الخميس 16 مايو 2024

أحمد عبدالعزيز .. الأب الروحى الحقيقى

16-4-2017 | 11:00

بقلم : هبة عادل

بإعجاب شديد وصل إلي حد الانبهار وبالإجماع تابع الملايين عشاق الدراما المصرية وعلي مدي ستين حلقة واحداً من أهم المسلسلات التي قدمت أخيراً عبر إحدي الفضائيات حاملة عنوان «الأب الروحي» وهذا الإنتاج الضخم والمكلل بجميع عناصر وأدوات النجاح.. وقصة «الأب الروحي» أو عنوان العمل هو ليس بجديد في عالم الفن.. فالاسم الأجنبي الأصلي The God Father الذي قدم عبر ثلاثة أجزاء أولها كان عام 1972 عن رواية للكاتب الإيطالي ماريو بوزو وقد حصل علي ثلاث جوائز أوسكار كأفضل فيلم وأفضل ممثل لمارلون براندو وأفضل سيناريو وصنف عالميا في المركز الأول لأحسن عشرة أفلام تدور عن عالم المافيا وهي التيمة الأساسية التي يحكي عنها لهذا العمل حيث إحدي أقوي عائلات المافيا الإيطالية في نيويورك وعلاقتها برجال المال والأعمال والسياسة.

وقد نجحنا من خلال الدراما المصرية في إنتاج هذه الملحمة كما يقول التتر.. واستمتعنا بالجزء الأول منها من خلال نخبة من النجوم سواء من جيل العظماء العباقرة أو مع كوكبة من الوجوه الشابة الواعدة التي أضاءت المشهد في هذا العمل البديع.. أما بعد، فأجد أن قلمي يسبقني للدخول في الحديث مباشرة إلي حيث أردت من مقالي هذا.. والكلام عن عملاق العمل بلا منازع.. وأقصد النجم الفنان القدير أحمد عبدالعزيز.. الذي تربع علي عرش مكانة لا يقاربها التشابهة أو حتي التنافس في هذا المسلسل.. فإن كان لقب الأب الروحي هنا قد ذهب إلي النجم الكبير محمود حميدة وهو أهل له بالطبع تماما.. إلا أننا قد حزنا كثيراً عندما مات وانتهي دوره في الحلقة السابعة.. وما كان ليعوضنا هذا الغياب.. إلا فنان بموهبة وأداء رائع بحجم ما قدمه أحمد عبدالعزيز.. ووسط سخونة أحداث القتل العديدة والموت وفقدان أبطال العمل واحدا تلو الآخر.. من محمود حميدة - لابنه أحمد فلوكس لخاله فاروق فلوكس للفنان أحمد راتب والنجم الشاب دياب.. نجد أن أحمد عبدالعزيز يقف صامدا.. وتدا.. صالباً كأنه عود المسلسل بكل معني الكلمة .. يسند سوسن بدر أرملة الأب الروحي ويكمل معها مشوار العائلة وحربها مع أطراف العداء المختلفة التي تحيط بها.. وعندما تنقلب عليه وتشك في محاولة قتل ابنها بعد أن صار الكبير.. نجد ملامح وجهه حادة وصارمة رافضة الشك في وفائه لهذه العائلة الكبيرة.. ونجد التحكم المطلق في ملامح الوجه عندما يعبر عن الحزن وعندما يجسد التحدي وعندما يعكس الصدمات والمفاجآت ونجد تباين النبرات الصوتية عندما تقوي وهو يقول لسوسن بدر: عاوزة ولادك يبعدوا عن التجارة يبعدوا - لكن التجارة هاتفضل ماشية ونجد الرصانة والتحدي عندما يقول عن ابن محمود حميدة الذي يريد انسحاب العائلة من تجارة السلاح:

يا يكمل اللي بدأناه أنا وأبوه.. يا يقوم من علي كرسي أبوه.. وبنفس الحنكة نجده في تباين آخر بين قوة تعامله مع العمدة محمد الصاوي ثم يخفض الصوت وبحنان شديد يتحدث إلي ابنه عمار الذي تركه في دار الأيتام وهو لا يعرف أنه أبوه.. فنجده في نقلة وفي ثانية واحدة يتحول بصوته وإحساسه إلي الأب الحاني العطوف.. وفي لقطة أخري نجده منفعلاً بالصوت والصورة قائلاً لأي أحد يريد الوقوف أمام تحقيق أهدافه: أنا ما ينفعش يتلعب معايا اللعبة دي وفي موضع آخر نجد النبرة الرجولية الحانية والرقيقة مع حبيبة عمره وزوجته مريم التي قدمتها النجمة وفاء سالم.. ونجده الصديق لابن أخيه المقرب لقلبه فارس «مصطفي أبو سريع».. والساخر المتهكم من ابن عمه «عزت أبو عوف» القادم ليطالب بحقه في ميراث أبيه ومحاولاً الإيقاع به والاستهزاء من كونه مجرد ظل «لزين العطار» فيقاومه ساخراً: مش هتقدر ولا هاتعرف تعمل معايا اللي معرفتش تعمله بينا وهو عايش فمش ها يحصل وهو ميت.

باختصار هو عملاق وند لكل أبناء جيله من أبطال العمل مثل محمود الجندي - محمد الصاوي - أحمد راتب - لطفي لبيب - عزت أبو عوف - إيهاب فهمي - صبري عبدالمنعم وهو أيضاً الحائط السند لجيل الشباب من المميزين في هذا العمل مثل محمد عادل - محمد عز ومهند حسني ولم لا .. وهو نجم جيله في كل أوان وزمان فلا يمكن أن تنساه في رائعة «ذئاب الجبل» أو «من الذي لا يحب فاطمة» و«المال والبنون» بجزءيه.. أحمد عبدالعزيز.. من هؤلاء الذين يولدون ليصنعوا بصمات شديدة الخصوصية في عالم التمثيل الراقي والمتميز.. وعندما حرمنا منه لسنوات عاد بنجاح في مسلسل «حق ميت» عام 2015 ثم قدم دورا متميزا في مسلسل «أريد رجلاً».. ولكن في تقديري سيبقي دوره «سليم العطار» في مسلسل الأب الروحي هو درة أعماله.. ولم يكن صناع العمل بغافلين بالطبع عن هذا حينما وضعوا اسمه علي التتر مكملاً جميع الأسماء التي سبقته وتحت شارة ظهور خاص ومميز للنجم أحمد عبدالعزيز.. وكلما رأيت هذا التتر يوما بعد يوم كنت أريد أن أزيد بعده.. كلمة المميز والرائع والبديع والجميل والمزيد من الألقاب التي استحقها أحمد العزيز عن جدارة في المسلسل استطاع أن يظل من خلال دوره فيه بعناية فائقة الإمساك بخطوط وخيوط الدور علي تنوعه وتباينه دون أن يفلت منه الايقاع ولا في مشهد واحد عبر أداء متواصل ومتوهج من الإبداع الحقيقي.. ولا ننسي بالطبع إجادة كتابة العمل كله بيد المبدعين محمد جلال وهاني سرحان وهذا الجهد الرائع للمخرج بيتر ميمي.. والتكامل بين جميع العناصر لإخراج هذا العمل المشرف بهذه الصورة ولكني مع هذا كله أعود بدون مقاومة لأحيي نجمنا الفنان الرصين الرائع أحمد عبدالعزيز علي هذا الدور الذي وضع فيه عصارة خبرات السنوات السابقة كلها وننتظر منه المزيد من الإبداع في السنوات القادمة سواء في الأب الروحي الذي هو بطله الحقيقي أو في أي عمل جديد يقدمه في قادم الأيام بإذن الله.