قال أحمد أبو الغيط
الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن أحداً لا يجادل في أن الهدف المنشود لأي علاقة
جوار هو النفع المشترك لطرفيها، مشيراً إلى أنه لا شك أن العرب كغيرهم من شعوب الدنيا،
لا يسعون سوى إلى حسن الجوار ومد جسور التعاون لمواجهة التهديدات المشتركة في منطقة
تموج بتحديات أمنية وسياسية واجتماعية وبيئية، كان من شأنها أن تفرز أوضاعاً استثنائية
تمثلت في حالات نزوح كبرى وغير مسبوقة
جاء ذلك في ندوة
للبرلمان العربي بعنوان "نحو بناء استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع دول الجوار
الجغرافي".
وأضاف أبو الغيط
في كلمته: إنني أتحدث هنا على وجه التحديد عن دولتين جارتين للعالم العربي، هما إيران
وتركيا، لافتا إلى تأزم الأمور معهما في الآونة الأخيرة إلى حد صار معه الحوار صعباً،
بل وغير مجدٍ في الوقت الحالي من وجهة نظري .
وأشار إلى أن الحوار
لغرض الحوار، من دون إطار مفاهيمي يحكمه أو نقاط مرجعية تضبطه، لا يكون سوى تمرين ذهني،
أو استعراضٍ شكلي.. لا يُعالج القضايا الجوهرية ولا يؤسس لعلاقة صحية.
وتابع أبو الغيط
إن أصل المعضلة –من وجهة نظري- يتمثل في أن كلا الدولتين يحمل مشروعاً سياسياً يرى
تطبيقه خارج حدود دولته وبالتحديد في المنطقة العربية، مشيراً إلى أن ايران تعتبر المنطقة
العربية ساحة مفتوحة ومباحة لمشروعها التوسعي، وتُعطي لنفسها حق التدخل في أزمات الدول
العربية، بل إشعال هذه الأزمات في أحيان كثيرة، من أجل الدفع قُدماً بهذا المشروع الذي
يتعارض مع أسس الدولة الوطنية على طول الخط.
وعن تركيا قال الأمين
العام، إنها تدفع بمشروع آخر لا يقل خطورة.. يعتنق الإسلام السياسي في ثوب من العثمانية
الجديدة ويسعى إلى الترويج لمنطلقاته الأيديولوجية في منقطةٍ ثبت أنها ترفض هذا المشروع،
مشيراً إلى أنها من جانب آخر، تُعطي لنفسها الحق بالتدخل والتوغل في أراضي دولٍ عربية
دفاعاً عما تعتبره أمنها القومي، ومن دون أي اعتبار لأمن الآخرين أو سيادة الدول.
وشدد أبو الغيط على أن كلا المشروعين، الإيراني والتركي، توسعي ويؤسس
لعلاقة تقوم بين طرف مُهمين وآخر تابع وكلاهما يقفز فوق الدول وسيادتها، مشيرا إلى
انه نظرٌ قاصر يقتنص مغانم قريبة ولا يهتم بعلاقة طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة،
وتُحقق منفعة مشتركة للجميع عبر التعاون في مواجهة تهديدات، هي بطبيعتها، تستلزم حواراً
إقليمياً.
وأكد أبو الغيط على
أن أي تعاملٍ مع جوارنا الإقليمي، ولكي يكون نافعاً ومجدياً، لابد أن يسبقه اتفاق بيننا
كدول عربية على أولويات أمننا القومي، وتوافق واضح حول منطلقاتنا الاستراتيجية الرئيسية،
مشيرا إلى انه لا يُضعف الموقف العربي شيء قدر الحوار مع الآخرين فرادى.. من دون أولويات
واضحة متفق عليها، أو موقف جماعي محدد ننطلق منه.