يحل اليوم 121 عاما على ميلاد كوكب
الشرق أم كلثوم، تلك السيدة صاحبة المواقف الوطنية والمشرفة تجاه مصر وأبنائها، لن
نتحدث عن دعمها للجيش من خلال حفلات المجهود الحربي داخل مصر وخارجها والجميع يعلم
ما قدمته، وإن كانت قد زادت لأبناء الشعب دار خيرية تؤوي المسنين ومجهولي النسب
والمساكين، أنشأتها من عوائد حفلاتها، فقد أسعد كل أبناء مصر والوطن العربي بما
قدمته من فن راق يهذب المشاعر ويدفع نحو العمل والجهاد في سبيل رقي الوطن.
تظل هناك عدة نقاط في حياة كوكب الشرق
عليها علامات استفهام، فالمتابع لحياتها يجد عدم تفسير لبعض الأمور الخاصة
بعلاقتها ونجوم الطرب، وسنقوم أولا بسرد وقائع حفل أقيم على شرفها لتكريمها، لكنه
يتناقض مع حفل آخر كان من الواجب عليها حضوره وهو الحفل الخيري الذي أقيم من أجاء
رعاية أبناء الشيخ زكريا أحمد بعد رحيله .
في الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم
الثلاثاء 13 يونيه 1961 حضرت السيدة أم كلثوم حفل تكريم لها في مقر اتحاد الجمعيات
النسائية بجاردن سيتي، وكان في استقبالها العضوات البارزات في الاتحاد ومنهم مفيدة
عبد الرحمن وسهير القلماوي وروحية القليني، وهن من أوائل خريجي الجامعات، ونشرت
تفاصيل ذلك الحفل في مجلة الكواكب عدد 20 يونيه 1961، وقد سأل المحرر عن سبب أقامة
الحفل فأجابت مفيدة عبد الرحمن بأن قلوبنا تكرمها كل ساعة وكل يوم هي وفنها
الكبير.
ظهرت أم كلثوم في حفل تكريمها المحدود
داخل الاتحاد بـ "تايير" أبيض تحته بلوزة مشجرة وفي جيدها عقد من اللولي
وفي أذنها أيضا حلق من نفس الطراز، وقد جلست أم كلثوم وحولها الجامعيات وانهالت
عليها القبلات وعبارات الترحيب الحار من عضوات الاتحاد، وبعد قليل نهضت السيدة
مفيدة عبد الرحمن المحامية وعضو مجلس النواب لتأتي بمصحف مذهب بماء الذهب لتهديه
لأم كلثوم بمناسبة تشريفها حفل التكريم، وألقت السيدة روحية القليني قصيدة من
نظمها رحبت فيها بالضيفة الكريمة، وصفقت أم كلثوم والحضور طويلا إعجابا بالقصيدة،
وطلب من السيدة سهير القلماوي إلقاء كلمة ترحيب بأم كلثوم فاعتذرت واكتفت بقول:
يكفي أن نقول للسيدة أم كلثوم متشكرين
لحضور هذا الحفل.
سعدت أم كلثوم بهذا الحفل والتكريم،
وكانت تجيب على كل ما يوجه لها من أسئلة عن أغنياتها في الموسم الجديد وعن دور
المرأة في المجتمع والزواج والطلاق، ووعدت عضوات الجمعية بإقامة حفل مجاني للاتحاد
يوم يعلن عن احياء حفل، وصفقت كل الحاضرات لكرم أم كلثوم ووصفن الحفل المزمع
إقامته بأنه سيخصص دخله للأتحاد، وعند الحادية عشرة مساء استأذنت أم كلثوم وهي
تتمنى التوفيق للجميع.
وصفنا فيما سبق وقائع حفل تكريمها وعدنا
لأول علامة استفهام، سببها أنه قبل تاريخ ذلك الحفل بثلاثة أيام أقيم حفل خيري
يعود ايراده لرعاية أسرة الشيخ زكريا أحمد الذي رحل ولم يترك لأولاده ما يعينهم
على الحياة، وأقيم الحفل بمسرح الجمهورية في 10 يونيه 1961 شارك فيه معظم نجوم
الفن منهم نجاة الصغيرة وسعاد محمد ومحرم فؤاد وحورية حسن وكارم محمود والكحلاوي
وإبراهيم حمودة ورجاء يوسف وفرقة أحمد فؤاد حسن وشارك فنان فرقة أم كلثوم محمد
عبده صالح في الحفل، وكان عبد الحليم حافظ قد أتي من رحلة علاج من الخارج ولم
يشارك، وأيضا صباح بسبب مرضها المفاجئ، أما فايزة أحمد فقد قالتها مباشرة للكاتب
الكبير صالح جودت: أنا ما اغنيش ببلاش !! وتهربت فايزة ولم تشارك في الحفل.
تظل علامات الإستفهام قائمة.. لماذا
لم تشارك أم كلثوم في حفل خيري من أجل أسرة رجل أبدع لها أروع الألحان ودعمها
كثيرا في مشوارها الفني، رغم القطيعة التي دامت بينهما تسع سنوات انتهت بالصلح في
المحكمة، فهل اعتذرت أم كلثوم بسبب الكم الهائل من النجوم المشاركة، وأن وجودها
سيحرمهم من مشاركتهم بالغناء؟ هل لم تقو أم كلثوم على الغناء لأسباب نفسية منها
علاقتها الوطيدة مع الشيخ ذكريا؟ هل قدمت أم كلثوم دعما آخر لأسرته خصوصا أن
الخلاف بينهما كان على حق الآداء العلني لألحانه لها هي وآخرين؟ وإن بقيت هذه
الأسئلة محل استفهام فقد زادت بعدم مشاركة فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب الذي حضرت
زوجته وأولاده الحفل.