أكد دبلوماسيون أن المنتدى
الأفريقي الأول لمكافحة الفساد هو بداية للتعاون القاري لمواجهة هذه الآفة التي
تعرقل انطلاق القارة نحو الرخاء والتنمية وتستنزف مواردها، موضحين أن التجربة
المصرية في مجال التصدي للفساد وتعزيز الشفافية تساعد دول القارة باعتبارها قدوة
لتلك الدول حيث حققت مصر نتائجا إيجابيا في هذا الصدد.
ومن المرتقب أن تنطلق من مدينة السلام
شرم الشيخ، فعاليات المنتدى الأفريقي الأول لمكافحة الفساد والذي يعقد على مدار يومي
الأربعاء والخميس المقبلين 12 و13 يونيو، بمشاركة وزراء العدل والداخلية ورؤساء هيئات
مكافحة الفساد والمركزي للمحاسبات والكسب غير المشروع في الدول الأفريقية، ومن المتوقع
حضور أكثر من 200 مسئول أفريقي رفيع المستوى.
وتشمل أجندة المنتدى المقترحة عقد خمس
جلسات على مدار اليومين إلى جانب الجلسة الافتتاحية والتي ستشمل كلمة الرئيس عبد الفتاح
السيسي، وعرض فيلم وثائقي بعنوان "أفريقيا على طريق التنمية"، والجلسة الختامية
لعرض قرارات وتوصيات المنتدى والتي ستكون تحت شعار دور الإرادة السياسية في إنجاح جهود
مكافحة الفساد في القارة الأفريقية.
بداية لتعاون الدول لمكافحته
السفير
محمد الشاذلي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، قال إن المنتدى الأفريقي
لمكافحة الفساد الذي سيبدأ فعالياته بشرم الشيخ الأربعاء المقبل يكتسب أهمية خاصة
نظرا لخطورة الفساد على الدول وتأثيره المدمر على كل خطط تقدم الدولة واستقرارها،
حيث أن أفريقيا من أكثر بقاع العالم تأثرا بالفساد.
وأوضح
الشاذلي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الفساد مشكلة حقيقية في القارة
الأفريقية وكان الكثير يتحفظ عن الحديث عن هذا الموضوع، إلا أن الاعتراف هو خطوة
مهمة للعلاج، لأن القارة من أثرى قارات العالم في مواردها وما يعطل انطلاقها
للرخاء هو مجموعة عوامل منها عدم الاستقرار والقبلية والعنصرية والفساد.
وأكد
أن مواجهة هذه الآفات هو خطوة مهمة نحو القضاء عليها وانطلاق أفريقيا إلى مرحلة
جديدة من الاستقرار، مضيفا أن طرق مكافحة الفساد هي الشفافية والمحاسبة، طالما أن
هناك شفافية من الصعب التستر على الفساد ويمكن كشفه، كما أن المحاسبة الحاسمة
ضرورة في هذا الشأن، إلى جانب أهمية التكاتف الإقليمي والدولي في مكافحة الفساد
لمنع انتقال الأموال غير المشروعة إلى الخارج وإعادتها لأصحابها الشرعيين من الشعب
وأن تمتنع الدول عن تلقي أموال غير مثبت شرعيتها.
وأضاف
إن القارة الأفريقية تقدمت خطوات للأمام في مجال مكافحة الفساد وتمتلك اتفاقية
هامة في هذا الشأن دخلت حيز التنفيذ في 2006، لكن لا زال الطريق طويلا فنحتاج
لإرادة سياسية وحزم في تنفيذ بنود الاتفاقية، مضيفا أن مصر هي قدوة في هذا المجال
بالنسبة للدول الأفريقية، فمؤخرا طالت يد العدالة والقانون شخصيات في مراكز كبيرة
دون أي حساسية للمنصب.
وأشار
إلى الدور الكبير الذي تقوم به الرقابة الإدارية في مصر في كشف العديد من حالات
الفساد، مضيفا إن مصر تضرب المثل والقدوة، إلى جانب كونها رئيسا للاتحاد الأفريقي
العام الجاري، مما يعطي زخما للدور المصري والمبادرة المصرية باستضافتها لمثل هذا
المنتدى الأول من نوعه.
دور محوري لمصر
ومن جانبه، قال السفير صلاح حليمة،
مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن المنتدى الأفريقي لمكافحة الفساد
المقبل بشرم الشيخ يهتم بقضايا الفساد والتطلع لمعرفة الجهود الوطنية في بعض الدول
الأفريقية ومن بينها مصر من خلال تجاربهم الناجحة في مكافحة الفساد وما حققوه من إنجازات
في هذا الصدد.
وأوضح حليمة، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن المنتدى سيبحث أيضا تأثير مكافحة الفساد على
التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة وفقا لأجندة الاتحاد الأفريقي 2063 وما
يترتب عليها من نتائج إيجابية ستدفع عملية الاستثمار في كافة المجالات كالبنية
التحتية والتعليم والكهرباء والطاقة والصناعة.
وأكد أن مصر سيكون لها دورا محوريا
في هذا الشأن، باعتبار تجربتها في مكافحة الفساد، خاصة أن المشاركة ستكون من وزراء
العدل والداخلية والجهات والمؤسسات العاملة في مجال مكافحة الفساد في مصر أو دول
أخرى ويقدر عدد المشاركين بنحو 200 مشارك رفيع المستوى.
وأضاف إن المنتدى متوقع خروجه
بنتائج إيجابية في قضية مكافحة الفساد على النحو الذي يمكن القارة من توفير
مليارات الدولارات التي تخسرها بسبب الفساد، مضيفا أن التقديرات تشير إلى فقدان
القارة 50 مليار دولار سنويا بسبب الفساد فضلا عن نحو 100 مليار دولار بسبب مكافحة
المخدرات وبعض الأمور المتعلقة بالفساد.
وأشار إلى أنه يمكن توفير ما يقرب
من 150 مليار دولار للقارة يمكن توجيهه للتنمية وسيحقق قفزات كبيرة في إطار سعي
الدول الأفريقية إلى تنمية وتطوير اقتصادياتها، موضحا أن الاتفاقية الأفريقية
لمكافحة الفساد التي تم اعتمادها في 2003 وصدق عليها 44 دولة حتى الآن من إجمالي
55 دولة ستكون مرجعا في هذا الشأن.
وتابع أن المنتدى يهدف بشكل أساسي
إلى التعرف على تجارب الدول الأفريقية وخاصة مصر فيما حققته من نتائج إيجابية
وبناءة بموجب الأجهزة الرقابية، ودراسة ما يمكن أن تحققه مكافحة الفساد في عملية
التنمية، وهذا يقتضي التعاون بين الأجهزة على كافة المستويات سواء في الإطار
الثنائي أو المتعدد، مؤكدا أن مصر ستعلب دورا حيويا في هذا المجال بحكم رئاستها
للاتحاد الأفريقي.
نقل التجربة المصرية
وقالت السفيرة سعاد شلبي، مساعد وزير
الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن الرئيس عبد الفتاح منذ توليه مقاليد الحكم
وهو يولي اهتماما كبيرا بملف مكافحة الفساد وهو أحد أولويات الحكومة وشكلت
الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد، مضيفة أنه قدم مبادرة لعقد المنتدى الأفريقي
الأول لمكافحة الأفريقي في قمة 2018.
وأوضحت شلبي، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن المنتدى هو أحد الأنشطة بعد أن تولت مصر رئاسة
الاتحاد الأفريقي في 2019 لمشاركة التجربة المصرية في مكافحة الفساد مع الدول
الأفريقية ونقل الخبرات وتدريب القدرات البشرية في هذا المجال، مضيفة أن المنتدى
مهم وسيشارك به رؤساء أجهزة مكافحة الفساد ووزراء بالدول الأفريقية.
وأشارت إلى أن الاتفاقية الأفريقية
لمكافحة الفساد تم التوقيع عليها في 2003 ودخلت حيز التنفيذ في 2006، ووقع عليها
الرئيس السيسي في 2017 وصدق عليها بعدها بأشهر، مؤكدة أن مصر تعتبر قدوة للدول
الأفريقية في مجال التصدي للفساد وتعزيز الشفافية وتحاول تنفيذ الاتفاقية التي وقعت
عليها وتدعو الدول الأخرى لوضع قوانين وإنشاء هيئات لمكافحة الفساد.
وأكدت أن هناك مشاركة كبيرة من
الدول الأفريقية للنقاش وتبادل الخبرات خلال جلسات عمل المنتدى والتي ستبحث الجهود
الوطنية لمكافحة الفساد في عدد من الدول الأفريقية ومن بينهم مصر، ودور مكافحة الفساد
في تنمية القارة، وتنمية الموارد البشرية ليكونوا قادرين على محاربة الفساد
والرقابة على المؤسسات والتصدي للكسب غير المشروع.
وأضافت إنه من المهم أن تنقل مصر
تجربتها للدول الأفريقية لمكافحة الفساد ماليا وقانونيا ويضعوا آليات لاسترداد
الأموال المنهوبة والمهربة بالخارج، ومشيرة إلى أن المنتدى سيبحث أيضا دور الإرادة
السياسية في إنجاح جهود مكافحة الفساد.