تقارب 12 مليار دولار لصالح لبنان لدعم اقتصاده والبنى التحتية به، شريطة إجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية وهيكلية.