الأحد 16 يونيو 2024

مؤتمر برلين يجمع الأطراف المتنازعة لبحث الأزمة الليبية.. خبراء: خطوة مهمة لوضع حد للميليشيات المسلحة وخلق فرص أفضل للتسوية السياسية.. وتوافق الأطراف الداخلية هو الأساس

تحقيقات13-1-2020 | 17:19

أكد خبراء سياسيون ودبلوماسيون أن مؤتمر برلين المرتقب يناير الجاري هو خطوة مهمة لوضع حد للميليشيات المسلحة في ليبيا وأنه يفتح الطريق أمام فرص أفضل للتسوية السياسية للأزمة الليبية، مشددين على ضرورة التوافق الداخلي بين الأطراف المتنازعة لتنفيذ أية مبادرات يصل إليها المجتمع الدولي، وأن مصر تستهدف خلق محور جديد لحل هذه الأزمة عبر الدول المعنية عن قرب بالوضع في ليبيا.


ومن المرتقب أن تستضيف برلين مؤتمر دولياً حول ليبيا يضم طرفي النزاع ودولا أخرى يناير الجاري، ومن المرتقب أن تشارك مصر في هذا المؤتمر، إلى جانب إيطاليا والإمارات، وكذلك الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ودول أخرى.


وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد تلقى مساء أمس، اتصالًا هاتفيًا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تناول التباحث بشأن الوضع في ليبيا، حيث أطلعت المستشارة ميركل الرئيس على الجهود والاتصالات الألمانية الأخيرة ذات الصلة بالملف الليبي سعيًا لبلورة مسار سياسي لتسوية القضية، وفِي هذا السياق تم تبادل وجهات النظر تجاه المستجدات الأخيرة على الساحة الليبية، وتداعياتها على ليبيا والمنطقة.


وتم التوافق، في هذا الصدد، على أن أي مسار لحل سياسي لإنهاء الأزمة الليبية يجب أن يتم صياغته في إطار شامل يتناول كافة جوانب القضية من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وكذلك تقويض التدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي.

 

الجهود المصرية

وفي هذا الشأن، قال الدكتور زياد عقل، الخبير في الشأن الليبي، إن مؤتمر برلين المرتقب عقده الأسبوع المقبل في ألمانيا يحمل طموحات عالية بجمع أطراف الأزمة الليبية إلى مائدة الحوار، مضيفا إن الداخل الليبي هو الأساس في تنفيذ أية مبادرات أو اتفاقات يصل إليها المجتمع الدولي لتسوية الأزمة.

 

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الوضع الميداني في الداخلي الليبي لا يسمح بإجراء مبادرات أجنبية في الوقت الحالي، في ظل تراكم عدم نجاح المبادرات الأجنبية التي طرحت من قبل، مضيفا إن الأزمة في الداخل الليبي وليست في نوعية المبادرة التي يصل إليها المجتمع الدولي.

 

وأكد أن المشهد الليبي يشهد صراعا عسكريا حاليا ومن الصعب الوصول جمع كل الأطراف المتنازعة والخروج بحل سياسي، مضيفا إن هناك تجاربا في الملف الليبي منذ ديسمبر 2015 باتفاق الصخيرات ثم اجتماع باريس واجتماع باليرمو، حيث خرجت هذه الاجتماعات بمبادرات لكنها لا تفعل في الداخلي الليبي بسبب عدم التوافق.

 

وأضاف إن ما تقوم مصر بتنفيذه في الوقت الراهن يحمل أهمية كبرى لأنها تسعى لخلق محور جديد من التحالف بشأن الملف الليبي، حيث استضافت خلال الأسبوع الماضي اجتماع لوزراء خارجية مصر وقبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا، موضحا أن هذا اللقاء ضم أطرافا على وعي بالوضع السياسي في الداخل الليبي ومن الاهتمام بمنطقة المتوسط.

 

وأشار إلى أن الأساس في حل تلك الأزمة كما تؤكد مصر دائما ينبع من الداخل الليبي، مضيفا إن آلية دول الجوار التي تضم مصر وتونس والجزائر كانت من أكثر الآليات فعالية في هذا الملف لأن هذه الأطراف المتفاعلة مع الأزمة الليبية وأطرافها، لكن الأزمات السياسية الداخلية جعلت تونس والجزائر تتراجعان بعض الشيء.

 

وأشار إلى أن مصر بصفتها الأكثر استقرارا في شمال أفريقيا والمعنية بالملف الليبي عن قرب أصبح لها دورا جديدا في المنطقة، ولها دور كبير في إعادة إحياء هذه الآلية مرة أخرى.

 

 

وضع حد للميليشيات المسلحة

فيما قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق للشئون الأفريقية، إن مؤتمر برلين المرتقب عقده خلال يناير الجاري بشأن ليبيا بحضور الأطراف الليبية هو خطوة هامة في سبيل إعادة الأمور إلى نصابها في ليبيا، مضيفا إن هناك فرصة سانحة أمام المجتمع الدولي وخاصة الدول الغربية أن تصحح خطأها عندما قامت بالعدوان على ليبيا والإطاحة برئيسها.

 

وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هناك إرادة جامعة للعديد من الزاعمات في المنطقة والدول الغربية بشأن وضع نهاية للأزمة الليبية، موضحا أن هذا الأمر يتوقف على اعتبارات عدة من أهمها هو حدوث اتفاق بين الأطراف المتناحرة داخل ليبيا، ولا شك أن معظم الأطراف المشاركة في المؤتمر سيكون لها مصلحة في وضع حد لنشاط المنظمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في ليبيا.

 

وأوضح أن هذا هو مطلب معظم الشعب الليبي ودول الجوار وفي مقدمتها مصر، وهناك تفاهم دولي على الحيلولة دون أي تدخل أجنبي ذي طابع عسكري أو إغراق ليبيا بالعناصر الإرهابية التي يتم جلبها وإنزالها من سوريا والعراق وإقحامها في النزاع داخل ليبيا.

 

وأضاف إن هناك فرصة يأمل الجميع أن يتم استغلالها لكن التحدي الكبير الذي يواجه هذا المؤتمر، هو تعارض أجندات الدول وتنافس بعضها في تحقيق مصالح قد ترغب في تحقيقها، موضحا أنه في الآونة الأخيرة جرت اتصالات دولية وكان لمصر نصيب كبير فيها حيث أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي عددا كبيرا من الاتصالات بكافة الدول وكذلك وزير الخارجية سامح شكري.

 

وأشار إلى أن هذه الاتصالات كان من شأنها محاصرة أية نزعة عدوانية لتركيا أو رغبة في إقحام نفسها والتدخل بشكل مباشر في الأزمة الليبية وهو ما يتبين حتى الآن، موضحا أن هناك رغبة جامعة في الدفع بالعملية السياسية التي تعطلت تماما.

 

ولفت إلى أن التحدي الذي يواجه ذلك هو اتفاق الأطراف المتنازعة الليبية على أجندة التسوية، وكذلك تعارض أجندة بعض الدول بشأن عملية التسوية في ليبيا.

                                                        

فرص أفضل للتسوية السياسية

ومن جانبه، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية، إن مؤتمر برلين بشأن ليبيا هو محاولة للمجتمع الدولي لحل الأزمة الليبية بجمع أطرافها، موضحا أن جميع دول الجوار لليبيا ومن بينها مصر تدعم هذا المؤتمر على أمل الوصول إلى حل أو خارطة طريق لتسوية سياسية.

 

وأوضح حليمة، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذا المؤتمر يأتي بعد قبول طرفي الصراع في ليبيا وقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن مصر تبذل جهدا وتتحرك دوليا في أكثر من اتجاه لدعم المؤتمر، حيث يجري الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالات دولية بالدول القريبة من الملف الليبي واستقبل في هذا الشأن عددا من المسئولين.

 

وأكد أن مصر بصفة خاصة تستهدف الحيلولة دون أي تدخل خارجي لأن فتح هذا الباب سيؤدي إلى تصعيد في الأوضاع والعمليات العسكرية، بما يهدد الأمن القومي المصري والعربي، موضحا أن المؤتمر مرتقب أن يفضي إلى خطوة إيجابية في اتجاه التسوية السياسية في ظل التأييد الدولي وموقف دول الجوار الداعم لهذا الاتجاه.


وأشار إلى أن المؤشرات والمواقف الدولية وقبول أطراف النزاع في ليبيا بوقف إطلاق النار يخلق مناخا إيجابيا، موضحا أن المؤتمر يفتح الباب والطريق أمام فرص أفضل للتسوية السياسية.