قمة مصرية
إثيوبية عقدت، اليوم الخميس، في مدينة سوتشي بين الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس
الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تناولت ملف سد النهضة على ضوء آخر التطورات في هذا
الصدد، وصفها خبراء سياسيون بأنها أكدت الحرص المشترك على استمرار المسار السياسي
والحوار، موضحين أنها خرجت بقرارين مهمين هما استئناف اجتماعات الجنة الفنية
المستقلة ومراجعة التصريحات الإعلامية التي أثيرت مؤخرا عن رئيس الوزراء الإثيوبي.
وأكد "آبي
أحمد" أن تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي بشأن ملف السد تم اجتزاؤها
خارج سياقها، وأنه يكن كل تقدير واحترام لمصر قيادةً وشعباً وحكومةً، وأن تصريحاته
تضمنت الإعراب عن التزام إثيوبيا بإقامة سد النهضة بدون إلحاق الضرر بدولتي المصب.
وأضاف رئيس
الوزراء الإثيوبي أن الحكومة والشعب الإثيوبي ليس لديهم أية نية للإضرار بمصالح
الشعب المصري، وأن استقرار مصر وإثيوبيا هو قيمة وقوة مضافة للقارة الأفريقية
بأسرها، مع التشديد على أنه بصفته رئيساً لوزراء إثيوبيا، ملتزم بما تم إعلانه من
جانب بلاده بالتمسك بمسار المفاوضات وصولاً إلى اتفاق نهائي.
من جانبه، أكد
الرئيس السيسي أن مصر طالما أبدت انفتاحاً وتفهماً للمصالح التنموية للجانب
الإثيوبي بإقامة سد النهضة، إلا أنها في نفس الوقت تتمسك بحقوقها التاريخية في
مياه النيل، ومن ثم يتعين ألا تكون مساعي تحقيق التنمية في إثيوبيا على حساب تلك
الحقوق، وأن إقامة السد يجب أن تتم في إطار متوازن ما بين مصالح دول المنبع والمصب.
وتوافق الجانبان
على الاستئناف الفوري لأعمال اللجنة البحثية الفنية المستقلة على نحو أكثر
انفتاحاً وإيجابية، بهدف الوصول إلى تصور نهائي بشأن قواعد ملء وتشغيل السد،
وتجاوز أي تداعيات سلبية قد نتجت عن التناول الإعلامي للتصريحات التي نسبت مؤخراً
إلى الجانب الإثيوبي.
قراران مهمان
وفي هذا الشأن،
قال الدكتور رمضان قرني، خبير الشئون الأفريقية، إن قمة اليوم بين الرئيس عبد
الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أسفرت عن قرارين مهمين هما اجتماع
فوري للجنة الفنية المستقلة ومراجعة التصريحات الإعلامية التي أثيرت مؤخرا عن رئيس
الوزراء الإثيوبي.
وأوضح، في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن استمرار اللقاءات على مستوى القمة أمر غاية في
الأهمية وهذا يؤكد العلاقات القوية بين مصر وإثيوبيا، مشيرا إلى أن آلية القمة
يعول عليها بشكل كبير في الحفاظ على العلاقات وتجاوز أية خلافات قد تكون شهدتها
العلاقات على مدار السنوات الماضية.
وأكد أن انعقاد
اللجنة الفنية المستقلة والتي تضم خمس خبراء من الدول الثلاث مصر وإثيوبيا
والسودان هي خطوة مهمة لتجاوز الخلافات، لأن ما يميزها أنها لجنة علمية ويعول
عليها بحث الشواغل بين الدول الثلاث، مضيفا أنه من المهم توفير بيئة مناسبة للمفاوضات
واجتماعات هذه اللجان والدخول في المفاوضات بعقلية منفتحة تختلف عن الفترة الماضية.
وأشار إلى أهمية
النظر بشكل جدي من الطرف الإثيوبي للشواغل المصرية والسودانية فيما يتعلق بسد
النهضة، مؤكدا أنه آن الأوان لتفعيل اتفاقية المبادئ الموقعة في مارس 2015 وخاصة
البند الخامس الذي يتعلق بشكل إدارة وملء السد ومفوضية إدارة السد والنظر بشكل
علمي لهذه الشواغل.
وأضاف أن
التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي أثيرت خلال لقاء القمة مع الرئيس السيسي
اليوم، وجاء الرد بمثابة اعتذار إثيوبي مبطن، خاصة أن مصر في سياساتها الخارجية لا
تعرف التعاملات العسكرية مع دول الأشقاء وحل الأزمات الخارجية، مضيفا أن مصر كانت
من الدول التي رحبت بآبي أحمد عند فوزه بجائزة نوبل.
الحرص المشترك
على استمرار الحوار
فيما قال
الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن القمة المصرية
الإثيوبية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أكدت
الحرص المشترك بين البلدين على استمرار المسار السياسي، واستئناف التفاوض بين
الطرفين في ظل وجود لقاء فني وسياسي مرتقب على مستوى وزراء الخارجية الثلاثة في
واشنطن.
وأكد فهمي، في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أهمية توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا مع
المطالب المصرية، في ظل حرص مصر على استمرار لغة التفاوض، مشيرا إلى أنه يجب أن
يتفهم الجانب الإثيوبي أن قضية سد النهضة إن كانت بالنسبة لهم للتنمية، فالأمر
بالنسبة لمصر هي قضية حياة ووجود.
وأشار إلى أن
هناك حرص مشترك على استمرار لغة التفاوض والحوار ومراعاة المصالح المشتركة منعا
لدخول أطراف أخرى قد تعكر المسار، مضيفا أنه على الجانب الآخر جاءت زيارة الرئيس
لروسيا ومشاركته في منتدى أفريقيا روسيا لتحمل أبعادًا هامة سواء على المستوى
الثنائي أو المستوى القاري.
وأضاف أن
المنتدى يطرح رؤية جديدة للعلاقات الأفريقية الروسية على قاعدة من المصالح
المشتركة، بما يعمل على بلورة جديدة للعلاقات المصرية الروسية وكذلك الأفريقية
الروسية، موضحا أن أفريقيا باتت مهمة لروسيا باعتبارها سوق جاذبة للاستثمارات فضلا
عن وجود طرف مؤثر في العلاقة وهو مصر باعتبارها نافذة لإفريقيا بالنسبة للجانب
الروسي.
ولفت إلى أنه ما بعد القمة ستشهد العلاقات المصرية الروسية نقلة
نوعية على مستوى التعاون وفتح الأسواق والتنمية المشتركة وإتمام عدد من المشروعات.