شهد تونس اليوم الإثنين انطلاق عهد جديد بانتخاب أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد رئيسا للبلاد، ليصبح ثاني رئيس ينتخب ديمقراطيا في تونس بعد "ثورة الياسمين".
وخاض سعيد السباق الرئاسي معتمدا على جهود عدد من المتطوعين في الترويج لبرنامجه الانتخابي الذي حمل شعار "الشعب يريد"، ورفض قبول أي تمويل خارجي لدعم حملته الانتخابيه، وكان فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 15 سبتمبر الماضي ومروره إلى الجولة الثانية من الانتخابات بمثابة "زلزال سياسي" قلب موازين السياسة في تونس وأربك الأحزاب السياسية التي كانت متصدرة المشهد حينئذ.
وقد حصل سعيد في الجولة الأولى من الانتخابات على 4ر18 % من أصوات الناخبين ليتصدر بذلك قائمة المرشحين، ويمر للجولة الثانية التي تنافس فيها مع رجل الأعمال نبيل القروي الذي كان حينئذ محتجزا بسجن المرناقة بتهمة غسيل الأموال والتهرب الضريبي.
وقد أعلن سعيد أنه لن يقوم بحملة دعائية خلال الجولة الرئاسية الثانية لأسباب أخلاقية وللحفاظ على مبدأ تكافؤ الفرص مع منافسه المسجون، وهو الموقف الذي أشاد به المراقبون واعتبروه موقفا تضامنيا يحسب له.
وفي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس الأحد، تمكن سعيد من تحقيق فوز كاسح بحصوله على 71ر72 % من أصوات الناخبين، بينما حصد القروي 29ر27 % من الأصوات، ليحسم بذلك الجولة الأخيرة لصالحه ويصبح الساكن الجديد لقصر قرطاج.
وسعيد الذي يلقب ب "الروبوكوب" أو الرجل الآلي؛ بسبب أسلوب خطابه الذي يعتمد أساسا على اللغة العربية الفصحى والتحدث بجدية ودون توقف، ولد عام 1958 بتونس، وحصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس، وعلى دبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، وعلى دبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني بسان ريمو بإيطاليا.
وبدأ حياته المهنية كمدرس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة عام 1986، ثم انتقل للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس عام 1999، كما شغل منصب مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بسوسة من عام 1994 إلى عام 1999.
وتولى قيس سعيد منصب مقرر اللجنتين الخاصتين لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لإعداد مشروع تعديل ميثاق الجامعة، ولإعداد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية عامي 1989 و1990، ومنصب خبير متعاون مع المعهد العربي لحقوق الإنسان من عام 1993 إلى عام 1995.
كما شغل سعيد منصب كاتب عام ثم نائب رئيس الجمعية التونسية للقانون الدستوري في الفترة الممتدة من عام 1990 إلى عام 1995 ، وهو عضو بالمجلس العلمي ومجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري منذ عام 1997، وكذلك رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية.
وينص الدستور التونسي على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور، ويتم انتخابه لمدة 5 أعوام انتخابا مباشرا سريا ونزيها ولا يجوز توليه المنصب لأكثر من دورتين كاملتين متصلتين أو منفصلتين.
ومن أبرز اختصاصات الرئيس، أنه يتولى تمثيل الدولة وضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة من التهديدات الداخلية والخارجية، كما يتولى حل مجلس نواب الشعب في الحالات التي ينص عليها الدستور، ويتولى إعلان الحرب وإبرام السلم بعد موافقة مجلس نواب الشعب بأغلبية ثلاثة أخماس أعضائه، إلى جانب إرسال قوات إلى الخارج بموافقة رئيس مجلس نواب الشعب والحكومة.
ويتمتع رئيس الجمهورية بالحصانة طيلة توليه الرئاسة، ولا يسأل عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه.