الأحد 24 نوفمبر 2024

روسيا ترصد بقلق تحركات الناتو لتعزيز تواجده البحري والاستطلاعي بمنطقة البلطيق

  • 15-7-2019 | 08:11

طباعة

ترقب موسكو بعين القلق تحركات لحلف شمال الأطلنطي والولايات المتحدة لتعزيز التواجد البحري والاستطلاعي الجوي في منطقة البلطيق وفي مياه البحر الأسود ، حيث قررت الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ مخطط شامل لتطوير الموانىء الأوكرانية وتحديث أرصفتها ومراكزها اللوجيستية بما يجعلها ملائمة لاستقبال البوارج الحربية الأمريكية وبوارج حلف شمال الأطلنطى "ناتو" والذي تقوده واشنطن.


كما تعمل واشنطن على توسيع قواعد عمل و تمركز طائرات الاستطلاع الأمريكية المسيرة في منطقة البلطيق، ويأتي الإجراء الأمريكي في وقت تشهد فيه منطقة البحر الأسود توترا متصاعدا بين روسيا و الولايات المتحدة ، من المتوقع أن يزيده الإجراء الأمريكي الأطلسى الجديد اشتعالا بالنظر إلى القرب الجغرافي بين الموانىء الأوكرانية و شبه جزيرة كرايميا التي تسيطر عليها روسيا .


ومنذ بداية العام الماضي لاحظت موسكو تزايد نشاط الأسطول السادس الأمريكى في مياه البحر الأسود، ففي أبريل الماضي دخلت سفينة الصواريخ الموجهة الأمريكية USS Ross مياه البحر الأسود تحت غطاء المشاركة في تدريب بحري مع بلغاريا و جورجيا و تركيا ، وفى الشهر الماضي خاضت البارجة الأمريكية Carney فى مياه البحر الأسود لتصبح البارجة الأمريكية الخامسة التي تتواجد في مياه البحر الأسود ، ولم تخف الناطقة باسم الأسطول السادس الأمريكي ايميليا اوميام الهدف من تلك التحركات بأنه " رسالة مساندة و تطمين لحلفاء واشنطن وحلف شمال الأطلنطي في منطقة البحر الأسود" .


و فيما تعتبره دوائر التحليل السياسي الروسية مقدمة لتهيئة " مسارح عمليات محتملة " في منطقة البلطيق ، ستبدأ واشنطن خطة تطوير الموانىء اوكرانية بميناء مايكوليف الذي يقع على مسافة 40 ميلا بحريا من شرق جمهورية اوديسيا الاتحادية - إحدي جمهوريات الاتحاد الروسي - و أقل من مائة ميل بحرى شمالى غرب شبه جزيرة كرايميا ، وسيقوم سلاح الهندسة البحري الأمريكي بتطوير هذا الميناء و غيره بما في ذلك تعزيز إجراءات الحماية و الدفاع عنه من الهجمات المعادية ، كما سيمكن هذا التطوير البحرية الأوكرانية من إجراء التدريبات المشتركة مع أساطيل الولايات المتحدة و حلف شمال الأطلنطي.


لكن خبراء حروب البحر يرون أن الطموحات الأمريكية في مياه البحر الأسود تحدها اعتبارات تقنين و تنظيم الملاحة في هذا الجزء من العالم وفقا لمعاهدة " مونترو الدولية للملاحة البحرية العسكرية " وهى المعاهدة التي تنظم إبحار السفن الحربية من خارج دول حوض البحر الأسود بما فى ذلك حجمها و فترة تواجدها في مياهه ، وبموجب بنود المعاهدة لا يجب أن يتعدى وزن السفينة الحربية لأية دولة لا تطل على البحر الأسود 30 ألف طن ، وألا تتجاوز مدة تواجدها في مياهه 21 يوما . 


وعلى ضوء تلك الاعتبارات التنظيمية المشمولة بمواد القانون الدولي للبحار.. يكتسب التحرك الأمريكي والأطلسى خطورته من وجهة النظر الروسية حيث سيمكن تطوير موانىء أوكرانيا من رسو وإبحار البوارج الأمريكية والأطلسية على مقربة من شبه جزيرة كرايميا وتنفيذ عمليات بحرية مشتركة مع أوكرانيا بغرض تمكين البحرية الأوكرانية من ملاحظة ورصد النشاط البحري الروسي فى مياه البحر الأسود، ويقول الخبراء إن واشنطن قد تلجأ إلى الاعتماد كلية على البحرية الأوكرانية في أنشطة الرصد والمراقبة الملاحية المتحركة في مياه البحر الأسود .


ويرى المراقبون أن قيام واشنطن بتطوير الموانىء الأوكرانية، هو بمثابة رد فعل على واقعة قيام البوارج الحربية الروسية في نوفمبر الماضى باستهداف و خطف ثلاثة زوارق حربية أوكرانية فى مضيق / كيرتشى / الواقع بين روسيا و أوكرانيا وهى الواقعة التي لا تزال روسيا تتحفظ فيها على طواقم الزوارق الأوكرانية الثلاثة .


وسيكون ميناء اوتشوكيف الأوكرانى على البحر الأسود هو ثاني الموانىء الأوكرانية التي ستطالها يد التطوير الأمريكية، وتتابع موسكو بقلق بالغ هذا المخطط الذي تعتبره تحركا من جانب حلف شمال الأطلنطى و الولايات المتحدة لإقامة قواعد بحرية على عتبات الاتحاد الروسى، لكن البروفيسير مايكل كوفمان خبير شؤون روسيا في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية يرى أن التحرك الأمريكى صوب تعزيز التواجد البحري في منطقة البحر اسود لا مفر منه بعد قيام روسيا بضم شبه جزيرة كرايميا الأوكرانية بالقوة العسكرية عام 2014 ، وأوضح أن هذا العمل كشف عن مساع روسية لبسط الهيمنة على البحر الأسود في مواجهة الغرب ، فمنذ هذا التاريخ نشرت روسيا منظومات الدفاع الصاروخي المتطورة / إس – 400 / على أراضي كرايميا، ودفعت بست غواصات روسية في مياهها وعشر بوارج حربية متطورة ومقاتلات متقدمة متعددة المهام تحسبا لأي تصعيد .


وعلى الرغم من أن أوكرانيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلنطي ، إلا أنها تتلقى دعما عسكريا و تدريبيا من دول الحلف ، وفى مياهها تجرى مناورة بحرية سنوية منتظمة باسم نسائم البحر / Sea Breeze / تشارك فيها أساطيل أمريكية و أطلسية .


كما قامت رومانيا التي تقع على مسافة 150 ميلا بحريا عن مياه كرايميا بشراء منظومات الدفاع الصاروخي الأمريكية / باتريوت / و تقوم القوات الرومانية بتدريبات قتالية مشتركة مع الولايات المتحدة وكذلك التدريب مع دول الناتو على عمليات التصدي لهجمات الطائرات المسيرة المعادية ، و قد كشف الأمين العام لحلف شمال الأطلنطى جينز ستولتنبيرج - فى زيارة قام بها الشهر الماضي للعاصمة الأمريكية واشنطن - عن حزمة من الإجراءات العاجلة لتعزيز التواجد العسكري للحلف في أوكرانيا و جورجيا و رفع كفاءة جيشيهما من خلال التدريب المشترك و نقل التكنولوجيا لا سيما في المجال البحري تحسبا لأية مواجهات في المستقبل وتعزيز الاستعدادات القتالية للحلف في منطقة البحر الأسود . 


فى السياق ذاته .. قررت الولايات المتحدة الدفع بطائرات الاستطلاع التي تعمل بدون طيار / ام – كيو 9 ريبر / إلى مواقع تمركز عملياتي متقدمة فى قاعدة توريتزى البولندية التي تبعد مسافة مائة ميل عن ميناء سازكينزين فى رومانيا على البحر الأسود وذلك بموجب اتفاق مؤقت في هذا الشأن بين رومانيا و حلف شمال الأطلنطي تم التوصل إليه في مايو الماضي ، وجاء في بيان صادر عن قيادة عمليات القوات الأمريكية في حلف شمال الأطلنطي و مقرها مدينة شتوتجارت الألمانية أن طائرات / ام – كيو 9 ريبر / ستقوم بأعمال الاستطلاع البحري و البري معا وأن تنسيق ترتيبات ذلك عمليا مع الجانب الروماني كأحد شركاء حلف شمال الأطلنطي قد تم بنجاح في الرابع من يوليو الجارى ، ووصف البيان التعاون بين واشنطن و رومانيا في هذا الشأن بأنه خطوة ذات أهمية استراتيجية لتعزيز أمن و استقرار البحر الأسود . 


و كانت طائرات الاستطلاع الأمريكية المسيرة قد بدأت تنفيذ مهامها انطلاقا من بولندا منذ مايو عام 2018 و جميعها طائرات تتبع المفرزة الثانية من مجموعة العمليات العسكرية الخاصة رقم 52 في الجيش الأمريكى المتمركزة في قاعدة / سبانجدهلم / الجوية فى ألمانيا ، ويرى الخبراء أن تمديد عمل الطائرات المسيرة الأمريكية الاستطلاعية في رومانيا – برغم كونه مؤقتا وغير محدد المدة – من شأنه تعزيز العمليات الاستطلاعية الأمريكية في منطقة البلطيق و البحر الأسود نظرا لقربها من منطقة كالينجراد العسكرية الروسية ذات الأهمية الاستراتيجية . 


    الاكثر قراءة