الأربعاء 25 سبتمبر 2024

حمدي رزق عن الصحافة القومية: "فيلق وطني" لا نملك رفاهية خسارته

أخبار8-2-2020 | 11:10

مخالفا لقناعات كثيرين يستصرخ الكاتب الصحفي حمدي رزق ضمائر القائمين على أمر الصحافة القومية تأجيل نشر نعي بعض أركانها وتسكينه خانة الذكريات لكن صراخه هذا كان في خلفيته نغمات تقر بصعوبة المرحلة وبؤس الظرف الذي آل إليه حال الصحافة والصحفيين في ما يبدو اتفاقا على ضرورة التحرك لا اتفاقا على الخطة الموضوعة له.


ويبدي رزق في مقالها المنشور بجريدة المصري اليوم تحت عنوان "الميلاد الثاني للصحافة القومية استهجانا خفيا لمسارعة بعض أبناء المهنة لما سماه تشييع جنازة إصدارات عريقة طالها الزمن فباتت خارج حركة تأثير الرأي العام وبدت كأنها تحاور نفسها إلا أنه لم يستطع أن ينسى أنها كانت يوما ما في مقدمة خط ال فاع الأول عن الدولة المصرية وأن حالها هذا ما هو إلا وعكة عابرة في جسد عملاق من حقه أن يعطي الفرصة للتعافي قبل إلان اليأس من برؤه من مرضه وأن الموت رحمة له.


وإلى حال العاملين فيها يؤكد الكاتب في مقاله أنهم غير ملومين بما حملت به تللك المؤسسات من أعباء وديون وأن اختصار دورها في مقارنة يكون عنوانها حجم التأثير مقارنة بالملايين التي تنفق عليها اختزال مخل يثبت خطأه تاريخ طويل من مسيرة الصحافة القومية التي تجاوز عطاؤها الـ100 عام.


وبعتاب يضع في حسبانه أحكام الأرقام وقسوتها يشير حمدي رزق إلى مصائر بيوت تفتحها تلك الرواتب الهزيلة التي يتقاضاها الصحفييون الذين لايسألون الحكومة إلحافا متدثرين ببدل النقابة الذي يستر حاجتهم التي تزداد يوما بعد يوم.


وإلى نص المقال :



نعم، الصحافة القومية تمر بمحنة، ربما لم تتعرض لمثلها منذ ميلادها الأول «تأسست الأهرام فى 27 ديسمبر 1875»، تهدد بقاءها، وتؤذن بانقراضها، على الأقل اختفاء بعض إصداراتها العريقة، وألمح تسارعًا غريبًا فى تشييعها، حتى من بين أبناء المهنة، يحملون النعش خفافًا سراعًا نحو «مقابر الصدقة»، ليقرأوا الفاتحة على روح المرحومة.


قرار رفع الأنابيب، الموت الرحيم، قرار خارج تفكير القيادة السياسية تمامًا، وهناك إرادة سياسية فى إبقائها على قيد الحياة، على الأقل الإبقاء على القسم الحى فى جسدها المترهل المصاب بأمراض مستعصية، وأعلم أن الملف الآن فى أيادٍ أمينة، لن تفرط فى قوة مصر الناعمة، وترفدها بأسباب الحياة، رغم ضعف مؤشراتها الحيوية.


حديث التأثير وحجم التأثير ومقارنته بحجم الإنفاق المليارى.. يختصر دور الصحافة القومية فى بناء الدولة المصرية، نحِّ جانبًا السنوات السبع العجاف الأخيرة، لا يُقاس عليها، استثناء فى عمر هذه الصحافة المعمّرة والمعبّرة بصدق عن الدولة المصرية على كل الأصعدة الوطنية، الصحافة القومية حاربت كل معارك الدولة المصرية ولا تزال، ولا يُنبِئك مثل خبير.


«فترة التحاريق» التى تمر بها الصحافة القومية حتمًا ستمر، وستبقى الصحافة القومية لأنها وُلدت لتبقى، وتحمل فى دمائها إكسير الحياة، وما تمر به من محنة ليس استثناء، الوطن كله ممتحن، ومؤسساته ضُربت بقسوة بزلزال يناير، ولا تزال تعانى، بعضٌ استعاد عافيته، والبعض يراوح مكانه، ولكن هناك إرادة سياسية تُسيِّر عملية إنقاذ متكاملة، آخرها خطة إنقاذ المصانع المتعثرة.


الصحافة القومية فى أمَسّ الحاجة إلى برنامج إنقاذ عاجل ومتكامل، تعوقها عن بلوغ المراد جملة ديون سيادية وتجارية موروثة، تُثقِلها، وتقادُم مطابعها، بعضها جاوز العمر الافتراضى وحق عليه التكهين، ومحتوى قديم يستوجب الخلاص من ربقته، وتحديثه وعصرنته بآليات حديثة وفرت الحياة لكبريات الصحف عالميًا.


حِمل الصحافة القومية ثقيل، تسعون فى المائة من جملة العاملين «صحفيين وعمالًا وإداريين» بيوتهم مفتوحة على رواتبهم من الصحافة القومية، وهى رواتب متواضعة مقارنة برواتب مهن أخرى تدفعها الدولة المصرية عن طيب خاطر، ولولا «بدل النقابة» لانكشف ستر بيوت الصحفيين.


وعليه.. التفكير خارج الصندوق لا يعنى الخلاص من عناوين صحفية لا تزال تعيش فى الوجدان، بل إنعاشها بقبلة الحياة، بأفكار وطرائق تبتعد بمسافة عن روشتة الإغلاق والدمج وخلافه من روشتات عقيمة تذهب بالصحافة القومية رأسًا إلى القبر، فتصبح عناوين على شواهد القبور.


بالمناسبة عدد الصحفيين 13 ألفًا ويزيد، المستورون منهم ألف، والمشهورون «بجهدهم» مائة، والمحظوظون «بموهبتهم» عشرة، وفى هذا تبسيط مُخِلّ، وربما خيالى، ولكن الخيال ضرورة لرسم الصورة التى ربما تغيب عن المؤتمنين على عملية إنقاذ الصحافة القومية، ليس لدينا رفاهية خسارة هذا الفيلق الوطنى، الذى لم يقصّر يومًا فى تثبيت أركان الدولة الوطنية.