قال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول
العربية إن أي تعاون مثمر بين الجامعة والمجلس الامن يجب أن ينطلق من إرساء ترتيب
دائم ومؤسسي لتبادل المعلومات– بشكل يتسم بالشفافية وأيضاً بالصراحة – بين
الجانبين، كي يكون المجلس مطلعاً على رؤية وتقديرات المنظمة الإقليمية المعنية،
ويتمكن من بلورة الموقف المناسب وتبني الإجراء السليم الذي ينسجم مع هذه الرؤية
وتلك التقديرات عند تناول أي قضية من قضايا المنطقة.
جاء لك خلال كلمته أمام مجلس
الأمن حول "تعزيز التعاون والشراكة بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية
ودون الإقليمية: التعاون بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية "
وأضاف أبو الغيط أن هذه الدعوة ليست في حقيقة
الأمر جديدة، وينبغي فقط الإلتزام بإنفاذها، إذ أنها تمثل مبدأً مستقراً في علاقات
المجلس مع منظمات إقليمية ودون إقليمية أخرى.
وتابع إن الأمر يتطلب بالتوازي مع ذلك الارتقاء
بمستوى التنسيق والتفاعل مع الجامعة من قبل مبعوثي وممثلي الأمم المتحدة إلى مناطق
النزاعات والأزمات العربية، على النحو الذي يقود حقاً إلى وجود فهم موحد ومشترك
لأسباب اندلاع أو استمرار هذه الصراعات، ويفضي إلى عمل تكاملي ومتناسق بين
المنظمتين لتسويتها.
وأشاد أبة الغيط بالالتزام الذي يبديه المبعوث
الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وبتعاونه مع الجامعة، وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة
التي تمر بها ليبيا عقب اندلاع المعارك حول العاصمة طرابلس وتراجع المسار السياسي
الذي كان يرعاه والذي كانت الجامعة تدعمه بالكامل.
وقدر أبو الغيط عالياً نهج المفوض العام لوكالة
الأونروا في التنسيق والتفاعل المنتظم مع الجامعة وخاصة من أجل مواجهة الأزمة
المالية الحادة التي أصابت موازنتها وأضرت بعملياتها في خدمة اللاجئين الفلسطينيين.ويمثل
هذا النوع من التعاون نموذجاً إيجابياً نأمل في أن يُحتذى به في تعظيم التنسيق بين
الجامعة ومبعوثي وكبار مسئولي الأمم المتحدة المعنيين بقضايا المنطقة العربية.
وأوضح أبو الغيط إن التعاون الذي نتطلع إليه مع مجلس
الأمن وأجهزة الأمم المتحدة يجب أن يمتد ليشمل كافة مراحل الإنذار المبكر والوساطة
والمساعي الحميدة والدبلوماسية الوقائية وتسوية النزاعات وبناءوإستدامة السلام بعد
إنتهاء الصراع، مشيرا الى أن هناك أمثلة متعددة من العمل المشترك الذي أقمناه
سوياً في هذه المجالات، لعل أبرزها كان تعيين الممثل الخاص المشترك للأمم المتحدة
والجامعة لسوريا عام 2012، وكذا إنشاء المجموعة الرباعية المعنية بليبيا بين الأمم
المتحدة والجامعة والإتحادين الأوروبي والأفريقي.
ولفت أبو الغيط أنه يجب علينا إستخلاص الدروس
المستفادة من هذه التجارب ومثيلاتها، والعمل على تكرار ما تحقق من نجاحات بفضلها
في الحالات الأخرى، القائمة أو الناشئة، التي تستلزم تحركاً مشتركاً لمنع نشوب
الأزمات فيها أو للحيلولة دون تفاقمها وصولاً إلى تسويتها وتحصينها من مخاطر
تجددها.
ورحب أبو الغيط بالدعم المؤسسي الذي تقدمه لنا
الأمم المتحدة لبناء القدرات الذاتية للجامعة في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين
في المنطقة العربية، والتي نسعى إلى تطويرهـاللوصول إلى مرحلة تشكيل وإيفاد بعثات
سلام ميدانية في مواقع الأزمات العربية في المستقبل القريب.
وأكد أبو الغيط إن الجامعة العربية، رغم جسامة
التحديات التي تواجه منطقتنا، تظل كمنظمة إقليمية وكتجمع لدولها الأعضاء شريكاً
فاعلاًفي منظومة العمل متعدد الأطراف ومساهماً رئيسياً في جهود صون السلم والأمن
الدوليين ليس فقط في المنطقة العربية وإنما في الجوار الجغرافي للعالم العربي
وغيرها من مواقع الأزمات؛ فهناك دول عربية مثل مصر والأردن والمغرب التي تتصدر
قائمة الدول المساهمة بقوات وأفراد شرطةفي عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
وتعد دول عربية مثل الكويت والسعودية والإمارات
وقطر من أكبر الدول المانحة إسهاماً في تقديم مساعدات الإغاثة الإنسانية لمعالجة
الأزمات الإنسانية في سوريا والعراق واليمن والصومال ودعماً لموازنة وأنشطة وكالة
الأونروا.
كما أن دولاً عربية اضطلعت بدور دبلوماسي ملموس لرعاية
المصالحات التاريخية في القرنالأفريقي، وتقدمت أيضاًبدعم مالي ولوجيستي لدول منطقة
الساحل لتعزيز قدراتها على مكافحة جماعة بوكو حرام والتنظيمات الإرهابية الأخرى
الناشطة على أراضيـها.
وهنــــــــاك مؤسسات عربية عريقة مثل الأزهر
الشريف شريكة في تحالف الأمم المتحدة للحضارات وداعمة للحوار بين الأديان والشعوب
بشكل ينمي ثقافة السلام والإعتدال والتسـامح في منطقتناالعربية وخارجها.
وحذر أبو الغيط مجدداً من مخاطر ابقاء الوضع
الفلسطيني على ما هو عليه على الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط برمتها، وخاصة
في ظل الممارسات القمعية لإسرائيلضد الشعب الفلسطيني، وسعيها المحموم إلى التوسع وضم
الأراضي العربية، بل والتشكيك بالحق الفلسطيني ذاته وعدالة قضيته، والسعي عوضاً عن
ذلك إلى شرعنة احتلال الأرض ثم ضمها بطريقة غير قانونية، عبر الاعتراف بالقدس
المحتلة عاصمة لإسرائيل، والتشكيك في قضية اللاجئين العادلة التي تبنتها هذه
المنظمة منذ سبعين عاماً.