تركز نشاط الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الأسبوع الماضي، على زيارته لنيويورك حيث شارك في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقى على هامشها عددا من زعماء العالم لتوسيع التعاون المشترك مع دولهم، وعددا من الشخصيات ذات الثقل بالمجتمع الأمريكي، ومع قيادات كبريات الشركات الأمريكية العالمية، وعقد قمة ثلاثية جمعته وملك الأردن ورئيس العراق، وشارك في قمة ثلاثية مع رئيسي جيبوتي وكينيا، ثم في قمة ثلاثية مع رئيسي الصومال وكينيا، وشارك في الاجتماع رفيع المستوى حول الرعاية الصحية الشاملة.
واستهل الرئيس السيسي نشاطه الأسبوعي بالتوجه إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماعات رفيعة المستوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين.
وألقى الرئيس بيان مصر أمام الجلسة العامة للأمم المتحدة، التي تعد أرفع محفل سياسيي عالمي، حيث تناول البيان رؤية مصر ومواقفها تجاه مجمل تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية المطروحة علي الساحة السياسية العالمية خاصة في مجالات صون السلم والأمن العالميين، ومكافحة الإرهاب الدولي والفكر المتطرف وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، بالإضافة إلى قضايا القارة الأفريقية في ضوء قيادة الرئيس السيسي للعمل الأفريقي المشترك من خلال رئاسة مصر الحالية للاتحاد الأفريقي، وكذلك من منطلق التجربة المصرية في تلك المجالات خلال الأعوام الأخيرة وما تحقق من إنجازات علي المستوي الوطني اقتصاديا وتنمويا وأمنيا.
وأكد الرئيس ضرورة حل القضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك كعالجة جذور الأزمة الليبية بشكل شامل، وأيضا ضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا بما يحقق وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، وإنهاء الأزمة الممتدة في اليمن، ومواجهة التهديدات غير المسبوقة التي تعرضت لها منطقة الخليج العربي.
وبالنسبة لسد النهضة أوضح البيان أن مصر لا زالت تأمل في اتفاق مع إثيوبيا يحقق المصالح المشتركة لشعوب نهر النيل، حيث أن مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود.
وعقد الرئيس السيسي لقاءات ثنائية مع عدد من الزعماء ورؤساء الدول والحكومات علي هامش الجمعية العامة، حيث تم التباحث وتبادل وجهات النظر بشأن تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر ودولهم في شتي المجالات، إضافةً إلى تبادل الرؤى والتقديرات حول تطورات القضايا الإقليمية والدولية المتلاحقة ذات الاهتمام المشترك.
فخلال لقائه والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكد الرئيس السيسي حرص مصر على تعزيز وتدعيم علاقات الشراكة المتميزة بين البلدين، مشيرا إلى أهمية دور تلك الشراكة في تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتطلع مصر لمزيد من التنسيق والتشاور مع الولايات المتحدة بشأن مختلف قضايا المنطقة.
وشهد اللقاء استعراض أوجه التعاون الثنائي بين مصر والولايات المتحدة، خاصةً على الصعيد الاقتصادي، حيث تم التباحث حول سبل تعظيم الأنشطة الاستثمارية للشركات الأمريكية في مصر، وبحث عدد من الملفات الإقليمية، خاصة الوضع فى كل من ليبيا وسوريا واليمن، فضلاً عن القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام، حيث أكد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت تجاه القضية الفلسطينية وأهمية التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية، كما أكد الرئيس حرص مصر على تحقيق الاستقرار في السودان.
وشملت اللقاءات كلا من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، و الرئيس جوليوس مادا بيو، رئيس جمهورية سيراليون، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل، ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي، ورئيس وزراء بلجيكا شارل ميشيل، ورئيس المجر جوناس ادير ، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومارسيلو دى سوزا رئيس البرتغال، وفلوديمير زيلينسكي رئيس جمهورية أوكرانيا، ورئيس وزراء أسبانيا بيدرو سانشيز، ورئيس وزراء باكستان عمران خان، والرئيس اللبناني ميشال عون، وليو فارادكار رئيس وزراء أيرلندا.
وعلى صعيد العلاقات المصرية الأمريكية، شهدت زيارة الرئيس لمدينة نيويورك نشاطا ثنائياً مكثفاً، حيث عقد الرئيس عددا من اللقاءات الموسعة مع الشخصيات ذات الثقل بالمجتمع الأمريكي، وكذا مع قيادات كبريات الشركات الأمريكية العالمية، والمؤسسات الاقتصادية والاستثمارية والتي تسعي الي زيادة حجم أعمالها في مصر، علي خلفية الفرص الاستثمارية العريضة المتاحة حاليا في السوق المصري، ولتوطين نشاطها الصناعي والتجاري في ظل المناخ الاستثماري الجاذب، في إطار عملية التنمية الشاملة والمشروعات الكبري وما تنعم به حاليا مصر من أمن واستقرار.
كما شارك الرئيس في مأدبة العشاء التي أقامتها غرفة التجارة الأمريكية على شرفه، حيث أكد أعرب الرئيس عن تطلع مصر لمزيد من مساهمة الشركات الأمريكية في عملية التنمية في مصر، والمشاركة في المشروعات الكبرى الجاري تنفيذها في جميع أنحاء مصر، للاستفادة من الفرص الكبيرة التي يوفرها الاقتصاد المصري.
وعلى هامش الزيارة التقى الرئيس السيسي مع شو دونيو مدير عام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، حيث تم بحث عدد من موضوعات التعاون المشترك بين مصر والمنظمة، فضلا كيفية التنسيق لدعم الجهود والبرامج الرامية لتحسين أوضاع الأمن الغذائي في القارة الأفريقية وغيرها من الدول النامية.
وشارك الرئيس السيسي أيضا في عشاء العمل الذي نظمه مجلس الأعمال للتفاهم الدولي الذي يضم في عضويته عددا من مديري كبرى الشركات الأمريكية وصناديق الاستثمار وشركات إدارة الأصول والمحافظ المالية في الولايات المتحدة.
وأكد الرئيس حرص مصر على تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مجتمع رجال الأعمال والشركات الأمريكية وتنمية الاستثمارات المشتركة للمساهمة في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية في مصر، وذلك في إطار من العمل المشترك لتعظيم المصالح المتبادلة والاستغلال الأمثل للفرص المتاحة.
كما أشاد الرئيس بالتطورات الإيجابية التي شهدتها العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين خلال الأعوام القليلة الماضية، موضحا في هذا الصدد ما توفره المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها في مصر من فرص استثمارية متنوعة، وفي مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، والتي تتضمن عددا من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، وهو ما يوفر فرصا واعدة للشركات الأمريكية الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التي تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، لا سيما في المنطقتين العربية والأفريقية.
وعقد الرئيس السيسي قمة ثلاثية جمعته والملك الأردني عبد الله الثاني بن الحسين والرئيس برهم صالح رئيس جمهورية العراق، حيث تم استعراض آخر تطورات مسار التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق، وسبل تعزيز التعاون والتنسيق السياسي والاقتصادي والاستراتيجي بين الدول الثلاث، للبناء على ما يتوافر لديها من إمكانات للتعاون والتنسيق، مع الاستمرار في إعطاء الأولوية للتعاون في مجالات الاستثمار والتجارة والإسكان والبنية التحتية، والعمل المشترك بين الدول الثلاث لتعزيز الأمن القومي العربي ومواجهة ما تتعرض له المنطقة من تحديات.
وشارك الرئيس السيسي في الاجتماع رفيع المستوى حول الرعاية الصحية الشاملة بالأمم المتحدة بنيويورك، وألقي كلمة مصر في هذا الشأن والتي تضمنت عرضا لجهود الدولة لتوفير وتحديث الرعاية الصحية للشعب المصري، وكذا جهودها لتعزيز الالتزام بتطوير الرعاية الصحية في القارة الأفريقية، وأشار فيها إلى حملة "مائة مليون صحة" المعنية بالكشف عن المصابين بالالتهاب الكبدي والوبائي والأمراض غير السارية، وللتي نجحت حتى الآن في فحص ما يقرب من 60 مليون مواطن في أقل من عام.
وشارك الرئيس السيسي في قمة ثلاثية مع كلٍ من إسماعيل عمر جيله رئيس جمهورية جيبوتي، و أوهورو كينياتا رئيس جمهورية كينيا، انطلاقا من رئاسة مصر الحالية للاتحاد الأفريقي، وكذا العلاقات المتميزة التي تجمع مصر بكلٍ من الدولتين، وذلك لبحث عدد من القضايا الإقليمية الخاصة بالطرفين والعمل على تقريب وجهات النظر بينهما.
وقد أكد الرئيس السيسي أهمية توفيق وجهات النظر بين البلدين، وذلك من منطلق الحرص على دعم وحدة الموقف الأفريقي والحفاظ على تماسك الصف، لا سيما في ظل حكمة الرئيسين الشقيقين.
ثم شارك الرئيس السيسي في قمة ثلاثية مع كلٍ من محمد عبد الله فارماجو رئيس جمهورية الصومال، وأوهورو كينياتا رئيس جمهورية كينيا، وذلك لبحث بعض الملفات الثنائية الخلافية بين الطرفين، والعمل على ألا تؤثر تلك الملفات على علاقات الأخوة وحسن الجوار التي تربط بين البلدين الشقيقين، وتم التوافق علي تشكيل لجنة ثنائية بين كينيا والصومال من أجل البدء الفوري في إجراءات إعادة الثقة وتنقية الأجواء لتسوية أي نقاط خلاف تمهيدا لعودة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى طبيعتها.
وشارك الرئيس السيسي في أعمال قمة التنمية المستدامة، وألقى كلمة أوضح فيها جهود مصر في هذا المجال خاصة ما يتعلق بتوفير فرص العمل، وتمكين المرأة والشباب، جنبا إلى جنب مع الارتقاء بقطاعي الصحة، والتعليم، ومحاولة تعزيز الصلة الوثيقة بين بناء قدراتنا التكنولوجية والنهوض بمجمل أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، بما يمثل شرطا أساسيا لأي تحرك جاد لتحقيق التنمية والاستثمار في البشر.
والتقى الرئيس السيسي مع سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وشهد اللقاء التباحث بشأن آخر المستجدات على صعيد عدد من الملفات والقضايا الإقليمية، ومن بينها جهود مكافحة الإرهاب، في ضوء الجهود المصرية للتصدي للإرهاب على مختلف المستويات وبشكل شامل، وأهمية ترسيخ التعاون القائم مع الأمم المتحدة في هذا المجال.
كما بحث الجانبان جهود إحياء عملية السلام، حيث أكد الرئيس دعم مصر لكافة الجهود الدولية لتحقيق السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يفضي لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وكذلك بحث مستجدات الأوضاع في ليبيا، حيث أكد الرئيس السيسي دعم مصر الكامل لاستقرار ووحدة ليبيا وجيشها الوطني.
وفيما يتعلق بالتطورات في السودان، أكد الرئيس حرص مصر البالغ على استقرار السودان ودعم خيارات شعبه، وأهمية تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لمساعدته على استعادة الاستقرار.
كما تناول اللقاء التطورات الإقليمية في سوريا واليمن، حيث تم التوافق بشأن أهمية مواصلة التنسيق والتشاور المكثف في هذا الخصوص خلال الفترة القادمة بين مصر والأمم المتحدة.
واستقبل الرئيس السيسي رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس، حيث أعرب الرئيس عن حرص مصر على مواصلة الحوار والتشاور مع البنك، وتدعيم العلاقات المثمرة بين الجانبين، بما يراعى الاحتياجات والأولويات المصرية ويدعم مختلف الجهود التنموية للدولة، في ضوء أن البنك يعد أحد أهم شركاء مصر في التنمية.
كما أكد الرئيس السيسي باستمرار الدولة في اتخاذ الخطوات اللازمة للتوسع في شبكة الحماية الاجتماعية بما يؤدي إلى تخفيف أعباء الإصلاح، باعتبار أن التضامن الاجتماعي والحماية الشاملة للفئات الأكثر احتياجا تمثل ركائز أساسية لبرنامج الإصلاح الوطني.
واستقبل الرئيس السيسي وفدا يضم قيادات الطائفة الإنجيلية الأمريكية، حيث أكد حرص مصر على تعزيز جسور التواصل والتفاهم مع مختلف أطياف المجتمع الأمريكي للتصدي للتحديات التي تواجه البلدين.
كما أكد الرئيس السيسي حرص مصر على إعلاء مبادئ المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أية أسس دينية أو طائفية أو غيرها، فضلا عن ترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر، وأن يتم تنفيذ ذلك من خلال الممارسات الفعلية على أرض الواقع، بهدف ترسيخ تلك المبادئ والقيم.
واختتم الرئيس السيسى زيارته لنيويورك بعقد لقاء مع مجموعة من الشخصيات المؤثرة بالمجتمع الأمريكي، والتي تضم مسئولين وعسكريين سابقين، إضافة إلى قيادات مراكز الأبحاث ودوائر الفكر بالولايات المتحدة.
وأكد الرئيس أهمية العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وضرورة العمل على تعزيزها في كافة محاورها المتعددة، بما يصب في صالح الأمن القومى لكلا البلدين، مشيرا إلى أن السياسة المصرية تتسم بالتوازن والحرص على الانخراط الجاد مع دوائر صُنع القرار الأمريكي المختلفة.
كما أشار الرئيس السيسي إلى التطلع لدعم الولايات المتحدة للتجربة التنموية المصرية وطموحها في تحقيق نهضة اقتصادية شاملة، والتي من شأنها أن توفر فرصاً أمام زيادة وتنمية الاستثمارات الأمريكية في مصر، تحقيقا لمنافع متبادلة للجانبين، فضلا عن أن السوق المصرية تُعد مدخلا أساسيا أمام الشركات والمصالح الاقتصادية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.