أثير بالندوة التي عقدت أمس الثلاثاء 4 أبريل، بمكتبة البلد، لمناقشة رواية "حافة الكوثر"، للشاعر والكاتب الصحفي على عطا، نقاش مطول بين الحضور حول كيفية قراءتها وتصنيفها سواء بانتمائها إلى أدب الاعترافات، أو إلى ككتابة روائية بعيدة عن شخص المؤلف، أو كأدب نفسي.
ورأى "الشامي"، أن الكلمة الأولى من عنوان الرواية "حافة الكوثر"، تشير إلى الخطر، ربما السقوط أو الموت، وفي الوقت ذاته يعني العنوان حالة بينية، يمكن قراءاتها عبر الشخصية الرئيسية التي تقع في حالة بينية ما بين المرض أو الاضطراب النفسي، وما بين الصحة النفسية.وفيما يتعلق بثورة الخامس والعشرين من يناير، فربما تشير كلمة حافة إلى أن الرواية لم تخض في الثورة بقوة، في ذات الوقت وقفت موقف المشاهد، كون الأماكن الرئيسية في الرواية تقع على حافة ميدان التحرير، مثال حي جاردن سيتي، مما أتاح للشخصية الرئيسية أن تكون على حافة الثورة.
الشاعر محمود قرني يرى أن الرواية تستغرق في الإجابة على سؤالين محوريين أولهما "هل يصلح الكوثر أن يكون وطنا بديلا لناسه؟ وهل تعتبر الكتابة خلاصا من قسوة هذا العالم؟..ويقول أن "الكوثر" حسبما تكشف الرواية هو مستشفى للأمراض النفسية التي يعالج بها الراوي كلما عاودته نوبة اكتئابية، وهي على ما يبدو تتحول من مكان للاستغراق في خرائب الروح إلى جغرافيا كاشفة لواقع مجتمعي يكتظ بالتناقضات، تتبدى فيه مهاوي الأزمات الاجتماعية.
ويصنف "قرني"، ضمن أدب الاعترافات، ويرى أن الشاعر على عطا الذي ولد بجوار دار بن لقمان مسقط رأسه بمدينة المنصورة، لم تلفحه ريح الحكمة، ومن المؤكد أنه لو تلبس ثوب الحكمة لم يكتب ليكتب تلك الرواية، معتبرًا أن أدب الاعتراف لا يحتاج لحكماء قدر حاجته لمغامرين يؤمنون بدور الكتابة كفعل تطهري.
وينتقل الشاعر محمود قرني إلى الحديث عن لغة المؤلف، ويقول أن على عطا الشاعر منذ ديوان الأول تبدو قناعته باللغة التحليلية عميقة بدرجة تجعل منه ساردًا من طراز خاص، من هنا نستطيع القول أن رواية "حافة الكوثر" ظلت على مدار قراءاتها تمثيلا لعزيف من نوع خاص، عزيف يمكن وصفه بعزيف ما وراء المادة، أي أن الروح التي تشبعت بها آلام السارد باتت خارج مفهوم الشعور كواحد من نواتج الوجود البشري، لذلك سيشعر قارئ الرواية أنه يذهب طائعا إلى كل منابع البكاء المكتوم الذي صار عنوانا لتلك الكتل البوهيمية التي تولده فوائض الألم.
واختتم قائلا: أتصور أن نجاح على عطا في امتلاك مهارة الضغط على أعصاب اللغة ومهارة اصطياد تراتبية المشهد السردي، مكنه في النهاية من صناعة تلك المسافة المحايدة والدقيقة التي تفصل عادة بين الرواية كبنية موضوعية تعيد صياغة مفهومنا عن الذات وبين التصورات التي تغري أصحابها بتقديس حكايات فاسدة.
من جانبه اعتبر الناقد الدكتور يسري عبد الله أن "حافة الكوثر" مسكونة بالمرارة، وأن التدفق السردي فيها ليس اعتباطيا على الرغم من عفويته الظاهرية، فثمة سارد رئيسي يقبض على زمام الحكي في النص، ويضع المقاطع السردية ويعيد توظيفها وتشكيل المشهد السردي برمته، بدءا من لحظات التوتر الدرامي في المفتتح، التي تتجاوز الركود المعتاد للاستهلال السردي، وبما يليق بنص متوتر بالأساس على المسارين النفسي والجمالي، ثم الحكي عن (مصحة الكوثر للأمراض النفسية) بشخوصها الغارقين في المأساة، والممثلين لمآس تتجاوز ذواتهم المعتلة إلى واقع محمل بالزيف والاستبداد والكراهية.
وقدم الشاعر والروائي على عطا، قراءة من الفصل الواحد والعشرين للرواية على الحضور الذي تنوع بين القراء، والصحفيين، والأدباء من بينهم الروائي حمدي الجزار، والكاتب يحيى مختار، والكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، والروائي صبحي شحاتة، والكاتب الصحفي سيد محمود، والروائية سعاد سليمان، والقاصة جمال أريج، والروائية ضحى عاصي، والشاعر عبده مقلد، واستمرت ما يزيد على الساعتين من النقاش.
واختتمت الندوة بكلمة الكاتب على عطا، حول روايته بأن الشخصية الرئيسية في الرواية مريض بالاكتئاب، متمنيًا أن تساهم الرواية في دحض الصورة الشائعة عن مرض الاكتئاب، باعتباره إحساس يصيب الإنسان صباحًا ويتعافى منه مساءًا، لكنه في حقيقة الأمر مرض نفسي خطير.مقدمًا الشكر لكل من تلقى العمل وحضر الندوة.