الثلاثاء 14 مايو 2024

في الذكرى الـ46 لانتصارات أكتوبر.. أبطال ملحمة العبور: حربنا أبهرت العالم.. وعجز التسليح لم يوقف المصريين عن تحرير أرضهم.. والبطل الحقيقي في المعركة هو الجندي المصري

تحقيقات5-10-2019 | 17:18

يحتفل الشعب المصري بالذكرى الـ46 لتحرير سيناء، بعد ملحمة العبور في حرب السادس من أكتوبر 1973، حيث روى عددا من أبطال صناع الانتصار ذكرياتهم لـ"الهلال اليوم"، وتفاصيل الاستعداد للحرب وخطة الخداع الإستراتيجي ودور الأسلحة المشتركة في تحقيق هذا الانتصار الذي أبهر العالم.

وأكدوا أن البطل الحقيقي في انتصار أكتوبر هو الجندي المصري وأن عجز التسليح لم يوقف المصريين عن تحرير أرضهم، حيث استطاع المقاتل المصري عبر التدريب والدراسة لكل التفاصيل في أن يحقق تناغما بين أسلحة وأفرع القوات المسلحة لتكمل كل منهم دور الآخر ليتحقق في النهاية انتصار تاريخي لا يزال مصدر فخر لجميع المصريين والعرب.

 

حرب أبهرت العالم

اللواء ناجي شهود، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، وأحد أبطال حرب أكتوبر، قال إن حرب أكتوبر 1973 هي معركة الأسلحة المشتركة الحديثة، فبعدما كانت الحروب تدار بكل سلاح منفردا، إلا أن القيادة المصرية اكتشفت خلال الفترة من 1967 إلى 1973 إن المعركة لا يمكن أن تدار مع إسرائيل ولا يمكن تحقيق النصر إلا بتنفيذ معركة الأسلحة المشتركة الحديثة.

 

وأضاف شهود في حديثه لـ"الهلال اليوم"، أن حرب أكتوبر شهدت حالة من التناغم الكامل بين كل الأفرع الرئيسية البحرية والبرية والجوية والدفاع الجوي، فالقوات التي كانت تعبر شرق القناة وتنفذ مهامها وتنتهي منها كانت تحت ستر غطاء الدفاع الجوي والقوات الجوية، وإن الدول الغربية لم تسلح مصر لتحرير أرضها.

 

وتابع: إنه بالرغم من ذلك كانت مصر تمتلك دفاعا جويا لا بأس به سمح لها بعبور شرق القناة بعمق نحو 14 كيلو متر، مؤكدا أن الطيران الإسرائيلي لم يجرؤ على الاقتراب من الجيش المصري، وكانوا ينادون لبعضهم قائلين: "لا تقترب من القناة فإنها الجحيم".

 

 وقال شهود: الإنسان المصري تربى على العزة والكرامة وتدرب خلال السنوات ما قبل 1973 على أن يستعيد الأرض بكل السبل، وما جرى خلال حرب أكتوبر هو تنفيذ لكل ما تم التدريب عليه خلال سنوات طويلة، حيث افتتحت قوات المشاة المعركة وتواجدت شرق القناة بعد 12 موجة عبور بالقوارب استغرقت 178 دقيقة.

 

وأوضح أن الجيش المصري بكل قوات المشاة كان في شرق القناة خلال ثلاث ساعات إلا دقيقتين، ثم خلال ثماني أو تسع ساعات تم بناء الكباري حتى تنتقل المدرعات والمدفعيات وسيارات الميكانيكي إلى شرق القناة، مضيفا إن هذا كان التجسيد الحقيقي لمعركة الأسلحة المشتركة الحديثة التي أبهرت العالم.

 

كما أكد أن هذا التخطيط والفكر العلمي في تقدير الموقف واتخاذ القرارات ووضع خطط كاملة، هو فكر مصري خالص، مضيفا إن عجز التسليح لم يوقف المصريين عن تنفيذ مهمتهم وتحرير أرضهم، رغم أن كل الدول لم تمد مصر بالتسليح الكافي لإجراء عملية هجومية شاملة على مواجهة 170 كيلو متر، لكن الجيش المصري نفذ مهمته بأسلحة ومعدات دفاعية متقادمة ولم تنجح أية دولة في كسر شوكة وعزيمة المصريين.

 

وأشار إلى أنه في عام 1967 كان هناك تحركا شبه دولي بأن تتحول سيناء إلى أرض إسرائيلية، وأن تنتهي هويتها المصرية، لكن الشعب المصري كله بكل قواه الشاملة الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية لم يسمح بذلك ولم يفرط في أرضه، مؤكدا أن المصريين لم يسمحوا بتقسيم مصر بأية صورة سواء تقسيم الشعب أو الأرض ولا زال التلاحم هو السمة السائدة لدى المصريين.

 

وأكد أن الحفاظ على "الأرض والعرض" هو أحد سمات الشعب المصري، وأن روح أكتوبر عاشت داخل المصريين طوال السنوات الماضية واستطاع من خلالها أن يتجاوز كل المخططات التي أحيكت ضده، مضيفا إن هذه الروح استرشد بها المصريون منذ 2011 حتى الآن بعدما انتبهوا لمخططات تقسيم الأرض والشعب وقرروا الحفاظ على الهوية المصرية.

 

وأوضح أن المصريين لديهم ثلاثة خطوط حمراء لا يقدر أحد على تجاوزها أو الاقتراب منها هي "الدين والأرض والعرض"، مضيفا إن المصريين نجحوا في إجبار إسرائيل على توقيع معاهدة سلام والالتزام بحدودها، ونجحوا في كسب معركة التحكيم الدولي لتحرير آخر شبر من أرض مصر وهي طابا، حتى قررت المحكمة في 29 سبتمبر 1988 بعودة طابا للسيادة المصرية.

 

واختتم قائلا: "العملية الشاملة سيناء 2018" تستهدف الحفاظ على هوية سيناء، فجيل أكتوبر لم يكن أفضل من هذا الجيل، فكما سجل التاريخ بطولات جيل أكتوبر سيسجل أيضا دور المصريين حاليا في الحفاظ على مصر من الانهيار.

 

خمسة محاور للاستعداد للحرب

ومن جانبه، قال اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق وأحد أبطال حرب أكتوبر، إن الدولة المصرية بدأت للاستعداد لحرب أكتوبر بعد وقوع نكسة 1967، حيث كانت تجري عملية شاملة لإعداد الدولة للحرب قامت على خمسة محاور، وهي إعداد الوزارات وإعداد القوات المسلحة وإعداد مسرح العمليات وإعداد الشعب وإعداد الإعلام.


وأوضح الغباري، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الحالة الاقتصادية للدولة حينها كانت صعبة للغاية فكان هناك نقصا في السلع الأساسية والخدمات كالنقل والاتصالات وكانت معاناة للجميع، وكان مصانع النسيج توجه نصف إنتاجها للجيش والنصف الآخر للشعب، وفي حالة النقص كانت تستورد من الصين.


وأضاف إن الوزارات وضعت خطة حرب لكيفية الاستعداد للحرب وما ستقدمه للشعب للتخفيف من وطأة المعركة والحفاظ على الجبهة الداخلية، كما أعادت الدولة تنظيم القوات المسلحة وتطوير الأسلحة ووضع خطط للهجوم، مضيفا إن الدولة جهزت مسرح العمليات في غرب القناة الذي كان يفتقد للتجهيزات القتالية، كما توعية وإعداد الشعب والإعلام.


وأشار إلى أنه تم تدريب القوات على آلية الاشتباك مع دبابات العدو واستخدام الصواريخ أرض أرض وكيفية استخدام السواتر الأرضية والتعامل مع الفارق في الأسلحة والمعدات وكذلك كيفية التجديف والسباحة، مشيرا إلى أن المحور الثاني وهو تحديث الأسلحة كان مهما فجرى تجديد الصواريخ القديمة بأخرى حديثة مداها أكبر وكذلك الدبابات والذخيرة داخل المدرعات، والمدفعية والقوات الجوية.


وأكد أن خطة الخداع الإستراتيجي أربكت العدو لكي لا يجري عملية تعبئة عامة لجيشه، لأن القوات الإسرائيلية إذا قامت بالتعبئة وجاءت على القناة قبل هجوم الجيش المصري كانت مصر ستخسر 60% من القوات قبل العبور، 30% في المياه و30% فوق النقاط القوية، فكان لا بد من خداع الإسرائيليين لكي لا يقوموا بالتعبئة إلا بعد الهجوم.


وأضاف إن تعبئة الجيش الإسرائيلي كانت تستغرق 24 ساعة، وهو ما قامت به مصر ونجحت في خداع العدو الإسرائيلي بنجاح فلم يستدعي القوات الاحتياطية إلا بعد عبور القناة وشعر الجيش المصري أننا انتصرنا من أول يوم في الحرب، موضحا أن من أبرز أشكال الخداع الإستراتيجي كانت السماح بالإجازات للضباط وتسريح دفعة رديف قبل الحرب بأربعة أيام وكذلك تخزين القوارب المطاطية في حلوان بعد أن تسريب احتياجات الجيش إلى الجبهة.

وأضاف إن موشي ديان حينما استطلع الجبهة يوم الحرب كانت القوات في حالة استرخاء، لكنهم في ساعة واحدة كانوا قد استعدوا وبدؤوا الهجوم.

 

 

الجندي المصري البطل الحقيقي

فيما قال اللواء مصطفى كامل السيد، رئيس عمليات سلاح الصاعقة خلال حرب أكتوبر، إن المعركة كانت شاملة واشتركت فيها جميع القوات والأفرع، مضيفا إن القوات البحرية أغلقت مضيق باب المندب أمام أي تدخل كما نفذت القوات الجوية الضربة الجوية الأولى التي استطاعت أن تشل سيطرة العدو على قواته لمدة طويلة.

 

وأوضح السيد، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الدفاع الجوي نجح في منع أية عمليات جوية مضادة للقوات، مؤكدا أن القوات المسلحة المصرية استطاعت أن تدرك كل الأمور والتفاصيل خلال الحرب وتحقق النصر المجيد برغم من التفوق الإسرائيلي في العدد والعدة والأسلحة والذخائر عن القوات المصرية.

 

 وأشار إلى أن الشعب المصري كان له دور بارز خلال الحرب، فطوال أيام المعركة لم يشهد أي قسم أية حادثة إجرامية أو مخالفة، مؤكدا أن البطل الحقيقي في انتصار أكتوبر هو الجندي المصري ثم الرئيس الراحل أنور السادات الذي استطاع أن يأخذ قرارا من الصعب أن يتخذه غيره.

 

وعن دور وحدات الصاعقة في حرب أكتوبر، أكد أن هذا الدور لا يمكن فصله عن دور هذا السلاح في حرب الاستنزاف وحرب 1967 فلا يمكن الفصل بين هذه الأحداث، فحين وقعت هزيمة 1967 استطاعت الكتيبة 43 صاعقة أن تعيد اتزان الدفاع الاستراتيجي لمصر كلها عندما منعت عبور العدو من قناة السويس إلى الغرب.

 

وأكد أن وحدات الصاعقة تحملت العبء الأكبر في حرب الاستنزاف ومعظم العمليات خلف خطوط العدو كانت من وحدات الصاعقة ومن أبرز هذه العمليات "السبت الحزين" و"التبة المسحورة" و"لسان بورتوفيق" والتي كانت جميعها أعمالا بطولية.

 

وأشار إلى أن دور الصاعقة في حرب أكتوبر 1973 ينبع من حساسية وتعقيد مهمتها وهي منع احتياطيات العدو على جميع المستويات من التدخل في عملية عبور قناة السويس وإنشاء رؤوس الكباري للجيوش الميدانية والتي تعتبر أكثر مرحلة تأخذ اعتناء وحماية من تدخل العدو بقواته أو بنيرانه أو طائراته.

 

وأضاف إن أحد الأعمال القتالية التي أدت لنصر أكتوبر هي أعمال قتال وحدات الصاعقة في العمق، مشيرا إلى أن عملية لسان بور توفيق نفذت مرتين الأولى في حرب الاستنزاف والأخرى في حرب أكتوبر وتنبع أهميتها من كونها العملية الوحيدة التي يمكننا أن نرى خلالها مدى الهزيمة التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، وتشهد بانتصار الجيش المصري على الإسرائيلي.

 

وأوضح أنه تم استسلام النقطة القوية للسان بور توفيق بالكامل للمقدم أركان حرب زغلول فتحي قائد الكتيبة 43، مضيفا إن هذه الكتيبة هي التي تحملت معظم العمليات الصعبة سواء عملية لسان بورتوفيق كما منعت العدو في بورفؤاد من قطع العبور إلى غرب بورسعيد، كما أنها استطاعت أن توقع أول أسير إسرائيلي.

 

وأكد أنه عندما تمكنت وحدات الصاعقة من منع تقدم العدو بجميع مستوياته الاستراتيجي والتعبوي والتكتيكي من عبور مضيق سد استطاعت القوات المسلحة أن تبني رؤوس الكباري بنجاح وأن تستكمل عملية النصر والعبور.

    Dr.Radwa
    Egypt Air