المواطنون: "لا لون ولاطعم "..
جزارون: "نضطر لفصل الكهربا عنها علشان غلاء الفواتير"
كتب- علي عقيلي
تبقى اللحوم المستوردة، وخاصة المجمدة، هي الملجأ الوحيد الذي يجد فيه أصحاب العوز والحاجة ضالتهم؛ فحالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار، فربما تكون أسعارها التي لا تتجاوز الخمسين جنيهًا للكيلو الواحد في متناول القليل من البسطاء، وإلا سيقضون الشهور، وربما السنين دون أن يذوقون لها طعمًا.
العديد من الحملات انطلقت من باب التجمل وتطيب الخواطر لا أكثر، تنادي بالمقاطعة "بلاها لحمة"، "بلاها فراخ"، "بلاها سمك"؛ لكن كما يقولون "اللي إيده في الميه مش زي اللي إيده في النار"
كثير من المواطنين الذين التقتهم "الهلال اليوم" عبروا عن استيائهم الشديد من نار الأسعار، وارتفاعها الجنوني، ولجوئهم قسرًا للحوم المستوردة، التي لم تعد هي الأخرى في قدرتهم؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار.
"م.ن" ربة منزل عن "اللحوم المستوردة" قالت لـ"الهلال اليوم": "مفيش قدامنا غيرها رغم أن أولادي مبيحبوش طعمها"
وتابعت "ز.م" موظفة: "الولاد بيعترضوا على لونها بس في الآخر مفيش غيرها"
ونبهت "ع.م" إلى كارثة سوء التبريد؛ حيث قالت" في الماركات الخاصة" لا تكون اللحمة مجمدة بالقدر الكافين، وتكون (طرية)"
وحول سوء التبريد ذكر أحد الجزارين لـ"الهلال اليوم" أنه يضطر إلى فصل التيار الكهربائي عن ثلاجات اللحوم؛ بسبب غلاء فواتير الكهرباء.
وأكد "م.م" (جزار) أن اللحوم المستوردة لا توجد بها أي مشكلات طالما أنها مجمدة بطريقة سليمة، وأسعارها مناسبة للناس؛ فسعرها (44) جنيه.
وكانت الدكتورة شيرين زكي الطبيبة البيطرية، كشفت مارس الماضي، إعلان السلطات البرازيلية، تصدير لحوم فاسدة بمنتهى الوضوح والشفافية، وعلقت الحكومة المصرية - إثر هذه الفضيحة - استيراد اللحوم من البرازيل، بشكل مؤقت، ثم عادت بعده سريعًا لاستئناف الاستيراد.
الدكتور مصطفى عبد المنعم رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري السابق، أكد لـ"الهلال اليوم" أن اللحوم المستوردة لا يتم التعامل معها بالطرق الإسلامية المشروعة، حيث إنه لم يعد هناك لجان فنية تسافر إلى دول الاستيراد لمتابعة سير عملية الذبح و التبريد والشحن، كما أن المراكز الإسلامية بدول الاستيراد لا تقوم بدوها المنوط بها في متابعة سير عملية استيراد اللحوم المستوردة.
مشددًا على أن عملية الذبح لا تتم بالطريقة الإسلامية، العلمية الرحيمة التي يترتب عليها خروج الدم بطريقة صحيحة؛ لكن ما يتم يكون عن طرق قتل الحيوان عن طريق "طلقة" في الرأس؛ ما يعرضه للقتل، وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية؛ لأنها "ميتة" بالأساس، كما يؤدي إلى بقاء نسبة كبيرة من الدم داخل جسم الحيوان المذبوح وعضلاته، تساعد على نشاط النمو البكتيري؛ ما ينتج عنه تغير في لون اللحمة إلى الغامق، كما يؤدي إلى تغير الطعم، ويصيب المستهلك بأمراض مزمنة.
ولفت رئيس الإدارة المركزية للحجر البيطري السابق إلى أن زيادة وزن الحيوان يندرج تحت الغش التجاري؛ لكون زيادة كمية اللحمة من 15% إلى 20%؛ بسبب عدم خروج الدم من الحيوان المذبوح، كما أنه يقلل فترة صلاحية هذه اللحوم؛ حيث لا تصل أكثر من (6) شهور، فيما ينبغي ألا تقل عن عام.
من جانبه أوضح الدكتور محمد سعيد صالح أستاذ السموم بكلية الزراعة أنه ما لم يتم اتباع القواعد السليمة، بدءًا من الذبح والتبريد والنقل والشحن؛ فإن هذه اللحوم تؤدي إلى ضرر بالغ بصحة الإنسان.
وأوضح أستاذ السموم، أن أكثر من 50% من التسمم الغذائي للحوم يحدث بسبب اختلال في درجات الحرارة بالتبريد أو التسخين غير الكافي الأمر الذي يمنح البكتريا فرصة للنمو والتكاثر؛ حيث تعد البكتريا وثيقة الصلة بأمراض العدوى الغذائية.
مضيفًا أن البكتريا تعتبر من أهم مسببات العدوى الغذائية وخاصة في اللحوم، وهذه البكتريا المسببة للأمراض حينما تنتقل إلى الإنسان تعبر عن نفسها في شكل نزلات معوية، ووصفت منظمة الصحة العالمية هذا النوع من مسببات العدوى الغذائية كأكثر الأمراض المؤثرة على الصحة العامة عالميًّا، وليست البكتريا بمفردها من مسببات العدوى الغذائية فحسب، بل إن هناك عدوى فيروسية تنتقل من لحوم الحيوان المصاب إلى الإنسان، ويرتفع عدد تلك الفيروسات في أنسجة اللحوم المجمدة؛ نتيجة مرض الحيوان نفسه أو انتقاله إلى سطح الأنسجة بعد ذبح الحيوان عن طريق تلوث الأدوات المستخدمة، وتنشط تلك الفيروسات وتتكاثر حين تتوافر لها الظروف الملائمة لذلك؛ وأهمها الاختلال في درجات الحارة فتدعم نشاطها وانقسام خلايا الفيروس على نسيج الحيوان بشكل ملحوظة. ويحدد الوسط المناسب للنمو نوع البكتريا أو الفيروس الذي ينمو على سطح لحم الحيوان المذبوح، متابعًا أن 50% من تسمم اللحوم بيولوجي ناتج من الخلل في درجة الحرارة المحفوظة فيها.