حكمت المحكمة الدستورية العليا اليوم السبت، خلال جلستها برئاسة المستشار الدكتور حنفي علي جبالي، برفض الدعوى رقم 54 لسنة 37 قضائية " دستورية "، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة "الدائرة الأولى" بحكمها الصادر بجلسة 25/11/2014، ملف الدعوى رقم 56998 لسنة 68 ق، التي أقيمت طلبًا للفصل فى دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 430 لسنة 1955 لتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحري والأغاني والمسرحيات والمنلوجات والاسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتي.
والتي تنص على أن: "يجوز للسلطة القائمة على الرقابة أن تسحب، بقرار مسبب، الترخيص السابـق إصـداره في أي وقت، إذا طرأت ظروف جديدة تستدعي ذلك، ولها في هذه الحالة إعادة الترخيص بالمصنف بعد إجراء ما تراه من حذف أو إضافة أو تعديل، دون تحصيل رسوم".
وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى إنه ولئن كان المشرع قد أطلق حرية الإبداع الفنى، فى مجال الفـــن السينمائـــى، إلا أنه قيد هذا الإطلاق، بحدود بيَّنَها القانون على سبيل الحصر، هى حماية الآداب العامة، والمحافظة على الأمن، والنظام العام، ومصالح الدولة العليا، فضلاً عن حماية المقومات الأساسية للمجتمع التى حددها الدستور، وقيمه الدينية، والأخلاقية، والاجتماعية، بحيث إذا ما خـرج المصنف السينمائى عن أحد هذه الحدود عُد خارجًا عن المقومات الأساسية الاجتماعية أو الأخلاقية أو السياسية، التى يحميهـا الدستور، والتى تعلو، وتسمـو دائمًا، فى مجال الرعاية والحماية، على ما تتطلبه الحرية الفردية الخاصة، إذ لا ريب فى أنه من المبادئ الرئيسية التى تقوم عليها الدول المتحضرة، تضامن الأفراد، وتماسكهم، لتحقيق الغايات، والصوالح العامة، التي يستهدفونها في نطاق إقليم الدولة.
ومن أجل ذلك خوّل المشرع السلطة المختصة على الرقابة، كإحدى هيئات الضبط الإدارى، عند قيام المقتضى المشار إليه، بألا تسمح بعرض العمل السينمائى، وأجاز لها، أيضًا، بالمادة التاسعة من القانون رقم 430 لسنة 1955 المشار إليه، المحالة فى النطاق آنف الذكر، بعد الترخيص به، أن تسحب، بقرار مسبب، هذا الترخيص، إذ طرأت ظروف جديدة، تستدعى ذلك. ولا شك أن مقتضى التفسير المتناسـق للنصوص يتطلب القول بأن تلك الظروف الجديدة، تتحدد من منظـور أواسط الناس فى ضوء القيم الخلقية التى لا تقوم على معايير فرضية، وإنما يحكمها الواقع الاجتماعى والبيئى والزمانى، والذى تتحدد على أساسه المفاهيم الاجتماعية القائمة فى المنطقة الإقليمية التى يُوَزع ويُعْرَض فيها المصنف الفنى، والتى لا يحكمها معيار عام يسعها فى تطبيقاتها، وإنما تتغاير ضوابطها بتغير الزمان والمكان والأشخاص.
ومن ثم كان لازمًا لمواجهة تلك الأوضاع والمعايير المتغيرة منح المشرع قدرًا من الصلاحيات فى إطار سلطته التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق والحريات، سواء تلك التى كفلها الدستور أو قررها القانون، لمواجهة تلك الظروف والأوضاع المتغيرة، هذا وقد أجاز القانون لمن يسحب الترخيص الصادر له بعرض العمل السينمائى، أن يتظلم، من القرار الصادر بذلك، إلى لجنة إدارية، يضم تشكيلها عنصرًا قضائيًّا، تتولى البت فى أمر التظلم، ويكون لصاحب الشأن حق الطعن على قرار هذه اللجنة طبقًا للقواعد العامة أمام القاضى الطبيعى، وهو الحق الذى كفلته المادة (97) من الدستور للكافة.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإن النص المُحَال، فى النطاق المحدد سلفًا، لم يخالف أحكام المواد (65، 67، 92، 94) من الدستور ، كما لم يخالف أى مادة أخرى من