تقرير: إيمان كامل
رحب رجال القضاء بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بفرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وذلك عقب التفجيرين اللذين استهدفا كنيستى مار جرجس فى مدينة طنطا ومار مرقس فى الإسكندرية من أجل حماية أمن البلد ومنع أى مساس بمقدراتها ومواجهة الإرهاب، معتبرينه قرارا قد تأخر كثيرا، لكنه جاء فى محله والذى يترتب عليه سرعة الفصل فى قضايا الإرهاب أمام محكمة أمن الدولة طوارئ، والتى بدورها ستحد من ظاهرة الإرهاب فى نفس الوقت.
وطالب القضاة بضرورة تعديل قانون الإجراءات الجنائية لسرعة الفصل فى محاكمات الإخوان الحالية المتداولة أمام المحاكم، لأنه لا يجوز احالة هذه المحاكمات لمحاكم امن الدولة طوارئ، إلا بعد تعديل النص الدستورى والاستفتاء الشعبى عليه.
من جهته، أوضح المستشار أحمد عبد الرحمن، النائب الاول لرئيس محكمة النقض، وعضو مجلس القضاء الاعلى سابقا، أن إعلان حالة الطوارئ فى هذا التوقيت مناسب فكان يتعين اتخاذها منذ فترة طويلة، والدستور حدد المادة ١٥٤ الخاصة بإعلان حالة الطوارئ والضمانات وعدم التوسع فيها وتحديدها بمدة معينة وان تجدد مرة أخرى، إذا ما رأى رئيس الدولة استمرارا لنفس ظروف حالة الطوارئ الاولى، فهو الذى يقدر حالة الخطر الذى تتعرض له الدولة، ويتعين عليه إجراءات استثنائية، وبالفعل الرئيس السيسى احسن صنعا بالفعل لمعالجة الانفلات الامنى وحوادث الإرهاب وتعطيل الفصل فى القضايا المطروحة، وذلك من اجل انضباط المؤسسات والشارع المصرى وسرعة الفصل فى القضايا.
مشيرا إلى أن القانون ١٦٢ لسنة ٥٨ الخاص بتنظيم إعلان حالة الطوارئ ينظم الإجراءات التى تعلن وتتخذ على المحاكم، والمحاكم إذا نظرت القضايا سيصدر قرار من رئيس الجمهورية بانشاء محاكم امن دولة طوارئ ومشكلة من ثلاثة مستشارين عاديين وأحكامها تخضع للتصديق عليها من قبل الحاكم العسكرى المتمثل فى رئيس الجمهورية أو من ينوب عنه كرئيس الوزراء ويتم الاطلاع على هذه الاحكام إذا شابها عوار يبطل الحكم، وتعرض على مكتب قضائى ملحق بمكتب رئيس الجمهورية وأعطى الحق للمتهم للتظلم من الحكم أمام مكتب تصديق الحاكم العسكرى ويتم إحالتها لدائرة أخرى.
وعن مصير قضايا الإخوان الإرهابية الحالية المتداولة فى محاكم الجنايات بعد إعلان حالة الطوارئ، قال «عبد الرحمن» إن قضايا الإرهاب الحالية سيتناولها القرار الصادر من رئيس الجمهورية فى تحديد الاختصاصات، إذا كان يرى انهاء الجنايات التى لم يتم الفصل فيها أو متداولة تحال برمتها، لأمن الدولة طوارئ وينقل اختصاصها من محكمة الجنايات العادية لمحكمة امن الدولة طوارئ.
بينما قال المستشار احمد ابو الفتوح، رئيس محكمة جنايات القاهرة، وعضو اليمين فى محاكمة محمد مرسى، والذى تعرض لمحاولة اغتيال عقب حكمه بالسجن عشرين عاما على المعزول، إن إعلان حالة الطوارئ لم تعد هدفا فى حد ذاته ولن تؤدى لنتيجة ملموسة فى مقاومة الإرهاب، ما لم تتخذ إجراءات كفيلة تمنع اشاعة حالة الفوضى التى تؤدى وتساعد وتغذى هذه الحالة.
وأذكر على سبيل المثال الاحداث الاخيرة التى تمت بقيام مجلس النواب فى ليل باصدار مشروع قانون والذى سمى بتعديل كيفية اختيار رؤساء الهيئات القضائية والذى رفضه جميع مجالس الهيئات القضائية لمخالفته للدستور، ولكونه تعديا سافرا على استقلال القضاء من قبل البرلمان الجهة التى من الواجب عليها أن تدعم استقلال القضاء لا أن تنال منه، ثم يفاجئنا عضو برلمان آخر يدعى محمد ابو حامد ويعرض علينا عبر شاشات التليفزيون بأن بيده مشروع باحالة ٤٠٠٠ قاض ممن تجاوزت أعمارهم ٦٠ عاما وهم شيوخ القضاة للصلاحية الصحية لاتاحة الفرصة للاستعانة بدماء جديدة، ولا اعرف من اين تأتى هذه الدماء الجديدة وهو ذات المشروع الذى قدمه الإخوان من قبل، وقامت الدنيا ولم تقعد إلا بزوالهم.. وهذا الامر نجم عنه فتنة كبرى بين السلطتين القضائية والتشريعية، وقابلت السلطة القضائية هذا التعدى السافر باستخدام اقصى درجات ضبط النفس للاحتكام لرئيس الجمهورية لوأد هذه الفتنة، وقبل أن يستقر الرئيس على مقعده فوجئت مصر بهذه الاحداث الدامية بتفجير كنيستى طنطا والاسكندرية، وبدلا من أن يسارع مجلس النواب باصدار تعديل فورى لقانون الإجراءات الجنائية ليسرع من إجراءات محاكمة هؤلاء القتلى الإرهابيين، وقد طالبنا بهذا المطلب منذ اغتيال النائب العام، إلا انه منذ هذا الامر ولم يلتفت البرلمان إلى الاستجابة لهذا التعديل الذى قدم اليه وقدمه اليه المستشار أحمد الزند وزير العدل وقتها، وبدلا من أن يصدر هذا التعديل على عجل لان حالة الضرورة القصوى لامن البلاد وامانها تقتضيه، فوجئنا به يصدر هذا العبث للنيل من استقلال القضاء وترهيب شيوخ القضاة، وكأن من سبقوهم من اعضاء البرلمانات السابقة والذين قاموا برفع سن القضاة إلى ٧٠ عاما أسوة باقرانهم فى العالم كانوا هؤلاء البرلمانيون جهلاء والحاليون هم عقلاء هذه الامة.
مضيفا: هذا المجلس لم يمثل هذه الامة ولا يعبر عن إرادة الشعب، وانما يعبرون عن مصالحهم الشخصية واغراضهم المريضة وبدلا من أن يسهلوا عمل رجال القضاء خاصة الذين يتصدون لمكافحة الإرهاب ونراهم يعبثون هذا العبث.. وانا باعتبارى قد تعرضت لحادث اغتيال من قبل الإرهابيين اقول لمجلس النواب مارس دورك الدستورى فى حماية هذه الامة باصدار عاجل بتعديل قانون الإجراءات الجنائية كى تستطيع دوائر الإرهاب والجنائية الفصل فى القضايا على وجه السرعة وكفانا فيما حدث فى محاكمة الإرهابى عادل حبارة، وما يجرى فى محاكمات الإرهاب الاخرى وبدلا من أن يطالب البرلمان باحالة قضايا الإرهاب للقضاء العسكرى فليسارع باصدار التعديل الذى طالبنا به الخاص بقانون الإجراءات الجنائية خاصة ما يتعلق باستجواب شهود الاثبات، والفصل فى الطعن بالنقض امام محكمة النقض فى الاحكام التى تصدرها محاكم الجنايات بان تتصدى النقض للفصل فى موضوع الدعوى إذا رأت نقض الحكم لكى لا تتكرر مأساة عادل حبارة، لكن لا اعلم السبب الحقيقى وراء تقاعس البرلمان عن اصدار هذا التشريع، وانا اعبر فى هذا السياق عن رأيى ورأى قضاة مصر.
وطالب «أبو الفتوح» بان يقدم المستشار القانونى لرئيس الجمهورية مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية على عجل للبرلمان لإقراره، لأن ذلك هو الطريق الوحيد لانجاز مثل هذا المشروع ولا يوجد طريق آخر غيره، كما أن المستفيد الوحيد من عدم اصدار هذا التعديل على النحو الذى طالبنا به هم الإرهابيون والفاسدون الذين تاجروا بأموال الشعب ويستفيدون من هذا البطء فى التقاضى.
ويرى المستشار أمير رمزى رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة، أن إعلان حالة الطوارئ قرار هام كان يجب أن يصدر منذ فترة وتأخر كثيرا، وأهمية إعلانه انه يمنح السلطات لضبط الجناة بصورة اسرع من الإجراءات الجنائية العادية، وكذلك يوفر صورة معينة من المحاكمات السريعة، وكانت قبل الثورة تسمى محاكم امن الدولة طوارئ، وتصدر احكامها من درجة واحدة وتفصل سريعا ويجوز الطعن عليها امام ذات المحكمة، وتستطيع الفصل فى القضايا بصورة مناسبة مع الخطورة الامنية فى ذات الوقت، فكان المفروض من ثورة ٣٠ يونيو حتى الان، كانت المفروض أن تستمر حالة الطوارئ واختلف مع من يقول انها ستؤدى لضعف الاستثمار.
وأدان «رمزى» حادثى تفجير كنيستى الاسكندرية وطنطا وان بهما خللا امنيا، وان ليس من السهل أن تحل الكنيسة محل الامن والصحة والتعليم والدولة مطلوب منها أن تضغط فى امور كثيرة كالمحاكمات المؤجلة كمحاكمات الإخوان، فهناك من يحملون القضاء تأخر الفصل فى القضايا، لكن هناك معوقات وهى التشريعات ودور الدولة هنا هو إعادة تعديل هذه التشريعات لسرعة الفصل والردع فى هذه الامور واقترح أن يتم تعديل الدستور، حتى تتم احالة كل قضايا الإرهاب الحالية لمحاكمات عسكرية أو محكمة أمن الدولة طوارئ واذا عدل الدستور يجب الاستفتاء عليه.
وأشار «رمزى» إلى أن هناك مادتين يجب تعديلهما فى قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص أن محكمة النقض تنظر فى أى قضية تم الطعن عليها إذا ما قبلت الطعن بالرفض تنظر موضوع الدعوى والفصل فيه، وبالتالى ستكون هناك إجراءات سريعة فى المحاكمات، والأمر الآخر المعوق لقاضى الجنايات وهو لزاما على محكمة الجنايات سماع الشهود، فأنا كقاض لى نظرتى لسماع الشاهد من عدمه وليس لزاما أن اسمع كل الشهود فلابد أن يترك القاضى ليكون عقيدته.