أكد
دبلوماسيون أن مؤتمر برلين المقبل حول الأزمة الليبية يهدف لبدء عملية سياسية
وتنفيذ مبادرة الأمم المتحدة بشأن ليبيا، موضحين أن المؤتمر يعقد في ظل تطورات
خطيرة وتهديدات تركية بالتدخل العسكري في ليبيا بما ينذر بتصاعد الأحداث بشكل يصعب
السيطرة عليه، إلا أن الموقف المصري من هذه الأزمة واضح ويرتكز على دعم وحدة مؤسسات
الدولة الليبية والحل السياسي.
ومن
المرتقب أن يعقد الأحد المقبل مؤتمر برلين بشأن ليبيا، بمشاركة مصر والجزائر
واليونان والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وبمشاركة الأطراف الليبية حيث
من أعلن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي مشاركته في هذا المؤتمر.
وتعتبر
الأزمة الليبية من أبرز القضايا التي توليها القيادة السياسية المصرية اهتماما
كبيرا، حيث يعمل الرئيس عبد الفتاح السيسي على التنسيق مع الأطراف الدولية المختلفة
والأطراف الإقليمية بشأن الملف الليبي، وكان آخرها استقبال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي
كونتي، فبحث الزعيمان الأزمة الليبية، في ضوء قرب انعقاد مؤتمر برلين الخاص بليبيا،
وتم التوافق حول تكثيف الجهود المشتركة لدعم مساعي التسوية السياسية للوصول إلى حل
شامل للقضية، على نحو يستعيد الاستقرار في ليبيا، ويدعم قدراتها ومؤسساتها الوطنية،
ويحافظ على وحدة أراضيها وسيادتها، ويصون مواردها.
تنفيذ مبادرة الأمم المتحدة
وفي هذا
الشأن، قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مؤتمر برلين المرتقب
الأحد المقبل بشأن ليبيا ينعقد برعاية الأمم المتحدة، وستشارك مصر فيه بعد أن وجهت
الحكومة الألمانية الدعوة لمصر والجزائر ودول أخرى معنية بالملف الليبي، مضيفا إن الهدف
من المؤتمر هو استمرار وقف إطلاق النار وبدء العملية السياسية لتنفيذ مبادرة الأمم
المتحدة الخاصة بليبيا.
وأوضح هريدي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هناك آمالا معقودة على نجاح هذا المؤتمر في
احتواء الصراع بين الأطراف الليبية والالتزام بوقف إطلاق النار وبدء الحوار بين حكومة
الوفاق الوطني والحكومة المؤقتة الليبية بدون شروط من أجل تنفيذ مبادرة الأمم المتحدة
في هذا الشأن.
وأكد أن مصر
كواحدة من دول الجوار الجغرافي مع ليبيا وبحكم علاقتها الممتدة مع الداخل الليبي ستشارك
في المؤتمر، وكذلك من المرتقب أن تشارك الجزائر وألمانيا وإيطاليا والدول الخمس دائمة
العضوية في مجلس الأمن وكذلك اليونان وقبرص، وهي الدول التي يهمها استقرار ليبيا ومنطقة
البحر المتوسط.
وأشار إلى
أن مصر ملتزمة بالإجماع الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وأكدت في مرات عديدة سابقة تأييدها
للحل السياسي ورفض الحلول العسكرية والتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي بكل صوره، مضيفا
إن مصر تطالب الأطراف الليبية بتنفيذ مبادرة الأمم المتحدة مع إيلاء أهمية لمكافحة
الميليشيات الإرهابية في ليبيا وهو موقف يتفق مع الإجماع الدولي.
مرتكزات الموقف
المصري
فيما قال الدكتور
إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الأزمة الليبية شهدت
تطورات متصاعدة وخطيرة خلال الفترة الماضية نتيجة للتدخل التركي في هذا الشأن
وعزمها إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق، بأفراد مرتزقة يتم إجلاؤهم
من سوريا مما يؤشر بتصاعد خطير في الأحداث.
وأوضح، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن الجيش الليبي في الوقت نفسه أحرز تقدما كبيرا في معركته لتحرير
طرابلس من الميليشيات ويحاصر العاصمة حصارا شديدا، مضيفا إنه في كل هذه الأحداث
يأتي مؤتمر برلين المزمع عقده الأحد المقبل، برعاية الأمم المتحدة لبحث التطورات
الأخيرة واستضافة الأطراف الليبية وبدء الحوار.
وأكد أن ليبيا بالنسبة لمصر هي قضية أمن
قومي، وكل ما يحدث هناك من تطورات وأحداث يؤثر على مصر، لذلك تكتسب المشاركة
المصرية في المؤتمر أهمية كبرى، مضيفا إن الملف الليبي أيضا يشغل أهمية لدى العديد
من الدول على رأسها إيطاليا وفرنسا واليونان وروسيا.
وأشار إلى أن ترك الأزمة الليبية يجعل
الأمور مرشحة للتصاعد بشكل يصعب السيطرة عليه فكان لا بد من موقف جماعي للمجتمع
الدولي لاحتواء الأزمة، موضحا أن المؤتمر يهدف إلى الوصول إلى حل سياسي بحضور
الأطراف الداخلية الأساسية والدول المعنية للتوافق حول رؤية بشأن تلك الأزمة.
وأضاف إن نجاح هذا المؤتمر سيؤدي لحل الأزمة
الليبية وتخفيف التوترات في الإقليم من ناحية أخرى ويحتوي التداعيات التي قد تحدث
في منطقة شرق المتوسط، موضحا أن مؤتمر برلين يعد بمثابة الورقة الأخيرة وإذا نجحت
سيمكن احتواء هذه الأزمة وما يترتب عليها من تداعيات إقليمية خطيرة.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن السياسة
المصرية في هذا الملف تقوم على الوصول إلى الحل السلمي، موضحا أن القيادة السياسية
المصرية أجرت خلال الفترة الأخيرة جملة من المحادثات مع كافة الزعماء في العالم
بشأن الأزمة الليبية كان آخرها استضافة رئيس الوزراء الإيطالي منتصف هذا الأسبوع.
وأكد أن الموقف المصري واضح وهو الحل
السياسي ووحدة مؤسسات الدولة الليبية وتوحيد المؤسسة العسكرية في جيش وطني واحد،
وهو الموقف الذي أعلنته مصر من قبل والمرتقب أن تعرضه أيضا أمام المؤتمر المقبل.
بداية لعملية سياسية
وقال السفير
محمد العرابي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن مؤتمر برلين المقبل بشأن
ليبيا يعقد في توقيت حاسم، إلا أن الظروف السياسية والتجاذبات بين الطرفين في بني غازي
وطرابلس ربما لن تسمح بحل سياسي نهائي، مضيفا إن المؤتمر يستهدف تحسين الموقف بين الأطراف.
وأوضح العربي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن المؤتمر ربما لن يخرج بحل نهائي لأن الخلاف
عميق وصعب حله حلا حاسما عبر مؤتمر دولي، مضيفا إن المؤتمر قد يكون بداية لعملية سياسية
طويلة الأمد ينخرط فيها الطرفين خلال الفترة القادمة.
وأكد أن التدخل
التركي في الأزمة الليبية يزيد المسألة صعوبة ويأخذها إلى منحى آخر لا يعي إليه المجتمع
الدولي بشكل كامل وهو تمكين الإسلام السياسي مرة أخرى ودعم التوجهات التركية في شمال
أفريقيا، مضيفا إن التفاؤل الحذر هو سيد الموقف خلال مؤتمر برلين.
وأشار إلى
أن مصر وجهت لها الدعوة للمشاركة في المؤتمر من قبل الحكومة الألمانية، وسيتضح خلال
الساعات القادمة مستوى التمثيل هل سيشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي أم وزير الخارجية
سامح شكري، موضحا أن مصر ستشارك وتعرض رؤيتها نظرا لأهميتها واضطلاعها عن قرب بالملف
الليبي.