الأحد 24 نوفمبر 2024

عم غزال والبرنس والدكش.. حكاية أجيال ترويها المقاهي

  • 7-4-2017 | 00:08

طباعة

كتبت : يارا حلمي

"أيوة جاااااااي".. جملة مألوفة تسمعها كثيراً في أي مقهى، تنم عن وجود الشخص الذي لا معنى للمكان بدونه، وتؤكد على حضوره الطاغي الذي يفرض نفسه على الجميع، ربما كان صاحب تلك الجملة ليس صاحب المكان، وربما أيضاً لم يكن الأفضل، لكنه بالتأكيد الأهم، والأجدر بالسؤال عنه وتتبعه، فالجلسة لا تكتمل إلا بوجوده.

"القهوجي"، هو سيد المقهى بلا منازع، شاء من شاء وأبى من أبى، فلا عجب أن يكون محط اهتمام جميع مرتادي المكان، وأول من يسأل عنه الزبائن، لأنه مُلبِّي طلباتهم والقائم على خدمتهم، وهو "سيد القوم" كما قال عم غزال، صنايعي أحد المقاهي الشهيرة بمنطقة وسط البلد، مؤكداً أنه يخدم كل مرتادي المقهى ويعلم أن "خادم القوم سيدهم".

عم غزال "70 عاما" الذي يعمل بالمقاهي منذ عام 1959، تحدث إلى "الهلال اليوم" عن المقهى كعالم خاص، فقال "القهوة ليست مكانا يجلس فيه الناس لتناول المشروبات فقط، لكنه حياة، نتعارف ونشارك بعضنا البعض في هموم الدنيا والبلد، ونفكر ونتكلم ونتعلم، ونصنع شبكة معارف وأصدقاء، ومنذ سنوات كان مرتادوا القهوة جميعهم أسرة واحدة، كبيرهم صاحبها، والقهوجي كان عمدة المنطفة وكبيرها، فكان يحل المشاكل ويراضي الناس ويتوسط في الأزمات وهكذا، لكن معاملة الناس اختلفت كثيراً عن ذي قبل، فالزبون الآن يشعر وكأنه يشتري القهوجي بالفلوس، وأنه أفضل من جميع العاملين في المقهى".

عم محمود "55 عاما"، صاحب أحد مقاهي السيدة زينب، المشهور بـ"البرنس"، قال لـ"المصور" إنه بدأ العمل صبي قهوجي منذ نحو 45 عاما، واستمر في هذا العمل، وكبر وتعلم داخل المقهى، التي كان ولا يزال يعتبرها بيته، مضيفًا أنه اتخذ قرارا منذ زمن بعيد أن يشارك في مقهى، ليحقق حلمه بأن يصبح أحد أصحاب المقاهي في السيدة زينب.

يستطرد عم محمود "استطعت المشاركة في المقهى، لكن استمررت في العمل بتنزيل المشروبات للزبائن، بعضهم كان يأتي للمقهى من أجلي"، وأكد أن "حسن المعاملة من شأنها جذب الزبائن والحفاظ عليهم"، موضحًا أن كِبَر السن وإصابته بالأمراض كانت السبب وراء ترك العمل كقهوجي، والجلوس في المقهى الذي يشارك فيه.

عن ظاهرة ارتياد البنات للمقاهي، يقول عم محمود "المقاهي كانت مكان للرجال والشباب فقط، يجلسون لتناول المشروبات وتدخين الشيشة ولعب الطاولة، ولم تكن القهوة مكان للبنات أبداً، لكن البنات بدأت تجلس على المقاهي منذ نحو 10 سنوات تقريباً، منذ أن بدأن يظهرن في التليفزيون وفي الإعلام وينزلوا الشارع ويتحركوا بحرية، وواجبي إني أحافظ على البنت التي اختارت هذا المقهى للجلوس فيه، وان أمنع أي مضايقات لها، والحمد لله ربنا بيقدرنا على الحفاظ عليهن، فأنا أعتبر أي بنت تجلس في المقهى ابنتي، ولا أرضى لها غير المعاملة الطيبة، ولا تختلف البنت عن الولد في شيء إلا بالأخلاق، والمعاملة الحلوة".

في مقهى آخر بمنطقة شبرا الخيمة، قال محمود الشهير بـ"الدكش"، "35 عاما"، الذي يعمل صنايعي أرضية، أي "مسئول إنزال المشروبات للضيوف"، إن العمل بالمقهى يتطلب صبرا وذكاء ونشاطا وتركيزا، بالإضافة للأخلاق الحميدة، "يعني تعرف تخدم الزيون إزاي وتخليه مبسوط علشان ييجي تاني".

وأضاف محمود أنه يعمل بالمقاهي منذ 18 عاما، وتابع "بنشوف زباين كتير، اللي يهمنا أخلاق الزبون أكثر من فلوسه، فأنا لا أقبل بوجود شخص سيء على المقهى، ولا أقبل التهريج الزائد عن الحد أو الألفاظ البذيئة أو الجلسات الخليعة أو من يتسببون في مضايقات للزبائن، وبطبيعة الحال يمر علينا ناس كتير المؤدب وغيره، والسيء والجيد، وإذا استشعرت من أي زبون سوء الخلق أرفض استمراره في الجلوس على المقهى، وأطلب منه أن يختار مكان آخر ليجلس فيه، لإني لن أخدم شخص يسيء لي أو للمكان أو للموجودين به".

ويأخذنا محمود إلى عالم المقاهي أكثر، فيوضح مصطلحات المهنة المليئة بالصخب، والتي لا يعلمها إلا من يعمل بها أو من اعتاد زيارة المقاهي بشكل يومي، فيقول إن القهوة يعمل بها "بوفيجي"، وهو صانع الطلبات بكافة أنواعها، كما يعمل بها "صنايعي أرضية"، وهو المسئول عن تقديم الطلبات للزبائن، مضيفاً أن أرضية المقهى هي المكان الذي يتم وضع الكراسي فيه ويكون خارج المحل المخصص لصناعة وتحضير الطلبات.

ولم يقف محمود عند هذا الحد، بل أوضح أيضاً أن المشروبات لها مسميات خاصة، تختلف عن تلك المسميات التي يقولها الناس خارج القهوة، فمثلاً الشاي بحليب يسمى في المقهى "ميزة"، والشاي الكشري يسمى "شاي على بوستة"، وهناك "شاي منه فيه"، ويتم تحضيره بإضافة مسحوق الشاي الجاف على اللبن الخالص بدون مياه".

    الاكثر قراءة