أكد خبراء سياسيون واقتصاديون أن قمة التيكاد هي منصة
دولية للشراكة الأفريقية اليابانية وتستهدف تعزيز مجالات التعاون وحشد الدعم لصالح
تنمية القارة، موضحين أن الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث باسم القارة عن أزماتها
وتحدياتها وخاطب المؤسسات الدولية للمشاركة في تنمية أفريقيا، ولفت أنظار اليابان
للاهتمام بقضايا الصحة والتعليم ومكافحة الإرهاب.
وترأس الرئيس
عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء اليابان شينزو آبى الجلسة الافتتاحية للقمة السابعة
لـ"التيكاد" اليوم الأربعاء، حيث ألقى الرئيس كلمة تضمنت رؤية مصر تجاه قضية
التنمية الشاملة في القارة الأفريقية والتأكيد على أهمية تنمية القدرات البشرية في
العمل المشترك، وإيلاء الاهتمام الكافي بالشباب الإفريقي الذي يشكل ركيزة مستقبل القارة
وتعزيز الاستثمار فيه بزيادة الاهتمام بالتعليم وتطويره على نحو يتيح للشباب اكتساب
المهارات اللازمة للانخراط بكفاءة في سوق العمل ورفع معدلات الإنتاجية والنمو، والتركيز
على التحول إلى مجتمعات المعرفة بتطوير مجالات البحث والابتكار.
وتشارك مصر
في القمة السابعة للتيكاد بصفتها رئيس الاتحاد الإفريقي وعضوا فاعلا على الساحة الأفريقية
وخصوصا في ظل رئاستها للاتحاد الإفريقي وجهودها الرامية إلى تدعيم التكامل الأفريقي
في مجالات التجارة والصناعة والتكنولوجيا، وتحسين بيئة الاستثمار.
حشد الدعم
لصالح تنمية القارة
الدكتورة سالي
فريد، أستاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة، قالت إن مؤتمر
التيكاد يعد منصة هامة تجمع العديد من الشركاء الدوليين لدعم أفريقيا وتطلعاتها التنموية،
مضيفة أن القمة المنعقدة حاليا في اليابان برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء
اليابان شينزو آبي تهدف إلى تعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين أفريقيا وشركائها
للتنمية، وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الأفريقية.
وأوضحت فريد،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هناك ثلاثة موضوعات رئيسية للتيكاد هي الاقتصاد،
والمجتمع، والسلام ولكن في الدورة الحالية سيتم التركيز على التجارة والاستثمار بصفةٍ
خاصة، مؤكدة أن الرئيس السيسي ركز خلال القمة على أجندة أفريقيا 2063 وإطلاق منطقة
التجارة الحرة بمثابة حجر الزاوية للمساعي الأفريقية لتحقيق التكامل المنشود.
وأشارت إلى
أن مباحثات الرئيس السيسي في اليابان ستتطرق إلى المشروعات الثنائية المشتركة بين مصر
واليابان مثل التعليم والبنية التحتية والمتحف المصري الكبير GEM، بالإضافة إلى التعاون في إفريقيا
وتعزيز التجارة والاستثمار، مضيفة إن مصر ثالث أكبر شريك تجاري لليابان في إفريقيا
ورابع أكبر دولة بها شركات يابانية، حيث أن مصر أجرت إصلاحات اقتصادية هامة بدأت تؤتي
ثمارها مع تحسن المؤشرات الاقتصادية المختلفة، وهي عناصر تساهم في جذب المزيد من الاستثمارات
اليابانية لمصر.
وأضافت أن
الاستثمار الأجنبي المباشر الياباني في مصر بلغ 161.1 مليون دولار في 2017-2018، بزيادة
74% عن العام السابق، وهو في ارتفاع منذ عام 2015 بفضل البيئة الاقتصادية والسياسية
المستقرة في مصر، وتستثمر الشركات اليابانية في مجالات واسعة ولكن بشكل خاص في قطاعي
السيارات والطاقة، مؤكدة أن اليابان تحرص على تخصيص المساعدة لأفريقيا وتضمّ العديد
من الدول، بينها: مالي، وموريتانيا، والنيجر، وتشاد، والسودان، وليبيا.
ولفتت إلى
أن اليابان أعلنت تقديم 750 مليون يورو، على مدى خمس سنوات، للمساعدة على استقرار الوضع
في منطقة الساحل الإفريقية؛ على أمل طمأنة الشركات اليابانية العاملة في الأسواق الإفريقية؛
مع التركيز على قضايا الأمن الغذائي والتعليم والصحّة، وأيضاً دعم النساء والشباب،
وفضلاً عن هذا الشقّ من المساعدة المخصّصة للتنمية؛ تقدّم اليابان دعماً للبلدان الأفريقية
مخصّصاً لمساعدتها على مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن؛ من خلال تدريب 2000 شخص على عمليات
مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن.
وأكدت أستاذ
الاقتصاد أن الشراكة الأفريقية- اليابانية فرصة واعدة لتعزيز العلاقات الاقتصادية متعددة
الأطراف بين الجانبين، والمضي قدماً نحو تحقيق التنمية، واستكشاف مجالات جديدة، تماشياً
مع المبادئ التأسيسية «للتيكاد»، وأبرزها ملكية أفريقيا الكاملة لمسارها التنموي.
قضايا الصحة والتعليم ومكافحة الإرهاب
ومن
جانبه، قال أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية، إن قمة التيكاد المنعقدة حاليا بمدينة
يوكوهاما هي فرصة لتعميق الشراكة الأفريقية اليابانية، فاليابان هي ثاني أكبر مانح
للمساعدات في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتستثمر في أفريقيا في مجالات
البنية الأساسية والاتصالات والكهرباء وعندها تجربة هامة في التعليم يمكن نقلها للقارة.
وأوضح شبانة،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن اليابان أصبحت تشارك في قوات حفظ السلام وتضاعفت
حجم استثماراتها وتجارتها في أفريقيا، ففي آخر ثلاث سنوات استثمرت أكثر من 30 مليار
دولار، موضحا أن القارة تحرص على علاقات شديدة الخصوصية مع اليابان وخاصة أنها لا تتدخل
في الشئون السياسية.
وأكد أن اليابان
أيضا تحرص على علاقات قوية مع أفريقيا لأنها سوق واسع يتكون من مليار و200 مليون نسمة،
فضلا عن الثروة المعدنية والزراعية هائلة، واليابان في أمس الحاجة لمثل هذه الثروات،
مضيفا إن كل أقطاب العالم حريصة على علاقات وطيدة مع القارة، وهناك منافسة من الصين
كأكبر شريك تجاري واستثماري في أفريقيا.
وأشار إلى
أن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الدورة الحالية لقمة التيكاد تتزامن مع رئاسة
مصر للاتحاد الأفريقي، مضيفا إن الرئيس في القمة عرض قضايا القارة ومشاكلها ووجه عناية
اليابان للاهتمام بقضايا الإرهاب ودعم التعليم والصحة في أفريقيا.
وأكد حرص مصر
على تنفيذ مبادرة إسكات البنادق في أفريقيا في 2020 لإنهاء النزاعات في القارة، وأن
تكون اليابان شريكا في هذه المبادرة، وكذلك أن تكون شريكا أيضا في أجندة التنمية المستدامة
للاتحاد الأفريقي 2063.
الرئيس يخاطب
المؤسسات لتنمية القارة
وفي هذا
السياق، قال ماجد أبو الخير، وكيل لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إن الرئيس عبد
الفتاح السيسي شارك في مجموعة من المحافل الدولية لينقل طموحات الشعوب الأفريقية كان
آخرها اجتماع مجموعة السبع بفرنسا قبل أيام، واليوم أمام قمة التيكاد باليابان، مضيفا
إن المشاركة المصرية في هذه القمة هامة، فالرئيس تحدث باسم القارة عن مشاكلها وأزماتها.
وأوضح أبو
الخير، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن مصر برئاسة السيسي تمتلك رؤية حقيقية
تجاه القارة الأفريقية وحل حقيقي لمشاكلها بالمشاركة مع الدول الراغبة في التنمية والتفاعل
مع أفريقيا، مضيفا إن مصر تدير العلاقة بين كل من يرغب في التنمية في أفريقيا من أجل
حياة أفضل لشعوب القارة.
وأشار إلى
أن كلمة الرئيس السيسي اليوم خاطبت كل المؤسسات الدولية والاقتصادية الخاصة التي ترغب
في التنمية في القارة الأفريقية، مضيفا إن مصر بوابة للاستثمار في القارة الأفريقية
وشريك فعال للتنمية في القارة، وهناك نجاحات حققتها في كافة المجالات كالطرق والبنية
التحتية ومواجهة الأمراض وعلى رأسها فيروس سي، وفي الوقت نفس مواجهة الإرهاب.
وأكد أن هذه
النجاحات تمثل نقاط ارتكاز وقوة للتحرك المصري تجاه حل مشاكل القارة الأفريقية بالاستعانة
مع المؤسسات الدولية والدول الشريك، مضيفا إن مصر واليابان بينها علاقات ثنائية متميزة،
فضلا عن كون اليابان لها خبرات رائدة في عدة ملفات ويعمل التعاون الثنائي على نقل تلك
الخبرات لمصر والقارة.