جهود
كبيرة تبذلها مصر لاحتواء الأزمة الليبية، والتوصل إلى حل سياسي بما يحافظ على
وحدة الدولة القومية والجيش الوطني الليبي، وهو دور وصفه خبراء بأنه يستهدف تحقيق
الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، موضحين أن اللقاءات المستمرة التي عقدها
الرئيس عبد الفتاح السيسي وقائد الجيش الليبي تأتي في هذا الإطار ودعم جهود مكافحة
الإرهاب في ليبيا لتأثيره على الأمن القومي المصري.
واختتم
أمس المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، زيارته إلى مصر والتي استغرقت
ثلاثة أيام، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أكد الرئيس دعم مصر لجهود
مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا،
وكذلك دور المؤسسة العسكرية الليبية لاستعادة مقومات الشرعية، وتهيئة المناخ للتوصل
إلى حلول سياسية وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، على نحو يلبي تطلعات الشعب الليبي الشقيق
نحو الحياة الآمنة الكريمة وبناء المستقبل الأفضل" .
محوران
للجهود المصرية
اللواء طيار
دكتور هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، قال إن الجهود المصرية لاحتواء
الأزمة الليبية تقوم على محورين أساسيين، الأول هو الحفاظ على كيان وقومية الدولة الليبية
ورفض تقسيمها، والثاني الحفاظ على الجيش الوطني للدولة لأن تفكيكه يكون لصالح الجماعات
الإرهابية.
وأوضح الحلبي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر دعت كل أطراف النزاع للوصول إلى توافق
وحل سياسية، واستضافت الفرقاء الليبيين مرات عديدة، وتستهدف توحيد القوات المسلحة الليبية
تحت قيادة موحدة، مضيفا أن توفير المظلة الأمنية هو الأساس لأي تحرك في المسار السياسي،
فلا يمكن للانتخابات أن تكتمل دون حماية أمنية تدفع المواطن للمشاركة.
وأكد أن الأزمة
الليبية بها مشكلتين هما عدم التوافق السياسي بين الشرق والغرب وهي الأزمة التي لن
تحل إلا بالطرق السلمية، والجماعات الإرهابية التي لا تؤثر على ليبيا فقط إنما على
كل شمال أفريقيا، مشيرا إلى أن تحرك الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في طرابلس
هدفه مواجهة تلك الجماعات التي تتزايد.
وأشار إلى
أن الجماعات الإرهابية تؤثر على الأمن الليبي وأمن دول الجوار، وتتفاقم الأزمة نتيجة
انتقال العناصر الإرهابية إلى الداخل الليبي نتيجة عدم السيطرة على الحدود، وهم عناصر
ذات خبرة ومدربة على حروب العصابات تدعمهم أجهزة مخابرات دولية، مضيفا أن هذه العوامل
دفعت لضرورة المواجهة لمكافحة الإرهاب.
وأضاف إن هذه
الجهود لا تتعارض مع العملية السياسية، فالجيش الليبي يحارب الجماعات الإرهابية، وأعلن
حفتر بشكل واضح أنه يدعم العملية السياسية وأن عملية طرابلس تستهدف التنظيمات الإرهابية
التي تهدد العمل السياسي وخاصة إجراء انتخابات.
استقرار
سياسي وأمني
ومن
جانبه، قال اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن مصر تسعى إلى
تحقيق الأمن والاستقرار داخل ليبيا بما ينعكس على استتباب الأمن هناك وبالتالي الأمن
القومي المصري، وكذلك تدعم جهود مواجهة الإرهاب في ليبيا وتوضح ذلك للعالم أجمع، وتبذل
كل جهدها في إطار احتواء الأزمة.
وأوضح العمدة،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر تدعم كل التوجهات الرامية للاستقرار السياسي
والعسكري في ليبيا وتدعو المجتمع الدولي لذلك، مشيرا إلى أن اللقاءات التي يجريها الرئيس
عبد الفتاح السيسي مع المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي متواترة بما يدل
على دعم مصر للاستقرار الليبي سياسيا ودبلوماسيا.
وأكد أن استمرار
الإرهاب في ليبيا ينعكس على الأمن القومي المصري من جهة الاتجاه الإستراتيجي الغربي
الذي يتأثر بحالة الانهيار الأمني في ليبيا ودول الجوار، وكذلك في ظل التهديد من الاتجاه
الجنوبي من السودان ودول القرن الأفريقي، بما يكون له تأثير مباشر على الأمن القومي
المصري.
وأكد أن مصر
تدعم كذلك جهود إيجاد التوافق السياسي في ليبيا وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، وتلبية
تطلعات الشعب الليبي.
اجتماع دول الجوار
فيما قال
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن دول الجوار الليبي الثلاثة وهي
مصر وتونس والجزائر ستعقد اجتماعا خلال أيام لبحث التطورات الجارية في ليبيا خاصة
بعد انطلاق عملية طرابلس، مضيفا أن دول الجوار الثلاث كان لديهم مواقفا مشتركة
واستضافت القاهرة الاجتماع الأخير لهم الفترة الماضية والذي شهد توافقا في الرؤى.
وأوضح
هريدي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الاجتماع المقبل سيكون بعد تطورات
العملية العسكرية في ليبيا، ومنتظر ما سيسفر عنه من نتائج، في ظل موقف كل من تونس
والجزائر من تطورات الأوضاع هناك، مشيرا إلى أن المجلس الدولي طالب قبل يومين باستئناف
جهود السلام في ليبيا وهو موقف المجتمع الدولي والدول الخمس دائمة العضوية بمجلس
الأمن وموقف الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى
أن مصر تدعم جهود التسوية في ليبيا، واستقبلت المشير خليفة حفتر مرتين خلال الأسابيع
القليلة الماضية، موضحا أنه ينبغي أن تتسق جميع المواقف بشأن المسارات القادمة في
ليبيا للتوصل إلى حل سياسي.