بقلم : أمل مبروك
أصبحت هذه الجملة متداولة منذ قالها بطل فيلم "صرخة نملة" بين عدد كبير من الناس، وفى كل مرة أسمعها فيها من أحد أشعر بحزن وأسى على قائلها أيا كان منصبه أو ثقافته أو عمره.. فالذين يؤمنون بها مختلفون فى السن والتعليم والمكانة الاجتماعية، وربما يكون وراء إيمانهم بها رغبة فى حماية أنفسهم من الشجاعة فى الوقوف بجانب الحق.. الذى قد يكلفهم خسارة كبيرة من مصالحهم الشخصية وثمنا مؤلما من أعصابهم المهدرة ناهيك عن غضبة الديناصورات التى ترعى المفسدين وتقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن يعارضهم!
لكن هذه الرغبة يصعب أن تكون مبررا كافيا لكى يتدنى الإنسان بنفسه ويقلل من حجمها ومكانتها ليصبح فى حجم النملة.. ليس من حيث الشكل بل من حيث المضمون الذى يجعل منه كائنا ضعيفا لا يستطيع أن يتحرك إلا فى المسار الذى رسمته له "النملة الملكة" دون أدنى حق فى الاعتراض أو التعبير عن رؤية مختلفة، ومكتفيا بالمشى "جنب الحيط" صامتا لأن "الحيطان لها ودان"، أما السكر الذى يسعى بجد واجتهاد وراءه فهو مجرد ناقل له من المكان الذى وجده ملقى فيه إلى حيث توجد مملكة النمل.. ولا يأكل منه إلا ما يسمح به قانون الملكة، وليس بالطبع كل ما ينقله سكرا فهناك فتافيت الطعام المتبقية من الديناصورات والتى يتركونها عن إهمال وفوضى منهم ليفرح بها الضعفاء أمثال النمل وغيره من الحشرات الأخرى!
ورغم ذلك يغفل كل من جعلوا من أنفسهم نملا أن أعدادهم تتزايد مع الوقت ولا توجد نملة تنظم لهم عملهم فيتخبطون فى بعضهم البعض ويحقد بعضهم على بعض ويلقون بالتهم على بعضهم البعض.. وليس كل ذلك من صفات النمل الذى يمتاز بالنظام والانضباط والإيثار، لقد أخذوا من النمل عيوبه وتركوا ميزاته، ووسط ما يعانون منه من ضغوط الحياة اليومية نسوا أو تناسوا أنه مع تزايد أعدادهم أن أسعار السكر قد ارتفعت وأن كمياته قلت ولم تعد تشبعهم ولا تغنيهم عن ذل السؤال.