الخميس 16 مايو 2024

استهداف الكنائس واستراتيجية إسقاط الدولة

12-4-2017 | 11:54

بقلم –  ثروت الخرباوى

أظن أنه كان من لزوميات الصحافة أن تعيد مجلة «المصور» الغراء نشر العدد الذى أصدرته بعد حادث الكنيسة المرقسية بالكامل، وبنفس الغلاف، ثم يقوم المخرج الصحفى للمجلة بكتابة عبارة «الطبعة الثانية» على أحد جوانب الغلاف، ويليها بعبارة «سنوالى نشر نفس العدد بطبعات جديدة عند كل حادث يستهدف كنيسة»، وسبب هذا الاقتراح هو أنه لم يحدث جديد، ولكنه مجرد تكرار، والتكرار يستلزم طبعات جديدة لنفس الإصدار، لأننا فى الحقيقة لم نتعلم، ولا نزال نقف عند نقطة البداية.

قلنا من قبل إن نقطة البداية هى مواجهة الأفكار، فوزارة الداخلية فى الحقيقة تتحمل ما لايجب أن تتحمله، فإن كان فى قدرتها مواجهة الإرهابيين أنفسهم، فهل فى قدرتها مواجهة أفكار الإرهاب؟ الأفكار المؤسسة للإرهاب تحتاج إلى مجتمع كامل، يستشعر الخطر، ويدرك تمام الإدراك أننا فى حرب حقيقية، ولكنها تختلف عن الحروب القديمة، ثم عليه بكل مؤسساته أن يضع منظومة كاملة تواجه أفكار الإرهاب، وقد يقول قائل إن هذا الأمر هو مهمة الأزهر، والحقيقة أننا أن ألقينا بالكرة فى ملعب الأزهر سنكون قد كلفناه ـ كمؤسسة معنية بدراسة علوم الدين بما لا يطيق ـ ذلك أن منظومة مواجهة أفكار الإرهاب أكبر من أن تكون مجرد منظومة أزهرية، إذ ينبغى أن يشارك فيها الفن، والآداب، وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع، والإعلام، والصحافة، وعلماء الاقتصاد، وخبراء التعليم.

ومع هؤلاء يجب أن تقوم وزارة الثقافة بدورها الحقيقي، وعلى وزارة الشباب أن تضع منظومة لاستثمار مراكز الشباب فى أنشطة أدبية وثقافية ووطنية ورياضية، أما وزارة الداخلية فعليها أن تضع الشباب المحبوس على ذمة قضايا التطرف فى معسكرات تأهيل وعلاج، فأكبر عامل فى التطرف الذى هيمن على عقول عدد لا يستهان به الشباب هو الإحباط الذى تولد عنه العديد من الأمراض النفسية، وقد مكَّن هذا الإحباط شياطين الشر من بث الكراهية فى نفوس هؤلاء الشباب ضد مجتمعهم، ومن بوابة الكراهية كان من السهل عليهم غرس كل أفكار الإرهاب على أنها دين، فمن المقطوع به أن الشاب الذى ذهب ليفجر نفسه انتحارا فى كنيسة كان يظن أنه سيذهب مباشرة بعدها إلى الجنة، وأن الحور العين فى انتظاره كعريس يستحق أن يكون فى أعلى عليين، ومن هنا يأتى دور علماء النفس فى علاج الشباب المحبوس على ذمة قضايا التطرف، بحيث لا يجب الإفراج عنه إلا بعد أن يشفى تماما، ومع دور علماء النفس سيكون من الأهمية أن تستعين وزارة الداخلية بعدد من العلماء البارعين فى علوم الدين، ممن لديهم القدرة على الحوار والقدرة على الإقناع، للدخول مع الشباب المحبوس فى مواجهة فكرية حقيقية، ولا أظن أن هذه المواجهات ستنجح لو تمت داخل السجون، لذلك لا بديل عن معسكرات يتم إحكام الحراسة عليها ويتم فيها إعطاء هؤلاء الشباب مساحة حركة كبيرة، وحصر هؤلاء الشباب فى معسكرات خاصة ستبعدهم عن كبار المتطرفين المحبوسين الذين لا يمكن إخراجهم من أفكارهم، والذين يستغلون عنابر السجون فى التأثير على الشباب الذى تم تجنيده فى جماعات الإرهاب حديثا، فالأفكار المؤسسة للإرهاب كالسرطان، إن تمكنت من شخص قضت عليه.

ومن بعد ذلك يجب بكل حسم أن تقوم الدولة بتطبيق نصوص الدستور الخاصة بحظر إنشاء أحزاب على أساس ديني، وللأسف لا يزال فى مصر إلى الآن حزب النور الذى يمثل السلفيين الذين كانوا يحرمون تشكيل الأحزاب ويقولون إن الديمقراطية كفر، كما أن بيننا وياللغرابة حزب البناء والتنمية الناطق باسم الجماعة الإسلامية التى مارست لسنوات طويلة القتل باسم الدين، ولا يزال أفرادها يمارسون القتل ولكن تحت رايات أخرى لإبعاد الشبهة عن حزبهم الأم، وبيننا أيضا حزب مصر القوية وهو جناح من أجنحة الإخوان السياسية! ثم أحزاب الفضيلة والأصالة وهى ذات توجه سلفي، يضاف إليهم حزب النهضة وله جذور إخوانية، فإن كانت لدينا جدية فى مواجهة الإرهاب يجب أن نقوم بتفعيل الدستور فى هذه الجزئية بدلا من أن تظل تلك الأحزاب تؤسس بين أعضائها أفكارا متطرفة إرهابية ضد الإنسانية وتخاصم الإسلام الحقيقي، أما من سيقوم بكل ذلك فهو المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب الذى أصدر الرئيس قرارا بإنشائه عقب الحادث الأخير، وإن كانت الدولة قد تأخرت فى إصدار هذا المجلس إلا أنه يحسب لها أنها تداركت ما فات وأنشأته، وحسنا فعل الرئيس بإعلان حالة الطوارئ، وهذا الأمر قد طالبنا به كثيرا من قبل، بل إن مجلة المصور قد طلبت من الرئيس إصداره عقب حادث الكنيسة المرقصية، فالحالة التى تمر بمصر حاليا هى حالة استثنائية، والقانون العادى تم وضعه ليواجه الحالات العادية، أما الاستثناء فلا يواجهه إلا الاستثناء.

إلا أننا يجب أن نضع أصابعنا بوضوح على السبب الحقيقى من استهداف الأقباط والكنائس، فمعرفة الداء سيعطينا القدرة على معرفة طريق الشفاء، أما السبب فقد كتبته فى مقالة نشرتها لى المصور منذ عدة شهور، وكنت أتحدث فيها عن استهداف الأقباط، فقلت بالحرف الواحد ( كان المستهدف واضحا، ولكن العيون التى اغرورقت بالدموع قد لا تَرى، كانوا يريدون من الأقباط أن يثوروا على البابا ثم على الرئيس، كانوا يريدون منهم الخروج فى مظاهرات عارمة، فينزل الإخوان وقتها معهم إلى الشارع، وتعم الفوضى، فيستخدم الإخوان مواردهم وموارد قوى الشر التى تنتظر على أحر من الجمر اللحظة السانحة لإسقاط مصر، وترتفع أسلحتهم فى مواجهة صدور كل المصريين، ويعودون من جديد للاستيلاء على الحكم، ثم القضاء بعد ذلك على الأقباط الذين ثاروا!).

هذا هو المستهدف، استغضاب الأقباط وصولا إلى استخدامهم لإسقاط الرئيس ثم إسقاط مصر، إلا أنه يحمل أيضا شقا آخرا هو عقاب الأقباط لدورهم الكبير فى ثورة ثلاثين يونيه العظيمة، ولكى يقوم شاب أحمق غبى لا يعرف شيئا عن دينه ودنياه بتفجير كنيسة ما انتحارا يجب أن يقوم أحد أئمة الشر ببرمجة ذهنه بأن الأقباط يقفون ضد الإسلام، وأنهم شاركوا فى ثورة يونيه لأن الإسلام هو الذى كان يحكم، وأن قتالهم أصبح فرض عين على كل مسلم ومسلمة، ويأثم من لا يقوم به! وقد وضح هذا من شريط الفيديو الذى بثه الإرهابى التكفيرى وجدى غنيم، عقب الحادث الأخير، فقد قال فيه إن هذا التفجير هو أول الطريق فى استهداف «النصارى» الذين اعتدوا على الإسلام بالمشاركة فى ثورة يونيه.

ولكن ما هى الأفكار المؤسسة للإرهاب، أولها أنهم يدعون أن الخلافة فريضة إسلامية وأن كل مسلم يجب أن يقوم بالعمل على استعادة الخلافة المفقودة، وأنه فى سبيل هذه الاستعادة يجوز له أن يفعل أى شيء حتى ولو كان محرما عملا بالقول الفقهى:» ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» وعملا بالقول الآخر:»الضرورات تبيح المحظورات» وبذلك يباح له ارتكاب كل الموبقات من أول الكذب والسرقة إلى القتل وسفك الدماء، والفكرة الثانية هى الحاكمية، وهى تقوم على أن المجتمع يتحاكم إلى قوانين وضعية، وأنه هجر شريعة الإسلام، وبذلك يصبح مجتمعا كافرا جاهليا، والفكرة الثالثة تقوم على حتمية الصدام مع هذا المجتمع الجاهلى لإزالته من الوجود واستبداله بمجتمع مسلم يتحاكم إلى «ما أنزل الله» ومع حتمية الصدام يدخلون بنا إلى قضايا الولاء والبراء، وأساسها يرتكز على أن المسلم ـ الذى ينتمى إليهم ـ يجب أن يتبرأ من أهل الجاهلية الذين يعيشون معه ولو كانوا من أقرب الأقارب إليه كالأم والأب والأشقاء، وإذا كان التبرؤ من أقاربه الذين يتحاكمون للقوانين التى يشرعها البرلمان هو من تمام عقيدتهم المريضة، فما بالكم بالأقباط الذين يتدينون لله بالمسيحية! ومن أجل تلك النقطة الأخيرة وضع حسن البنا مؤسس الإخوان حجر البدء فى منظومة تكفير المسيحيين، ووجوب إقصائهم وتهميشهم ومحاربتهم إذا لزم الأمر، وقد كانت رسالة التعاليم التى كتبها حسن البنا هى أهم الرسائل التى كتبها ووجهها للإخوان الذين تم ضمهم للتنظيم السرى المسلح، وقال فى بدايتها إن هذه الرسالة موجهة للإخوان المجاهدين، ثم فى ركن من أركان الرسالة أطلق عليه «العمل» قال نصا فى البند الخامس: (وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق، وبذلك تؤدى مهمتها كخادم للأمة وأجير عندها وعامل على مصلحتها، والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام غير متجاهرين بعصيان، وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه، ولا بأس أن نستعين بغير المسلمين عند الضرورة فى غير مناصب الولاية العامة ولا عبرة بالشكل الذى تتخذه ولا بالنوع، مادام موافقا للقواعد العامة فى نظام الحكم الإسلامي).

وبذلك قصر حسن البنا مؤسس الإخوان الوظائف التى يمكن أن يشغلها غير المسلمين فى مصر بأن تكون وظائف تابعة لا وظائف رئيسية.

ثم قال أيضا فى رسالة التعاليم فى واجبات الأخ تحت البند الواحد والعشرين: «أن تخدم الثروة الإسلامية العامة بتشجيع المصنوعات والمنشآت الاقتصادية الإسلامية، وأن تحرص على القرش فلا يقع فى يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال».

ومعنى هذا هو إلزام أفراد الجماعة بعدم التعامل مع أى مسيحى من المصريين من أصحاب المهن والحرف والتجارة والصناعة، وهو أمر يخالف كل مبادئ المواطنة.

ثم قال فى البند الخامس والعشرين: « أن تقاطع المحاكم الأهلية وكل قضاء غير إسلامي، والأندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التى تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة». وهو أمر فى منتهى الخطورة ويوضح الخط الفكرى للجماعة لأن مقاطعة القضاء وسبل التقاضى الرسمية يعنى أنهم يؤمنون بأن هذا المجتمع كافر ولا ينبغى التحاكم لمحاكمه، وهو الأمر الذى أكده سيد قطب بعد ذلك فى كتبه.

وذات يوم قريب أصبحت كل جماعة الإخوان مؤمنة بأفكار التنظيم السرى وعاملة على تنفيذ أفكاره، فضلا عن أفكار سيد قطب، فجاءت أحداث الزاوية الحمراء فى شهر يونيو من عام ١٩٨١ ليشهد هذا الحى الشعبى والأحياء التى تجاوره فتنة طاغية بين المسلمين والمسيحيين، وفى هذه الفتنة تم قتل أكثر من ثمانين مسيحيا منهم أحد كبار القساوسة، أما البداية فكانت معروفة، بدأ المسيحيون فى بناء كنيسة على أرض متبرع بها من أحد المواطنين المسيحيين فتحركت على الفور جماعة الإخوان ومعها جنودها من الجماعة الإسلامية، كانت الفتوى التى صدرت لهم من الشيخ محمد عبد الله الخطيب مفتى جماعة الإخوان الرسمى بأن بناء الكنائس لا يجوز فى بلاد المسلمين، وقد تم نشر هذه الفتوى فى مجلة الدعوة لسان حال الإخوان، وادعت الفتوى على غير الحقيقة أن المسلمين عندما فتحوا مصر لم يسمحوا ببناء كنيسة ولكنهم فى ذات الوقت لم يهدموا كنيسة، وقالت الفتوى إن مسألة عدم التصريح ببناء كنائس هو أمر نهائى حتى ولو كانت بدلا من كنائس تصدعت وزعموا أن هذا الأمر من أوليات العقيدة الإسلامية، وقالوا إن سبب ذلك هو أن هذه الكنائس يُتعبد فيها لغير الله! وهو أمر لا يجوز أن توافق عليه دولة مسلمة، وكانت هذه الفتوى كما قلنا قد نشرت فى مجلة الإخوان «الدعوة» ثم فى مجلة أخرى لهم اسمها «الاعتصام»، ومن بعد صدور الفتوى أصدر مصطفى مشهور أوامره لكل شباب الإخوان بالدفاع عن عقيدتهم وقتال المسيحيين وإراقة دمائهم، وتحرك صوب الجهاد الإسلامى ضد المسيحيين فى الدرب الأحمر شباب الإخوان من المطرية وعين شمس والزيتون والأميرية وهم يحملون الأسلحة، ومن بعدها هرب مشهور خارج مصر ولم يعد إلا بعد سنوات، حيث أنشأ فى الخارج التنظيم الدولى للجماعة.

وتستمر مجلة الدعوة الإخوانية لينشر فيها الشيخ الخطيب مفتى الإخوان فتاواه التى يحرم فيها إلقاء السلام على المسيحى ولو كان جارا طيبا أو صديقا وفيا، ثم إذا به يُحرِّم الترحم على أموات المسيحيين ولو كانوا أساتذة لنا أو أصدقاء، ويستمر المسلسل المتطرف ليفتى الشيخ الخطيب بضروة أن يُسرع المرء فى مشيته إذا مر على مدافن للمسيحيين لأنهم يُعَذَبون! وأنه يجب عند إسراعه أن يستغر الله ويستعيذه، وتصدر أعداد مجلة الدعوة تباعها وهى تحرض على المسيحيين بشكل سافر، حتى عمر التلمسانى مرشد الإخوان وقتها إذا به يتماهى مع خطاب الفتنة المتطرف ويكتب مقالا يهاجم فيه البابا شنودة ويحرض على المسيحيين!.

وندخل إلى حقبة الثمانينات التى مارست فيها الجماعة الإسلامية التابعة للإخوان كل صنوف التطرف والإرهاب فى صعيد مصر، وعاش المسيحيون أعواما سوداء والجماعة الإسلامية تمارس معهم كل صنوف الاضطهاد، كان أخفها الضرب بالجنازير.

وكان محمد بديع الذى كان وقتها عضوا فى مكتب الإرشاد يشرح للشباب ما غلق عليهم من مواقف حسن البنا، فكان يقول إن حديث البنا أو التلمسانى عن أن مصر بمسلميها وأقباطها هو مجرد اتباع لفنون «المعاريض»، والمعاريض هى أن يقول كلمة يمكن أن يتم تأويلها على وجهين، يفهم منها المُتلقى المعنى الشهير فى حين أن المُتكلم يقصد المعنى الآخر، أى أن البنا عندما يقول «المسلمين والأقباط» فهو يقصد المسلمين من أصل عربى والمسلمين من أصل مصري، ولا يقصد المسيحيين على الإطلاق لأن كلمة قبطى تعنى فى اللغة «مصري» وهى دلالة على الأصل لا العقيدة، أما تعليمات بديع لشباب الإخوان عندما كان مسئولا عن شمال الصعيد وحينما أصبح مسئولا عن قسم التربية فى الإخوان فهى أن المسيحى عدوك ويجب أن تجبره على ترك دينه ويجب أن تضيق عليه الطريق.

وتستمر الفتنة لأن هناك من يغذى جذوتها، فبعد سنوات يصدر مصطفى مشهور تصريحات فى جريدة عربية هى جريدة الشرق الأوسط التى تصدر من لندن وكان ذلك عام ١٩٩٧، ونشر هذا الحوار أيضا فى جريدة الأهرام ويكلى ١٣ إبريل ١٩٩٧ قال فيها إن المسيحيين المصريين يجب أن يدفعوا الجزية، وأنه لا يحق لهم الالتحاق بالجيش المصري! واضطر بعض المسيحيين إقامة قضية ضد مصطفى مشهور لأنه بتصريحاته هذه أهان المسيحيين كلهم واتهمهم بعدم الولاء للوطن.

وفى صحيفة الزمان ١٧ مايو ٢٠٠٥ نشر محمد حبيب الذى كان نائبا للمرشد العام للإخوان وقتها تصريحا قال فيه «نحن جماعة الإخوان نرفض أى دستور يقوم على القوانين المدنية العلمانية، وعليه لا يمكن للأقباط أن يشكلوا كيانا سياسيا فى هذه البلاد. وحين تتسلم الجماعة مقاليد السلطة والحكم فى مصر فإنها سوف تبدل الدستور الحالي، بدستور إسلامي، يُحرِّم بموجبه كافة غير المسلمين من تقلد أى مناصب عليا، سواء فى الدولة أو القوات المسلحة، لأن هذه الحقوق ستكون مقصورة على المسلمين دون سواهم، وإذا قرر المصريون انتخاب قبطى للمنصب الرئاسي، فإننا سوف نسجل اعتراضا على خطوة كهذه باعتبار أن ذلك خيارنا نحن».

وقال أيضا فى تصريح آخر لجريدة الشرق الأوسط عدد ١٨ أغسطس عام ٢٠٠٥ «إن الأقباط سيكونون خاضعين للشريعة الإسلامية مع بقية المصريين».

وأثناء هذا كله يستمر الخطاب الإخوانى فى مساجد مصر كلها، وبالأخص فى مساجد صعيد مصر، ليتلقى المسلم المصرى العادى دروسه الدينية فى خطبة الجمعة، وفيها يقوم السلفيون ـ الساعد الأيمن للإخوان ـ بتغذية خطاب الكراهية، وأخذنا نسمع كل الخطباء وهم يدعون من فوق المنابر على «اليهود والنصارى ومن والاهم» والمصلون يؤمنون على الدعاء، وينغرز فى ضميرهم كراهية جيرانهم من المسيحيين، وذات يوم يصبح الخطاب السائد فى نفوس بسطاء المسلمين: «أن تخلصوا من هؤلاء النصارى ومن والاهم»، وكان من ناتج ذلك أن شاهدنا بعد ثورة يونيه تنظيمات إخوانية مسلحة، وأخرى تابعة لها من الجماعة الإسلامية وهم يمنعون قرى قبطية كاملة فى المنيا من الذهاب للتصويت فى الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها مرشح الإخوان الإرهابى محمد مرسي، وقد أثبتت اللجنة المشرفة على الانتخابات أن قرى مصرية فيها أغلبية قبطية لم تذهب للإدلاء بأصواتها فى الانتخابات... وكان ذلك بطبيعة الحال خوفا من انتقام الإخوان لهم أن أعطوا أصواتهم للمرشح الآخر.

وبعد ثورة يونيه، وبعد نجاحات أمنية فى ضرب تنظيم الإخوان وإجهاض الكثير من مخططاته، ظن بعضنا أن الإخوان قد انتهوا وأن الذى يمارس الإرهاب هم أفراد كيانات أخرى لا علاقة لها بالإخوان، إلا أنه من المقطوع به عند كل من عاش التجربة وعاين وشاهد وعرف هو أن جماعة الإخوان تعمل من خلال كيانات متنوعة، تعتبرها أحيانا روافد، وتعتبرها أحيانا أخرى سواعد، وأنها عبر تاريخها قد برعت فى هذا الأمر، لذلك فإن حركة سواعد مصر «حسم» وأجند مصر، وأنصار بيت المقدس، وغيرهم من جماعات الذئاب المنفردة ما هى إلا كيانات إخوانية من المنشأ إلى الحركة إلى الإرهاب والقتل والتدمير، فلا تخدعكم دموع التماسيح.