قال رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن، اليوم الخميس، إن مفاوضات العمل تجري حاليا على صعيد المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وإن ذلك سيشكل مرحلة حاسمة لجميع مراحل تفكيك السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، مؤكدا في الوقت ذاته عزمه على بناء "الدولة التي يتمناها الشعب- دولة لا يؤثر عليها أحد"، مذكرا الشعب بكافة الأزمات التي واجهها بحزم.
جاءت تعليقات مون في خطاب التهنئة الذي ألقاه في متحف الاستقلال في تشونان جنوب البلاد في فعالية احتفالية بالذكرى السنوية الـ74 لاستقلال كوريا الجنوبية عن الاستعمار الياباني، حيث تطرق الرئيس الكوري الجنوبي إلى العديد من القضايا ومنها العلاقات مع اليابان والأوضاع السياسية في شبه الجزيرة الكورية إلى جانب المفاوضات النووية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة.
وقال مون "لم نتمكن من بناء دولة لا يؤثر عليها أحد بعد، لأننا لسنا أقوياء بما في الكفاية ولا زلنا منقسمين مع الشمال".
ويفسر تعليق مون هذا بأنه انعكاس لإرادته القوية للتغلب الحتمي على الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها البلاد مؤخرا جراء إجراءات التصدير اليابانية المقيدة والتي استهدفت كوريا الجنوبية.
وفي نفس الوقت، أكد مون أن سول ستتكاتف بكل سرور في حال مضت اليابان بدءا من الآن في طريق الحوار والتعاون، لنبني مستقبلا مشرقا في آسيا الشرقية حيث تتعامل فيها الدول على أساس العدالة والتعاون، في إشارة من جانبه إلى أن باب الحوار مع اليابان لا زال مفتوحا.
كما يفسر ذلك بأن بلاده سترد بصرامة على الإجراءت اليابانية المقيدة، وأنها تسعى لإحداث تغييرات في الاقتصاد المحلي مع مواصلة الحوار الدبلوماسي لحل الأزمة، وبذلك يتركز الاهتمام على رد الحكومة اليابانية على مون.
وعرض رئيس كوريا الجنوبية 3 أهداف لبناء "دولة لا تتزعزع" وهي: بناء دولة قوية اقتصاديا ودولة الجسر - أي تشكيل منصة للروابط العالمية - وبناء اقتصاد السلام، معبرا عن إرادته الثابتة لولادة دولة جديدة باعتبارها دولة قوية عبر تحقيق نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية والتغلب على انقسام الكوريتين.
وقال إن كوريا الجنوبية باعتبارها دولة مسئولة وقوية اقتصاديا تعتزم الالتزام بنظام التجارة الحرة والتعاون المتساوي في شرق آسيا، وإن بلاده تسعى كي تصبح منصة تربط الأرض بالمحيط وتقود السلام والازدهار، وأنها ستتمكن من ذلك عندما تصبح قوية.
وأوضح مون أن بلاده تسعى لبناء اقتصاد السلام الهادف إلى الازدهار، مضيفا أن اقتصاد السلام سيبدأ بمواصلة الحوار والتعاون لحث كوريا الشمالية على اختيار الاقتصاد والازدهار بدلا من الأسلحة النووية.
وحول العلاقات الكورية الجنوبية واليابانية، قال مون "واصلنا التعاون الاقتصادي والأمني مع اليابان دون تقييد العلاقات الثنائية بالتاريخ، حيث حاولنا تضميد جروح الضحايا من التجنيد القسري تحت الحكم الاستعماري الياباني مع الحفاظ على موقفنا من دروس التاريخ.
وأكد أن مراجعة الماضي لا تعني التعلق به، بل إنه طريق نحو المستقبل، وحث اليابان على التراجع عن ماضيها الذي أسفر عن تاريخ مأساوي للدول المجاورة لها، لتمهيد الطريق أمام تحقيق السلام والازدهار في شرق آسيا معًا.
وأشار رئيس كوريا الجنوبية، في خطابه، إلى أن الاقتصاد الياباني حقق تقدما في ظل تقسيم أدوار نظام التجارة الحرة، وأن استغلال دولة نقطة قوية لها في هذا النظام كسلاح ضد دولة أخرى، أمر سيؤدى إلى تفكيك نظام التجارة الحرة السليم.
وحول أولمبياد بيونج تشانج الشتوية العام الماضي وأولمبياد طوكيو العام القادم وأولمبياد بكين الشتوية عام 2022، قال مون إن هذه الفعاليات الرياضية العالمية تعد بمثابة فرصة ذهبية لترسيخ أسس المودة والتعاون بين دول آسيا، معبرا عن أمله في أن تصبح أولمبياد طوكيو ساحة للمودة والتعاون مثلما حدث في أولمبياد بيونج تشانج في كوريا الجنوبية.
وأوضح أن إعادة ربط السكك الحديدية والطرق بين الكوريتين هي خطوة أولى لتصبح كوريا دولة جسر ومنصة تقود السلام والازدهار في شرق آسيا.
وحول الأوضاع السياسية في شبه الجزيرة الكورية، قال رئيس كوريا الجنوبية إن الاحتفاظ بجو الحوار على الرغم من سلسلة من الاستفزازات الشمالية في الآونة الأخيرة، يعتبر انجازا كبيرا لإجراءات السلام في شبه الجزيرة الكورية التي سعت إليها الحكومة، مضيفا أن الوضع الآن يختلف بصورة واضحة عما كان عليه في الماضي عندما تأثر الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية من أي استفزاز عسكري كان يشنه الشمال.
وأرجع الفضل في ذلك إلى رغبة الشعب الملحة للسلام على الرغم من القوات التي تثير المواجهة بين الكوريتين.
وحول المفاوضات النووية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، قال مون إن مفاوضات العمل تجري حاليا، وإن ذلك سيشكل مرحلة حاسمة لجميع مراحل تفكيك السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية.
وأكد أنه سيتم تحقيق تقدم الكبير في العلاقات بين الكوريتين بعد التغلب على هذه المرحلة، مضيفا أنه مع إجراءات التعاون الاقتصادية بوتيرة سريعة وبدء اقتصاد السلام، سيكون هناك "كوريا موحدة" بصورة طبيعية في يوما ما.
وقال مون "طالما تمتلك الكوريتان إرادة لقيادة مصير شبه الجزيرة الكورية، سنتمكن من التغلب على الانقسام ليكتمل استقلالنا ونصبح أمة لا يزعزعها أحد".
وأكد مون "أن الطريق إلى السلام والوحدة بعد التغلب على التقسيم بقواتنا، هو طريق سريع إلى دولة مسئولة وقوية اقتصاديا، وهذا هو الطريق الذي سنتفوق من خلاله على اليابان ونجبرها على الالتزام بنظام التعاون في شرق آسيا".