أكد الرئيس عبد
الفتاح السيسي، اليوم الأحد ، في كلمته خلال الاحتفال بليلة القدر الذي أقامته وزارة
الأوقاف بمركز مؤتمرات الأزهر بمدينة نصر، أن من يؤثر على الدين وصورته لدى الغير بشكل
طيب أو غير طيب هو أهله، وأن كل دين بطبيعته قوي والذي يضعفه هم أهل هذا الدين وممارساتهم
الفعلية.
ودعا الرئيس السيسي
- في تعليق له قبيل بدء كلمته خلال الاحتفال - إلى ضرورة الاستفادة مما يحويه تراثنا
من ضرورة مراعاة اختيار الرجل المناسب للوظيفة المناسبة بغض النظر عن اسم الشخص أو
مكانته، وهو ما يتم مراعاته من جانبنا.
ودعا كذلك لضرورة
أن نُعمل الفكر والعقل النقدي عند تناولنا لأي مسألة طالما كان ذلك بعيدا عن الثوابت.
وأشار الرئيس السيسي
إلى ضرورة أن نتحلى في خطابنا عن الغير بعدم الإساءة، لافتا إلى أنه كان حريصا منذ
توليه موقعه على ألا يقل لفظا خادشا أو مسيئا لأحد سواء كان عدوا أو حبيب حتى في أحلك
الأوقات وأصعبها.
وعلق الرئيس السيسي
على ما أشار إليه وزير الأوقاف في كلمته من تفسير للآية الكريمة "ومن أحياها فكأنما
أحيا الناس جميعا" بأن الفهم الصحيح للآية أن المطلوب ليس فقط الحفاظ على حساة
الإنسان وإنما يتسع المعنى ليشمل كل ما يحافظ على سلامة الإنسان ومصلحته، معطيا مثلا
بأن منح أي دولة مسلمة تأشيرة دخول لأي ضيف مهما كان دينه أو عقيدته تعني بالضرورة
أن تحافظ على حياته وسلامته. معربا عن أسفه من أن وجود بعض أصحاب الفكر المتشدد والمغلوط
للدين يجعل المسلمين غير آمنين في بلادهم.. وقال "نحن نتعرض للقتل ليس فقط منذ
خمس سنوات ولكن منذ سنوات طويلة بأيدي أناس منا، وننفق على تأميننا مبالغ هائلة نتيجة
هذا الفكر المغلوط للدين".
ودعا الرئيس السيسي
إلى مراقبة ومراجعة أفعالنا وأقوالنا وأن نتذكر دائما أننا سنقف جميعا أمام الله ونحاسب
على ذلك. وقال إنه ينتهز فرصة الاحتفال بليلة القدر لنسأل أنفسنا مجددا هل نحن كبشر
نقدم ما يليق في كل ممارساتنا وسلوكياتنا؟ لكنه أشار إلى أن سلوكياتنا وممارساتنا لا
تتقدم أبدا ولا تزال بعيدة عن ذلك.
وأكد الرئيس السيسي
أن فهمه للدين الإسلامي الصحيح هو ما يدفعه إلى الحرص على تقديم التهنئة لأشقائنا المسيحيين
أو السماح لهم ببناء كنيسة.. قائلا "نحن لا نحب أن نقول مسلم ومسيحي"، مشيرا
أن "من لديه فهم للدين غير ذلك فيكون قد أساء فهم الدين الصحيح".. داعيا
إلى مشاركة أشقاء الوطن في أفراحهم واحتفالاتهم.
وأضاف "إذا
كان هناك من يجد غضاضة عندما يرى كنيسة أمامه فعليه أن يفتش في كمال إيمانه أولا، وعليه
أن يهتم بنفسه وبحاله عسى أن ينجو بنفسه يوم القيامة أمام الله، وعليه أن يكون أمينا
على دينه وليس على دين الآخرين".. وأكد أن "علينا أن نراجع أنفسنا دائما
فكثيرا ما يكون هناك انفصام بين ممارساتنا والفهم الصحيح للدين".
وعقب ذلك بدأ الرئيس
السيسي في تلاوة كلمته المكتوبة بهذه المناسبة:
"بسم الله
الرحمن الرحيم.. فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف.. العلماء الأجلاء .. ضيوف
مصر الأعزاء .. الحضور الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته."
"نحتفل اليوم
معا بليلة القدر التي جعلها الله سبحانه وتعالي خيرا من ألف شهر فأنزل فيها القرآن
الكريم، هداية للناس ورحمة للعالمين ومنهاجا قويما يحفظ للناس حقوقهم، ودمائهم، وأعراضهم،
وأموالهم، ويبين لهم واجباتهم إزاء أنفسهم ومجتمعاتهم وأوطانهم."
"وفي هذه
المناسبة الكريمة أتوجه إلى الله العلي القدير أن ينعم على وطننا الغالي بالخير والرخاء
وعلى الأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء بالأمن والأمان والاستقرار والازدهار".
" كما يطيب
لي أيضا أن أتوجه إلى شعب مصر العظيم وشعوب الدول العربية والإسلامية بالتهنئة بهذه
المناسبة الكريمة وأدعوهم إلى استلهام روح المناسبة المفعمة بكل معاني الرحمة والخير
والامتثال لأوامر القرآن الكريم والنبي العظيم صلى الله عليه وسلم الذي أوصانا بالتراحم
والتكاتف والبر وصلة الأرحام والوفاء بالحقوق والواجبات والعمل الدؤوب لعمارة الكون
وصناعة الحضارات".
" كما أود
أن أرحب بضيوف مصر الأعزاء، مهنئا أبنائنا حفظة كتاب الله بهذه النعمة، التي من بها
الله عليهم، مؤكدا أن تمامها يتطلب منا جميعا حسن الفهم لمعاني القرآن الكريم ومقاصده
السامية والتحلي بأخلاقه الكريمة، ونبذ كل عوامل الفرقة والتعصب الأعمي المقيت، إعلاء
لكلمة الله عز وجل وإنفاذا لتعاليم دينه السمحة التي نستقيها من كتابه الكريم وسنة
نبيه صلي الله عليه وسلم الذي ترجم هذه القيم النبيلة إلى سلوك وأفعال، فكان بحق خلقه
القرآن، فما أحوجنا اليوم لتطبيق هذه القيم العظيمة وتحويلها إلى واقع وسلوك عملي اقتداء
برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم".
"ولا يفوتني
أن أتوجه بالتحية والتقدير إلى علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف منارات العلم الوسطي
القائمين على تصحيح المفاهيم الخاطئة والتصدي للغلو والتطرف الفكري ونشر سماحة الدين
والتعريف بجوهر الإسلام الحقيقي، الذي يدعو إلى التسامح والرحمة وإعمال العقل في خضم
هذه الأمواج العاتية من التشدد والتطرف الفكري مما يحمله من مخاطر حتى على الدين نفسه".
"شعب مصر
العظيم، إن هدفنا الأساسي هو الحفاظ على جوهر الدين وتوعية النشء والشباب لإدراك مخاطر
الفكر المتطرف من جهة وحجم التحديات والمخاطر من جهة أخرى، ولا شك أن الخطاب الديني
الواعي المستنير أحد أهم عناصر المواجهة مع الفكر المتطرف الهدام، ولذا فأننا نأمل
في بذل مزيد من الجهد والعمل المستمر لنشر الفهم والإدراك السليم بقضايا الدين والوطن،
من أجل تحقيق مستقبل أفضل لنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة".
"ولنتذكر
دائما أن أمتنا هي خير أمة أخرجت للناس واعتصمت بحبل الله عز وجل وتحصنت بالوعي والعمل،
كما أؤكد على أهمية إعلاء لغة الحوار واحترام الآخر والإيمان بحق التنوع والاختلاف
وترسيخ أسس المواطنة والعيش الإنساني الكريم لتحقيق الأمان والسلام للجميع، كل عام
وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".