الأربعاء 15 مايو 2024

ثالوث الشر الدولى: الإخوان وقطر وبريطانيا

5-4-2017 | 11:07

فى خلال أسبوع واحد حدثت عدة أشياء ظن بعضنا أنه لا توجد رابطة بينها، الأمر الأول هو خطاب تميم أمير قطر فى القمة العربية، والأمر الثانى هو خطاب القطب الإخوانى إبراهيم منير للقمة العربية، والأمر الثالث هو عملية التفجير التى تمت فى طنطا ونتج عنها استشهاد أمين شرطة وإصابة عدد كبير من رجال الشرطة والمواطنين، ثم اعتراف كيان إرهابى اسمه لواء الثورة بالقيام بهذا التفجير، أما السؤال فهو ما هى الرابطة التى ربطت بين هذه الأشياء؟

للإجابة على هذا السؤال نبدأ من خطاب تميم فى القمة العربية، ولأن تميم الأمير القطرى يقود تحالفًا محليًا هدفه زعزعة استقرار المنطقة، واحتضانه للإخوان ودفاعه عنهم أصبح من المعلوم من السياسة بالضرورة، لذلك فإنه وقف فى القمة وقال إن هناك كيانات سياسية دأبت بعض الأنظمة العربية على التعامل معها على أنها كيانات إرهابية فى حين أنها كيانات مدنية سياسية لا شأن لها بالإرهاب! وبالقطع كان تميم يقصد جماعة الإخوان التى يرعاها ويدعمها، ثم استطرد قائلاً بأن تعاملنا مع تلك الكيانات السياسية على أنها إرهابية من الممكن أن يحولها إلى جماعات إرهابية بالفعل بحكم الضغط عليها!.

هذا المعنى فى خطاب تميم سبق وأن جاء بالنص فى البيان الذى أصدره مجلس العموم البريطانى منذ عدة أشهر وهو يطرح وجهة نظره عن الإخوان، وقتها قال إن جماعة الإخوان جماعة سياسية وليست إرهابية، ولكن بعض أفرادها، وبعض كيانات انبثقت عنها مارست الإرهاب بسبب الضغط الحكومى فى مصر عليها! وكأن تميم وهو يلقى خطابه قام بنقل هذه الفقرة من البيان البريطاني، أو كأن الجالس فى المخابرات البريطانية هو الذى قام بصياغة  خطاب تميم! إلا أن الدلالة الواضحة من خطاب تميم هى توافقه مع بريطانيا فى رؤيتها للإخوان ولا سيما أن المخابرات البريطانية هى التى أنفقت من مالها على إنشاء تلك الجماعة وفقا لما جاء فى مذكرات حسن البنا، كما أن قطر كانت تخضع للهيمنة الإنجليزية، ولا تزال تابعة للمخابرات البريطانية فى كل ما يتعلق بسياساتها تجاه جماعات العنف فى المنطقة، ولنا أن نضيف إلى ذلك دور يوسف القرضاوى مرشد الإخوان الروحي، والقطب الإخوانى الراحل عبدالحليم أبو شقة فى تنشئة تميم، فقد كان الاثنان هما أساتذة تميم فى قصر الحكم منذ أن كان تميم طفلا غريرا لا يدرى من أمر الدنيا أى شيىء، فكان أول ما تلقاه هو دروس الإخوان وأفكارهم، فأصبح مربوطا بحبل واحد من طرفين، الطرف الأول بيد الإخوان، والطرف الثانى بيد الإنجليز.

الأمر الثانى هو خطاب إبراهيم منير عضو مكتب الإرشاد الدولى للإخوان، ومسئولها فى أوربا، والذى يقيم إقامة دائمة فى بريطانيا منذ عقود ينعم بحمايتها، ويتواصل بشكل تبعى مع مخابراتها، ويحمل رسائل الإخوان لهم، أما محتوى خطاب منير فهو يتكامل مع خطاب تميم فى القمة، حيث قال فى رسالته التى وجهها لحكام العرب إن جماعته ما هى إلا جماعة سياسية لا شأن لها بالإرهاب، وأن تلك الجماعة تحترم الحكام العرب وتحترم الأنظمة القائمة فى الأمة العربية، وهو خطاب يتكامل مع خطاب تميم، وأيضا مع بيان مجلس العموم البريطاني، وكأن تميم أراد فى نفس توقيت خطاب تميم أن يؤكد على ما جاء فى خطاب ذلك الأمير الممسوك بحبل من طرفين، وهو أمر لا يحدث مصادفة، ولكنه فى عالم السياسة لا يمكن أن يكون إلا من الأمور المتفق عليها سابقا!.

الأمر الثالث هو عملية طنطا التى تمت من كيان تابع للإخوان اسمه لواء الثورة، وذكر بيان هذا اللواء الإخوانى أنهم قاموا بعمليتهم هذه للثأر من مقتل بعض زملائهم، بما معناه أنهم اضطروا لحمل السلاح لمقاومة من يقتلهم! وكان القصد الواضح من هذا البيان هو التأكيد على ما ذهب إليه تميم فى خطابه بالقمة العربية، من أن الإخوان من الممكن أن يرتكبوا إرهابا كرد فعل بسبب الضغط عليهم وبسبب التعامل معهم على أنهم كيان إرهابى فى حين أنهم سياسيون! كما أنه فى ذات الوقت يسعى إلى التأكيد على بيان مجلس العموم البريطاني، ووضح أن هذه العملية تمت فى مواجهة الشرطة وليس فى مواجهة المواطنين العاديين، كما أنهم استهلوا بيانهم بأنهم يستهدفون الشرطة المصرية بسبب ما زعموه من اضطهاد لهم، وهو أمر يسير على نفس منوال خطاب تميم وبيان بريطانيا، وكأن من صاغ خطاب تميم هو ذاته الذى صاغ بيان لواء الثورة، وفى علم الإجرام والعقاب يعرف الدارسون له أن هناك بصمة نفسية للمجرم، وقد ظهرت تلك البصمة فى تلك البيانات والخطابات والعمليات، إلا أن الأهم من كل هذا هو توقيت عملية طنطا التى حدثت أثناء سفر الرئيس لأمريكا وكأنهم يقولون إن لا مصر ولا أمريكا فى عهد ترامب تستطيع وقفهم، وهى رسالة تحد واضحة للعيان، ولكى ندخل إلى ربط تلك الرسائل ببعضها ونعمل على فك شفرتها، يجب أن نقرأ الخيوط الحريرية التى ربطت بين الإخوان وقطر وبريطانيا ورابعتهم أمريكا، خاصة أن تبعية قطر لبريطانيا وأمريكا لا شك فيها تاريخيا وسياسيا.

وإذا كانت هذه التبعية غير منكورة إلا أن المسألة تبدو أعمق من ذلك، إذ إنها من ناحية أخرى موصولة بالإخوان، الذين هم على صلة وثيقة بالأمريكان، والذين هم على صلة أوثق بالإنجليز، ولمن لا يعرف فإن المخابرات البريطانية هى الرائدة فى العالم فى مجالات التجسس وإنشاء الأنظمة التابعة والموالية، أما المخابرات الأمريكية فهى تابعة فى المنهج والأسلوب بل وفى القيادة أيضا للمخابرات البريطانية، ولك أن تعلم أن المخابرات البريطانية بعد أن فقدت الإمارات العربية المتحدة بعد توحدها تحت زعامة الشيخ زايد إذا بها تنقل العطاء على قطر كإمارة تابعة لها من حيث الولاء والتوجيه والإدارة، وقد كانت بريطانية هى المشرفة على استخراج الثروة النفطية بتلك الإمارة عندما تفجرت آبار الذهب الأسود فيها، وعندما طالبت المملكة السعودية فى القرن العشرين بضم قطر لها باعتبارها جزءًا من منطقة الأحساء السعودية وقفت بريطانية ضد هذا الطلب إذ إنها كانت تعتبرها قاعدتها التى تسيطر من خلالها على منطقة الخليج كله، كما أن استقلال قطر عن السعودية وعن الإمارات يجعل منها أداة لبريطانية وأمريكا بالطبع لتهديد منطقة الخليج كلها متى شاءت، بل إن بريطانية من أجل خلق حالة من التوتر الدائم فى السعودية والإمارات قامت بتسليم ثلاث جزر إماراتية لإيران عندما أنهت احتلالها لدولة الإمارات، ولا تزال هذه الجزر إلى الآن تحت السيادة الإيرانية.

بريطانيا إذن كانت هى المبتدأ، وأمريكا هى المنتهى، وبين هذه وتلك كان الإخوان فى المنتصف، ولا غرابة فى ذلك، فالإخوان يتبعون من حيث النشأة والرعاية المملكة البريطانية، ويتبعون من حيث الإدارة والتوجيه الولايات المتحدة الأمريكية، وليس هذا الكلام من عندياتنا، إذ إن التاريخ يشهد عليه والحاضر الواقع يؤيده، وحين ادلهمت الخطوب بالإخوان فى مصر بعد ظهور عبدالناصر والنظام الثورى كانت الأوامر البريطانية للإخوان أن اذهبوا لقطر فإنها لهم فيها ذمة وصهرا، لهم فيها ملك خليجى من آل ثانى يرتع الإخوان عنده ويساعدونه على تكبير وتضخيم دولته، وهناك فى قطر أنشأ الإخوان لهم تنظيما قويا استطاع أن يكون التنظيم الأكبر تأثيرا فيها، بل إنه أصبح موازيا من حيث القوة لقوة الأسرة الحاكمة هناك.

ولكن كيف تكوَّن تنظيم الإخوان فى قطر؟ ومتى؟ البداية كما قلنا من مصر من خلال شيوخ الإخوان الذين تزعمهم الشيخ عبدالبديع صقر وتابعه الشيخ يوسف القرضاوي، هؤلاء الشيوخ ومن تبعهم ووالاهم ذهبوا إلى قطر هربا من مصر وكأن قطر كانت وظلت مأوى للهاربين من مصر الخارجين على قانونها وشرعيتها، وفى قطر اهتم شيوخ الإخوان فى الخمسينيات والستينيات ببناء المساجد والمدارس، والمعاهد الدينية، فمن خلالها يستطيعون توجيه العقول والسيطرة عليها، وبواسطة المخابرات البريطانية عقدوا صلات قوية مع الحكام، وكان أن وجهوا اهتمامهم للعمل الخيرى والدعوي، فتأثر بهم عدد من الشباب القطرى.

وفى منتصف السبعينيات تشكل تنظيم الإخوان القطرى من خلال اجتماع حضره مائة شخص قطرى بمباركة من يوسف القرضاوى والشيخ على السالوس، والشيخ محمد الغزالي، وقرروا تشكيل تنظيم الإخوان فى قطر بشكل رسمى وبمباركة من الحكام، وأنشأوه على نفس نظام تنظيم الإخوان الأم فى مصر.

فكانت قطر من الناحية التنظيمية بمثابة منطقة... وفيها أربع شُعَب، وكل شعبة فيها أربع أسر، وكل أسرة تتكون من خمسة أفراد، ثم هناك فى القمة مكتب إداري، واختار الإخوان هناك رجل من كبار العلماء القطريين كى يكون مراقبا عاما للإخوان هناك هو الشيخ «عبدالله الأنصاري» أحد مؤسسى إخوان قطر.

وكان الشيخ الأنصارى قد ارتبط ارتباطا وثيقا بالإخوان من خلال الشيخ يوسف القرضاوي، وفى منتصف الثمانينات جاء الأنصارى مع القرضاوى إلى مصر وتقابلا مع الشيخ عمر التلمسانى مرشد الإخوان، وفى أيامها رحب الإخوان ترحيبا كبيرا بالشيخ الأنصاري، وألقى درسا فى حضور الشيخ القرضاوى بمسجد خضر التونى بمدينة نصر الذى كان مسجدا جديدا استطاع الإخوان السيطرة عليه.

وفى تلك الزيارة أعطى الشيخ عبدالله الأنصارى البيعة للمرشد عمر التلمسانى نيابة عن إخوان قطر، وكلفه المرشد التلمسانى بأن يتلقى بيعة إخوان قطر نيابة عنه، وبهذا أصبح إخوان قطر أعضاء فى التنظيم الدولى للجماعة، وقد حضرت بنفسى جانبا من هذه الزيارة فى مقر الإخوان بشارع سوق التوفيقية، إذ إننى بعدها أخذت الشيخ عبدالله إلى لقاء «كتيبة إخوانية» فى حى الزيتون، حيث ألقى درسا دار معظمه حول تاريخه وتلقيه العلم وحفظه للقرآن وهو بعد طفل صغير وتتلمذه على بعض علماء الحرم وإعجابه بحسن البنا وأمنيته أن يراه ويجلس معه ولكن الله لم ييسر له هذا الأمر فمات البنا ولم يلتق به الأنصاري، ثم تحدث عن إعجابه بعمر التلمسانى وأنه شعر أنه أخوه الذى لم تلده أمه، وأظن أن الشيخ الأنصارى مات فى بداية التسعينيات.

ومن الشخصيات الإخوانية القطرية المهمة جاسم محمد سلطان، وهو أحد أكبر قيادات الإخوان السابقة فى قطر، وقد التحق بكلية طب القاهرة فى منتصف السبعينيات، وكان زميلا لعبدالمنعم أبو الفتوح وعصام العريان ومن خلالهما تعرف على الإخوان، إلا أنه لم يكن مهتما بدراسة الطب وكان اهتمامه الأكبر بدراسة العلوم الإنسانية والفلسفة والتاريخ، وهو عقلية منظمة ومرتبة، واكتسب ثقافة كبيرة من خلال نهمه الشديد للقراءة والاطلاع ومحاورة كبار الأدباء والمثقفين، وعندما عاد لقطر فى أوائل الثمانينات التحق بالإخوان وتعرف على يوسف القرضاوي، إلا أنه وقف أمام أشياء فى تاريخ الإخوان، منها عمليات الاغتيال التى قامت بها الجماعة فى الأربعينيات، وخلافهم مع جمال عبدالناصر، وعدم قيامهم بإجراء أى مراجعات فكرية، ووقوفهم عند أفكار حسن البنا، وتأثرهم بأفكار سيد قطب، وهو يرى أن أفكار الشيخ محمد عبده كان من الممكن أن تكون بداية جيدة للإخوان فى السبعينيات، إذ لو وقفوا عندما وأخذوا بها وطوروها لأصبحت حركة الإخوان حركة فكرية تجديدية فى ظنه ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأن تربيتهم لا تسمح لهم بالتجديد على الإطلاق.

ومن أفكاره يرى سلطان أن فكرة التنظيم أصبحت فكرة بالية لا قيمة لها، وأن الإخوان يجب أن يبتعدوا عن العمل السياسى الحركى وينطلقوا من العمل الفكرى التجديدي، ويرى أيضا أن فكرة إسقاط الدولة التى تبناها سيد قطب هى فكرة شيطانية، ويطالب سلطان فى مشروعه الفكرى بأن الدولة الحديثة يجب أن تنطلق فى فهمها للإسلام من نقطة «المصالح المرسلة»، فحيثما كانت المصلحة فثم وجه الله، وأننا لذلك يجب أن نهجر مدرسة النقل ونرفع من قيمة مدرسة العقل.

وتكمن أهمية جاسم سلطان فى أنه بدأ يفكر فى نهايات التسعينيات فى ضرورة حل تنظيم الإخوان فى قطر، وقال إنه لا ضرورة له، وكان جاسم يشغل وقتها موقعا قياديا كبيرا فى سلم التنظيم بقطر، ثم قام باستضافت مجموعة من المفكرين الإسلاميين الكبار من كافة أنحاء العالم وأجرى معهم حوارات مثمرة، وكان من هؤلاء الدكتور عبدالله النفيسى المفكر الإخوانى الكويتى الكبير الذى كان قد سبب غضب الجماعة الأم فى مصر بكتابه «أوراق فى النقد الذاتي».

وعقد النفيسى مجموعة من اللقاءات مع عدد من شباب الإخوان القطريين فى وجود جاسم سلطان، وانتهى معهم إلى أن قرار حل جماعة الإخوان فى قطر هو أعظم قرارات الجماعة عبر تاريخها، وخرج النفيسى ليكتب عن هذه التجربة، ويصدر فعلا جاسم ومعه مجموعة من شباب الإخوان القطريين قرارا فى ٢٠٠٠ بحل تنظيم الإخوان فى قطر، وكان وجه الأهمية أن القرار صدر من مجلس شورى الجماعة بقطر، ولكن الدكتور القرضاوى اعترض عليهم وامتعض من قرارهم، وقام بدعم المجموعة القطرية التى قررت الاستمرار فى التنظيم، وفى ذات الوقت اعترضت جماعة الإخوان فى مصر على هذا القرار وقالت إنه قرار متسرع غير حكيم، وأصدرت عصام العريان تصريحات ضد جاسم سلطان واتهمه بالرعونة، وفى ذات الوقت زعم الإخوان فى مصر فى تصريحات من كثير من قياداته أن إخوان قطر لم يكونوا تنظيما بالمعنى المعروف، ولكنهم فقط مجرد تيار معجب بنموذج الإخوان الفكري، وأنه ليس للإخوان تنظيما فى قطر، وكانت هذه التصريحات لتهوين الأمر أمام شباب الإخوان، ولإحباط كثير من الحركات الانفصالية، وبذلك يُعتبر جاسم سلطان القطرى هو أول منشق عن تنظيم الإخوان فى العصر الحديث، وفى دولة الخليج بشكل عام، تلاه بعد ذلك عبد النفيسى الكويتي، ولكن يُحسب لجاسم أنه نجح فى حل جزء من التنظيم.

وبعد حل التنظيم لنفسه فى قطر اجتمع مكتب الإرشاد فى مصر لدراسة الأمر فى غضون عام ٢٠٠٠، وكانت الكلمة الغالبة ساعتها للحاج مصطفى مشهور»ابو هاني»، الذى قرر أن يكون الأمر مثلما هو فى الكويت، بمعنى أن يستمر الإخوان القطريون الرافضون لقرار حل التنظيم فى البقاء داخل التنظيم ويسعون إلى استعادة التنظيم مرة أخرى وضم أشخاص جدد له، وأن يكون المسئول عنه يسمى «النائب» باعتباره سيكون نائبا للمرشد فى مصر فى إدارة دفة التنظيم القطري، وكانت كنية الأخ النائب الذى تم اختياره عام ٢٠٠٠هى «أبو عبد الله».

ثم يكون هناك تنظيم آخر للإخوان لا علاقة له بالتنظيم القطرى هو تنظيم المصريين، وفى بداية الأمر كان الأخ سامى عبدالجواد الهرم شقيق زوجة القرضاوى هو مسئول الإخوان المصريين هناك، وعندما عاد إلى مصر واستقر فيها أصبح الشيخ عصام تليمة هو مسئول الإخوان المصريين، وفى ذات الوقت كان سكرتيرا للقرضاوي، ثم هناك التنظيم الموحد الذى يضم إخوان من جنسيات مختلفة منهم الفلسطينى والسودانى واليمنى والنيجيرى والجزائرى والتونسى وهكذا.

وبذلك نجح الإخوان فى احتواء هذا التمرد التفكيكى ودفعوا حاكم قطر إلى تقديم صلاحيات واسعة لهم وتعيينهم فى مواقع حكومية حساسة، وساعدهم فى ذلك سطوة يوسف القرضاوى هناك، وكيف لا تكون له سطوة وهو الذى قام بتربية وتعليم أمير قطر الحالى عندما كان صبيا صغيرا، وتلك عادة قديمة من عادات الأمراء وهى استجلاب مؤدب ومرب ومعلم لأولادهم، يعلمهم التعليم الأولى إلى أن يشبوا عن الطوق، ولذلك ارتبط أمير قطر تميم بن حمد بمعلمه الشيخ القرضاوى ارتباطا وثيقا، واعتبره كأنه الأب الروحى له.

ليس الموضوع كما نتصور هو مجرد صلات إنسانية أو حتى تنظيمية بين الإخوان وقطر، فوجود بريطانيا وأمريكا فى ذات الدائرة يدل على أن قطر الآن هى عبارة عن قاعدة للقوات الأمريكية، وفى ذات الوقت هى قاعدة يستخدمها الأمريكان لإعادة صياغة المنطقة من الناحية الجغرافية والسياسية، والإخوان يتبعان قطر التى تؤويهم ، وما قطر والإخوان إلا أدوات فى يد قائد العالم يوجههما كيف يشاء.