وصف
خبراء سياسيون كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس بالقمة العربية الطارئة
بأنها جاءت شاملة وتضمنت رؤية ومقاربة سياسية وإستراتيجية للتصدي لتهديدات الأمن
القومي العربي، موضحين أن الكلمة هي دعوة للاصطفاف العربي، وتأكيد بدعم مصر لدول
الخليج، ورؤية مصرية للتعامل مع كل التحديات في المنطقة.
حيث أكد
الرئيس في كلمته أن أمن منطقة الخليج العربي يمثل بالنسبة لجمهورية مصر العربية
أحد الركائز الأساسية للأمن القومي العربي، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا وعضويًا بالأمن
القومي المصري، وأن أي تهديد يواجه أمن الخليج، ومن ثم الأمن القومي العربي، يقتضي
منا جميعًا وقفة حاسمة لمواجهته، بمنتهى الحكمة والحزم".
واستعرض الرئيس
عناصر الرؤية المصرية لكيفية التعاطي الحازم والحكيم مع التهديدات التي اجتمعنا
اليوم لمناقشتها، ومع التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي بشكل عام، وترتكز
هذه الرؤية على أربعة عناصر أساسية"، هي تفعيل دور المجتمع الدولي والعمل العربي
المشترك، ومقاربة استراتيجية لأزمات المنطقة، وحل القضية الفلسطينية وأزمات سوريا
وليبيا واليمن ومواجهة التدخلات الإقليمية.
رؤية
للتصدي لتهديدات الأمن القومي
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم
السياسية بجامعة القاهرة، قال إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس أمام
القمة العربية الطارئة في مكة المكرمة؛ كانت شاملة وذات أفكار واضحة وتضمنت رؤية
مصر ودعمها للأشقاء العرب لمواجهة التهديدات، مضيفا إن الرئيس عبر عن موقف مصر
المباشر تجاه أمن الخليج.
وأضاف فهمي، في تصريحات لـ"الهلال
اليوم"، أن الرئيس السيسي أكد أن الأمن القومي المصري يتماس مع الأمن القومي
الخليجي، وتطرق للتهديدات الإقليمية المباشرة والتصدي للحوثيين، مضيفا إن الكلمة
تضمنت أفكارا جديدة وكانت رؤية أو مقاربة سياسية للتعامل مع تهديدات الأمن القومي
العربي.
وأكد أن الكلمة تميزت في أربعة
محاور أولها عرض الرئيس للمقاربة الاستراتيجية والسياسة للتعامل مع مهددات الأمن
القومي العربي، والثاني تأكيد تضامن مصر مع الأشقاء في السعودية والإمارات، ضد أية
تهديدات تواجههم، والثالث هو وضع رؤية استشرافية واستراتيجية للتعامل مع هذه التهديدات
والتحديات، أما المحور الرابع عبر عن دور مصر في التصدي لأية تهديدات تواجه
المنطقة والتعامل معها برؤية جمعية، كما أنه لم يسم إيران بالتحديد في كلمته وهو
أمر يتفق مع المبادئ المصرية.
وأشار فهمي إلى أن الرئيس استعرض
أيضا الخطر الإسرائيلي والإرهاب الذي يهدد المنطقة ما لم تحل القضية الفلسطينية،
باعتبارها لب الأزمات في الشرق الأوسط، وطالب بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس
الشرقية، وحمل المجتمع الدولي مسئولياته في هذا الشأن.
وأضاف إن القمة الإسلامية المرتقبة
اليوم سيشارك فيها الرئيس استمرار لدور مصر التاريخي والفعال في منظمة التعاون
الإسلامي، حيث أن المرتكز الإسلامي ممثل هام في السياسة الخارجية المصرية، مشيرا
إلى أن الرئيس سيطرح في كلمته رؤية للتعامل مع قضايا العالم الإسلامي كالأقليات
والتطرف والموقف المصري تجاه كافة القضايا.
دعوة
للاصطفاف العربي
ومن
جانبه، قال الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات
الاستراتيجية، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس أمام القمة العربية الطارئة
في مكة جاءت شاملة وتضمنت رسائل هامة أبرزها التأكيد بأن القومي لدول الخليج جزء
مهم من الأمن القومي العربي وأن مصر معنية بحماية الأمن القومي الخليجي والعربي.
وأوضح الزنط، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الكلمة كانت دعوة للاصطفاف العربي والحفاظ على
الدولة الوطنية وهي رسالة هامة لأنه بدون دولة عربية قوية من الصعب تحقيق أمن قومي
عربي قوي، مضيفا إن الكلمة عبرت عن دعم مصر لدول الخليج ضد التهديدات الإقليمية
التي تواجهها.
وأكد أن الرئيس تناول ملف الإرهاب حيث
يعتبر ملف مكافحة الإرهاب هو الملف الأهم لمصر في هذه المرحلة، مضيفا أن القضية
الفلسطينية كانت أيضا محورا بارزا في كلمة الرئيس أمام القمة العربية، وستكون لها
أولوية في كلمته المرتقبة اليوم بالقمة الإسلامية، إلى جانب كافة التهديدات
الإقليمية.
وأشار إلى أن الرئيس استعرض أيضا
التي تسببها الدول الإقليمية للشرق الأوسط في إشارة إلى إيران وتركيا، مضيفا أن اللقاءات
الجانبية على هامش القمم الثلاث التي تستضيفهم مكة في تحمل أهمية كبرى للعمل
العربي المشترك لمواجهة التحديات الراهنة.
استراتيجية مصرية
فيما قالت الدكتورة نهى بكر، أستاذ
العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس أمام
القمة العربية الطارئة بمكة المكرمة، كان شاملا لكل القضايا والتحديات، ولكل ما يدور
في المنطقة وموقف مصر من تلك التحديات، موضحة أنه تضمنت رسائل واضحة بأن الأمن الخليجي
جزء من الأمن القومي لمصر.
وأوضحت بكر، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن الخطاب تضمن رؤية مصرية للتعامل مع مهددات الأمن القومي العربي استعرضها
الرئيس في أربعة عناصر رئيسية، وهي العناصر التي ترتكز عليها الاستراتيجية المصرية
ويؤكد عليها الرئيس بشكل دائم في خطاباته سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وأضافت إن مصر تمتلك إستراتيجية واضحة
في سياساتها الخارجية ومواقف ثابتة وأثبتت التجربة أن رؤية مصر على صواب سواء بشأن
ضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب أو وقف التدخل في الشئون الداخلية للدول أو حل
القضية الفلسطينية حلا عادلا شاملا يلبي طموحات الشعب الفلسطيني وضرورة الحلول السلمية
للأزمات.
وأكدت أن الرئيس أعاد تأكيد الموقف
المصري تجاه القضية الفلسطينية والذي عبر عنه دائما وطالب أمام الأمم المتحدة بالمفاوضات
بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مضيفة أن كلمة الرئيس بالقمة أمس اتسمت أيضا بالاتزان
في إطار سياسة مصر الخارجية التي لا تسعى للإثارة إنما إلى تحقيق السلام في المنطقة.