رغم تجريم العديد من دول العالم وعلى رأسها امريكا وأوروبا عمل شركات التسويق الشبكي "الهرمي"، إلا أن مصر تقف مكتوفة الأيدي أمام تلك الشركات التى تضر بالاقتصاد الوطني.
وأظهرت الإحصائيات أن حجم عمليات تلك الشركات في مصر يصل إلى 3 مليارات جنيه دون خضوع للأجهزة الرقابية، كما أن مساهمة بعض الشركات الأجنبية فيها يثير شبهات حول عمليات غسيل الأموال، إلى جانب استمالة تلك الشركات لبعض ذوي السلطة والنفوذ للاحتماء فيهم من خلال مشاركتهم بنسب فيها.
وتعمل شركات التسويق الهرمى على التحايل على المصريين في منتجات متنوعة كمنتجات الطاقة والساعات والمجوهرات وباقات العطل السياحية.
وأكد عدد من خبراء الاقتصاد، أن أى تداول مادى بين المواطنين دون رقابة، خصوصا اذا تم عبر تسلسل هرمى، يقع تحت طائلة المخالفات، لان تلك المعاملات تصبح خارج إطار القوانين المنظمة، مؤكدين أن فرنسا استطاعت ان تضع قوانين تنظم أى عملية الكترونية، وأن أى عمل يهدف إلى الربح لابد أن يخضع للقانون، حتى لا يتم التلاعب بأموال المواطنين، كما حدث وسمعنا مؤخرا عن نصب بعض الشركات الوهمية على الشباب، واصبحوا ضحايا دون وجود أى مستند قانونى، يثبت حقهم لدى الشركات.
اتهامات عديدة
ومن الاتهامات التى واجهتها شركات التسويق الشبكي على مستوى العالم، إتهام إيران لشركة "كيونت"، بالتسبب بخروج أكثر من نصف مليار دولار خارج حدودها، ضمن أكبر عملية نصب جماعي حصلت في تاريخها.
كما تسبب نظام التسويق الهرمي فى انهيار الاقتصاد الألبانى بخسارة ثلثي الشعب الالبانى 1.2 مليار دولار نتيجة التعامل بهذا النظام، لذلك تم منعه في السعودية، السودان، الجزائر، الأردن، الكويت، تركيا، الهند، نيبال، إندونيسيا، أفغانستان وكثير من دول العالم الثالث الأخرى، حيث البطالة والفقر يدفعان الشباب إلى الحلم بالربح السريع الذي ينتشلهم من أوضاعهم المزرية، لا تزال هذه الشركات تجد ملاذاً آمناً لها في مصر دون أي مراقبة.
يأتي هذا في الوقت الذي تؤكد فيه الشركة أن 48% من مبيعاتها تتركز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن الطبيعي، بعدما منعت أساساً في معظم دول العالم المتقدم، أن تتركز نصف مبيعاتها في منطقتنا، حيث يمكنها أن مزاولة نشاطها بكامل حريتها في ظل معدّلات بطالة هي الاعلى بين مناطق العالم، ولا سيما بين الشباب.
النصب على الشباب
وكشف أحد العاملين بشركة تسويق شبكي تعمل في مصر ، أن جميع الشركات المصرية التى تعمل بالتسويق الشبكى ليس لها أى ترخيص بمزاولة هذا النشاط لكنها فى الأصل شركات استيراد وتصدير، أو شركات لمنتج معين تقوم بعمل ترويج لها من خلال التسويق الشبكى، وتحصل على اموال كبيرة دون ان تدفع ضرائب أو تكون مراقبة من جهة معينة، لذلك تستغل حاجة الشباب وتقوم بجمع الأموال والنصب عليهم.
ويقول أخر لا تنحصر أضرر نظام التسويق الهرمي في هذه الجوانب فقط، ولكن يضاف إليها الأضرار النفسية والاجتماعية. حيث يتغير مفهوم من يمارسون هذا العمل للعلاقات الإنسانية، فتصبح كلها علاقات مصلحة قائمة على البيع والشراء، قائلاً: "حتى أهلي وإخوتي أصبحوا بنظري عملاء أريد إقناعهم بالدخول إلى هذا النظام"، موضحاً أنه حدثت مشكلة بينه وبين أعز أصدقائه بسبب هذا العمل حيث اتهمه صديقه بالنصب عليه بعد أن أقنعه بشراء المنتج وطلب منه استعادة ماله وهو ما يستحيل تحقيقه مع تلك الشركات مما دفعه لاقتراض المال حتى لا يخسر صديقه.
حرام شرعاً
وعلى الرغم من ان لجنة الفتوي بدار الإفتاء المصرية قد حسمت الجدل الفقهي حول التسويق الشبكي "الهرمي" بأنه حرام شرعاً, وذلك بعد دراسة فقهية مستفيضة بمشاركة الفقهاء وخبراء قانونيين ومتخصصين في هذا النوع من المعاملات التجارية, وأصدرت فتوي خاصة في حكم( التسويق الشبكي) من خلال شبكة الانترنت بعد انتشار حالات النصب المتعددة, وازدياد الشكاوي منها ومن آثارها وعدم توافر الأطر القانونية الخاصة المنظمة لعمل هذه الشركات, فلا توجد قوانين لتنظيم التعامل بها مع غياب للرقابة المالية.
وقالت الدار في فتواها إنه تبين لأمانة الفتوي بعد الدراسة الدقيقة لواقع هذه المعاملات أنها مشتملة علي محاذير تمنع حلها مما دعاها إلي الجزم بتحريمها صراحة فلا يحل التعامل حينئذ لعدم سلامتها حيث لا توجد الحماية القانونية والاقتصادية للمشتري والمسوق، وحيث تحققت فيها الصورية في السلعة محل التسويق التي صارت مجرد وسيلة للاشتراك في النظام وليست مقصودة لذاتها ولا محتاجا إليها بالفعل وأصبح إخلالها بمنظومة العمل التقليدية واقعا صعبا وملموسا يحتاج إلي علاج حقيقي وحاسم بالإضافة إلي ذلك فإن الطريقة التي تجري بها هذه المعاملة هي مجرد وسيلة لكسب المال السريع لا أكثر سواء بالنسبة لصاحب الشركة أو للعملاء فانه مع توسط السلعة في كسب المال هنا إلا أن السلعة لم تعد هي المقصودة في عملية الشراء بل أصبحت سلعة صورية وجودها غير مؤثر, فالمقصد الحقيقي الظاهر من هذه المعاملة مجرد التوصل إلي الربح.
إلا أن المتعاملون معها والوكلاء يدعون أن مبدأ عملهم سليم، لطالما أن الترويج للمنتجات أساس عملهم، لكن هذا "غير صحيح"، لأن الترويج للتعامل مع الشركة يكون بهدف تسويق الأرباح وليس بهدف شراء منتج غالي الثمن.
وتبقى تلك الشركات تمارس عملها في مصر، بحرية تامة مستغلة حاجة الشباب الطامح إلى فرصة عمل في تحقيق أرباح خرافية تذهب معظمها في الغالب إلى خارج البلاد وهو ما يضر ليس فقط بالاقتصاد ولكن بالأمن القومي المصري أيضاً، خصوصاً في في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها، وهو ما يخالف توجه القيادة السياسية الداعي دائماً للعمل والانتاج.