الإثنين 25 نوفمبر 2024

فورين بوليسي: اليابان بدأت حربا تجارية "لم تكن مستعدة لها" ضد كوريا الجنوبية

  • 7-8-2019 | 17:32

طباعة

سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية اليوم الأربعاء الأضواء على الحرب التجارية المتصاعدة بين اليابان وكوريا الجنوبية .. قائلة : إنها أكثر من مجرد تحد آخر للنمو العالمي المتقلب، فهي تشير إلى مدى تحول سياسة دولة ما خارجيا، فعلى امتداد الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية انتهجت اليابان منهجا جيو/سياسيا ناعما هيمنت عليه استراتيجيتان أولاهما معالجة المشاكل بالحلول الوسطى والثانية بوضع مصالحها الاقتصادية والتجارية أولا غير أن حكومة رئيس الوزراء الحالي شينزو أبي تبدو الآن مستعدة لتغيير الوضع القائم.

وأضافت المجلة : إن الحرب التجارية تبدو في صورة قرارين فنيين بشكل بحت اتخذتهما طوكيو في أول يوليو بالمطالبة بحصول الشركات المصدرة على موافقات فردية لتصدير المواد والعناصر الكميائية المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات والتي تعتبر اليابان المزود الأول بها والتي تعتبر سامسونج إلكترونيكس وهينيكس الكوريتان الجنوبيتان ضمن أكبر المشترين لها. 

وأوضحت المجلة أنه مع احتجاج كوريا الجنوبية على أن هذا التحرك يخاطر بزعزعة سلسلة إمداد السلع الالكترونية ، اتخذت اليابان خطوة أكثر جراءة يوم الجمعة الماضي بشطب كوريا الجنوبية من قائمة الشركاء التجاريين الموثوق بهم. 

وتصر اليابان على أن لديها دليلا على أن كوريا الجنوبية لم تتخذ الاحتياطات المناسبة لمنع تصدير هذه المنتجات إلى دول ثالثة ، ورغم تقارير لوسائل الإعلام بأن ذلك يتضمن كوريا الشمالية إلا أن مصادر قالت إن ذلك يشمل دولا من الشرق الأوسط. 

ونفت كويا الجنوبية الأمر وأدانت الإجراءات اليابانية، وتريد أن ترفع المسألة إلى الأمم المتحدة التي تشرف على العقوبات الكورية الشمالية، كما أنها تقوم بحشد دعم منظمة التجارة العالمية ضد اليابان قائلة إن هذا الإجراء ينتهك قواعد التجارة العالمة. وفي الوقت نفسه صعد الكوريون الجنوبيون من القضية بالمقاطعة الواسعة للسلع والمنتجات اليابانية وإلغاء سفرياتهم إلى اليابان. 

وقالت (فورين بوليسي): إن وراء كل ذلك رغبة واضحة من اليابان لممارسة ضغط على كوريا الجنوبية على خلفية إثارة الأخيرة لقضية العمالة القسرية للكوريين وقتما كانت كوريا مستعمرة يابانية حتى عام 1945. وتشعر اليابان بالغضب حيال سماح كوريا الجنوبية لمنظمات مجتمع مدني كورية جنوبية بمقاضاة اليابان على الأضرار التي لحقت بهؤلاء العمال جراء هذه الممارسة.

وتقول اليابان : إن هذه المسألة تمت تسويتها في الاتفاق الذي توصلت إليه الدولتان عام 1965 بشأن إعادة العلاقات وتقول إن الـ 500 مليون دولار التي دفعتها تعويضا على ذلك كان المراد منها إغلاق هذا الملف. 

وأوضحت المجلة أن مصادر قريبة من الحكومة اليابانية تقول إن رئيس الوزراء آبي شعر بإحباط شديد حيال هذا الوضع وبحث عن سلاح يمكن أن يستخدمه واستقر على مسألة التصدير والتي كانت خاضعة لاختصاص وزارة التجارة وظلت محل جدل لبعض الوقت حتى تولتها أمانة مجلس الوزراء التي تتمتع بنفوذ قوي ولم تكن النتيجة طيبة. 

وقالت : إنه كان يتعين على الحكومة اليابانية الاستعداد لرد فعل يتناسب مع اجراءاتها فسامسونج تشكل حوالي 15% من الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الجنوبية وأي حكومة سترفض الانسحاب من مواجهة خطر يهدد شركاتها الرئيسية ، وأمام رد فعل كوريا الجنوبية اتخذت الحكومة اليابانية رد فعل متذبذبا فبينما أكد وزير التجارة هيروشيجي سيكو على أن الأمر يعود إلى أسباب فنية وإن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد أمن قومي غذا مسؤولون أكبر في حكومته الأمر الذي حاول هو التعتيم عليه. 

وقال يوشيهيدي سوجا المتحدث باسم الحكومة والذي يرأس أيضا أمانة مجلس الوزراء : "إن قيود التصدير لم يكن سببها " قضايا أمن قومي" وأشار إلى أن كوريا الجنوبية "لم توفر حلا مرضيا لقضية العمال السابقين في شبه الجزيرة الكورية قبل اجتماع مجموعة العشرين ولكننا لا يسعنا أن نقول بأن علاقة الثقة تضررت للغاية".

وقال رئيس الوزراء الياباني آبي : إن كوريا الجنوبية بمعالجتها لقضية العمالة القسرية إنما أثبتت بوضوح إنها دولة لا تلتزم بوعودها وطبيعي أن نفترض أنها تخفق كذلك في الالتزام بتعهداتها فيما يتعلق بمسألة الصادرات. 

وقالت (فورين بوليسي) : إنه ليس وضحا أن آبي وسوجا تصورا مدى التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذا التصريحات .. مشيرة إلى أن شركة يونيكلو اليابانية للملابس والتي تعتبر كوريا الجنوبية سوقا مهما لها انخفضت مبيعاتها بنحو 30% كما إنها تملك أكثر من 180 متجرا هناك وانخفضت مبيعات الشركات المنتجة للجعة مثل (آساهي) مع رفض المتاجر الكورية الجنوبية وضع منتجاتها على أرففها.

وكانت الجعة اليابانية هي الأكثر شعبية في كوريا الجنوبية وانخفضت السياحة الكورية الجنوبية لليابان بنسبة 50% في الأسابيع الحديثة وفقا لوكلاء السياحة الكوريين الجنوبيين، وشكل الكوريون الجنوبيون العدد الأكبر من السياح الذين زاروا اليابان العام الماضي إذ زارها 7.5 مليون كوري وهو ما جعل كوريا الجنوبية مصدر ربح مهم لليابان. 

وقالت المجلة إن اليابان سجلت ثاني أكبر فائض تجاري مع كوريا الجنوبية بعد الولايات المتحدة بفائض بلغ 20 مليار دولار العام الماضي ، موضحةأن رئيس كوريا الجنوبية مون جاي-إن لم يبد ما يشير إلى أن خطوط هذه الحرب التجارية تعود إلى الوراء إذ أبلغ حكومته في اجتماع تم بثه على التلفزيون المحلي يوم الجمعة أن " لن ننهزم من اليابان مرة أخرى". 

ويرى آخرون أن التأثير الاقتصادي على كلتا الدولتين سيكون في حدوده الدنيا حيث أشار جولدمان ساكس إلى أن غالبية الصادرات غير مشمولة في الاجراءات اليابانية هذا إن كانت الشركات الكورية الجنوبية لا تزال راغبة في شرائها هذا إلى أنه رغم العلاقات التجرية الوثيقة بين الدولتين إلا أن الشركات اليابان لا تملك استثمارات كبيرة في كوريا الجنوبية وبالتالي فالخطر عليها ضئيل نسبيا على المدى البعيد. 


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة