الأربعاء 29 مايو 2024

لمواجهة الإرهاب.. صلاحيات استثنائية لمخابرات النرويج وأستراليا وبريطانيا

تحقيقات27-4-2019 | 08:38

على خلفية الاعتداءات التى استهدفت دور عبادة وفنادق فى سريلانكا ونيوزيلندا، ومع تطور أساليب تنفيذ العمليات الارهابية ومتطلبات التصدى لذلك بوسائل اكثر مرونة وحسما واستباقا وذكاء فى آن واحد ، بدأت دول كبرى فى العالم فى اتخاذ اجراءات استثنائية منها منح حصانات اكبر للعاملين في أجهزة أمنها واستخباراتها بما يمكنهم بصورة فعالة من كشف شبكات الارهاب وملاحقة عناصرها ، وما يستلزمه ذلك من أنشطة اختراق وأدوار غير تقليدية قد تضطر عناصر اجهزة الاستخبارات للعبها في سبيل الوصول إلى أهدافهم .

ففى النرويج .. تدرس الاستخبارات النرويجية مشروع قانون لتحصين اعضائها من الملاحقة القانونية فيما يتعلق بمهام عملهم فى مكافحة الارهاب داخل وخارج الأراضى النرويجية ، وذلك للعمليات الصادر بشأنها إذن رسمى.

وبحسب دورية "انتل نيوز" المتخصصة فى شئون الأمن والاستخبارات ومكافحة الارهاب ، تعد الاستخبارات النرويجية فرعا تابعا للجيش النرويجى ، واوضحت أنه فى حالة استكمال دراسة القانون سيتم عرضه على البرلمان النرويجى لاقراره بصورة نهائية وفى حالة اقراره سيكون هذا هو القانون الأول من نوعه فى النرويج .

ويقول الخبراء ان القانون الجديد لن يكون انتهاكا للقانون فى حد ذاته على العكس من القوانين الجنائية التى لا تقبل الخرق ، وعلى سبيل المثال تتطلب اعمال مكافحة الارهاب اجراءات مثل التتبع والمراقبة وانتهاك خصوصية الاتصالات وجميعها أفعال مجرمة قانونا ، لكنها فى الوقت ذاته لازمة للكشف المبكر عن الارهابيين واستباقهم عملياتيا، كذلك تتطلب انشطة مكافحة الارهاب واختراق الجماعات المتطرفة وشبكات التجسس قيام عناصر الاستخبارات النرويجية باستخدام وثائق هوية غير حقيقية او اصطناع مستندات مزورة او نشر معلومات غير صادقة للتضليل .


ويضيف الخبراء انه من الوارد لجوء رجال الاستخبارات الى الانضمام " ظاهريا" الى تنظيمات معينة بغية تجنيد عناصرها فى الداخل او اختراق سرية تلك المنظمات ، وقد تتطلب مهماتهم احيانا القيام بتهريب مبالغ مالية الى خارج البلاد لدفع مخصصات المصادر السرية للعملاء والمتعاونين او اغراء اخرين بالأموال لتجنيدهم للعمل لحساب الاستخبارات النرويجية ، وبطبيعة الحال فإن تلك الأموال تعد من أموال الدولة ودافعي الضرائب ، كذلك قد تلجأ الاستخبارات النرويجية فى عملياتها الى تأسيس شركات أو مشروعات للتغطية على عملياتها السرية وفى هذه الحالة يتطلب الأمر اعفاء تلك المشروعات والشركات من التزاماتها الضريبية .

وتنص القوانين النرويجية الراهنة على مصادقة وحماية جهاز المدعي العام هناك فيما يتعلق بأنشطة التجسس وجمع المعلومات ، لكن القانون الجديد الذى تتم دراسته ستكون له ميزات أكبر فى تأمين ضباط الاستخبارات فى النرويج من الملاحقة والقاء القبض عليهم فيما يتعلق بما يقومون به من عمليات لمكافحة الارهاب والتجسس .

وفى أستراليا .. التى قدم منها منفذ هجوم المسجد فى نيوزيلاندا الشهر الماضى .. استحدثت الحكومة الاسترالية قانونا جديدا قام برلمانها باقراره يتيح لعناصر الاستخبارات حمل السلاح واستخدامه بلا تحفظ اذا اقتضت ضرورات الأمن ومواجهة الارهاب والتنظيمات المتطرفة ذلك ، ويسرى هذا القانون على أنشطة عناصر الاستخبارات وعملياتهم السرية .

وسيحقق ذلك الأجراء نقلة نوعية فى اجراءات مكافحة التطرف والارهاب فى أستراليا التى يعد جهازها مسؤولا عن العمليات الأمنية ذات الطابع السرى ، وقد تأسس جهاز الاستخبارات الاسترالى عام 1952 على غرار جهاز الاستخبارات الخارجي البريطاني  إم أي – 6  وكانت الاستخبارات الاسترالية تعمل بصورة سرية تامة بعيدة عن اعتراف الحكومة الاسترالية بأن للبلاد جهاز استخبارات ، وقد استمر هذا الوضع طيلة خمسة وعشرين عاما عندما اعترفت الحكومة الاسترالية فى العام 1977 بامتلاكها جهازا للاستخبارات .


وفي العام 2004 منح اعضاء جهاز الاستخبارات الاسترالي حق استخدام الاسلحة النارية فى عملياتهم السرية خارج استراليا فى اضيق الحدود اذا كان ذلك هو الخيار الوحيد الذى امامهم للدفاع عن انفسهم او للدفاع عن عملائهم السريين وفق ما تقتضيه القوانين الاسترالية الجنائية .

لكن الإجراءات الجديدة وفقا للقانون المقترح فى استراليا ستوسع نطاق صلاحية استخدام الاسلحة النارية لضباط الاستخبارات الاستراليين ، وفى مطلع العام الجارى اعترفت وزيرة الخارجية الاسترالية ماريس باين أمام البرلمان بأن بيئة العمل امام الاستخبارات الخارجية الاسترالية صارت اكثر تعقيدا عن ذى قبل وان قواعد استخدام عناصرها لاسلحتهم بموجب القوانين الصادرة فى العام 2004 باتت لا تصلح ولا تساعدهم على اتمام مهامهم ، حيث يعمل أفراد الاستخبارات الاسترالية فى مناطق صراعات مسلحة وحروب أو فى مناطق خطرة ، ففى العام 2010 استطاع فريق من الاستخبارات الاسترالية كشف و اختراق خلية خطرة لتنظيم داعش.

وفي مطلع العام الجاري ، تقدم رئيس الوزراء الاسترالى كيفين رود بحزمة تشريعات جديدة تتسم بالحيوية لاعادة تنظيم مهام وعمليات اجهزة الأمن والاستخبارات والدفاع الوطني فى استراليا وزيادة الاعتمادات المالية اللازمة لتمكينها من القيام بمهامها فى مكافحة الارهاب والتطرف بلا عوائق ، بما فى ذلك عدم تجريم عناصر الاستخبارات الاسترالية من الانخراط الظاهرى فى انشطة شبه عسكرية فى خارج البلاد بهدف اختراق شبكات الارهاب الدولى من الداخل.

وفي بريطانيا .. تقدم اليكس يونجر مدير الاستخبارات الخارجية ام اى – 6  بافكار جديدة لجهات التشريع البريطانية حول تطوير انشطة العمل المخابراتى البريطانى حول العالم وزيادة فاعليته ، وجاء ذلك فى وثيقة اطلق عليها مدير الاستخبارات البريطانى " الجيل الرابع من انشطة التجسس " فى اشارة الى عمليات التجسس وجمع المعلومات التى يقوم بها  ام اى – 6  في خارج بريطانيا ضد المنظمات الارهابية وجماعات الإجرام المنظم والتطرف حول العالم .

واعترف يونجر – الذي يتولى رئاسة الاستخبارات البريطانية الخارجية منذ اكتوبر من العام 2014 – بأن حروب اجهزة المخابرات مع المنظمات الارهابية حول العالم باتت اكثر حدة وشراسة ، وان تجربته فى منطقة الشرق الاوسط وأوروبا وأفغانستان التى كان مديرا لانشطة الاستخبارات البريطانية فيها منذ الغزو الامريكى لها فى العام 2001 تقف شاهدا على ضرورة تطوير " جيل رابع " من انشطة الاستخبارات اكثر ديناميكية واستباقية .كما أكد أن منظمات الارهاب الدولى باتت ذات قدرة تكنولوجية عالية و معقدة بما زاد من صعوبة و تعقد عمليات المواجهة معها و إجهاض تحركاتها .


واوضح أن عمليات استخبارات " الجيل الرابع " هى تلك العمليات التى تواجه فيها الاستخبارات البريطانية " تهديدات مهجنة " تتمثل فيها تلك التهديدات التقليدية من استخبارات الدول المعادية لبريطانيا والمتحالفة فى نفس الوقت مع منظمات ارهابية تتعاون مع تلك الحكومات او بمعنى اخر المنظمات الارهابية المدعومة من استخبارات حكومات دول تناصب بريطانيا العداء .

وشدد مدير الاستخبارات الخارجية البريطانى على دور العنصر البشرى فى منظومة استخبارات " الجيل الرابع " وقال ان اهم ما تتسم به الاستخبارات البريطانية الخارجية فى عملها هو تعظيم دور العنصر البشرى لجمع المعلومات وتحليلها فى مسارح العمليات حول العالم جنبا الى جنب مع تعزيز عامل التفوق التكنولوجى ، وشدد كذلك على ان صور الاستطلاع التجسسى الجوية لا تكفى للاستخبارات البريطانية ما لم تعززها معلومات من واقع الارض يقوم بجمعها العنصر البشرى وتكون ذات افادة فى تحليل مضامينها ، و أكد أن التكنولوجيا المتطورة لم تعد حكرا على اجهزة الاستخبارات فقط بل صارت ايضا بايدى اعدائها من التنظيمات الإرهابية الدولية .