من المؤكد أن حياة الفنانة القديرة
شادية الشخصية والفنية قد طالتها العديد من الأقلام، وفي "الهلال اليوم" كتبنا أيضا
عنها الكثير، وفي ذكرى ميلادها كان علينا أن نبحث عن الجديد لنطرحه عن تلك الفنانة التي تعد ظاهرة فنية لم ولن
تتكرر.
شاركت شادية في 116 فيلما سينمائيا، سواء بالبطولة المطلقة أو الجماعية، وفي بداياتها كان والدها حريص عليها ولا يفارقها،
وقبل أن تبدأ رحلتها في الفن أشار عليها أن تشاهد الكثير من الأفلام حتى
تتقن أصول المهنة من خلال من سبقوها، فكانت تشاهد حفلات اليوم كله في السينما
وتعود في المساء مرهقة، وحسب ما أدلت به لمجلة الكواكب في عدد 23 نوفمبر 1954، فقد كانت أيضا تذهب إلى الاستوديوهات لتتعود على جوها وكان يصحبها في السينما
والاستوديوهات أحد أفراد عائلتها.
ومع مشاركتها في فيلمها الأول كان والدها يوفد معها والدتها أو أحد أفراد الأسرة، نظرا لأنه مشغول بعمله، وكان يحرص أن يوفد
معها أيضا خادمة تهتم بأمورها، وكانت الخادمة تجلس دائما في الحجرة الخاصة بشادية
أثناء التصوير، ولا تغادرها إلا إذا استدعتها شادية في شئ، وذات مرة استدعت شادية
الخادمة، وكانت تقوم بتصوير مشهد يقوم فيه البطل بضربها على وجهها، ودخلت الخادمة
في نفس اللحظة فصاحت تشتم البطل: ضربة في ايدك .. بتضربها ليه؟ هي بتشتغل عندك؟ راجل
ما تختشيش.. والنبي لأضرب تليفون لأبوها وأوريك.
وانفجر فريق العمل في الضحك من سلوك
الخادمة التي نظرت إليهم باستغراب وغادرت البلاتوه، وبعد ساعة وجدت شادية والدها
يحضر إلى الاستوديو وعلامات الشرر تتطاير من وجهه، وسأل شادية : مين اللي ضربك؟ هو
التمثيل بالضرب؟ وفهمت أن الخادمة اتصلت به وأبلغته الحكاية، فضحكت شادية وشرحت له
الأمر فضحك من حسن نية الخادمة .
أما الفنان بشارة واكيم، فحسب ما
وصفته شادية كان شخصية عبقرية، لا يتمالك الممثل الذي أمامه نفسه، فبشارة يتقن
الدور ويتقمص الشخصية وكأنه في الواقع وليس تمثيلا، وكان عليها أن تمثل أمامه
مشهدا تبكي فيه حظها العاثر، وكان يجب على بشارة أن يواسيها ويطيب خاطرها بأسلوب
دارمي، لكنه كان يقوم بحركات الدراما التي يغلب عليها نزعته الفكاهية، ويكون وجه
شادية غارقا بالدموع ، ومع حركاته تنفجر في الضحك، مما اضطرها لإعادة المشهد حوالي
20 مرة، وفي المرة الأخيرة أيقن بشارة أنه يجب إلا يروح عنها ويخفف ألامها
بشكل فكاهي كما يقتضي الواقع، بل عليه أن يلتزم بالخط الدرامي للمشهد، وتم التصوير
بنجاح.
اعترفت شادية بأنها في أول حياتها لم
تكن ضليعة في الألحان الموسيقية ولا تقدر على انتقائها، وقد التقت مع ملحن ناشئ عرف
أنها وجه جديد تستعد للعمل في الغناء والتمثيل، فأراد أن يسمعها لحنا، وبعد
الاستماع أبدت ملاحظتها على عدة نقاط في اللحن الذي سمعه كبير المسئولين في الفيلم
ولاقي تقديره، وهنا حاول الملحن أن يقلل من رأيها الموسيقي، فاستدعى أحد العازفين
ليسأله عن نصيب رأي شادية من الصواب، وأيد العازف رأي شادية، فاستاء الملحن وخرج ليشن عليها حملة شعواء لعدة سنوات.