الأحد 19 مايو 2024

التفاصيل الكاملة لأزمة بيع رأس "توت عنخ آمون".. الخارجية تطالب لندن بمستندات الملكية.. صالة العرض: أعلنّا عن المالك الحقيقي.. حواس: القطعة مسروقة من الكرنك.. "الأعلى للآثار": سنلاحق المشاركين بالمزاد

تحقيقات4-7-2019 | 20:01

رغم المطالبات العديدة من الدولة المصرية لصالة مزادات "كريستيز" بلندن، بوقف بيع 32 قطعة أثرية فرعونية، إلا أن الصالة بدأت اليوم أولى خطواتها في تجاهل المطالب المصرية، وأقامت مزادًا أمس الأربعاء، عرضت خلاله جزءًا كبيرًا من هذه القطع للبيع، بما في ذلك رأس حجرية أثرية للملك توت عنخ أمون التي تعد الأبرز بين هذه القطع بما لا يقل عن أربعة ملايين يورو، والذي يعتقد أن عمره يزيد على ثلاثة آلاف عام. 



الخارجية المصرية تحركت فور إعلان الصالة بالمزاد بالشهر الماضي، وخاطبت وزارة الخارجية البريطانية وصالة المزادات لوقف عملية البيع، والتحفظ على رأس التمثال، كما طالت بإعادته إلى مصر، ووقف بيع باقي القط الأثرية المصرية بالصالة يومي 3، 4 يوليو، والحصول على كافة مستندات الملكية الخاصة بها. 


إلا أن صالة المزادات ضربت بهذه المطالب عرض الحائط، وتعتزم استمرار التجاهل، والمضي قدمًا في إقامة مزاد ثانٍ اليوم الخميس؛ لعرض مزيد من القطع الأثرية المصرية. 


صالة المزادات " كريستز" ، أكدت أن القطع القديمة بطبيعتها، لا يمكن تعقبها عبر آلاف السنين، ومن الضروري تحديد المالك الحالي والحق القانوني في البيع، في إشارة إلى أنه تم الإعلان عن ذلك، مؤكدة أنها لا تعرض أية مقتنيات أثرية للبيع، في حالة الشكوك حول الملكية أو التصدير. 


أما عن التمثال، فقد قدمت الصالة عرضا وصفيا له، وتقول أنه تمثيل رائع للملك الشاب كإله آمون، ويمكن التعرف عليه من خلال التاج المتميز ذي الجوانب المتوهجة والأعلى المحدبة قليلاً، والذي يعلوه ريش مزدوج طويل القامة مع تفاصيل منحوتة بشكل مريح. 


وأضافت الصالة أن ملامح الوجه جاءت طبيعية، حيث العيون الطبيعية والحواجب، والمنحوتة بحساسية، مع بروز عظام الخد، ونحت الفم الحسي بشكل خاص مع الشفة العلوية السميكة والشفة السفلية الصغيرة الكاملة في ابتسامة باهتة مع زوايا منخفضة. 


وأشارت الصالة في وصفها، أنه تُرك الأذنين مرئية وأنيقة مؤطرة على جانبي التاج، في إشارة إلى أن الذقن المستديرة واللحية الخاطئة مفقودة الآن، حيث يبلغ إرتفاع الرأس نحو 28.5 سم. 



وتقول دار "كريستيز" إن ملكية التمثال انتقلت منذ ستينات القرن الماضي، بين مقتنيات عدة شخصيات، لتستقر في عام 1985م بين مقتنيات ريزنادرو، وتقول أنه كان مملوكًا للأمير Wilhelm von Thurn und Taxis الذي عاش من 1919 إلى 2004 في الستينيات وأنه باعه في عام 1973 أو 1974 إلى Josef Messina ، والذي باعه إلى Arnulf Rohsmann في عام 1982 أو 1983، ثم بيع إلى Heinz Herzer, Munich , في عام 1985، وأخيرًا إلى The Resandro collection, Germany , في 1985. 


لكن أسرة الأمير "وليام"، أثارت الشكوك حول هذا الأمر، حيث قال ورثة Wilhelm von Thurn und لموقع "لايف ساينس" إن والدهم لم يمتلك التمثال، علاوة على ذلك، قالت ابنته إن والدها لم يكن له من محبى التحف القديمة أو الفن بشكل عام، لأنه لم يكن شخصًا مهتمًا بالفن.


ومن جانبه، أكد جودولا والترسكيرشن، مؤرخ وصحفى كان يعرف Wilhelm جيدًا، إنه لم تكن لديه مجموعة أثرية على الإطلاق، وعن التمثال قال إنه مملوكًا لأحد تجار التحف المسمى Heinz Herzer . 


وفى السياق ذاته، قالت كاثرين مانسون، الرئيسة العالمية لشئون الشركات في كريستيز، إن دار المزادات أجرت أبحاثًا واسعة حول أصل التمثال، وتحدثت مع أفراد العائلة الباقين على قيد الحياة (داريا وفيكتور) أبناء Wilhelm وكتبت مانسون فى رسالة بالبريد الإلكترونى لـ "لايف ساينس"، لقد كانوا صغارًا في ذلك الوقت ولا يتذكرون الرأس بدقة. 


وسلط موقع "لايف ساينس" الضوء على مقاله نشر موقع "نيويورك تايمز"، عام 1970، إلى أن والدى Wilhelm قد فقدوا الكثير من ممتلكاتهم بحلول نهاية الحرب العالمية الأولى، وهى الحرب التى هزمت فيها الإمبراطورية النمساوية المجرية، وبحلول عام 1919 كان من حق Wilhelm الحصول على أى قطع أثرية، ولكن قالت ابنته داريا إن القطع الأثرية التي كانت ضمن ميراث أبيها أوروبية وليست مصرية قديمة.  


وكان اكتشاف شخصية توت عنخ آمون، في عام 1922، في وادي الملوك في الأقصر، وفي المقبرة هناك غرفة بها تابوب، جدرانها مزينة برسوم قصة الملك الشاب، ووجد في مقبرته أكمل كنز ملكي شمل قطع أثرية كثيرة أهمها القناع الذهبي المشهور، وثلاثة توابيت على هيئة إنسان، أحدها من الذهب الخالص، وآخران من الخشب المذهب. 


الملك الصغير تولى الحكم ما يقرب من عشر سنوات، منذ 1333 غلى 1323 ق.م، وتوفي وهو في التاسع عشر من عمره، لكنه حظي بشهرة عالمية حين اكتشاف مقبرته بوادي الملوك، نظرًا لاكتشاف المقبرة كاملة وعدم تعرضها للسرقة. 


وفي هذا السياق، سجل عالم الآثار المصرية الدكتور زاهي حواس، حديثًا لوكالة رويترز وقناة cnn ، بشأن بيع صالة "كريستيز" رأس الملك توت عنخ آمون بلندن،  وأكد "حواس"، في حديثه، أن هذه الرأس تمثل الإله آمون بوجه توت عنخ آمون، ولم تخرج من المقبرة لأن الـ 5398 قطعة التي اكتشفها عالم الآثار هوارد كارتر لم يعثر ضمنها على أثر واحد من الحجر وخاصة أن الرأس من حجر الكوارتزيت، لافتًا أن الرأس سرقت من معبد الكرنك بعد عام 1970. 


وأضاف، أنه سيقوم بإرسال خطاب إلى اليونسكو بشأن ما يحدث، حيث أن صالة "كريستيز أعلنت الشخص الذي يملك الرأس، لكن بعد اتصال الصحف به وجدت أنه متوفى، كما أنكرت عائلته صلتها بتوت عنخ آمون،  لذلك لا يوجد لدى صالة "كريستيز" أي دليل لخروج الرأس بطريقة قانونية. 


وتابع "حواس" إلى أن بيع الملك توت عنخ آمون سيكون نقطة سوداء في تاريخ هذه الصالة لأنه ملك الملوك ولا يخص حضارة مصر فقط بل العالم أجمع، موضحًا أنه في حالة تسليم التمثال لمصر سيعرض داخل معرض توت عنخ آمون بباريس ثم لندن ثم مصر بدلا من أن يشتريه شخص ثري ويعرض داخل حجرة مظلمة لا يراه العالم. 


من جهته، قال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثا، إنه تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية، لكنه يشعر بالخجل والأسف لعدم استجابة السلطات البريطانية لطلب وقف بيع الآثار المصرية، رغم الاعتراضات والملاحظات القانونية للحكومة المصرية. 


وأوضح أن وزارة الآثار تشعر بالأسف لأن صالة المزاد ستستأنف بيع بعض القطع الأثرية غدًا، رغم ما اتخذ من إجراءات من قبل مصر والنائب العام لوقف هذا المزاد، لافتًا أنه لا يوجد مساعدة من السلطات البريطانية، وضُرب بالمطالبات المصرية عرض الحائط، مضيفًا أنه سيتم ملاحقة المشاركين في المزاد قضائيًا، 


وكانت وزارتا الخارجية والآثار، أكدتا أن المزاد الذي أقيم أمس الأربعاء، في لندن بصالة مزادات كريستيز، وشهد بيع عدد من القطع الأثرية المصرية، دون الاستماع للمطالب المصرية المشروعة على مدار الأسابيع الماضية والخطوات التي اتخذتها الوزارتان ومنظمة اليونسكو مع صالة كريستيز ووزارة الخارجية البريطانية، بالإضافة إلى المساعدة القضائية التي طلبتها السلطات المصرية من جهات الاختصاص البريطانية، أمر يتنافى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة حيث أن صالة المزادات لم تقدم للجانب المصري حتى تاريخه المستندات الخاصة بالقطع الأثرية.