الخميس 20 يونيو 2024

أمى ..اشتقت إليك

9-4-2017 | 09:37

بقلم : محمد عطية

ما أقسى لحظات الغياب فكيف إذا كانت الغائبة هي أمى، سامحيني يا أمي .. ففي يوم ذكرى رحيلك تخونني العبارات وتثقل على لساني الكلمات وتضيع الحروف .. أمى وأنتِ تحت الثرى أسأل المولى أن يرحمك ويغفر لك ذنوبك ويكفر عنك سيئاتك وأن يدخلك فسيح جناته في أعلى درجات الجنان وأن يحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وأن يؤنس وحشتك ويرحم غربتك وأن يؤمن روعتك ويوصل وحدتك برحمته فهو أرحم الراحمين .

أمي اشتقت إليك، اشتقت لصوتك ولضحكتك ولنظرتك ولصبرك ولتواضعك، اشتقت لوجهك المضيء يا أمي، فمن الذي يجلس مكانك وأراك فيه.. لا أحد، وجودك كان نعمة كبرى وفقدك كان أكبر مصائب دنياي، كم أشتاق لكلمة أمي، حتى فمي متعطش لنطقها ، لم يبق سوى صداها.

لم يعد العالم كما كان ، كان لي نبض دفء ونبع صفاء وملاذ مؤجل وقـلب لا تعرف أبوابه الصدّ، غدا العالم رمادياً كالحاً.

أمي مازلت أعيش فجر ذاك اليوم الكئيب أتنفس لحظاته، كل شيء في ذاك اليوم ودعك إلا أنا، فكنت أبحث عن حضنك، كنت أفكر كيف أستطيع أن أواصل الحياة بدونك، كنت أتخيل نفسى وحيدا وسط كل هؤلاء، لأنك كنت الكل، كنا نعرف أخبار بعضنا البعض منك،كنت نقطة الارتكاز، مركز الدائرة، وكالة أخبار (يا محمد أخوك الكبير تعبان اسأل عنه، النهاردة عيد ميلاد بنت أخوك،.......) ما عادت الأخبار تأتينا إلا صدفة، باعدت بيننا المسافات وألهتنا المصالح وانشغلنا بالجرى وراء لقمة العيش... إنها الدنيا أحيانا تأخذ منا أعز ما نملك دونما استئذان.

أمى اشتقت إلى عينك التى كنت أنظر إليها فتأخذني إلى عالم الرحمة والحب والطمأنينة، اشتقت إليك واشتاقت روحي إلى روحك، اشتقت إلى ابتسامة كانت ترويني من ظمأ الحياة وتنبت بها حياتي ويكبر في بستانها الأمل، أقسم بالله أنني اشتقت إلى تقبيل يدك، اشتقت إلى حضنك.. حضنك الدافئ الذي كنت ألجأ إليه.. فليس في العالم وسادة أنعم من حضن أمى . أذكر مكان جلستك وأنت تستندين إلى العامود وفى يديك المسبحة تقرأين الأوراد، وأنا ألقي رأسي على رجليك ويدك تلمس شعري لمسة الوفاء والحب والود بها تُمحى كل الأسى ويلوح معها الأمل والأماني، وأشعر براحة عجيبة أنسى كل همومى، لا أفكر سوى فى أن تطول هذه الفترة حتى أشبع من حنانك.

اللهم بلغ أمي وأبى مني السلام ، واجزهما عني خيرا، واجعل عملي الصالح في ميزان حسناتهما، واهدهما بهدية من عندك، اللهم قد سلما لك الروح، وانقطعت بهما الأسباب إلا سببا موصولا بك، فاللهم أكرم نزلهما، واجمعنى بهما فى مستقر رحمتك، فى مقعد صدق عند مليك مقتدر، يا أرحم الراحمين.