عندما انفجرت سيارة مفخخة خارج محكمة في مدينة بوصاصو الساحلية في شمال الصومال، ألقت تقارير الأخبار المحلية باللائمة على متشددين رداً على الضربات الجوية الأميركية، حيث جُرح ما لا يقل عن 8 أشخاص، وأعلنت ميليشيا محلية تابعة لتنظيم داعش مسؤوليتها.
ولكن ربما يكون الهجوم أيضاً جزءاً من نزاع مختلف تماماً وهو صراع بين قطر ومستثمرين على السيطرة والأرباح في القرن الإفريقي.
على مدار العامين الماضيين، برزت الصومال التي مزقتها الصراعات المسلحة كساحة قتال مركزية، حيث تقدم قطر الأسلحة أو تدريباً عسكرياً للفصائل التي تساندها هناك، وفي نفس الوقت يتم ترويج ادعاءات متعلقة برشوة المسؤولين المحليين والتنافس على عقود لإدارة الموانئ أو استغلال الموارد الطبيعية.
تفاصيل المكالمة
وفي تسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" يتضمن مكالمة هاتفية مع السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة هاشم، حيث قال رجل أعمال مقرب من أمير قطر ويدعى خليفة كايد المهندي، إن المسلحين نفذوا التفجير في بوصاصو لتعزيز مصالح قطر من خلال طرد منافسيها.
وقال المهندي، في المكالمة في 18 مايو، أي بعد حوالي أسبوع من التفجير: "نعرف مَنْ يقف وراء التفجيرات والقتل".
وقال أيضاً "إن العنف يهدف إلى جعل (المستثمرين) يفرون من هناك". وتابع "اسمح لهم بطرد المستثمرين، حتى لا يجددوا العقود معهم وسأحضر العقد هنا إلى الدوحة".
ويشير تقرير "نيويورك تايمز" إلى أنه إذا كان ما ذكره المهندي دقيقاً، فإن ادعاءاته تقدم دليلاً جديداً على إمكانية تورط قطر في إشعال الفتنة عبر القرن الإفريقي.
وقال زاك فيرتين، باحث في معهد بروكينجز ودبلوماسي أميركي سابق في المنطقة: "إن الصومال هي مثال حي على زعزعة الاستقرار المحتملة الناجمة" عن الممارسات القطرية.
قطر تدعم الإرهاب في المنطقة
وأضاف أن ما يحدث في الصومال والقرن الإفريقي هو في بعض النواحي امتداد لحرب باردة اندلعت في جميع أنحاء المنطقة منذ بداية الربيع العربي منذ أكثر من 8 سنوات، حيث دعمت قطر وتركيا الانتفاضات والأحزاب السياسية الإسلامية، التي نهضت معها، مما زاد من الاتهامات لقطر بدعم المتشددين.
وتعد الصومال بلداً فقيرا، لكنه يطل على سواحل طويلة تتيح الوصول إلى أسواق المنطقة سريعة النمو وتؤثر بشكل مهم على خطوط الشحن الحيوية من الخليج العربي.
إقرار بصحة التسجيل وإنكار للمسؤولية
وعند سؤاله عن محادثة الهاتف الجوال، لم يطعن المهندي ولا حكومة قطر في صحة التسجيل، لكنهما قالا إنه كان يتحدث كمواطن خاص وليس مسؤولاً حكومياً.
وقال مكتب الاتصالات القطري في بيان لصحيفة "نيويورك تايمز": "إن السياسة الخارجية لدولة قطر كانت دائماً سياسة لخلق الاستقرار والازدهار، نحن (قطر) لا نتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ذات السيادة. ولا يتصرف أي شخص يقوم بذلك نيابة عن حكومتنا".
ولكن في تسجيل المكالمة الهاتفية، والتي رصدتها وكالة استخبارات أجنبية معارضة للسياسات الخارجية القطرية، لم يعرب السفير القطري عن احتجاج أو استياء من فكرة أن القطريين لعبوا دوراً في التفجيرات.
وأجاب السفير القطري، حسن بن حمزة هاشم، قائلا: "لهذا السبب يهاجمون هناك، لجعلهم يفرون".
كما أن رجل الأعمال القطري، المهندي، أكد للسفير القطري قائلاً: "كان أصدقاؤنا وراء التفجيرات الأخيرة".
معلومات مخابراتية عن تميم والمهندي
من المعروف أن المهندي مقرب من الأمير تميم بن حمد آل ثاني، حاكم قطر، وتجمعهما لقطات فوتوغرافية معاً. ووفقاً لتقارير الأخبار والرسائل النصية التي قدمتها وكالة الاستخبارات، يسافر المهندي بشكل متكرر بصحبة أمير قطر.
ولكن في مقابلة هاتفية قصيرة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، نفى السفير القطري معرفته بالمهندي وأنهى المكالمة الهاتفية سريعاً. وفي مقابلة هاتفية منفصلة، قال المهندي إنه وسفير قطر كانا مجرد أصدقاء "وزملاء في المدرسة"، مشيراً إلى أنه "رجل متقاعد وتاجر".
وأضاف المهندي: أنه "لا يمثل أي حكومة". وعندما سئل عن سبب وصفه لمهاجمي بوصاصو بأنهم "أصدقاء"، أجاب قائلا: "كل الصوماليين أصدقائي".