الأربعاء 29 مايو 2024

«ثورة يوليو».. أطلقت أول نهضة صناعية حديثة في مصر «من الإبرة للصاروخ».. حصنت المصريين بمشاريع عملاقة وقهرت أزمات النكسة بالإنتاج واقتلاع الفساد

تحقيقات18-7-2019 | 17:45

لم تكتف ثورة 23 يوليو عام 1952 بالتغيرات السياسية واقتلاع الفساد وتحقيق النجاح، بل عملت على تطوير الحركة الصناعية في مصر بشكل كبير، فقد كان حلم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تصنيع كل شيء من "الإبرة إلى الصاروخ" مع اهتمام خاص بالتصنيع العسكري استجابة لروح التحدي العسكرية التي كانت تحيط بمصر في ذلك الوقت وأعطيت الأولوية للصناعات الكيماوية والغزل والنسيج والصناعات المعدنية خاصة الحديد والصلب والأسمنت.

 

وتركزت هذه الصناعات الوطنية على الشريط المأهول من وادي النيل في جنوب الصعيد والقاهرة والدلتا والإسكندرية.

 

وشيدت ثورة يوليو مصانع الحديد والصلب من أجل تطوير الصناعات الثقيلة، مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادي وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليارات جنيه، وشركة الأسمدة "كيما"، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية "سيماف"، ومصانع الكابلات الكهربائية، وتوليد طاقة كهربائية من السد العالي تستخدم في إدارة المصانع وإنارة المدن والقرى، كما تم بناء المناجم في أسوان والواحات البحرية، وأقيمت المصانع الحربية لسد حاجة الجيش المصرى من الأسلحة والذخائر.

 

كانت نتيجة بناء تلك القلاع الصناعية فتح أبواب العمل أمام الملايين من أبناء مصر في كل المجالات الصناعية والخدمية.

 

التنمية الصناعية

 

وركزت الثورة، على الاهتمام بالصناعة منذ قيامها، حيث طرحت مسالة التصنيع كضرورة اقتصادية واجتماعية داعية الرأسمالية المصرية بل والأجنبية أيضا للإقدام على إقامة المشروعات الصناعية، وقامت بإنشاء المجلس القومى للإنتاج في عام 1955 الذى قام بدور المروج للمشروعات الصناعية.

 

وبعد العدوان الثلاثي، شقت الثورة طريق التنمية الاقتصادية المستقلة لبناء اقتصاد وطني حديث يقوم على الصناعة، وقامت بإنشاء وزارة الصناعة في يوليو عام 1957، وتم وضع أول برنامج قومي للتصنيع في عام 1957، بلغت تكاليفه الكلية حينئذ 250 مليونا من الجنيهات لينفذ على خمس سنوات اختصرت إلى ثلاث وتضمن البرنامج الكثير من الصناعات الكيماوية، وصناعات مواد البناء وتبعته الصناعات المعدنية والهندسية.

 

وتقرر أيضا إعداد برنامج التصنيع الثاني في أواخر عام 1959 ليغطى فترة السنوات الخمس التالية واستهدفت الخطة الخمسية الأولى (60/1961-64/1965) إعطاء دفعة قوية للصناعة فخصص لها 26,7%من الاستثمارات الكلية بهدف زيادة الصناعات التحويلية بنسبة 42% في نهاية تلك الخطة (3).

 

خطوات تنموية حاسمة

 

‌وضعت الثورة خطة مضاعفة الدخل الوطني في عشر سنوات وهو معروف باسم الخطة الخمسية الأولى وكان معنى ذلك التسليم بمبدأ التخطيط للتنمية .

 

‌وفي سبيل ذلك شهدت عدة خطوات كان منها الإقدام على التأميمات الكبرى ابتداء بتأميم البنك الأهلي وبنك مصر في فبراير 1960 ثم تأميمات يوليو 1961 وما بعدها،وقوانين يوليو الاشتراكية وكان معنى ذلك التسليم بأن القطاع العام هو القاعدة الأساسية للتنمية .

 

‌كما شهدت هذه الفترة وضع ميثاق العمل الوطني وشق طريق التحولات الاقتصادية والاجتماعية بهدف الوصول إلى الاشتراكية، وكان معنى ذلك أن التنمية عملية ثورية ترمى ليس فقط لتحقيق الاستقلال الاقتصادي وإنما ترمى أيضا لتغيير المجتمع وإعادة بنائه لصالح مجموع قواه العاملة .

 

وقد ظل نصيب الاستثمارات الصناعية يدور حول نسبة 25%من الاستثمارات الكلية منذ عام 1960 فيما عدا الفترة من عام 1967 إلى عام 1974 حيث مرت البلاد بمرحلة اقتصاديات الحرب التى حدت من الاستثمارات الجديدة وأبطأت عملية التنمية وتضاعفت مشاكل الصناعة من حيث مشاكل استيراد الخامات وقطع الغيار مع القيام بدورها كاملا في سد الاحتياجات المحلية من المنتجات المتاحة وبدأت مرحلة جديدة بعد عام 1974 حيث بدا التحول من الحرب إلى السلام وبدا الاتجاه نحو التعمير والإحلال والتجديد في ظل سياسة اقتصادية جديدة هي سياسة الانفتاح (4) .

 

نتائج اقتصادية وصناعية كبرى

 

وأعلن البنك الدولي في تقريره رقم 870 أن مصر استطاعت عبر تلك الإجراءات تحقيق نسبة نمو من عام 1957 – 1967 بلغت ما يقرب من 7 % سنويا، وهذا يعنى أن مصر استطاعت في عشر سنوات من عصر الثورة  أن تقوم بتنمية تماثل أربعة أضعاف ما استطاعت تحقيقه في الأربعين سنة السابقة على عصر الثورة  .

 

كانت تلك نتيجة لا مثيل لها في العالم النامي كله حيث لم يزد معدل النمو السنوي في أكثر بلدانه المستقلة خلال تلك الفترة عن 2.5% بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها في العالم المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية، فمثلا إيطاليا وهى دولة صناعية متقدمة ومن الدول الصناعية الكبرى حققت نسبة نمو 4.5 % فقط.

 

 

 

استطاع الاقتصاد المصري على الرغم من نكسة 67 أن يتحمل تكاليف إتمام بناء مشروع السد العالي الذي اختارته الأمم المتحدة عام 2000 كأعظم مشروع هندسي وتنموي في القرن العشرين، والذي يعادل في بنائه 17 هرما من طراز هرم خوفو .

 

إنجازات وطنية

 

- بناء مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادي وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليارات جنيه.

 

- استطاعت مصر الحفاظ على نسبة النمو الاقتصادي في عامي 1969 و 1970 وبلغت 8 % سنويا .

 

- تمكن الاقتصاد المصري عام 1969 من تحقيق زيادة في فائض الميزان التجاري لأول مرة في تاريخ مصر بفائض قدرها 46.9 مليون جنية بأسعار ذلك الزمان .

 

- كانت المحلات المصرية تعرض وتبيع منتجات مصرية من مأكولات وملابس وأثاث وأجهزة كهربية.

 

- زيادة مساحة الرقعة الزراعية بنسبة 15% ولأول مرة تسبق الزيادة في رقعة الأرض الزراعية الزيادة في عدد السكان .

 

- زادت مساحة الأراضي المملوكة لفئة صغار الفلاحين من 2.1 مليون فدان إلى حوالي 4 ملايين فدان.

 

- حتى عام 1970 كان اقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولي.

 

-  أنشأت مصر أكبر قاعدة صناعية في العالم الثالث حيث بلغت عدد المصانع التى أنشئت في عهد الثورة 1200 مصنع منها مصانع صناعات ثقيلة وتحويلية وإستراتيجية

 

- انعكست النهضة الاقتصادية في عهد الثورة على مستوى التعليم حيث انخفضت نسبة الأمية من 80% قبل 1952 إلى 50% عام 1970 بفضل مجانية التعليم في كل مراحل الدراسة.