استهلت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم طرة، جلسة حُكمها على 11 متهمًا بـ"كنيسة مارمينا"، بتلاوة الآية الكريمة :"إن الله يأمر أن تؤدوا الأمانات لأهلها وأن تؤدوا الأمانات لأهلها"، وإذا حكمتكم بين أن الناس أن تحكموا بالعدل، وتابعت المحكمة بالقول أن القضية بما فيها من أحداث وواقعات تجاوزت كل معاني الرحمة و الإنسانية، أزهقت فيها أرواح بريئة دون ذنب أو جريرة اقترفتها.
وذكرت المحكمة بأنها توجه رسالتين، الأولى هي لأعداء الوطن، الذين كانوا ولايزالون يرمون لبث عوامل الشقاق والوقيعة بين ابناء الوطن الواحد باسم الإسلام والمسيحية، أقول أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نحافظ على دور العبادة، من مساجد وكنائس فلهم حرمة وقدسية، ومن ثم فإن هدم الكنائس والمساجد، أو العدوان عليها حرام شرعًا، لما فيها من ذكر الله، ودفع الناس بعضهم ببعض لحماية الارض من الفساد، تحقيقا لقول الله :" لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ".
وتابعت الكلمة بالإشارة إلى انه و على مدار 15 قرن، لم نسمع أو نقرأ عن هدم مسجد أو كنيسة، إلا من الظالمين الذين يدمرون الأخض واليابس أيام التتار، فكان جزاؤهم الخسران و الدمار.
وذكرت المحكمة إلى أنها تشير من واقع الأوراق إلى أن هناك أياد خفية تشعل نار الفتنة بين المسلمين والمسيحين، بين فينة وأخرى، تستسغل تشدد البعض تارة، وجهل البعض تارة أخرى، وتتجلى مظاهره فيما حدث ويحدث من اعتداء نفر من المتشدين أصحاب الفكر الإرهابي البغيض، و المرتزقة، على المساحد والكنتائس، ومنهم تنظيم داعش الإرهابي الذين يسمون أنفسهم دولة الإسلام في الشام والعراق، وهدم وحرق وانتهاك حرمات و أعراض، وشددت على أن ما تفعله التنظيمات الإرهابية الأخرى والتيارت المتشددة التي تؤمن بهذا الفكر، أبعد عن القيم و المباديء و الرحمة والإنسانية التي أمرت بها الأديان والكتب السماوية.
وناشدت المحكمة شعب مصر مسلمين ومسيبحيين، ان يحافظوا على وطنكم مصر بأرواحكم وفكركم الرشيد، وألا يعطوا فرصة لمثل هؤلاء سبيل للفرقة بينكم، مهما كانت الظروف، مختتمًا :"مصر إن شاء الله في رباط ليوم القيامة".
وتابعت المحكمة مشيرة إلى القصاص و عقوبة الإعدام، مشيرة إلى قول رب العزة :لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب، وعقب القاضي بأم المشرع هو الله، يمنع الظلم ويعيد الحق، عدل الرحمن يفرض علينا التعامل في الجريمة و العقاب عليها، ليستقر التوازن في النفس البشرية، حكمة الخالق حين شرع عقوبة الققاص، وذكر بأن الله شرع العقوبة لنقتص من القاتل لنحمي سائر المجتمع أن يكون بينهم قاتل لا يحترم الآخرين، فالقاتل نفسه حينما يجدب نفسه محوطًا بمجتمع يرفض القتل يرتدع ولا يقدم على ما ينويه، لذلك المحكمة وبمنطلق مسئوليتها، توجه نداء لم يتشدقون أن القصاص وعقوبة الإعدام وخشية، لماذا اخذتكم الغيرة لإنسان قتل غيره بالباطل، وناشدت المحكمة القائمين على الأمر وخاصة المشرع المصري، أن حافظوا على العقوبة واستبقوا عليها في القوانين والدستور، لحفظ توازن المجتمع، فمن شرعها هو الله جل شأنه.
وأشارت المحكمة عقب ذلك لوقائع الجريمة، ذاكرة بأنه تبت لديها يقينًا أن أركان جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد توفرت بالقضية، فيما اتاه المتهم إبراهيم اسماعيل، ومن بايعه، ومن اتفق معه، وأمد بالمال لتنفيذ الجريمة، وذكرت بأن ذلك ينبأ عن نفس شريرة، وشخصية فقدت القيم والمبادئ و الرحمة، وترك نفسه للشيطان، الذي يرتدي ثوب الواعظين.
وسردت المحكمة بعضًا من جرائم المعتدي ومنه من سرق سيارته واحتل عليه وطعنه بسكين، وقتل سيدات تواجدت بمكان الحادث، وحاول دخول الكنيسة ليفجر قنبلة يحملها، لتشير الكلمة إلى عناية الله وإحكام غلق الباب، حيث كان يتواجد أكثر 400 شخص يؤدون الصلاة، ويحتفلون بالعيد، واختتمت المحكمة الكلمة بالقول :"إن نفس بهذه الوحشية، لم تترك لنفسها سبيلًا للرحمة، وأن لها طريق وحيد هو القصاص العادل".
وتلت المحكمة عقب ذلك الحُكم الذي تضمن بإجماع الأراء معاقبة كل من ابراهيم إسماعيل مصطفى و عادل إمام بالإعدام.
وقضت المحكمة كذلك بمعاقبة متهمين بالسجن المؤبد وهما كلأ من محمد فتحي و محمد إسماعيل، ومعاقبة 4 متهمين بالسجن المشدد 10 سنوات وهم كل من إبراهيم الدسوقي و سالم متولي و كرم ضيف و شوربجي محمود، ومعاقبة متهمين وهما علاء الدين منصور و طه عبد التواب بالحبس لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ.
كما قضت المحكمة ببراءة محمد عنتر ياسر عوض، وإلزام المحكوم بالمصاريف الجنائية، ومصادرة الأسلحة و الذخائر و المفرقعات المضبوطة، واعتبار المحكوم عليهم إبراهيم اسماعيل مصطفى و عادل إمام و محمد فتحي عكاشة إرهابيين.