الثلاثاء 21 مايو 2024

كيف تنتهي فوبيا فساد المحليات؟.. "الرقابة الإدارية" تشن حملاتها بالتنسيق مع المحافظين.. خبراء:الرقابة الداخلية ودور المواطن يكملان دور الهيئة.. وقانون"الإدارة المحلية" سيقضي على الفساد المالي والإداري

تحقيقات4-3-2020 | 16:37

حملات مكثفة شنها هيئة الرقابة الإدارية بالتنسيق مع المحافظين على مدار عدة أيام لضبط الأسواق تضمنت المرور على الخدمات الصحية، والتعليمية، والتموين ومنافذ بيع اللحوم والأسماك والدواجن والمجازر، ومحطات مياه الشرب، ووحدات الإدارة المحلية، وأعمال رصف الطرق.


 

أسفرت هذه الحملات عن ضبط عدد من المخالفات، وكشفت بعض القصور فى أداء بعض الخدمات المقدمة، حيث قامت اللجان باتخاذ الإجراءات الفورية للتصدي لها، وتصويب المخالفات وتقديم المعاونة والدعم اللازم لتلافى القصور ببعض المواقع الأخرى.


وأكد خبراء أن هذه الحملات تأتي في إطار جهود الهيئة لمكافحة الفساد في كافة المؤسسات بالجمهورية، موضحين أن مواجهة فوبيا فساد المحليات تتطلب تفعيل دور جهاز التفتيش والرقابة داخل المحليات، وكذلك تفعيل الرقابة الداخلية ودور المواطن ليكملان دور هيئة الرقابة الإدارية لمواجهة الفساد.


ومن المرتقب أن يناقش مجلس النواب قانون الإدارة المحلية، خلال الفترة المقبلة، والذي سيسهم في القضاء على الكثير من أشكال الفساد المالي والإداري، وسينقل الدولة نقلة حضارية، حيث سيعطي الصلاحيات للمحافظ على كل الوزارات ليستطيع أن يقاوم الفساد، لأنه حاليا ليس له صلاحيات على شركات مياه الشرب والصرف الصحي وبنوك التنمية وبعض الوزارات.

 

الرقابة الداخلية ودور المواطن

وفي هذا الشأن، قال عاصم عبد المعطي، مدير المركز المصري للشفافية ومكافحة الفساد، إن الرقابة الإدارية خلال السنوات الماضية كان لها دور كبير لمواجهة الفساد في المحليات وكافة الجهات والهيئات بالدولة، موضحا أن الدور المحوري للرقابة الإدارية هو التحري عن البلاغات التي تصل إليها والوصول إلى معلومات بشأن مدى صحته، وإن ثبت ذلك تقوم بالإجراءات اللازمة.


وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الرقابة الإدارية بمفردها لا يمكنها دحر الفساد في كل عموم مصر، مضيفا إن هناك جهات رقابية أخرى في الدولة لا يمكن إهمال دورها، فضلا عن دور المواطن في مكافحة الفساد.

 

وأكد أن التحري الذي تقوم به الرقابة الإدارية مبني على عدد البلاغات ولا يعبر عن كم قضايا الفساد الموجودة في الدولة، مضيفا إن التحري وحده ليس كافيا لدرء الفساد، ومن المهم لمواجهته في المحليات تعزيز الرقابة الداخلية والتي هي في الواقع شبه معدومة في الوقت الراهن لذلك انتشر الفساد في المحليات.


وأشار إلى أن الرقابة الداخلية تكون عبر جهاز تنفيذي في كل جهاز محلي، يكون دوره معاونة أجهزة الرقابة الخارجية مثل الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية لدحر الفساد داخل الجهاز المحلي، موضحا أنه من المهم أن يتم منح هذا الجهاز الرقابي الكفاءة المالية والإدارية والاستقلالية.

 

وأضاف إن استقلالية هذا الجهاز تكون ببعده عن وصاية الأجهزة التنفيذية في الجهاز المحلي في المحافظة أو الحي أو المديرية، موضحا أنه يجب توفير التدريب الكافي والكامل في العمل الرقابي ليؤدي لهذا الجهاز الرقابي الداخلي  دوره المنوط به ومن بينه ألا يمارس الموظف الواحد عمله أكثر من ثلاث سنوات وينتقل بعدها من عمل إداري لعمل آخر لتجديد الدماء.

 

وأشار إلى أهمية التخصص في العمل ومنح كل موظف في هذا الجهاز إجازته السنوية بأكبر قدر ممكن في وقت واحد ليكون هناك موظف آخر في هذه الفترة يكتشف أي أوجه للقصور أو الفساد، مضيفا إنه يجب أن تكون هناك اتصالات بين الجهاز الرقابي الداخلي والجهات الرقابية الخارجية وهي وزارة المالية والمركزي للمحاسبات والرقابة الإدارية.


ولفت إلى أن وزارة المالية يكون لها الرقابة السابقة في الجهاز المحلي قبل الصرف، والجهاز المركزي للمحاسبات له الرقابة اللاحقة بعد الصرف.

 

تفعيل دور جهاز التفتيش والرقابة

وقال المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية الأسبق، إن مواجهة الفساد في المحليات تتطلب تكثيف عمليات الرقابة، وهو دور لن تقوم به هيئة الرقابة الإدارية وحدها، مضيفا، كان هناك جهاز للتفتيش والرقابة والمتابعة، وفقا لما نصت عليه المادة 6 مكرر لقانون الإدارة المحلية بمقتضاه أنشئ هذا الجهاز.

 

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذا الجهاز يتبع وزير التنمية المحلية مباشرة ، وأعضاؤه يتم منحهم صفة الضبطية القضائية بالاتفاق مع وزير العدل، مضيفا إن وظيفة هذا الجهاز كشف المخالفات والجرائم التي ترتكب في جميع وحدات الإدارة المحلية على مستوى الجمهورية.

 

وأشار إلى أهمية تفعيل هذا الجهاز ومتابعة أعماله ودعمه وزيادة أعداد العاملين به، وكذلك نشر المخالفات التي يتم كشفها لكي تكون رادعا للآخرين من ارتكاب هذه المخالفات، مضيفا إن حملات هيئة الرقابة الإدارية مع المحافظين خلال الفترة الأخيرة هي واحدة من الخطوات لمواجهة الفساد.


وأضاف إنه بدلا من إلقاء كل الأعباء على هيئة الرقابة الإدارية لمواجهة الفساد في كل أنحاء الجمهورية فمن المهم تفعيل دور جهاز الرقابة والتفتيش والمتابعة داخل المحليات يتم بمقتضاه كشف المخالفات التي تقع من موظفي الإدارة المحلية على مستوى الجمهورية.

 

قانون الإدارة المحلية

ومن جانبه، قال بدوي النويشي، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن الفساد آفة تهدد مصر، وهو ليس الرشوة فقط وإنما البطء في تنفيذ المشروعات وعدم التنسيق بين مؤسسات الدولة في تنفيذ المشروعات، وقد يكون فسادا إداريا أو ماليا يتسبب في إهدار أموال الدولة بسبب بطء تنفيذ المشروعات أو عدم دخولها الخدمة لتعود بالنفع على المواطنين.


وأوضح النويشي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الفساد في المحليات يظهر بشكل أكبر في الإدارات الهندسية وهي الجهات التي تمنح تراخيص المباني ومحاضر البيئة والتصالح وغيرها، مضيفا إن الرقابة الإدارية لها جهد مشكور وتستطيع التوصل للكثير من وقائع الفساد، ومعظمها في رشوة أو اتخاذ إجراءات إدارية مخالفة لتمكين أحد الأشخاص من الاستيلاء على حق ليس له.


وأكد أن قانون الإدارة المحلية الجديد والمكون من 157 مادة، بجانب تنظيمه لعملية انتخاب المحليات، سينقل الدولة نقلة حضارية وسيقضي على الكثير من أشكال الفساد وسيعطي الصلاحيات للمحافظ على كل الوزارات ليستطيع أن يقاوم الفساد، لأنه حاليا ليس له صلاحيات على شركات مياه الشرب والصرف الصحي وبنوك التنمية وبعض الوزارات.


وأشار إلى أن تطبيق اللامركزية ومنح المحافظين الصلاحيات يمكن أن نحاسبه، مشيرا إلى أن الإدارات الهندسية التي يتمثل بها الفساد بشكل كبير في المحليات، فمن المهم أن يتم توفير كل الإمكانيات التي تمكن المهندس بها أن يقوم بعملها على أكمل وجه، فيجب أن تضم المهندسين سواء مدني أو تخطيط أو عماري وأن نوفر لهم كل الإمكانيات والمقابل المادي الكافي.


وأضاف إنه لا يجوز أن يتقاضى مهندسو هذه الإدارات رواتب ضعيفة لكي لا ينحرف عن طريقه الصحيح لأنهم يمنحون تراخيص قد تصل تكلفتها لملايين، مشيرا إلى أن قانون الإدارة المحلية به كل الصلاحيات للقضاء على الفساد.


ووجه وكيل الإدارة المحلية الشكر لرجال الرقابة الإدارية على ما يبذلونه من جهود لمواجهة الفساد، لأنهم اكتشفوا الكثير من مخالفات الفساد في كثير من الإدارات المحلية، موضحا أن الإدارات المحلية لا تقتصر على الأحياء والمدن والمراكز ولكن جميع إدارات الوزارات غير السيادية مثل وزارات الصحة والتضامن وغيرها.


وشدد على أن قانون الإدارة المحلية سيقضي على الكثير من أشكال الفساد المالي والإداري في المحليات، مضيفا إن القانون تم الانتهاء منه وتم أخذ رأي الشارع وعقد جلسات استماع بشأنه وأحيل إلى الجلسة العامة، والبعض اقترح أن يتم عمل التقسيم الإداري وتعديل القانون بعض الشيء ليتواكب مع الوضع الحالي، ومن المرتقب أن يتم طرحه خلال دور الانعقاد الخامس للجلسة العامة.